متحف «الحضارة» يبرز مقتنيات «الفلاحين» في مصر القديمة

في مساحة عرض تضم أدوات الزراعة منذ آلاف السنين

تمثال «المساح بن حرى» ومعه الحبل كأداة للقياس (متحف الحضارة المصرية)
تمثال «المساح بن حرى» ومعه الحبل كأداة للقياس (متحف الحضارة المصرية)
TT

متحف «الحضارة» يبرز مقتنيات «الفلاحين» في مصر القديمة

تمثال «المساح بن حرى» ومعه الحبل كأداة للقياس (متحف الحضارة المصرية)
تمثال «المساح بن حرى» ومعه الحبل كأداة للقياس (متحف الحضارة المصرية)

بمناسبة «عيد الفلاح» الذي يوافق التاسع من سبتمبر (أيلول)، أبرز المتحف القومي للحضارة المصرية مقتنيات مرتبطة بالفلاحين في الحضارة المصرية القديمة، تعود لآلاف السنين. كما نشر على صفحته في «فيسبوك» مقطع فيديو يعرض مجموعة من التماثيل والأدوات والمباني ذات الطابع الفلاحي.

وقد أُرفق الفيديو بتعليق باللغة الإنجليزية تناول مكانة الفلاح المصري القديم، وكيف أسهم في بناء الحضارة في وادي النيل عبر نشاطه الزراعي، وابتكاره أدوات عدّة ساعدته في استغلال مياه النيل، مثل «الشادوف». وتمكَّن الفلاح من زراعة الخضراوات والفاكهة وغيرها من المحاصيل، كما استخدم الصوامع لتخزين الغلال بطريقة آمنة، ونقل خبراته الغذائية إلى الأجيال التالية. وأسهم النشاط الزراعي إسهاماً كبيراً في ازدهار الاقتصاد المصري القديم عبر آلاف السنين.

أدوات للزراعة كانت مستخدَمة في العصور القديمة (متحف الحضارة المصرية)

وتضمّن الفيديو مجموعة من الأدوات والآنية والتماثيل التي تجسّد مشاهد زراعية، من بينها تمثال «المسّاح بن حَرى» الذي يظهر ممسكاً بحبل ملفوف برأس كبش يرمز إلى المعبود «آمون». ويعود التمثال المصنوع من الجرانيت إلى عصر الدولة الحديثة، الأسرة الـ18، وقد عُثر عليه في العرّابة المدفونة بأبيدوس.

وحسبما أوضحت الدكتورة فاطمة بكّار، مديرة قسم توثيق الآثار في المتحف القومي للحضارة المصرية، فإن «أقدم الدلائل على قيام الزراعة في مصر تعود إلى نحو عام 8000 ق.م، حيث شكّلت الزراعة الدعامة الأساسية للاقتصاد المصري».

وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» استناداً إلى مساحة العرض المخصّصة للزراعة في مصر القديمة بالمتحف، «أن المصريين القدماء منذ عصر ما قبل الأسرات تمكنوا من تنظيم الدورة الزراعية واستصلاح الأراضي وحفر القنوات، كما أولوا اهتماماً ببناء السدود وتطوير نظم الرَّي، وابتكروا أدوات زراعية مثل الشادوف والمحراث والفؤوس والمعاول والمناجل وأشواك التذرية التي لا تزال مستخدمة حتى اليوم. ومن خلال هذه الابتكارات استطاعوا زراعة أنواع كثيرة من الحبوب والخضراوات والفاكهة».

إحدى الجِرار وبها نبات النبق تعود إلى عصر الأسرة الأولى (متحف الحضارة المصرية)

يضم المتحف القومي للحضارة المصرية، الذي أبرز مقتنيات الفلاحين في يومهم السنوي، مجموعة من القطع الأثرية التي تسلّط الضوء على التراث المادي واللامادي لمصر، وتسهم في فهم الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة.

وقد افتُتحت قاعة العرض الرئيسية في المتحف عام 2021 خلال احتفالية «موكب المومياوات»، التي شهدت نقل 22 مومياء ملكية من المتحف المصري في التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية.

يُذكر أن الاحتفاء بـ«عيد الفلاح» امتد إلى أكثر من متحف. فقد نشر المتحف المصري في التحرير صورة لتمثال خشبي يُعبِّر عن الحياة اليومية لأحد الفلاحين، مُرفقاً بتعليق على صفحته في «فيسبوك»: «تحتفل مصر في 9 سبتمبر من كل عام بعيد الفلاح المصري، وهو اليوم الذي يوافق تاريخ إصدار قانون الإصلاح الزراعي عام 1952».

وأوضح منشور المتحف أن «الفلاح المصري لعب عبر العصور دوراً عظيماً في بناء الحضارة المصرية. فمنذ مصر القديمة، كان الفلاح حجر الزاوية في ازدهار الاقتصاد الزراعي، وكان يمتلك خبرة واسعة في هندسة الرَّي وقياس منسوب النيل، مما ساعده على تنظيم مواسم الزراعة بكفاءة عالية».

وتظهر آثار العمل الزراعي القديم في نماذج خشبية كثيرة عُثر عليها، تجسّد حياة الفلاح وأنشطته اليومية.

«عيد الفلاح» احتفى به أيضاً المتحف المصري بالتحرير (المتحف المصري)

ويؤكد الخبير السياحي والمحاضر في علم المصريات، بسام الشماع، أن «المصريين القدماء اهتموا بالزراعة قبل آلاف السنين، وابتكروا وبنوا وصنعوا أدوات وآلات وطرقاً وترعاً ومصارف وسدوداً، وغيرها من البنى التحتية المهمة، فضلاً عن اختراع الشادوف لرفع المياه إلى مستويات أعلى، وغيرها من آلات الري المساعدة».

وأضاف الشماع، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما وصل إلينا من آثار مصر القديمة يشير إلى أن المصريين القدماء توصلوا مبكراً إلى نظام لتقسيم الأراضي، يشبه في الوقت الحالي (هيئة المساحة)، من خلال نشر المساحين لقياس وأرشفة وتحديد المساحات بدقة، بما يضمن حقوق الفلاحين في أراضيهم».

كما لفت الشماع إلى إنشاء مقياس النيل لدراسة ارتفاعات وانخفاضات مناسيب المياه عبر أيام السنة والسنين المتتالية. وكان مقياس النيل موجوداً في مواقع عدّة، منها أسوان (جنوب مصر)، ولا يزال هناك مقياس قديم للنيل في منيل الروضة (سط القاهرة).


مقالات ذات صلة

أوانٍ فخارية من موقع مليحة

ثقافة وفنون قطع خزفية من موقع مليحة بالشارقة منها زهريتان من الفخار المزجّج

أوانٍ فخارية من موقع مليحة

تتكوّن «مجموعة مليحة» من بضع قطع عُثر عليها ضمن قطع متنوّعة من المنتجات الفخارية... منها ما هو محلّي ومعروف اليوم، ومنها ما هو من خارج الجزيرة

محمود الزيباوي
يوميات الشرق منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع لليونانيين.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق فنية تفحص النسيج (متحف بايو)

الخزانة البريطانية تؤمّن «نسيج بايو» التاريخي بـ800 مليون إسترليني

الخزانة البريطانية تؤمّن نسيج بايو التاريخي بـ800 مليون جنيه إسترليني قبل عرضه في المتحف البريطاني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق التابوت الأخضر من القطع الأثرية النادرة (المتحف المصري بالتحرير)

مصر: متحف التحرير يعرض التابوت «الاستثنائي» بعد استعادته من أميركا

أبرز المتحف المصري في التحرير (وسط القاهرة) التابوت الأخضر «الاستثنائي» الذي يعود إلى الكاهن «عنخ إن ماعت» لمصر، مؤكداً على القيمة الكبيرة لهذا التابوت.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تغريم «ديزني» 10 ملايين دولار بتهمة انتهاك «خصوصية الأطفال»

شعار «ديزني بلس» (رويترز)
شعار «ديزني بلس» (رويترز)
TT

تغريم «ديزني» 10 ملايين دولار بتهمة انتهاك «خصوصية الأطفال»

شعار «ديزني بلس» (رويترز)
شعار «ديزني بلس» (رويترز)

وافقت مجموعة الترفيه والإعلام الأميركية العملاقة «ديزني» على دفع 10 ملايين دولار لتسوية قضية خاصة بجمع بيانات الأطفال، وفقاً لما أعلنته وزارة العدل الأميركية، مساء أمس.

وقالت الوزارة إن محكمة اتحادية أميركية أقرّت اتفاق تسوية نزاع بينها وبين كل من «ديزني» و«ورلد سيرفيسز» و«ديزني إنترتينمنت أوبريشنز».

وبموجب التسوية، ستدفع ديزني 10 ملايين دولار غرامات مدنية لتسوية ادعاءات لجنة التجارة الفيدرالية بأنها انتهكت قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت فيما يتعلق بمحتوى الفيديوهات الخاصة بها على منصة بث الفيديوهات «يوتيوب».

ويحظر قانون حماية خصوصية الأطفال على المنصات الإلكترونية جمع أو استخدام أو الكشف عن المعلومات الشخصية للأطفال دون سن 13 عاماً، دون إخطار الوالدين وموافقتهما.

وزعمت شكوى الحكومة أن «ديزني» لم تصنف محتوى «يوتيوب» الخاص بها بشكل صحيح على أنه موجَّه للأطفال، مما أدى إلى استهداف الإعلانات وجمع بيانات الأطفال بشكل غير قانوني.

وقال بريت شومات، مساعد المدعي العام الأميركي، إن الوزارة «ملتزمة التزاماً راسخاً» بضمان حق الآباء في إبداء رأيهم في كيفية جمع معلومات أطفالهم واستخدامها، مضيفاً: «ستتخذ الوزارة إجراءات سريعة للقضاء على أي انتهاك غير قانوني لحقوق الآباء في حماية خصوصية أطفالهم».

وتُعد فيديوهات «ديزني» من بين الأكثر شعبية على «يوتيوب»، حيث حصدت مليارات المشاهدات في الولايات المتحدة وحدها.

وإلى جانب الغرامة المالية، تمنع التسوية شركة ديزني من العمل على «يوتيوب» بما يخالف قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت، ويُلزمها بوضع برنامج امتثال؛ لضمان التزامها مستقبلاً بحماية خصوصية الأطفال.


مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.