«ضربة الدوحة» تهدد صدقية أميركا وطموحات ترمب في صنع السلام

خبراء: هجوم نتنياهو على قطر أظهر الرئيس الأميركي بمظهر الضعيف

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

«ضربة الدوحة» تهدد صدقية أميركا وطموحات ترمب في صنع السلام

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

أثار الهجوم الإسرائيلي على قادة حركة «حماس» في الدوحة تكهنات حول ما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعطى الإسرائيليين ضوءاً أخضر سراً، الأمر الذي يقوض علاقته الوثيقة مع قطر، الدولة التي تقوم بدور الوساطة لوقف الحرب ضد قطاع غزة وتستضيف أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط، وما إذا كانت إسرائيل نفذت هجومها دون استئذان الإدارة الأميركية، وهو ما يعني أن رئيس وزراء الدولة العبرية بنيامين نتنياهو لا يكترث بموقف الرئيس الأميركي ويستغل المظلة الأميركية لحماية إسرائيل.

ويقول خبراء إنه رغم إعلان ترمب أنه غير سعيد بالوضع برمته، فإن النتيجة المؤكدة للضربة الإسرائيلية هي الإضرار بأي فرصة ضئيلة لإجراء محادثات سلام بين إسرائيل و«حماس» واستمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة حتى الاحتلال الكامل للقطاع.

تصدع في السياسة الخارجية

ويقول محللون إن الضربة الإسرائيلية الفاشلة لم تؤد فقط إلى تعطيل مفاوضات وقف إطلاق النار الهشة في غزة، بل كشفت أيضاً عن تصدعات في السياسة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترمب، مشيرين إلى وجود احتمال متزايد لفشل خططه للسلام في غزة، وضرب مصداقية إدارته. كما تشير الضربة، وفق محللين، إلى تراجع نفوذ واشنطن على أقرب حلفائها، وتجاهل إسرائيل الواضح لتداعيات هذه الضربة على المصالح الأميركية وما تسببه من إحراج علني لترمب الذي يظهر في صورة الضعيف، ويقلل من صورة الرجل القوي صانع الصفقات، ويزيد من شكوك الحلفاء والشركاء في أي تعهدات تصدرها إدارته.

وخلال يوم الثلاثاء تذبذبت التصريحات الصادرة من الإدارة الأميركية ما بين تأكيد علم الإدارة المسبق بالضربة، ثم تصريحات بأن الرئيس ترمب تم إبلاغه بالضربة الإسرائيلية في وقت متأخر، ما حال دون قدرته على التدخل لوقفها، وتصريحات أخرى بأن ترمب علم بالضربة الإسرائيلية من مصادر عسكرية أميركية، وليس من نظرائه الإسرائيليين، ثم وجّه مبعوثه، ستيف ويتكوف، لتحذير المسؤولين القطريين. لكن الدوحة جادلت في ذلك، مشيرةً إلى أن الإخطار لم يصل إلا بعد وقوع الانفجارات بأكثر من عشر دقائق. من جانبها، وصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، القصف الإسرائيلي، بأنه «أحادي الجانب» ولا يخدم الأهداف الأميركية أو الإسرائيلية، مؤكدةً في الوقت نفسه على دور قطر بوصفها «حليفاً وثيقاً» في جهود السلام. وردد ترمب هذا الكلام على موقع «تروث سوشيال»، معرباً عن إحباطه ومعلناً عن خطط لاتفاقية دفاعية مع قطر لإصلاح العلاقات.

وأشارت بعض المصادر إلى أن مسؤولي البيت الأبيض استشاطوا غضباً من قوع الهجوم، لأن ستيف ويتكوف مبعوث ترمب اجتمع مع رون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي يوم الاثنين (أي قبل الهجمة بأقل من 24 ساعة) ولم يُكشف له عن هذه العملية.

مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين أمام مطعم كان ترمب يتناول العشاء فيه مساء يوم الثلاثاء في العاصمة واشنطن (أ.ف.ب)

إهانة لترمب

وانتقد بعض المحللين الضربة الإسرائيلية وعدّوها انتكاسة وإهانة للرئيس ترمب الذي تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء حروب الشرق الأوسط بسرعة. ويرى كثيرون أنها دليل على تجاهل نتنياهو لأولويات الولايات المتحدة، وتضع أهداف نتنياهو فوق الأولويات الأمنية الحاسمة للولايات المتحدة، على الرغم من مليارات الدولارات التي تُقدمها واشنطن سنوياً بوصفها مساعدات ودعماً عسكرياً لتل أبيب.

وقال إدوارد جيرجيان، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، إن إسرائيل «لا تُولي اهتماماً كبيراً لمصالح الأمن القومي الأميركي». ووصف التوقيت - خلال محادثات وقف إطلاق النار الحساسة - بأنه إهانة مباشرة لجهود الوساطة التي يبذلها ترمب.

واتفق معه الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، القائد الأعلى السابق لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مشيراً إلى أن ولاية نتنياهو الطويلة جعلته «مرتاحاً جداً في فعل ما يريده بالضبط». وحذر ستافريديس من «فاتورة باهظة» على إسرائيل، تشمل تحالفات متوترة وعمليات مكثفة في غزة.

وجادل روبرت مالي، المسؤول الكبير السابق في شؤون الشرق الأوسط في إدارتي أوباما وبايدن، بأن الضربة «تؤكد عدم اهتمام الحكومة الإسرائيلية بإنهاء الحرب في غزة عن طريق التفاوض، وتُسمم بيئة أي دولة للوساطة في المستقبل». وتساءل عما إذا كانت دول مثل مصر أو تركيا ستخاطر باستضافة قادة «حماس» في ظل هذه التهديدات.

وعبّر نبيل خوري، نائب رئيس البعثة السابق في السفارة الأميركية في اليمن، عن صدمته من موقع القصف الإسرائيلي، الذي يبعد كيلومترات قليلة عن قاعدة جوية أميركية. وقال خوري: «على الرغم من تشاؤمي واعتيادي على تجاوزات إسرائيل، فإنني أُصرّ على أنني صُدمت».

وانتقد غلين كارل، ضابط المخابرات الأميركي السابق، «افتقار إدارة ترمب للتماسك في السياسة الخارجية»، واصفاً الحادثة بأنها أحد أعراض «القرارات المتقلبة والفوضوية» التي تحركها الصورة لا الاستراتيجية. وقال: «هذه صدمة أوسع للنظام الدولي، تُثير تساؤلات حول السيادة وحرية التصرف الممنوحة لإسرائيل. وتقوض بالتأكيد مصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط».

وحذر معهد دراسات الحرب من أن الولايات المتحدة تبدو متواطئة، مما يُغذي تصورات التطبيق الانتقائي للمعايير الدولية. وقال المعهد إن هذا التصور لتواطؤ الولايات المتحدة سيُسرّع من تحول دول الجنوب العالمي نحو بدائل مثل البريكس، مما يُضعف نفوذ الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
رياضة عالمية أميركيون يتابعون مراسم القرعة على شاشة عملاقة في التايمز سكوير (رويترز)

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إن رياضة كرة القدم الأميركية (أميريكان فوتبول) يجب أن تُعاد تسميتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

وافقت المحكمة العليا الأميركية على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرياضة الرئيس دونالد ترمب يرقص رقصته الشهيرة خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في مركز كينيدي في واشنطن (أ.ب) play-circle

لقب «فيفا للسلام» «يحرك» ترمب... ورقصته الشهيرة تعود بعد قرعة كأس العالم

لفت الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأنظار بعد انتهاء مراسم قرعة كأس العالم 2026، بعدما ظهر وهو يؤدي رقصته الشهيرة احتفالاً أمام الحضور.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية قرعة كأس العالم أسفرت عن مباراة افتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا (إ.ب.أ)

المكسيك تواجه جنوب أفريقيا في افتتاح مونديال 2026

ستنطلق نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقررة العام المقبل في 11 يونيو (حزيران) بمواجهة المكسيك، إحدى ثلاث دول تستضيف البطولة، أمام جنوب أفريقيا في استاد أزتيكا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، وفق بيان صادر عنهم، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

وذكر البيان الذي نشره المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف على منصة «إكس» أن «الطرفين اتفقا على أن التقدم الحقيقي نحو أي اتفاق يعتمد على استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد، بما في ذلك اتخاذ خطوات نحو خفض التصعيد ووقف أعمال القتل.


«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
TT

«أبل» و«غوغل» ترسلان إخطارات بشأن تهديدات إلكترونية للمستخدمين في أكثر من 150 دولة

شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)
شعار «أبل» مُعلّقاً فوق مدخل متجرها في الجادة الخامسة بحي مانهاتن بمدينة نيويورك 21 يوليو 2015 (رويترز)

قالت شركتا «أبل» و«غوغل» إنهما أرسلتا، هذا الأسبوع، مجموعة جديدة من إشعارات بشأن التهديدات الإلكترونية للمستخدمين في جميع أنحاء العالم، معلنتين عن أحدث جهودهما لحماية العملاء من تهديدات المراقبة والتجسس.

و«أبل»، و«غوغل» المملوكة لـ«ألفابت»، من بين عدد محدود من شركات التكنولوجيا التي تصدر بانتظام تحذيرات للمستخدمين عندما تتوصل إلى أنهم ربما يكونون مستهدفين من قراصنة مدعومين من حكومات.

وقالت «أبل» إن التحذيرات صدرت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، لكنها لم تقدم سوى تفاصيل قليلة متعلقة بنشاط القرصنة المزعوم، ولم ترد على أسئلة عن عدد المستخدمين المستهدفين أو تُحدد هوية الجهة التي يُعتقد أنها تُقوم بعمليات التسلل الإلكتروني.

وأضافت «أبل»: «أبلغنا المستخدمين في أكثر من 150 دولة حتى الآن».

ويأتي بيان «أبل» عقب إعلان «غوغل» في الثالث من ديسمبر أنها تحذر جميع المستخدمين المعروفين من استهدافهم باستخدام برنامج التجسس (إنتلكسا)، والذي قالت إنه امتد إلى «عدة مئات من الحسابات في مختلف البلدان، ومنها باكستان وكازاخستان وأنغولا ومصر وأوزبكستان وطاجيكستان».

وقالت «غوغل» في إعلانها إن (إنتلكسا)، وهي شركة مخابرات إلكترونية تخضع لعقوبات من الحكومة الأميركية، «تتفادى القيود وتحقق نجاحاً».

ولم يرد مسؤولون تنفيذيون مرتبطون بشركة (إنتلكسا) بعدُ على الرسائل.

واحتلت موجات التحذيرات العناوين الرئيسية للأخبار، ودفعت هيئات حكومية، منها الاتحاد الأوروبي، إلى إجراء تحقيقات، مع تعرض مسؤولين كبار فيه للاستهداف باستخدام برامج التجسس في السابق.


المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
TT

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

وافقت المحكمة العليا الأميركية ذات الغالبية المحافظة، الجمعة، على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

وأعلنت المحكمة في بيان موجز أنها ستنظر في طعن إدارة ترمب في أحكام صادرة من محاكم أدنى خلصت جميعها إلى أنه غير دستوري.

ويحظر الأمر التنفيذي على الحكومة الفيدرالية إصدار جوازات سفر أو شهادات جنسية للأطفال الذين تقيم أمهاتهم بشكل غير قانوني أو مؤقت في الولايات المتحدة.

كما يستهدف النص الأطفال الذين يقيم آباؤهم بشكل مؤقت في الولايات المتحدة بتأشيرة دراسة أو عمل أو سياحة.

بعد تعليق العديد من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف مراسيم رئاسية وقرارات حكومية، أصدرت المحكمة العليا حكماً في 27 يونيو (حزيران) يقيّد سلطة قضاة المحاكم الأدنى في تعليق قرارات الإدارة على مستوى البلاد.

ووقع ترمب المرسوم المتعلق بحق المواطنة بالولادة فور عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، وأدرجه في سياق مساعيه لمكافحة الهجرة غير النظامية.

وتطبق الولايات المتحدة منذ 150 عاماً مبدأ المواطنة بالولادة، المنصوص عليه في التعديل الرابع عشر للدستور، ويرد فيه أن أي شخص يولد في الولايات المتحدة هو مواطن أميركي تلقائياً.

تم اعتماد التعديل الرابع عشر عام 1868، بعد الحرب الأهلية وإلغاء العبودية، لضمان حقوق العبيد المحررين وذريتهم.