تسعى مصر لاستعادة الدور الثقافي والتاريخي لشارع النبي دانيال في الإسكندرية (شمال مصر)، بعد توجيهات من وزير الثقافة المصري، أحمد فؤاد هنو، بضم الشارع، بعدما شهده من أعمال تطوير، إلى مناطق العرض البصري المفتوحة لبينالي الإسكندرية الدولي، الذي يعود إلى الساحة التشكيلية بعد 12 عاماً من التوقف، لينطلق من جديد في سبتمبر (أيلول) 2026.
وأكّد وزير الثقافة أن مشروع تطوير الشارع بالتعاون بين وزارة الثقافة ومحافظة الإسكندرية، يأتي استكمالاً لجهود الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في الحفاظ على التراث العمراني للمدينة، ضمن خطط إحياء المناطق التاريخية والمتميزة.
ولفت، خلال تفقده أعمال تطوير وإحياء شارع النبي دانيال، ضمن زيارته للإسكندرية، الاثنين، إلى الإعلان عن تفاصيل عودة بينالي الإسكندرية، إلى أن المشروع يعكس رؤية الدولة في استغلال المقومات الثقافية والعمرانية للمدينة.
وعَدّ هنو تطوير شارع النبي دانيال «إعادة إحياء لأحد أعرق شوارع الإسكندرية، ويعكس رؤية شاملة لتكامل البنية العمرانية مع الحياة الثقافية والفكرية للمدينة».
وأكّد أن المشروع سيُعيد للشارع مكانته بوصفه وجهة ثقافية وسياحية مهمة، وعدّه «نموذجاً يمكن تكراره في العديد من المناطق التاريخية بالمحافظات المصرية»، ووجّه بضم شارع النبي دانيال لمناطق العرض البصري المفتوحة لبينالي الإسكندرية، «ليصبح مقصداً لمحبي الفنون والفعاليات الثقافية»، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية.

ووصف أستاذ الفنون بجامعة القاهرة، الدكتور محمد الصبان، عودة بينالي الإسكندرية بأنه «حدث مهم؛ لأنه واحد من البيناليهات المهمة على مستوى العالم، واختفاؤه لمدة تزيد على 12 عاماً كان خسارة كبيرة للفنانين وللحركة الفنية المصرية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا البينالي يستضيف أعمال فنانين من مختلف أنحاء العالم، ويضمن التفاعل والتواصل والاطلاع على الحركة الفنية العالمية»، مشيراً إلى أن «التوجيه بضم شارع النبي دانيال لمناطق العرض البصري المفتوحة لبينالي الإسكندرية خطوة مهمة، لأن الشارع تحوّل إلى مزار سياحي، ونتمنّى أن تتحول كل شوارعنا إلى النمط نفسه، فهو مرتبط بمكون ثقافي اجتماعي، ويحمل عبق التاريخ، ويفرض ثقافته وتحضره على المارة ومن يقيمون به، كما أن هذا التوجه يجعل الفن يخرج للشارع؛ لأن هناك الكثير من الناس يحجمون عن دخول المعارض والغاليرهات، لكن حين يرون الفن في الشارع لا بد أنهم سيتفاعلون معه».
ويُعدّ «شارع النبي دانيال من أقدم وأهم شوارع الإسكندرية، ويهدف مشروع تطويره إلى إعادة إحيائه بوصفه محوراً ثقافياً وحضارياً متميزاً من خلال الحفاظ على المباني التراثية البالغ عددها 15 مبنى، وصيانتها وإزالة التعديات عليها، فضلاً عن تحسين بيئة المشاة عبر ممرات آمنة ومريحة، وإزالة التشوهات البصرية، وتأكيد الطابع المعماري والتاريخي المتجانس للشارع. كما يهدف المشروع إلى إبراز الخصائص العمرانية والفنية، وإحياء الدور الثقافي للشارع الذي يُعد مقصداً للطلاب والباحثين والمثقفين لشراء الكتب القديمة والمستعملة»، وفق تصريحات لرئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، محمد أبو سعدة.
ويعود تاريخ شارع النبي دانيال إلى عام 331 قبل الميلاد، ويضم 3 معالم تجعل منه ما يُشبه مجمع الأديان، تتمثل في مسجد النبي دانيال، والكنيسة المرقسية التي تعدّ الأقدم في أفريقيا، ومعبد إلياهو، وامتد مشروع تطوير الشارع لمسافة 750 متراً على 3 مراحل، كانت آخرها عام 2023.
ولفت الصبان إلى أن ضم مساحات مفتوحة وأماكن تاريخية لمساحات العرض البصري في الفعاليات الفنية الكبرى موجودة في أكثر من مكان، موضحاً: «ذهبت من قبل إلى بينالي فينيسيا، ووجدتهم يحولون محطات قطارات قديمة تراثية لمساحة عرض، وكذلك كانوا يعرضون أعمالاً على البحرين، ليصبح الفن جزءاً من الطبيعة، وفي الوقت نفسه يعطي مساحة أكبر للجمهور ليتفاعل مع الأعمال الفنية، خصوصاً حين يكون هذا التفاعل في مكان له طابع تاريخي وتراثي».


