«معرض ميونيخ» ساحة لطرح كل «كوابيس» السيارات الأوروبية

من الرسوم الأميركية وتوسع الشركات الصينية إلى حظر محركات الاحتراق

زوار يشاهدون سيارات معروضة في «معرض ميونيخ الدولي للسيارات» بألمانيا (إ.ب.أ)
زوار يشاهدون سيارات معروضة في «معرض ميونيخ الدولي للسيارات» بألمانيا (إ.ب.أ)
TT

«معرض ميونيخ» ساحة لطرح كل «كوابيس» السيارات الأوروبية

زوار يشاهدون سيارات معروضة في «معرض ميونيخ الدولي للسيارات» بألمانيا (إ.ب.أ)
زوار يشاهدون سيارات معروضة في «معرض ميونيخ الدولي للسيارات» بألمانيا (إ.ب.أ)

يشهد «معرض ميونيخ الدولي للسيارات» هذا العام تحديات غير مسبوقة أمام شركات صناعة السيارات الأوروبية؛ إذ يأتي في وقت تواجه فيه الصناعة سلسلة من الأزمات؛ تبدأ من الرسوم الجمركية الأميركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب، ولا تنتهي عند التكلفة الباهظة لتحول الشركات نحو السيارات الكهربائية، إضافة إلى ازدياد المنافسة من الشركات الصينية سواء في أسواقها المحلية أو في أوروبا نفسها.

ومن أبرز الملفات التي تلقي بظلالها على المعرض، الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة. فرغم توقيع اتفاقية تجارية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي في يوليو (تموز) الماضي، فإن الاتفاقية لم تُلغِ الرسوم؛ بل أبقتها عند مستوى 15 في المائة على السيارات الأوروبية المصدرة إلى الولايات المتحدة. هذا المعدل المرتفع قد يدفع بالشركات إلى وقف بيع بعض الطرازات الأقل ربحية في السوق الأميركية، وهو ما يُمثل ضربة للشركات التي تعتمد على صادراتها إلى الولايات المتحدة لتعزيز إيراداتها.

جدل بشأن «حظر 2035» الأوروبي

إلى جانب الضغوط الخارجية، يواجه القطاع داخلياً معركة سياسية تتعلق بقرار الاتحاد الأوروبي حظر بيع السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي بحلول عام 2035. ويطالب قادة الصناعة بمراجعة هذا القرار الذي من المقرر أن يخضع لإعادة تقييم بحلول نهاية 2025. وقد وصف أوليفر زيبسه، الرئيس التنفيذي لشركة «بي إم دبليو»، القرار بأنه «خطأ فادح»، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى التركيز على معايير انبعاثات شاملة تغطي سلسلة التوريد الكاملة للسيارات بدلاً من الاكتفاء بحظر تقنية معينة. في المقابل، يرى خبراء بيئيون ومستثمرون في «التكنولوجيا الخضراء» أن ضغوط الشركات «قصيرة النظر»، وأن الحل يكمن في تحسين جودة السيارات الكهربائية وجعلها أرخص وأعلى تنافسية لمواجهة التفوق الصيني.

جانب من جناح «بي واي دي» الصينية في «معرض ميونيخ»... (د.ب.أ)

الصين... التحدي الأكبر

وتشكل السوق الصينية أكبر اختبار لشركات صناعة السيارات الأوروبية، حيث كانت تُمثل في وقت سابق أهم مصدر للنمو والمبيعات. لكن المعادلة تغيرت؛ فوفق شركة الاستشارات «أليكس بارتنرز»، فقد انخفضت حصة الشركات العالمية في السوق الصينية من 62 في المائة عام 2020 إلى 46 في المائة خلال 2023، مع توقعات بانخفاضها إلى 28 في المائة فقط بحلول عام 2030.

هذا التراجع انعكس بشكل صارخ على نتائج شركات كبرى مثل «بورشه»، التي سجلت انخفاضاً في مبيعاتها بنسبة 28 في المائة خلال النصف الأول من العام في الصين؛ مما أدى إلى خروجها من مؤشر الشركات القيادية الألماني «داكس»، بعد أقل من 3 سنوات على إدراجها في البورصة. ويُفاقم هذا الوضع الضغوط على أوليفر بلوم، الرئيس التنفيذي لـ«فولكس فاغن» للتخلي عن منصبه المزدوج رئيساً لمجموعة «بورشه» أيضاً. ولا تقتصر المنافسة الصينية على أسواقها المحلية، بل تمتد أيضاً إلى أوروبا. فوفق بيانات «جاتو دايناميكس»، فقد ضاعفت العلامات الصينية حصتها في السوق الأوروبية لتصل إلى 4.8 في المائة حتى يوليو 2025، مقارنة بالفترة نفسها من 2024. كما تشير تقديرات شركة «ماكينزي» إلى أن حصة الشركات الصينية في أوروبا قد تصل خلال عقد إلى نحو 14 في المائة، وهي نسبة توازي ما تملكه حالياً الشركات اليابانية. وتقود شركات مثل «بي واي دي» و«تشانغان» و«جاك» هذه الحملة التوسعية، عبر تقديم طرازات كهربائية بأسعار منافسة وتقنيات متقدمة؛ مما يجذب المستهلك الأوروبي الذي يبحث عن سيارات صديقة للبيئة وبأسعار معقولة.

سيارة من «مرسيدس بنز» في «معرض ميونيخ للسيارات» بألمانيا (أ.ف.ب)

سباق مع الزمن

ويرى خبراء أن شركات صناعة السيارات الأوروبية تأخرت كثيراً في التعامل مع المنافسة الصينية، بعد سنوات من الاعتماد على نماذجها التقليدية وعدم الاستثمار الكافي في السيارات الكهربائية. وقال فيل دان، المدير الإداري لشركة «ستاكس» الاستشارية: «الصينيون هنا ليبقوا، والتأخر الأوروبي في التحرك جعل الوضع أكبر صعوبة». وبينما تسعى الحكومات الأوروبية إلى تشجيع الصناعة المحلية عبر دعم التحول نحو الكهرباء، يبقى التحدي الأكبر أمام الشركات هو الموازنة بين التكاليف الباهظة للابتكار والتطوير من جهة، وضغوط المنافسة العالمية من جهة أخرى.

«معرض ميونيخ للسيارات»، الذي كان لسنوات منصة لعرض إنجازات الصناعة الأوروبية، يتحول هذا العام إلى ساحة اختبار حقيقية تكشف عن حجم التحديات التي يواجهها القطاع، وتطرح سؤالاً جوهرياً: هل تستطيع شركات أوروبا الحفاظ على مكانتها التاريخية أمام الصعود الصيني والقيود التنظيمية الغربية؟


مقالات ذات صلة

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

الاقتصاد منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

طالب رئيس اتحاد أرباب العمل الألماني، راينر دولجر، الحكومة بإجراء إصلاحات جذرية خلال العام المقبل، محذراً من استمرار الأزمة الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد أصبح «اقتصاد الظل الرقمي» أمراً واقعاً من جمع البيانات ووسطاء بيعها إلى تدريب النماذج... إلى التزييف العميق والابتزاز والاحتيال (رويترز)

من السنتات إلى التريليونات... هل سلبتنا «سوق الظل» بياناتنا؟

تسعى «الشرق الأوسط» من خلال هذا التحقيق لتتبع خيوط ما يمكن تسميته «اقتصاد الظل الرقمي»؛ من جمع البيانات ووسطاء بيعها، إلى تدريب النماذج، إلى التزييف العميق

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد يرفرف العلم الوطني الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يقلص تدخلاته في سوق الصرف إلى النصف مع بداية 2026

أعلن البنك المركزي الروسي، الجمعة، أنه سيخفض تدخلاته في سوق الصرف الأجنبية إلى النصف ابتداءً من العام الجديد، في خطوة متوقعة من شأنها الحد من دعم الروبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد رواد أحد المراكز التجارية الكبرى في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

الصين تخفّض الناتج المحلي الإجمالي النهائي لعام 2024

أعلن مكتب الإحصاء الصيني يوم الجمعة أنه تم تعديل حجم الاقتصاد الصيني لعام 2024 بالخفض إلى ما يعادل 19.23 تريليون دولار

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي لدى وصولها إلى مقر الحكومة يوم الجمعة لبحث الموازنة الجديدة (رويترز)

اليابان تقترح إنفاقاً قياسياً في الموازنة مع كبح إصدار الديون الجديدة

اقترحت الحكومة اليابانية يوم الجمعة إنفاقاً قياسياً للسنة المالية المقبلة مع كبح إصدار الديون، مما يسلط الضوء على التحدي الذي يواجه رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

حاكم مصرف سوريا المركزي يدعو لدعم الليرة الجديدة

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)
TT

حاكم مصرف سوريا المركزي يدعو لدعم الليرة الجديدة

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، أن الليرة الجديدة ليست مجرد وسيلة تبادل، بل رمز لنجاح الثورة السورية، والانتماء، والثقة بالقدرة على النهوض.

وقال الحصرية في منشور عبر صفحته على «فيسبوك»: «مع إطلاق العملة الجديدة، لا نحتفل بورقة نقدية فحسب، بل نحتفل بسيادتنا وهويتنا الوطنية»، موضحاً أن هناك تجارب دولية كثيرة تؤكد أن العملة الوطنية تصبح قوية عندما يلتفّ الناس حولها. حسبما ذكرت «وكالة الأنباء السورية».

ولفت الحصرية إلى تجربة ألمانيا، التي شكّل فيها إطلاق المارك بعد الحرب نقطة انطلاق لنهضة اقتصادية، وتجربة فرنسا، حيث كان الفرنك الفرنسي الجديد الرمز المالي للجمهورية الجديدة التي عرفت بالجمهورية الخامسة.

وأضاف الحصرية: «نحن في المصرف المركزي سنقوم بدورنا الذي نفهمه جيداً، مدركين حجم التحديات والفرص، وملتزمين بالمسؤولية والشفافية وحماية النقد الوطني، ويبقى الأساس في تكاتف الناس وثقتهم، لأن العملة القوية تبدأ بإيمان أهلها بها».

ودعا الحصرية إلى جعل هذه المناسبة حالة وطنية راقية، يعبّر السوريون فيها عن وعيهم، وثقتهم، وتمسّكهم بالليرة كرمز لسيادتهم، وخيارهم الوطني.

وختم الحصرية قائلاً: «دعم الليرة هو دعم للوطن، والاعتزاز بها اعتزاز بالمستقبل لنا ولأولادنا، إنها فرصة لنجاح جديد بعد نجاح الثورة بالتحرير، ونجاحنا في رفع العقوبات الاقتصادية التي كبلت اقتصادنا لنحو خمسين عاماً».

وكان حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أعلن مؤخراً أن الأول من يناير (كانون الثاني) 2026، موعد إطلاق العملة السورية الجديدة، وبدء عملية استبدال العملة القديمة، وأن الاستبدال سيكون عبر 66 شركة وألف منفذ مخصص لذلك.


روسيا تمدد الحظر على صادرات البنزين حتى نهاية فبراير

شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)
شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)
TT

روسيا تمدد الحظر على صادرات البنزين حتى نهاية فبراير

شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)
شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)

مددت روسيا الحظر المؤقت على صادرات البنزين حتى 28 ⁠فبراير (شباط) المقبل لجميع ‌المصدرين، بمن في ‍ذلك المنتجون. حسبما ذكرت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، السبت، نقلاً ‌عن ‌خدمة ‌صحافية ⁠حكومية.

كما ‍مددت روسيا الحظر على صادرات الديزل، ​وكذلك الوقود البحري حتى 28 ⁠فبراير، لكنه لن ينطبق على المنتجين المباشرين للمنتجات النفطية.


مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)
منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)
TT

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)
منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)

طالب رئيس اتحاد أرباب العمل الألماني، راينر دولجر، الحكومة بإجراء إصلاحات جذرية خلال العام المقبل، محذراً من استمرار الأزمة الاقتصادية.

وقال دولجر، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية: «ألمانيا بحاجة إلى خطوة كبيرة، وإلا فإننا مهددون بأزمة دائمة. نحن نعيش أطول أزمة منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية».

وبعد عامين متتاليين من الركود، يُتوقع لعام 2025 نمو طفيف للغاية في الناتج المحلي الإجمالي، في حين لا يتوقع خبراء الاقتصاد انتعاشاً ملموساً في العام المقبل.

وأضاف دولجر: «العالم يتغير بسرعة، وعلينا أن نتحرك إذا أردنا ألا نتخلف عن الركب»، مشيراً إلى أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس تحدث في مؤتمر أرباب العمل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن «تحول تاريخي»، مذكّراً بالحرب الروسية - الأوكرانية، والأنظمة السلطوية في العالم، والصين التي تتصرف بشكل أكثر عدوانية، إضافة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يحاول فرض سياسة «أميركا أولاً» عبر الرسوم الجمركية.

وقال دولجر: «هذا التحول يجب أن يدفعنا إلى أن نصبح أقل بيروقراطية وأكثر سرعة، وأن نعيد هيكلة دولتنا الاجتماعية. الأزمات الخارجية تجعل الإصلاحات الداخلية أكثر ضرورة من أي وقت مضى. أذكّر المستشار دائماً بأن السياسة الخارجية والأمنية الجيدة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان الاقتصاد ينمو»، مؤكداً أن عام 2026 يجب أن يكون عام الإصلاحات الجذرية.

وطالب دولجر بشكل محدد بتقليص كبير في البيروقراطية، ما يمنح الشركات والمواطنين حرية أكبر للتطور، إضافة إلى زيادة صافي الدخل من الأجور.

كما دعا إلى إصلاحات في نظام دولة الرفاه الاجتماعي بما يهدف إلى خفض التكاليف، قائلاً: «يجب أن يصبح نظامنا الاجتماعي أكثر استهدافاً للمستحقين وأكثر عدالة، وأن يكون العمل أكثر جاذبية من عدم العمل. كل ذلك سيجعل ألمانيا أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب. الاستثمارات في عشرينيات هذا القرن ستقود إلى نمو في ثلاثينياته».

وكان ميرتس أعلن مراراً عن خطط لإصلاحات جذرية، من بينها تشكيل لجنة معنية بالتقاعد، على أن تقدم مقترحاتها بحلول منتصف 2026، ومن المتوقع أن تشمل أيضاً مسألة رفع سن التقاعد.