«الرباعية الدولية» تحرك المياه الراكدة في الأزمة السودانية

بيانها فجّر ردود فعل متباينة وخلط الأوراق السياسية والعسكرية

منازل متضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان إحدى مدن العاصمة الثلاثية (رويترز)
منازل متضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان إحدى مدن العاصمة الثلاثية (رويترز)
TT

«الرباعية الدولية» تحرك المياه الراكدة في الأزمة السودانية

منازل متضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان إحدى مدن العاصمة الثلاثية (رويترز)
منازل متضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان إحدى مدن العاصمة الثلاثية (رويترز)

بينما لا تزال نيران الحرب مشتعلة في السودان، جاء بيان «الرباعية الدولية» (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، مصر) ليحرّك مياه الأزمة الراكدة، ويعيد خلط الأوراق السياسية والعسكرية بشكل غير مسبوق.

البيان الذي أعقبته عقوبات أميركية على وزير المالية جبريل إبراهيم، وجماعة «البراء بن مالك» الإسلامية المسلحة، لم يكن مجرد موقف دبلوماسي، بل بدا أنه صفعة على وجه أطراف الصراع، مما أجبر الجميع على إعادة التموضع.

وخرج اجتماع دول «الرباعية الدولية»، الذي عقد في 12 سبتمبر (أيلول) بدعوة من واشنطن، بمواقف حاسمة تتخلص في الآتي: لا حل عسكري للصراع، ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، حماية المدنيين، منع عودة الإسلاميين والمتطرفين إلى المشهد السياسي باعتبارهم محركين رئيسيَين للحرب.

كما أن اللهجة الصريحة التي ميّزت البيان اعتبرها البعض أول توافق دولي معلن حول الموقف من الحرب في السودان، إذ قلبت المشهد وكشفت عن عمق التصدعات في الساحة السودانية.

ردود الفعل لم تتأخر

أرشيفية لقائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يُحيّي مؤيديه في العاصمة الخرطوم (أ.ب)

من بورتسودان في شرق البلاد، حيث مقر الحكومة المدعومة من الجيش، جاء الرد صارماً: «السيادة الوطنية خط أحمر». فالبيان الصادر عن وزارة الخارجية السودانية شدد على أن أي جهد دولي مرحّب به يجب أن يمر عبر مؤسسات الدولة. كما كرر بيان «الخارجية» وصف «قوات الدعم السريع» بـ«ميليشيا آل دقلو الإرهابية» في إشارة إلى قائد تلك القوات محمد حمدان دقلو.

وأخيراً، ذكّر البيان بـقرارَي مجلس الأمن رقم 2736 و1591 بشأن رفع الحصار عن الفاشر، محمّلاً المجتمع الدولي مسؤولية «التقاعس عن تنفيذها،» ومؤكداً أن «الشرعية لا تُمنح من الخارج، بل تُستمد من الشعب السوداني».

في المقابل، اختارت «حكومة السلام والوحدة» الموالية لـ«قوات الدعم السريع» وتتخذ من مدينة نيالا في غرب البلاد مقراً لها، لهجة أكثر تصالحية مع بيان «الرباعية»، بل ومفتوحة على التعاون الدولي، فرحّبت ببيان «الرباعية» ووصفته بأنه خطوة نحو معالجة «جذور الأزمة التاريخية في البلاد». كما أكدت استعدادها للتعاون مع الأمم المتحدة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.

وكان لافتاً في بيان «حكومة السلام والوحدة» التركيز على ضرورة عزل «الإسلاميين وكتائبهم»، واعتبار ذلك شرطاً جوهرياً لإحلال السلام، مع توجيه اتهامات صريحة لهم بإشعال الحرب وتحويل السودان إلى ساحة للأنشطة الإرهابية.

«معركة جهادية»

الأمين العام للحركة الإسلامية في السودان علي أحمد كرتي (فيسبوك)

في خلفية بيان «الرباعية الدولية»، بدت الحركة الإسلامية، بقيادة الأمين العام علي كرتي، في حالة تعبئة شاملة ضد بيان «الرباعية»، فاختارت خطاباً تعبوياً عاطفياً دينياً، وأعادت تصنيف الحرب بوصفها «معركة كرامة ومعركة جهادية».

وأثنت في بيانها على «تضحيات الجيش»، وأعلنت أن شبابها «نذروا أنفسهم للدفاع عن كرامة السودان» في مواجهة ما وصفته بمحاولات الإقصاء والتفكيك، داعيةً إلى مقاومة دولية تحت راية «الجهاد والمقاومة»، ومعتبرةً بيان «الرباعية» دعوةً لإنقاذ ما أسمته «ميليشيا الدعم السريع».

وفي هذا الجو المحتقن، وجدت «حركة العدل والمساواة» التي تحارب في صفوف الجيش، نفسها فجأة في مرمى نيران العقوبات الأميركية، بعد إدراج رئيسها جبريل إبراهيم، وزير المالية الحالي، في لائحة العقوبات. وسارعت الحركة إلى إصدار بيان رافض لموقف «الرباعية»، ووصفته بأنه «جائر وخالٍ من السند القانوني».

كما أكدت أنها ليست امتداداً لنظام الإسلاميين السابق برئاسة عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاماً، بل هي طرف في «اتفاق جوبا للسلام»، وأن انحيازها للجيش جاء لمواجهة تجاوزات «قوات الدعم السريع»، التي اتهمتها بارتكاب جرائم حرب وإبادة.

ولم يأتِ الدفاع عن جبريل إبراهيم من داخل حركته فقط، إذ كتب حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، وهو أيضاً قائد «حركة تحرير السودان» المسلحة والداعمة للجيش، منشوراً على حسابه في «فيسبوك» دافع فيه عن حليفه إبراهيم، قائلاً إن «دخوله الحرب كان اضطرارياً بعد تجاوزات (قوات الدعم السريع)».

تشظي سياسي وعسكري

قائد «كتائب البراء بن مالك» الإسلامية المصباح طلحة (وسط) يقف على يمين مساعد القائد العام للجيش ياسر العطا (متداولة)

ورغم أن كتائب «البراء بن مالك»، التي وُضعت إلى جانب جبريل إبراهيم في قائمة العقوبات، لم تصدر أي رد رسمي، فإن صمتها كان لافتاً، ما فتح باب التكهنات حول موقعها في المعادلة الحالية، خصوصاً في ظل تصاعد الضغط الدولي على الإسلاميين.

ما كشفه بيان «الرباعية الدولية» وما تلاه من بيانات متلاحقة لم يكن مجرد ردود فعل، بل بدا أنه خريطة لتشظي الساحة السياسية والعسكرية السودانية.

فالجيش وحكومته يتمسكان بالشرعية الداخلية وبالسيادة، ويرفضان المساواة مع «قوات الدعم السريع»، بينما تسعى الأخيرة إلى كسب شرعية خارجية عبر تبنّي خطاب دولي معادٍ للإسلاميين، الذين أعادوا إنتاج خطاب «المقاومة ضد الغرب» بعد أن كان قد تراجع ذلك الخطاب كثيراً.

ورغم أن الجميع يرفع شعار «السلام»، فإن كل طرف يحمل تعريفاً مختلفاً له، وأدوات ومرجعيات متباينة، والكل يتحدث باسم السودان ويزعم أنه يمثّله. وتبقى الأسئلة الأصعب معلقة: «مع مَن سيتعامل المجتمع الدولي؟ ومَن يملك فعلياً القدرة والإرادة السياسية لإنهاء الحرب؟ ومَن يمثل السودان؟».


مقالات ذات صلة

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

شمال افريقيا رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اليوم الجمعة، إن الحكومة عرضت رؤيتها للسلام خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي.

رياضة عربية مشجع سوداني يساند منتخب بلاده خلال مباراته أمام الجزائر (أ.ب)

محمد عبد الرحمن لاعب السودان: سنقدم ما علينا رغم ظروف الحرب

يطبق محمد الغربال سياسة «الأمر الواقع» للتعامل مع الظروف المحيطة بمنتخب السودان لكي يتمكن من النجاح رغم ظروف الحرب التي أثرت على نشاط كرة القدم

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع البرهان التطورات بالسودان في ظل تصعيد «الدعم السريع»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان آخر التطورات في السودان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)

خاص مفوضة «العون الإنساني» لـ«الشرق الأوسط»: نزوح أكثر من 145 ألف أسرة جرّاء معارك كردفان

قالت الحكومة السودانية إن أكثر من 145 ألف أسرة نزحت وتشردت جراء المعارك الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في إقليم كردفان

وجدان طلحة (بورتسودان)
خاص السودان يتصدر قائمة مراقبة الأزمات الإنسانية العالمية للعام الثالث في ظل الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف (رويترز)

خاص عام في السودان... حرب شرعيات ومصالح وخطوط نفوذ

فتحت مبادرة للمملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة نافذة جديدة تراهن على كسر الجمود في السودان الرازح تحت وطأة مجازر وموجات نزوح واسعة.

أحمد يونس (كمبالا)

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اليوم الجمعة، إن الحكومة عرضت رؤيتها للسلام خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي، حيث تستند إلى مرجعيات من بينها إعلان منبر جدة، مشدداً على أن بلاده لن تقبل بوجود أي قوات أممية أو أي رقابة مفروضة عليها.

وأوضح إدريس، خلال مؤتمر صحافي في بورتسودان بعد عودته من الولايات المتحدة، أن معظم التفاعلات في جلسة مجلس الأمن تجاه مبادرة الحكومة للسلام كانت «إيجابية»، وأكد أن هذه المبادرة من شأنها أن توقف الحرب وتحقق السلام العادل والشامل للشعب السوداني.

وأضاف رئيس الوزراء: «نحن دعاة سلام ولسنا دعاة حرب، بل الحرب قد فُرضت علينا»، محذراً من أن أي هدنة لا يصاحبها نزع سلاح مَن سماهم «الميليشيات» ستؤدي إلى تعقيد الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

وأوضح أن مبادرة الحكومة للسلام تستند إلى مرجعيات عدة، منها قرارات مجلس الأمن وإعلان منبر جدة الموقع في مايو (أيار) 2023، إلى جانب الزيارات التي أجراها رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا سيما لمصر وقطر.

كان رئيس الوزراء السوداني قد توجه إلى الولايات المتحدة يوم السبت الماضي ليبحث مع مسؤولين بالأمم المتحدة تعزيز التعاون بين الجانبين ويجري مشاورات بشأن تداعيات الحرب وآفاق السلام.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بعد صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها مؤخراً على مدينة الفاشر عقب حصارها لمدة 18 شهراً، فيما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.


مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

أفادت السلطات الصومالية، أمس (الخميس)، بأن انتخابات المجالس المحلية شهدت «إقبالاً واسعاً» في أول انتخابات مباشرة تجري بالبلاد منذ 57 عاماً.

ذلك الإقبال الذي تحدثت عنه مقديشو، تؤكده الصور التي تخرج من مراكز الاقتراع الـ523، ويراه خبير في الشؤون الأفريقية «يعكس رغبة شعبية خالفت رهانات المعارضة بعدم المشاركة، وتشكل فرصة لمسار ديمقراطي قد يتشكل عبر الانتخابات المباشرة، مما يدفع الرافضين لهذا المسار لبدء حوار بشأن المستقبل، لا سيما قبل رئاسيات 2026».

وتوافد سكان محافظة بنادر إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في انتخابات المجالس المحلية المباشرة، في أول عملية انتخابية من هذا النوع تشهدها العاصمة مقديشو منذ نحو 6 عقود.

وافتُتح 523 مركزاً للاقتراع في تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، وأغلقت عند السادسة مساءً، وسط إجراءات تنظيمية وأمنية مشددة شملت 16 مديرية من مديريات المحافظة التي تضم العاصمة مقديشو، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية»، الخميس، مشيرة إلى وجود «إقبال واسع على مراكز الاقتراع في بنادر».

وبحسب الجهات المختصة، تسلّم 503 آلاف و916 ناخباً بطاقات الاقتراع من بين المسجلين، تمهيداً للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية. وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري، السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991 يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي، فيما أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل 20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، أن «تسجيل الانتخابات إقبالاً شعبياً لافتاً تجاوز التوقعات، عكس رغبة واضحة لدى سكان مقديشو في الانخراط بالعملية السياسية، وطيّ صفحة طويلة من العزوف القسري عن المشاركة الديمقراطية»، مشيراً إلى أنه «يُنظر إلى هذا الحراك الشعبي بوصفه مؤشراً على تعافٍ تدريجي تشهده العاصمة، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، بعد سنوات من الهشاشة والصراع».

وأكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عقب الإدلاء بصوته، وذلك في مركز مسرح الدولة الوطنية، أن انتخابات المجالس المحلية في محافظة بنادر، تمثل «محطة تاريخية مفصلية وحلماً طال انتظاره»، مشيراً إلى أنها تشكل خطوة أساسية تقود البلاد نحو الانتخابات الدستورية الشاملة.

طوابير من الناخبين خلال الإدلاء بأصواتهم في محافظة بنادر (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقب الإدلاء بصوته في ذلك الاقتراع، أكد رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، أن الانتخابات المباشرة لمجالس الإدارة المحلية في إقليم بنادر تمثل خطوة مهمة لتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في البلاد.

وتقدمت سفارة الصومال بمصر في بيان، بالتهنئة لشعب وحكومة الصومال على بدء الانتخابات المحلية، مؤكدة أنها لحظة تاريخية وتحويلية، حيث يشارك المواطنون في هذه العمليات الديمقراطية لأول مرة منذ نحو 6 عقود.

ويعتقد كلني أن طريقة إدارة الحكومة للعملية الانتخابية، إلى جانب المشهد العام الذي ساد المدينة خلال يوم الاقتراع، حملا رسائل سياسية متعددة؛ من أبرزها قدرة الدولة على تنظيم استحقاقات انتخابية في بيئة أمنية معقّدة، والحدّ من المخاوف التي روّجت لها أطراف معارضة بشأن استحالة تطبيق مبدأ «صوت واحد لكل مواطن» في مقديشو.

وكان «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، أعلن في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو، الأسبوع الماضي، رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس، الرئيس حسن شيخ محمود، مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

ورغم الشكوك العميقة التي عبّرت عنها قوى المعارضة حيال إجراء انتخابات المجالس المحلية في العاصمة مقديشو، والمخاوف الواسعة من احتمالات الاضطراب الأمني والسياسي، شهدت المدينة محطة سياسية غير مسبوقة، تمثلت في إجراء انتخابات محلية بعد ما يقارب 60 عاماً من الانقطاع، وفق كلني.

نائب رئيس الوزراء الصومالي صالح أحمد جامع خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

وقد شكّلت هذه الانتخابات حدثاً استثنائياً في الوعي الجمعي، لا سيما لدى ما يقارب 3 أجيال من سكان العاصمة الذين لم يسبق لهم أن عايشوا عملية اقتراع رسمية مباشرة، يُمنح فيها المواطن حق اختيار ممثليه السياسيين عبر صندوق الاقتراع.

ويتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر. واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

رئيس الوزراء الصومالي خلال جولة تفقدية في عدد من مراكز الاقتراع بالعاصمة مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

وسيطوي زخم الإقبال في تلك الانتخابات مشهد الخلافات، بحسب ما يعتقد كلني، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن مشهد الإقبال في الانتخابات قد يسفر عن ارتفاع مستوى الثقة الشعبية بالحكومة، لا سيما بالحزب الحاكم، بوصفه الجهة التي أشرفت على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، وتعزيز ثقة الأحزاب والتنظيمات السياسية في المنظومة الأمنية الوطنية وقدرتها على تأمين الاستحقاقات الديمقراطية، وتحوّل تدريجي في موقف المعارضة التي كانت تشكك في إمكانية إجراء انتخابات مباشرة بالعاصمة.

ويتوقع أيضاً انجذاب شرائح من المتعاطفين مع المعارضة نحو الحكومة، مع احتمال انضمام بعضهم إلى صفوف الحزب الحاكم، فضلاً عن ازدياد ثقة المجتمع الدولي في المسار الانتخابي الصومالي، واستمرار دعمه لحكومة الرئيس حسن شيخ محمود من أجل تعميم الانتخابات المباشرة على كامل البلاد.


البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
TT

البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان، آخر التطورات في السودان، و«التعاون الدفاعي» بين الجانبين، في ظل التطورات الأخيرة في السودان، وضمنها تحقيق «قوات الدعم السريع» تقدماً في ولاية شمال دارفور قرب الحدود مع تشاد.

واستقبل إردوغان، البرهان، بمراسم رسمية في القصر الرئاسي بأنقرة، أمس (الخميس)، ثم عقدا جلسة ثنائية، أعقبتها جلسة موسعة بحضور عدد من الوزراء. وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية والتطورات في السودان، والخطوات الكفيلة بتحقيق الاستقرار الإقليمي، والتعاون الدفاعي بين أنقرة والخرطوم، حسبما ذكرت الرئاسة التركية.

وكانت تقارير كشفت سابقاً عن تزويد تركيا للجيش السوداني بطائرات مسيَّرة، العام الماضي، استخدمها لتحقيق تقدم مهم ضد «قوات الدعم السريع» في مناطق مثل الخرطوم والأبيض.

كما أعرب مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أحمد يلدز، قبل أيام، عن إدانة بلاده الشديدة لـ«الظلم» الذي تمارسه «قوات الدعم السريع» ضد المدنيين في السودان.