هاكابي: مساعي الاعتراف بدولة فلسطينية تعرقل الإفراج عن أموال السلطة

سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مايك هاكابي (رويترز)
سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مايك هاكابي (رويترز)
TT

هاكابي: مساعي الاعتراف بدولة فلسطينية تعرقل الإفراج عن أموال السلطة

سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مايك هاكابي (رويترز)
سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مايك هاكابي (رويترز)

قال سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مايك هاكابي، اليوم الأربعاء، إن الزخم الدولي المتزايد للاعتراف بدولة فلسطينية أدى بشكل مباشر إلى انهيار جهود أميركية لإقناع إسرائيل بالإفراج عن أموال تحتاجها السلطة الفلسطينية بشدة.

وقال هاكابي إنه كان يتنقل «ذهاباً وإياباً» بين الجانبين لأسباب منها القلق من أن يؤدي تفاقم الاضطرابات الاقتصادية في الضفة الغربية إلى إشعال فتيل العنف، لكن الزخم نحو الاعتراف بدولة فلسطينية أدى إلى تشديد إسرائيل لمواقفها.

وتمارس السلطة الفلسطينية حكماً مدنياً محدوداً في الضفة الغربية المحتلة.

وقال هاكابي في مقابلة أجرتها معه وكالة «رويترز» في القدس: «شعرت بأننا نحرز تقدماً. لم نكن قد وصلنا لحلول بعد لكننا كنا نتحاور. وكان هناك تقدم، وكان هناك إدراك لأهمية حل المشكلة».

ولدى سؤاله عما إذا كانت الأموال الفلسطينية التي أوقفت إسرائيل تحويلها ستبقى مجمدة إلى أجل غير مسمى، قال هاكابي إن كل شيء «مجمد في مكانه».

ولم تستجب وزارة الخارجية الفلسطينية والمتحدث باسم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بعد لطلب للحصول على تعليق.

وتقول السلطة الفلسطينية إن إسرائيل تحتجز حوالي ثلاثة مليارات دولار من الإيرادات. وبموجب اتفاق قائم منذ فترة طويلة، تجمع إسرائيل الجمارك وضرائب الاستيراد نيابة عن السلطة الفلسطينية.

وتشكل هذه الإيرادات الجزء الأكبر من ميزانية السلطة الفلسطينية، التي تعتمد أيضاً بشكل كبير على المساعدات الخارجية، والتي تغطي رواتب الشرطة والمعلمين وغيرهم من موظفي الحكومة.

واعتادت الحكومة الإسرائيلية على حجب الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية، ثم الإفراج عنها جزئياً أو كلياً. ونتيجة لذلك، تعاني السلطة الفلسطينية من صعوبات جمة في دفع رواتب موظفيها، الذين لا يتقاضى الكثير منهم سوى جزء من رواتبهم.

ويرى مسؤولون فلسطينيون أن حجب الأموال محاولة متعمدة من إسرائيل لخنق الاقتصاد ويحذرون من أن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية على إسرائيل بدفع الناس نحو التشدد.

وقال هاكابي إن المبلغ المحجوز كبير ويسبب معاناة اقتصادية بالغة للفلسطينيين. ومع ذلك، أصر على أن السلطة الفلسطينية تتحمل بعض المسؤولية عن ذلك بسبب تشجيع جهود الاعتراف بدولة فلسطينية.

الاعتراف بدولة فلسطينية

قالت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا وبلجيكا إنها ستعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من هذا الشهر، على أمل دفع حل الدولتين مع إسرائيل، بيد أن لندن قالت إنها قد تتراجع عن ذلك إذا اتخذت إسرائيل خطوات لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة والتزمت بعملية سلام طويلة الأمد.

وانتقدت الولايات المتحدة خطوات الاعتراف بدولة فلسطينية.

وقال هاكابي إنه يجب على السلطة الفلسطينية أن تقوم بإصلاحات جوهرية أيضاً، وانتقد سياسة تقديم الرعاية الاجتماعية لعائلات الفلسطينيين الذين نفذوا هجمات عنيفة. ومع ذلك، قال إن التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ظل مستمراً.

وذكر هاكابي أيضاً أن الزخم الدولي للاعتراف بدولة فلسطينية لم يعرقل المفاوضات حول عائدات الضرائب فحسب، بل أدى أيضاً إلى المزيد من التصريحات من قبل المسؤولين الإسرائيليين الذين يطالبون بالسيادة على أجزاء من الضفة الغربية. ودعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يعارض إقامة دولة فلسطينية، الحكومة إلى إعلان السيادة، أي الضم الفعلي، على معظم الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل مع القدس الشرقية وغزة في حرب عام 1967.

وقال هاكابي إنه لا علم له بأي اتصالات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن ما إذا كان ينبغي لإسرائيل ضم الضفة الغربية أم لا، وهي خطوة عارضتها الإدارات الأميركية السابقة.

وعندما سُئل عن دعم الحكومة الإسرائيلية لتوسيع المستوطنات هناك، والتي تعتبرها الأمم المتحدة والعديد من الدول غير قانونية، أجاب هاكابي بأن موقف الولايات المتحدة هو أن «على إسرائيل أن تفعل ما يجب عليها فعله».


مقالات ذات صلة

إصابة 3 فلسطينيين برصاص إسرائيلي واعتقال العشرات في الضفة

المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال دورية في رام الله (أ.ف.ب)

إصابة 3 فلسطينيين برصاص إسرائيلي واعتقال العشرات في الضفة

أصيب 3 مواطنين فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية بمدينة نابلس، فجر الثلاثاء، فيما شهدت مناطق متفرقة من الضفة الغربية حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات الفلسطينيين

«الشرق الأوسط» (رام الله )
شؤون إقليمية من داخل بيت ريان محمد أبو معلا (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: نحقق في مقتل فتى فلسطيني بالضفة الغربية

قال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في واقعة مقتل فتى فلسطيني (16 عاماً) بالضفة الغربية برصاص جنود قالوا إنه ألقى ​حجراً عليهم.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي والدة أحمد زيود خلال تشييع جثمانه خلال جنازته قرب جنين في الضفة الغربية اليوم (أ.ب)

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على شرق مدينة غزة

قُتل ثلاثة فلسطينيين، صباح اليوم الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيما قتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين بالضفة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة، كان أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم غير مكترثين بالإسمنت الشاهق.

«الشرق الأوسط» (مخيم عايدة)
المشرق العربي فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

سكان مخيم نور شمس جمعوا صوراً وألعاباً وأثاثاً قبل هدم إسرائيل منازلهم

عاد العشرات من سكان مخيم نور شمس للاجئين في الضفة الغربية المحتلة بعد تهجيرهم منه قسراً، لاستعادة متعلّقاتهم الشخصية الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

قضاة جدد في غوانتانامو يتسلمون قضية «أحداث 11 سبتمبر»

مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)
مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)
TT

قضاة جدد في غوانتانامو يتسلمون قضية «أحداث 11 سبتمبر»

مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)
مدخل محكمة «غوانتانامو» (أ.ب)

عادت القضية المرفوعة ضد الرجال المتهمين بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية عام 2001 إلى مسار العمل مدة وجيزة هذا الأسبوع، حيث رفض 3 من المتهمين المشاركة في مجريات المحاكمة، في وقت يسعون فيه لإعادة تفعيل صفقة «إقرار بالذنب» تُنهي القضية بصدور أحكام بالسجن مدى الحياة. وهذه أول مرة منذ نحو عام تُعقد فيها جلسات استماع في القضية، وبرئاسة قاضٍ جديد.

المقدم مايكل شراما أصبح القاضي الخامس الذي يرأس قضية اللجنة العسكرية في «غوانتانامو» (القوات الجوية الأميركية)

وجلس خالد شيخ محمد، المتهم بأنه العقل المدبر للهجوم الدامي، والمتهمان الآخران معه وليد بن عطاش ومصطفى الهوساوي، ومحاموهم، بهدوء بالغ أمام القاضي، المقدم مايكل شراما، ومن دون أي تفاعل.

وقال محاموهم، في مذكرات قضائية وجلسات علنية، إن التصرف بخلاف ذلك قد يعرضهم لخطر انتهاك «اتفاقية الإقرار بالذنب» التي توصلوا إليها في يوليو (تموز) 2024 مع مسؤول رفيع في البنتاغون لتجنب محاكمة قد تفضي إلى عقوبة الإعدام. وكان قضاة في محكمة الاستئناف الأميركية لمقاطعة كولومبيا قد أعلنوا هذا الصيف «بطلان العقد» في حكم صدر بأغلبية صوتين مقابل صوت واحد، وهو الحكم الذي يستأنف ضده المتهمون.

وقال الكولونيل شراما، الذي أصبح القاضي الخامس الذي يرأس قضية اللجنة العسكرية هذه: «أتفهم موقفكم الحالي». ويُتهم الرجال الثلاثة ومعهم متهم رابع، وهو عمار البلوشي، بالتآمر في عمليات الاختطاف التي أسفرت عن مقتل نحو 3 آلاف شخص في 11 سبتمبر 2001.

وبناء على التقدم الضئيل المحرز والاستئنافات الجارية، فإنه لا توجد فرصة تذكر لبدء المحاكمة قبل الذكرى الـ25 للهجمات، أو حتى خلال عام 2026 بأكمله.

قضية تفجير المدمرة «كول»

معسكر «دلتا» في «غوانتانامو» حيث يحتجز سجناء من «القاعدة» و«طالبان» (غيتي)

أما قضية عقوبة الإعدام الأخرى في غوانتانامو، وهي الأقدم على الإطلاق والمتعلقة بتفجير تنظيم «القاعدة» المدمرة البحرية «كول»، فقد حُدد 1 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لبدئها. وقد حجز القاضي في تلك القضية قاعة المحكمة الوحيدة التي تحتوي منصة مُحلّفين كبيرة بما يكفي لاستيعاب محاكمة عقوبة الإعدام حتى تاريخ 11 ديسمبر (كانون الأول) 2026.

وقد استمرت «قضية 11 سبتمبر» لفترة طويلة للغاية، لدرجة أن القاضي الأحدث، الكولونيل شراما، انضم إلى القوات الجوية بعد أول ظهور لخالد شيخ محمد والآخرين أمام المحكمة، وذلك بعد سنوات قضوها في سجون سرية تابعة لـ«وكالة المخابرات المركزية». كان الكولونيل شراما طالباً في جامعة جورج تاون عندما اصطدم الخاطفون بطائرات ركاب بمبنى البنتاغون، الذي يبعد نحو 4 أميال عن الجامعة، بالإضافة إلى مركز التجارة العالمي، وحقل في ولاية بنسلفانيا.

وقال شراما إنه يتذكر أن «ذلك اليوم كان مأساوياً»، وأضاف أنه «شعر بالأسى تجاه الأشخاص المرتبطين بأحداث ذلك اليوم وتجاه من فقدوا أحباءهم». لكنه أكد قدرته على رئاسة القضية بنزاهة وحياد.

وأوضح أن التأثير الوحيد للهجوم عليه كان «الظروف التي مر بها الجميع، مثل الإجراءات الأمنية المشددة في المطارات، وإغلاق الشوارع في واشنطن العاصمة». وفي جامعة جورج تاون، كان الكولونيل شراما لاعباً أساسياً في خط الدفاع بفريق كرة القدم التابع للجامعة. وكشف القاضي عن أن لاعباً سابقاً في جورج تاون، وهو جوزيف إيكوباتشي (26 عاماً)، قد قُتل في الهجوم، وعن أن أحد أعضاء الفريق يرتدي قميصاً يحمل الرقم نفسه لقميص إيكوباتشي «تخليداً لذكراه»، بينما لم يفعل القاضي ذلك. وكان إيكوباتشي يعمل وسيطاً في شركة «كانتور فيتزجيرالد» للوساطة المالية بمركز التجارة العالمي، ويحل اسمه في المرتبة الـ772 بقائمة ضحايا الهجوم الواردة ضمن لائحة اتهام اللجنة العسكرية، التي تضم 2976 ضحية.

وقد شارك محامو البلوشي في الإجراءات من خلال طرح أسئلة على القاضي بشأن خبرته القانونية. وتتخذ قضية البلوشي مساراً مختلفاً؛ لأنه لم يتوصل قط إلى اتفاق لتخفيف العقوبة (صفقة الإقرار بالذنب). لكن هناك استئنافاً آخر جارياً في قضيته، وهذه المرة من قبل المدعين العامين؛ ففي أبريل (نيسان) الماضي، أبطل القاضي السابق الاعترافات المنسوبة إلى البلوشي، وحكم بأنها انتزعت تحت التعذيب والعزل خلال سنوات احتجازه في السجون السرية لـ«وكالة المخابرات المركزية».

سجين داخل معسكر «دلتا» في «غوانتانامو» (أرشيفية)

ورداً على سؤال من الملازم ماثيو بيرنز، محامي البلوشي، قال الكولونيل شراما إنه ليست لديه خبرة سابقة في قضايا عقوبة الإعدام، لكنه حضر قبل أسبوع دورة خاصة للقضاة بشأن كيفية إدارة القضايا التي تنطوي على عقوبات قصوى.

أما المتهم الخامس، رمزي بن الشيبة، فقد مثل في جلسة منفصلة يوم الأربعاء الماضي أمام قاضٍ آخر هو الكولونيل توماس هينز من الجيش.

وكانت قضية بن الشيبة قد فُصلت عن قضايا بقية المتهمين في عام 2023 بناء على نتائج لجنة طبية عسكرية؛ حيث أعلن قاضي المحاكمة السابق أن ابن الشيبة غير مؤهل عقلياً للمثول أمام المحكمة، وهي حالة يعزوها محاميه إلى التعذيب الذي تعرض له على يد «وكالة المخابرات المركزية». وقد حدد الكولونيل هينز جلسة استماع يوم الجمعة لبدء معالجة مسألة ما إذا كانت «الأهلية القانونية» للسجين قد استُعيدت، رغم عدم تلقيه أي علاج خلال الفترة الماضية. كانت هذه الجلسات أول مرة يترأسها 3 قضاة في الأسبوع نفسه، منذ أن بدأ معتقل «غوانتانامو» النظر في قضيتي عقوبة إعدام في عام 2012.

وقد استخدم الكولونيل ماثيو فيتزجيرالد، الذي يترأس قضية تفجير المدمرة «كول»، قاعة محكمة صغيرة للاستماع إلى شهادات شهود بشأن «أقوال منقولة» يرغب الادعاء في استخدامها في محاكمة عبد الرحيم النشيري. ويُتهم النشيري بالتخطيط للهجوم الانتحاري الذي فجّر المدمرة «كول» قبالة سواحل اليمن في 12 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000؛ مما أسفر عن مقتل 17 بحاراً أميركياً وإصابة العشرات الآخرين. كما استمع القاضي إلى شهادات بشأن محدودية الرعاية الصحية في غوانتانامو، وهي قاعدة تضم نحو 4 آلاف شخص، ومستشفى صغيراً؛ حيث قيل إن عملية الإجلاء الطبي لشخص ما من هذه القاعدة النائية في جنوب شرقي كوبا قد تستغرق ما بين 10 ساعات و30 ساعة.

وتتركز نقطة الخلاف الحالية على ما إذا كان ينبغي على القاضي عقد جلسات استماع بينما تمارس محامية الدفاع المختصة في قضايا الإعدام، أليسون ميلر، عملها من ملحق في كريستال سيتي بولاية فيرجينيا، بدلاً من الوجود في قاعة المحكمة نفسها. وكانت ميلر قد شُخصت بإصابتها بجلطة رئوية في وقت سابق من هذا العام، ونُصحت بعدم الحضور داخل القاعدة النائية في كوبا حتى تستقر حالتها، وهو أمر قد يستغرق أشهراً عدة.

* خدمة «نيويورك تايمز»


وثائق قضائية أميركية: ترمب استخدم طائرة إبستين الخاصة أكثر مما كان مُعلناً

صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)
صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)
TT

وثائق قضائية أميركية: ترمب استخدم طائرة إبستين الخاصة أكثر مما كان مُعلناً

صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)
صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون باللجنة في واشنطن (رويترز)

كشفت وثائق قضائية أميركية أُفرج عنها حديثاً، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سافر على متن الطائرة الخاصة للممول الراحل جيفري إبستين مرَّات تفوق ما كان معروفاً سابقاً، من بينها رحلة ضمَّت امرأة في العشرين من عمرها، وفق ما ورد في سجلات رسمية نشرتها وزارة العدل الأميركية.

ووفقاً لصحيفة «تلغراف» تُظهر الملفات التي أُفرج عنها خلال الساعات الماضية، ورود اسم ترمب مئات المرات في سياق التحقيقات، بما في ذلك إشارات متكررة إلى استخدامه طائرة إبستين الخاصة خلال تسعينات القرن الماضي.

وجاء في مذكرة أعدَّها مساعد مدعٍ عام أميركي في نيويورك، أن «سجلات الرحلات التي جرى تسلُّمها تُظهر أن ترمب سافر على متن طائرة إبستين مرات أكثر بكثير مما أُعلن سابقاً، أو مما كان معروفاً لدى جهات التحقيق»؛ مشيراً إلى أن بعض هذه الرحلات تزامنت مع فترة كانت السلطات تتوقع فيها توجيه اتهامات في إطار قضية غيسلين ماكسويل، الشريكة السابقة لإبستين.

وحسب الوثائق، أُدرج ترمب كراكب في 8 رحلات بين عامي 1993 و1996، كان إبستين حاضراً في 4 منها. وأشارت السجلات إلى أن إحدى الرحلات عام 1993 ضمَّت ترمب وإبستين فقط، بينما شملت رحلة أخرى شخصاً ثالثاً يبلغ من العمر 20 عاماً، جرى حجب اسمه في الوثائق المنشورة.

ونُشرت الدفعة الأحدث من هذه الملفات التي يتجاوز عددها 10 آلاف وثيقة، بعد ظهر يوم الاثنين، بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، قبل أن تُسحب مؤقتاً ثم تُعاد إتاحتها مجدداً صباح الثلاثاء، على الموقع الرسمي لوزارة العدل.

كما أظهرت الوثائق أن مذكرة استدعاء قانونية وُجِّهت إلى منتجع «مارالاغو» في بالم بيتش، المملوك لترمب، لطلب سجلات تتعلق بالقضية الحكومية ضد ماكسويل. وأفادت الملفات أيضاً بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI)) قد تلقَّى بلاغات بشأن علاقة ترمب بإبستين، إضافة إلى معلومات عن حفلات أُقيمت في ممتلكات للطرفين خلال أوائل العقد الأول من الألفية، من دون أن يتضح ما إذا كانت قد أُجريت تحقيقات لاحقة على أساس تلك البلاغات.

وفي سياق متصل، كشفت مذكرة أخرى من 22 صفحة أرسلتها الدائرة الجنائية في وزارة العدل الأميركية إلى السلطات البريطانية، عن طلب لإجراء مقابلة مع «شاهد مادي يُشار إليه بـحرفَي PA»، في إشارة إلى الأمير أندرو، حسبما أوردته صحيفة «واشنطن بوست».

ولا تعني الإشارة إلى الأسماء الواردة في هذه الوثائق بالضرورة وجود مخالفات جنائية؛ إذ لم تُوجَّه إلى ترمب أي اتهامات تتعلق بالمشاركة في أنشطة إبستين غير القانونية. غير أن الديمقراطيين اتهموا إدارة ترمب، الأسبوع الماضي، بمحاولة التستر، بعد أن تضمنت الدفعة الأولى من الوثائق إشارات محدودة جداً إلى الرئيس الأميركي.

وكان ترمب قد أكد مراراً في تصريحات سابقة أنه لم يكن على علاقة وثيقة بإبستين، وزعم أنه منعه من دخول منتجع «مارالاغو». إلا أن تقارير صحافية تعود إلى تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة أشارت إلى وجود علاقة اجتماعية بين الرجلين، وسبق أن وصف ترمب إبستين حينها بأنه «رجل رائع».

يُذكر أن جيفري إبستين، المدان بجرائم جنسية، توفي عام 2019 خلال احتجازه في أحد السجون الأميركية بانتظار محاكمته بتهم الاتجار الجنسي. وخلصت التحقيقات الرسمية إلى أن الوفاة كانت نتيجة انتحار، بينما تتضمن الوثائق الجديدة مراسلات بين مسؤولي السجون بشأن حالته النفسية قبل وفاته بأسابيع.

وبدأت وزارة العدل نشر هذه الوثائق عقب إقرار الكونغرس قانوناً يُلزم بالكشف عنها، رغم معارضة ترمب لهذه الخطوة في البداية، قبل أن يوقِّع القانون في ظل انتقادات من داخل حزبه الجمهوري.


ملفات إبستين تلاحق إدارة ترمب

وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)
وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)
TT

ملفات إبستين تلاحق إدارة ترمب

وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)
وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)

مع التغييرات المتسارعة في الساحة السياسية الأميركية، تبقى ملفات إبستين الثابت الوحيد الذي يتفاعل باستمرار. فمن الواضح أنه مهما حاولت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، التعاطي مع الملف والسيطرة على تداعياته، فإنها لم تنجح حتى الساعة في احتوائه. على العكس تماماً، فموجة الإفراج الأخيرة عن مزيد من الملفات حرّكت مزيداً من ردود الفعل الشاجبة من الديمقراطيين وقاعدة ترمب الشعبية.

تحدي القانون

النائب الديمقراطي توم ماسي والجمهورية مارجوري غرين في مؤتمر صحافي حول ملفات إبستين في 18 نوفمبر 2025 (رويترز)

فعدم الإفراج عن كل الملفات في تحدٍ واضح للقانون الذي أقرَّه الكونغرس ووقَّع عليه ترمب من جهة، واختفاء بعض الوثائق بعد نشرها بشكل مقتضب على موقع وزارة العدل من جهة أخرى، حرَّكا مزيداً من نظريات المؤامرة المنتشرة حيال الملف، كما دفع بعدد من المُشرِّعين إلى التهديد بـ«معاقبة» وزيرة العدل بام بوندي، أو حتى السعي لعزلها من منصبها. وبحسب القانون الذي أقرَّه الكونغرس بدعم من الحزبَين، على وزارة العدل نشر كل الوثائق غير السرية المتعلقة بإبستين بعد 30 يوماً من إقراره، أي بحلول الـ19 من ديسمبر (كانون الأول). وبينما يعطي القانون وزارة العدل صلاحية شطب بعض المعلومات لحماية هويات ضحايا إبستين، فإنه لا يسمح بالإبقاء على وثائق إن لم تكن سرية. وقد برَّرت وزارة العدل قرارها بالقول إن عدد الوثائق والمعلومات الموجودة هائل، وإن مهلة الـ30 يوماً غير كافية لشطب أسماء الضحايا.

«معاقبة» وزيرة العدل

أظهرت بعض الوثائق معلومات مشطوبة لحماية ضحايا إبستين في 19 ديسمبر 2025 (رويترز)

تصريحات ولّدت ردود فعل شاجبة من القيادات الديمقراطية التي توعَّدت بالنظر في كل الخيارات القانونية؛ لإلزام وزارة العدل بالالتزام بالقانون. وذهب بعض النواب إلى حد التهديد بتوظيف صلاحيات تشريعية نادرة الاستعمال تُمكِّن الكونغرس من معاقبة وزيرة العدل من دون اللجوء إلى القضاء.

وقال النائبان الديمقراطي رو خانا، والجمهوري توماس ماسي، إنهما سيدفعان للتصويت على تهم لبوندي بازدراء الكونغرس؛ ما قد يفتح المجال أمام تغريمها مبلغاً يصل إلى 100 ألف دولار، أو حتى احتجازها مؤقتاً إلى أن تلتزم ببنود القانون من دون اللجوء إلى القضاء. وهو إجراء استثنائي يمكن للكونغرس استعماله في حالة رفض أفراد من السلطة التنفيذية الالتزام بالقوانين التي يمرِّرها. وعلى الرغم من أنه من المُستبَعد أن يتجاوب الجمهوريون مع طرح من هذا النوع، فإن تعاطي الإدارة مع القضية أثار استياء الكثيرين منهم. وهذا ما تحدَّث عنه السيناتور الجمهوري راند بول، الذي قال: «لقد عانت الإدارة لأشهر طويلة من قضية كانت هي مَن ضخَّمتها في البداية، ثم حاولت لاحقاً احتواءها.» وتابع بول: «إن أي دليل أو مؤشر على أن ما جرى لم يُكشف بالكامل سيظل يلاحقها لأشهر إضافية. لذلك اقتراحي هو أن تكشف عن جميع المعلومات كاملة».

«اختفاء» وثائق

لم يظهر محرك البحث في موقع وزارة العدل معلومات مرتبطة بترمب في ملفات إبستين في 19 ديسمبر 2025 (رويترز)

ولم تقتصر الانتقادات على عدم الإفراج عن كامل الوثائق فحسب، بل اتهم البعض الوزارة بإزالة وثائق من الموقع الإلكتروني بعد نشرها، منها صورة يظهر فيها ترمب قبل وصوله إلى مقعد الرئاسة. وقد أعادت الوزارة نشر الصورة بعد شطبها، وقالت في منشور على منصة «إكس» إن سبب سحبها كان الخشية من كشف هوية إحدى الضحايا في الصورة، لكن بعد التدقيق تبين أنها لا تظهر أياً من الضحايا، فأعادت نشرها بالكامل من دون أي تعديلات، بحسب المنشور. وتطرَّق نائب وزيرة العدل تود بلانش إلى الاتهامات قائلاً: «الجواب المقتضب هو أننا لا نقوم بشطب أي معلومات تتعلق بالرئيس ترمب».

وفي خضم تراشق الاتهامات، مما لا شك فيه أن الإدارة لن تتمكَّن من إغلاق الملف هذا العام، بل سينتقل معها إلى العام المقبل بعد عودة المُشرِّعين إلى أعمالهم إثر عطلة الميلاد التشريعية.