جددت تقارير عبرية تحدثت عن «خرق» القاهرة لمعاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل، تساؤلات بشأن مدى تأثير التصعيد المصري - الإسرائيلي على مجمل العلاقات الثنائية التي من بينها «معاهدة السلام» والتنسيق الأمني المشترك.
واتفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» على أن «مصر تحافظ على أسس العلاقات مع إسرائيل»؛ لكنها في الوقت ذاته «تترك جميع الخيارات مفتوحة في حال انتهاك (معاهدة السلام) أو جرى الاعتداء على سيادتها»، كما «تعمل على خفض التصعيد بالمنطقة بوجه عام عبر السبل الدبلوماسية».
وشهدت الآونة الأخيرة تصاعداً في حدة «التوتر» بين مصر وإسرائيل، عكسته تصريحات إعلامية من الجانبين، وانتقلت إلى فضاء مواقع التواصل الاجتماعي.
وتحدث موقع «ناتسيف نت» الإسرائيلي عن أن «مصر تقوم بخرق متكرر للملحق العسكري لاتفاقية (كامب ديفيد) عبر نشر قوات عسكرية مسلحة وأنظمة أسلحة ثقيلة في سيناء، بما يتجاوز الحدود المسموح بها في المنطقة منزوعة السلاح»، وطالب في تقرير نشرته وسائل إعلام عربية، الجمعة، بـ«قطع إمدادات الغاز عن مصر».
كما ذهب تقرير آخر لقناة «i24 News» الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، وزعم أن «السلطات المصرية تحتكر العلاقة مع إسرائيل، وتمنع أي شكل من أشكال التطبيع الشعبي». وتحدث التقرير عن أن «مصر قامت بتهريب السلاح إلى غزة»، و«إسرائيل كانت تتجنب الحديث عن ذلك، حتى لا تحرج القاهرة؛ لكنها (اليوم) لم تعد قادرة على الصمت بسبب التمادي المصري»، وفق «القناة العبرية»، مساء الأربعاء.
الخبير العسكري والاستراتيجي في مصر، اللواء سمير فرج، أكد أن «مصر تحافظ على أسس العلاقة القائمة حالياً مع إسرائيل وتحكمها (معاهدة السلام)، وهناك تنسيق أمني مشترك ما زال قائماً، وطالما أن إسرائيل ظلت تحافظ على السلام؛ فإن ذلك سيكون أيضاً الموقف المصري».
لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن «القاهرة لن تسمح بالاقتراب من أراضيها أو المساس بأمنها القومي، وحال كانت هناك تهديدات تستدعي ذلك، فسيتم اتخاذ مواقف مغايرة»، موضحاً أن «أي خرق للسلام من جانب إسرائيل سيقابل بمواقف مصرية».
وشدد على أن مصر لديها أولوية تتمثل في خفض التصعيد، قائلاً إن «ما قامت به بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية يُسهم في ذلك، وهناك ترحيب أوروبي واتصالات مع إيران لضمان خفض التصعيد».

ومنذ أوائل سبتمبر (أيلول) الحالي، تصاعد التوتر بين إسرائيل ومصر، وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بقطع الغاز عن القاهرة. وهو ما عقب عليه رئيس «هيئة الاستعلامات المصرية»، ضياء رشوان، عبر تصريحات متكررة بأنه «لن يستطيع ذلك (أي قطع الغاز) وأنه الخاسر»، وتحداه أن يفتح المعابر لعودة الفلسطينيين، وحذره من أن «المسافة بين العريش وتل أبيب ليست بعيدة».
وعدّت عضوة الهيئة الاستشارية لـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، نهى بكر، أن «تصعيد الإعلام العبري (مناورة تفاوضية) للضغط على مصر لتحقيق مكاسب في الملفات العالقة؛ مثل عملية التهجير القسري من غزة، ووأد أي جهود مصرية على المستويين الإقليمي والدولي لمنع تصفية القضية الفلسطينية».
ويظل الموقف الرسمي للقاهرة، وفقاً لبكر، يتمثل في «التمسك بخطاب دبلوماسي متزن، والتأكيد على الثوابت المصرية؛ وهي رفض التهجير، والدعوة لوقف إطلاق النار، والسيادة الكاملة على أراضيها، والتأكيد على استمرار التعاون الأمني عندما يخدم المصالح المصرية».

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مراراً «تمسك بلاده بخيار السلام»، وقال في «تفتيش حرب» العام الماضي: «ليس لدينا في مصر وقواتها المسلحة ومؤسسات الدولة أي أجندة خفية تجاه أحد»، وإن «دور القوات المسلحة هو الحفاظ على أراضي الدولة وحماية حدودها».
وبدأ التوتر بين مصر وإسرائيل مع بدء الحرب على قطاع غزة، بـ«اتهامات متبادلة بالمسؤولية عن إغلاق معبر رفح»، وتصاعد تباعاً لا سيما مع حديث عن انتهاك إسرائيل لمعاهدة السلام بالوجود في «محور فيلادلفيا»، غير أن هذا الملف تحديداً كان شاهداً على استمرار التنسيق الأمني بين البلدين، وفقاً لعضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون العبرية، أحمد فؤاد أنور. وأضاف أن «القاهرة تعاملت مع احتلال (محور فيلادلفيا) في إطار صفقة وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وطالبت مصر بعودة سكان القطاع إلى الشمال وعدم دفعهم إلى الجنوب، ووافقت إسرائيل على ذلك، وعاد مليون شخص لشمال قطاع غزة»، بحسب رأيه.
غير أن أنور يرى أن «ضجيج الإعلام الإسرائيلي (الآن) يشي بوجود تغيرات في العلاقة مع مصر، وإن كانت هناك ترتيبات أمنية ما زالت قائمة». ولفت إلى أن الاحتمالات جميعها مفتوحة بشأن مستقبل العلاقات الثنائية بفعل أن «التوتر الحالي غير مسبوق».





