حذّرت إسرائيل، الأربعاء، أعداءها من أنهم لن يكونوا قادرين على «الاختباء» في أي مكان غداة تنفيذها غارات على قطر استهدفت قادة حركة، وقوبلت بانتقادات نادرة وجّهها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على خلفية الضربات على أرض دولة حليفة للولايات المتحدة.
وقال يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، عبر منصة «إكس»: «سياسة الأمن الإسرائيلية واضحة، يد إسرائيل الطولى ستعمل ضد أعدائها في أي مكان، لا يوجد مكان يُمكنهم الاختباء فيه».
وكانت إسرائيل قد نفذت، أمس، غارات في العاصمة القطرية استهدفت خلالها قياديين في حركة «حماس».
وأكّدت حركة «حماس» نجاة قادتها ووفدها المفاوض المستهدفين بالغارات، مشيرة إلى مقتل 6 أشخاص، من بينهم نجل أحد أبرز قادتها وكبير مفاوضيها خليل الحية، ومدير مكتبه و3 من مرافقيه، بالإضافة إلى رجل أمن قطري. وأكّدت قطر مقتل عنصر الأمن.
ولاقت الغارات انتقادات ترمب التي تُعدّ غير معهودة منذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع العام، وعَدّ الضربات لا تخدم مصالح واشنطن أو حليفتها الأوثق في المنطقة، إسرائيل. وأكّد أنه طلب إخطار قطر، الحليفة الأساسية كذلك لبلاده، بالضربة، لكن ذلك أتى متأخراً.
وأثارت الضربة انتقادات حادة من الدوحة التي تستضيف على أراضيها قاعدة عسكرية أميركية ضخمة، وتؤدي دوراً أساسياً مع مصر والولايات المتحدة، في الوساطة بين إسرائيل و«حماس» بشأن الحرب في غزة، التي بدأت مع هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولا تزال متواصلة.
وقال رئيس وزرائها، وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن واشنطن أبلغت الدوحة بالضربات بعد وقوعها. وأكّد آل ثاني أن بلاده «تحتفظ بحق الرد»، وسوف تقوم بكل الإجراءات اللازمة للرد عليه.
وحاول سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، اليوم، تبرير قرار الضربات، وقال لإذاعة إسرائيلية: «نحن لا نتصرف دائماً وفق ما يخدم مصالح الولايات المتحدة. نحن ننسّق معهم، وهم يقدّمون لنا دعماً كبيراً، نقدّر ذلك، ولكن أحياناً نتخذ قرارات ونُبلغ الولايات المتحدة بها لاحقاً». وأضاف: «الهجوم لم يستهدف قطر، بل كان هجوماً على (حماس)، نحن لسنا ضد قطر، ولا ضد أي دولة عربية، نحن ضد منظمة إرهابية».
«هز ضمير العالم»
وفي مدينة غزة، دمّر الجيش الإسرائيلي الذي كثّف عملياته ضدها الأربعاء، برجاً سكنياً جديداً وفق ما أظهرت لقطات فيديو خاصة بـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه «أغار... على مبنى متعدد الطوابق في مدينة غزة كانت تستخدمه (حماس)»، بُعيد إصداره إنذاراً عاجلاً للمقيمين فيه وفي محيطه للإخلاء.
وأظهرت لقطات للوكالة تصاعد سحب وأعمدة دخان كثيفة حين لحظات انهيار البرج.
وفي آخر تحديث له، أكّد المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، ارتفاع عدد القتلى منذ فجر الأربعاء إلى 32 شخصاً.
وقال بصل: «32 شهيداً حصيلة الشهداء اليوم»، مشيراً إلى أن هؤلاء سقطوا في غارات تركزت على غرب مدينة غزة وخان يونس في جنوب القطاع.
وتسببت الحرب التي تقترب من إتمام عامها الثاني في أزمة إنسانية كارثية بالقطاع. وأعلنت الأمم المتحدة في أغسطس (آب) رسمياً المجاعة في غزة.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اليوم، إنها ستعمل على فرض عقوبات على الوزراء الإسرائيليين «المتطرفين»، وتقييد العلاقات التجارية مع الدولة العبرية بسبب الأوضاع في غزة.
وأضافت: «ما يحدث في غزة هزّ ضمير العالم. أشخاص يقتلون وهم يتسوّلون الحصول على طعام. أمهات يحملن أطفالاً أمواتاً. هذه الصور كارثية».
وردّاً على ذلك، انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر تصريحات فون دير لاين وقال: «تبعث أوروبا برسالة خاطئة، الأمر الذي يقوي (حماس) والمحور المتطرف في الشرق الأوسط».
توالي الانتقادات
وقال ترمب: «إن توجيه قصف أحادي لقطر، وهي دولة ذات سيادة وحليف وثيق للولايات المتحدة، تعمل بجدّ وتُشاركنا بشجاعة في مواجهة المخاطر من أجل تحقيق السلام، لا يخدم مصالح إسرائيل ولا الولايات المتحدة».
ونفى ترمب على منصته «تروث سوشيال» أن يكون قد اضطلع بأيّ دور في الضربة، مؤكداً أنّ قرار شنّها اتخذه نتنياهو.
وتوالت، اليوم، أيضاً التنديدات بالضربة الإسرائيلية على قطر، إذ عدّتها روسيا انتهاكاً يقوض جهود السلام.
وأدانت بكين الغارات بأشد العبارات، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، في مؤتمر صحافي إن «الصين تُدين بأشد العبارات الهجوم الذي وقع أمس في العاصمة القطرية، وتعارض انتهاك إسرائيل سيادة قطر وأمنها القومي».
أما الأردن الذي أدان، أمس، «العدوان الإسرائيلي الجبان» على قطر، فقال، اليوم، على لسان وزير خارجيته أيمن الصفدي إن إسرائيل «تنتهج سياسة توسعية عدوانية» تُهدد أمن المنطقة والعالم.
وقال الصفدي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكرواتي غوردان رادمان، إن «كل ما تقوم بها إسرائيل يوضح أنها تنتهج سياسة توسعية عدوانية تُهدد أمن المنطقة، وتُهدد أيضاً الأمن والسلم الدوليين... وتريد أن تفرض هيمنتها على المنطقة».
ومنذ اندلاع الحرب في غزة عقب هجوم السابع من أكتوبر 2023، قتلت إسرائيل العديد من قادة الصف الأول في الحركة، منهم زعيمها في غزة يحيى السنوار، وقائد جناحها العسكري محمد الضيف وغيرهما. وكذلك، نفذت عمليات اغتيال في الخارج بحق رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في طهران، ونائبه صالح العاروري قرب بيروت.
وأسفر هجوم «حماس» في عام 2023 عن مقتل 1219 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وردّت الدولة العبرية بشنّ عمليات عسكرية في قطاع غزة أدّت إلى مقتل 64656 شخصاً على الأقل، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة التي تديرها حركة «حماس» وتعدّها الأمم المتحدة موثوقاً بها.
وحسب الجيش الإسرائيلي، ما زال هناك 47 رهينة في غزة، 25 منهم لقوا حتفهم، من بين 251 شخصاً خُطفوا في الهجوم.


