حتى وقت قريب، بدا من الممكن أن يظهر أندريه أونانا في ديربي مانشستر المقبل. فالحارس الكاميروني، الذي يمتلك خبرة واسعة على المستوى الأوروبي، كان مرشحاً للعودة لحماية عرين يونايتد بعد أن عانى التركي ألتاي بايندير من أداء غير مقنع في الدوري الإنجليزي، وذلك بحسب شبكة «The Athletic».
ورغم أن أونانا ارتكب خطأين كارثيين في مباراة الخسارة أمام غريمسبي تاون، فإن مكانته وخبرته ظلتا تمنحانه الأفضلية. ولم يمر سوى عامين على إشادة بيب غوارديولا به، حين وصفه بأنه «حارس استثنائي» بفضل قدرته على البناء من الخلف مع إنتر ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا.
لكن بدلاً من المشاركة في قمة مانشستر، يستعد أونانا للظهور بقميص فريقه الجديد طرابزون سبور، حين يواجه الأخير منافساً في إسطنبول تزامناً مع أحداث الديربي في ملعب الاتحاد. والمفارقة أن الحارس الذي سيقف أمامه في تركيا هو البرازيلي إيدرسون، الذي انتقل هو الآخر إلى فنربخشه بعد رحيله عن مانشستر سيتي في اليوم الأخير من سوق الانتقالات.

قرار أموريم الحاسم
رحيل أونانا يعكس شخصية مدرب يونايتد روبن أموريم، الذي لم يتردد في اتخاذ قرارات كبرى منذ وصوله. فرغم أن النادي لم يكن ينوي التعاقد مع حارس جديد في بداية الصيف، فإن إصابة أونانا في أوّل أيام المعسكر الإعدادي وتراجع مستواه، إضافة إلى طبيعته القوية التي أثارت حساسيات داخل غرفة الملابس، جعلت المدرب البرتغالي يقرر المضي في اتجاه آخر.
خلال جولة الفريق في الولايات المتحدة، كان أونانا حاضراً في الأنشطة الجماهيرية، لكن مشاركته في التدريبات اقتصرت على ثلاث حصص فقط قبل مباراة آرسنال في الجولة الأولى. ورغم توقعه أن يكون أساسياً، استبعده أموريم من التشكيلة، ثم أبقاه على مقاعد البدلاء أمام فولهام وبيرنلي. تلك القرارات كانت إشارة واضحة إلى أن ثقته به قد اهتزت.
وبعد سلسلة من الأخطاء، دعم المالك المشارك السير جيم راتكليف، والمدير الرياضي جايسون ويلكوكس، توصية التعاقد مع حارس جديد. وقع الاختيار على البلجيكي الشاب سينه لامنس، وهو ما غيّر موقف النادي تجاه أونانا، إذ أُبلغ بأنه يستطيع البحث عن نادٍ جديد، مع بقاء نافذتي الانتقالات التركية والسعودية مفتوحتين فقط.
مع انتقال فيرناندو موسليرا إلى إستوديانتس الأرجنتيني، ظهر اسم أونانا على رادار غلاطة سراي، لكنه لم يكن الخيار الأول. وفي المقابل، فضّل النادي التعاقد مع أوغورجان تشاكير من طرابزون سبور في صفقة ضخمة وصلت قيمتها إلى 36 مليون يورو. هذا التطور جعل طرابزون سبور يفتح الباب أمام أونانا ليصبح حارسه الجديد، بعد أن رفض في وقت سابق بيع قائده تشاكير لأي نادٍ محلي.
هكذا وجد الحارس الكاميروني نفسه أمام خيارين: الانتقال إلى طرابزون، أو البقاء بعيداً عن المشهد في أولد ترافورد حتى يناير (كانون الثاني) المقبل. ورغم أن البعض في يونايتد تفاجأ من قراره بالرحيل، فإن أونانا، البالغ 29 عاماً، قرأ الرسالة جيداً، وفضّل خوض مغامرة جديدة تعيده إلى الواجهة.
صفقة الإعارة هذه تعني عملياً نهاية مشواره مع مانشستر يونايتد، رغم أن عقده يمتد حتى 2028. لكن الجانب المالي لعب دوراً في قراره، إذ سيحصل في تركيا على راتب أعلى بفضل المكافآت وحوافز التوقيع، إضافة إلى نظام ضريبي أقل تكلفة، ما قد يضاعف دخله. وكان أونانا قد فقد جزءاً كبيراً من راتبه مع يونايتد بعد فشل الفريق في التأهل لدوري الأبطال، إذ تراجع دخله من 170 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً إلى 120 ألفاً فقط.
ورغم أن هذه الخطوة قد تبدو مخاطرة، فإنها تمنحه فرصة لاستعادة مستواه وثقته بنفسه، خصوصاً بعد أن تضررت علاقته الفنية مع النادي بتغيير مدرب الحراس، حيث كان يرتبط بعلاقة قوية مع ييله تين راوولار، قبل أن يحل محله خورخي فيتال.
طرابزون سبور يحتل المركز الثاني في الدوري التركي بعد أربع جولات، والجماهير تنظر إلى أونانا بعين الترقب. المدينة مشهورة بعاطفتها الجياشة تجاه كرة القدم، واللاعبون الجدد إما أن يُحتضنوا بسرعة أو يواجهوا ضغوطاً هائلة إذا تعثروا.
وبينما يستعد مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي لخوض مواجهة جديدة في إنجلترا، فإن أونانا وإيدرسون سيلتقيان على بعد 1700 ميل، في مشهد يلخص التحولات الكبيرة التي طرأت على خريطة الحراسة في أوروبا هذا الصيف.
