بينما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الثلاثاء أن إدارته تواصل المفاوضات لمعالجة الحواجز التجارية مع الهند، وأنه سيتحدث مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي، في إشارة إلى إعادة ضبط العلاقات بعد أسابيع من الخلافات الدبلوماسية، حث في المقابل مسؤولي الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية على كل من الهند والصين، في إطار استراتيجية للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
والصين والهند من كبار مشتري النفط الروسي، وبالتالي، يلعبان دوراً حيوياً في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الروسي في ظل استمرار غزوه الموسع لأوكرانيا، والذي بدأ عام 2022.
وقدّم ترمب هذا الطلب، الذي نُقل عبر مكالمة جماعية، إلى مبعوث عقوبات الاتحاد الأوروبي، ديفيد أوسوليفان، ومسؤولين آخرين من الاتحاد الأوروبي. ويوجد وفد الاتحاد الأوروبي حالياً في واشنطن لمناقشة تنسيق العقوبات.
وأوضح الدبلوماسي الأوروبي أن الولايات المتحدة أبدت استعدادها لفرض تعريفات جمركية مماثلة إذا استجاب الاتحاد الأوروبي للطلب الأميركي. وأضاف الدبلوماسي: «إنهم يقولون ببساطة: سنفعل هذا، لكن عليكم أن تفعلوا ذلك معنا».
وإذا رُفض الطلب الأميركي، فسيؤدي ذلك إلى تغيير في استراتيجية الاتحاد الأوروبي، الذي فضّل عزل روسيا بالعقوبات بدلاً من التعريفات الجمركية.
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي دوري يوم الأربعاء أن الصين تعارض بشدة ممارسة الولايات المتحدة لما يُسمى بالضغط الاقتصادي، مضيفةً أنها تعارض أيضاً استخدام الصين في المناقشات بشأن روسيا.
وترمب، الذي نشرت صحيفة «فاينانشال تايمز» طلبه لأول مرة، هدد مراراً بفرض رسوم جمركية على الهند والصين كعقاب على مشترياتهما من النفط الخام الروسي.
وفي حين أن ترمب رفع الرسوم الجمركية على الهند خلال الصيف بنسبة 25 نقطة مئوية، ويعود ذلك جزئياً إلى علاقتها الاقتصادية بالكرملين، غير أنه لم يُطبّق بعد الخيارات الأكثر صرامة التي طرحها.
وفي بعض الأحيان، اشتكى ترمب من أن أوروبا نفسها لم تنفصل تماماً عن روسيا، التي زوّدت الاتحاد الأوروبي بنحو 19 في المائة من وارداته من الغاز العام الماضي، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يقول إنه ملتزم بإنهاء اعتماده على الطاقة الروسية تماماً.
تحول في النبرة
في وقت لاحق من يوم الثلاثاء، أشار ترمب إلى أن الولايات المتحدة يمكنها بالفعل تعزيز التجارة مع الهند، وكتب في منشور مسائي على وسائل التواصل الاجتماعي أن الولايات المتحدة والهند تعملان على معالجة الحواجز التجارية بين البلدين. في تحوّل ملحوظ في نبرته، قال ترمب إنه يتطلع إلى التحدث مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في «الأسابيع المقبلة»، وأعرب عن تفاؤله بإمكانية إبرام اتفاق تجاري.
وبادل مودي تفاؤل ترمب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء، قائلاً إن واشنطن ونيودلهي «صديقتان حميمتان وشريكتان طبيعيتان». وأضاف أن فرقاً من كلا البلدين تعمل على اختتام المناقشات التجارية في أقرب وقت ممكن.
India and the US are close friends and natural partners. I am confident that our trade negotiations will pave the way for unlocking the limitless potential of the India-US partnership. Our teams are working to conclude these discussions at the earliest. I am also looking forward... pic.twitter.com/3K9hlJxWcl
— Narendra Modi (@narendramodi) September 10, 2025
وقال مودي: «أتطلع أيضاً إلى التحدث مع الرئيس ترمب. سنعمل معاً لضمان مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً لشعبينا». ودفعت التعليقات الأخيرة من الزعيمين أسهم الهند إلى الارتفاع بأكثر من 0.5 في المائة.
خلافات سابقة وتهديدات
يأتي هذا التفاؤل بعد أشهر من المحادثات المتقلبة التي أثرت على العلاقات بين البلدين. ففي الأسبوع الماضي، صرح ترمب بأن الهند عرضت تخفيض تعريفاتها الجمركية على البضائع الأميركية إلى الصفر، ولكنه وصف الاقتراح بأنه «متأخر»، معتبراً أنه كان ينبغي للهند خفض رسومها الجمركية قبل سنوات.
وكانت تصريحات ترمب الأكثر حزماً قد جاءت بعد أن رفضت نيودلهي وقف شراء النفط الروسي، في تحدٍّ لجهود واشنطن لإنهاء حرب موسكو في أوكرانيا. وفي أعقاب هذا الرفض، فرض ترمب تعريفات جمركية إضافية بنسبة 50 في المائة على الصادرات الهندية، مما أثار تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين البلدين التي تعززت في السنوات الأخيرة.
وحذَّر كبير المستشارين الاقتصاديين في الهند، هذا الأسبوع، من أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب قد تخفض نصف نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد هذا العام.
وبلغ حجم التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والهند 129 مليار دولار في عام 2024، مع عجز تجاري أميركي قدره 45.8 مليار دولار، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأميركي.
