سلطات طرابلس أمام «تحديات» إبعاد المقار العسكرية عن الأحياء السكنية

بعد انفجار مخزن للذخيرة في مصراتة

مظاهرات في مصراتة للمطالبة بإخراج مخازن الأسلحة من المناطق السكنية (وكالة الأنباء الليبية)
مظاهرات في مصراتة للمطالبة بإخراج مخازن الأسلحة من المناطق السكنية (وكالة الأنباء الليبية)
TT

سلطات طرابلس أمام «تحديات» إبعاد المقار العسكرية عن الأحياء السكنية

مظاهرات في مصراتة للمطالبة بإخراج مخازن الأسلحة من المناطق السكنية (وكالة الأنباء الليبية)
مظاهرات في مصراتة للمطالبة بإخراج مخازن الأسلحة من المناطق السكنية (وكالة الأنباء الليبية)

بينما يطالب مواطنون من مدينة مصراتة، بغرب ليبيا، بضرورة إبعاد المقار العسكرية ومخازن الأسلحة من المناطق المأهولة بالسكان، يرى متابعون أن تنفيذ هذه المطالب يكتنفه عدد من «العراقيل والتحديات».

وكان انفجار مخزن للذخيرة في مصراتة قبل أسبوع قد أسفر عن إصابة 16 شخصاً بجروح طفيفة، في حين لا تزال التحقيقات جارية لمعرفة أسبابه.

وأعاد حادث مصراتة إلى الواجهة المطالب الشعبية بضرورة إخلاء الأحياء السكنية من أي مقرات عسكرية أو أمنية في المنطقة الغربية.

وعاشت العاصمة طرابلس خلال الأسبوعين الماضيين تصعيداً عسكرياً بين حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، و«جهاز الردع».

ونظم سكان بمدينة مصراتة مظاهرات احتجاجية للمطالبة بنقل المقرات العسكرية ومخازن الذخيرة بعيداً عن المناطق السكنية.

الملايين من قطع الأسلحة

قال وزير الدفاع الليبي الأسبق محمد البرغثي لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود أي مقر عسكري أو مخزن سلاح، سواء تابع لقوى نظامية أو غيرها، يشكل خطراً مباشراً على المدنيين».

وأشار البرغثي إلى ما ترصده تقارير أممية عن «وجود نحو 20 مليون قطعة سلاح في ليبيا، وامتلاك مجموعات عدة أسلحة حديثة، من بينها طائرات مسيّرة؛ ما يضاعف احتمالات وقوع كارثة».

وحذر من «إمكانية استهداف مقار عسكرية أو مخازن ذخائر في مدن مثل الزاوية، التي تعد البوابة الغربية للعاصمة، حيث تتمركز مجموعات مسلحة من المرجح أنها تملك مخازن أسلحة وذخائر داخل مقراتها».

وأضاف: «مصراتة نفسها قد تواجه السيناريو ذاته إذا لم تلتزم السلطات بتعهداتها بعد الانفجار، خاصة مع تمركز عشرات المجموعات المسلحة فيها أيضاً»، مشيراً إلى دعم مجموعات مسلحة محلية في مصراتة «لابن مدينتهم الدبيبة في مواجهته مع (جهاز الردع)؛ ما يجعلها طرفاً مباشراً في الصراع».

الدبيبة يزور مصابي «انفجار مستودع مصراتة» (حكومة الوحدة)

ورأى البرغثي أن منطقة «سوق الجمعة» بالعاصمة، حيث تقع مقرات «جهاز الردع»، ستكون بدورها عرضة لضربات جوية إذا اندلعت المواجهة، وهو ما يهدد حياة المدنيين هناك.

وكان وكيل وزارة الدفاع بغرب ليبيا عبد السلام الزوبي، قد أصدر قراراً بتشكيل لجنة لتحديد مواقع بديلة لتخزين الأسلحة خارج الأحياء السكنية بمصراتة.

«غياب الخرائط وقواعد البيانات»

واستبعد الباحث والناشط السياسي أسامة الشحومي تنفيذ القرار «بسرعة أو بشكل كامل». واستشهد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بـ«تجارب سابقة، حين تعرضت المدينة لانفجار مماثل قبل سنوات، من دون اتخاذ إجراءات حقيقية للمعالجة».

وبحسب الشحومي، فإن «الحكومة في طرابلس تتعامل بازدواجية مع المجموعات المسلحة؛ فالبعض منها تعتبره خصماً والبعض الآخر حليفاً، ومن المرجح جداً ألا يتسم التنفيذ بالجدية إذا تعلق الأمر بمخازن ومقرات الحلفاء».

وأضاف أن «غياب خرائط وقاعدة بيانات دقيقة عن مواقع المخازن في مدن الغرب الليبي يمثل عاملاً آخر يزيد من صعوبة التنفيذ»، مشيراً إلى أن كثيراً من قادة المجموعات يخشون استهداف مقراتهم؛ ما يدفعهم لتخزين ترساناتهم في أماكن سرية مثل المنازل والمزارع.

في المقابل، يلفت عدد من المراقبين وأصحاب الخبرات العسكرية إلى أن «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، اعتمد على استخدام معسكرات ومخازن الجيش في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، والتي تقع في الغالب بعيداً عن المناطق السكنية.

قوات من الشرطة التابعة لحكومة «الوحدة» في شوارع طرابلس بغرب ليبيا (وزارة الداخلية)

ويتوقع الناشط السياسي الليبي وعضو «حزب الجبهة الوطنية»، همام غليو، أن تلتزم السلطات بتعهداتها بنقل نحو 70 في المائة من مخازن السلاح والذخيرة التي تكتظ بها مصراتة منذ سقوط نظام القذافي.

ولفت غليو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاعتراضات الشعبية التي أعقبت الانفجار لم تواجه بمعارضة من قبل المجموعات المسلحة المنتشرة في المدينة»، مرجعاً ذلك إلى «خشية قادة هذه المجموعات على ذويهم من سكان مصراتة».

ويرى غليو أن الاحتجاجات قد تتجدد إذا لم تُنفذ التعهدات، في ظل إدراك الجميع أن «سرعة الاستجابة بإجلاء السكان من المناطق القريبة من مخزن الذخيرة ساهمت في تقليص حجم الخسائر».

معضلة أمنية

ويرى المحلل السياسي فرج فركاش أن انتشار السلاح وتخزينه «باتا يمثلان معضلة أمنية منذ سقوط نظام القذافي» في ظل بروز المجموعات المسلحة وتصاعد الصراعات بالبلاد خلال العقد الماضي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تجارب دولية يمكن الاستفادة منها في نقل المخازن خارج المدن، لكن في الحالة الليبية ثمة عراقيل سياسية وأمنية قد تعوق التنفيذ، مثل عدم توثيق مواقع المخازن، أو تبعيتها لمجموعات مسلحة محلية تمتلك حاضنة شعبية».

ولفت فركاش إلى أن بعض هذه المجموعات يرفض التفريط في الذخائر التي تعتبرها المجموعات مصدر قوتها، وتقلل من قدرة السلطة الحاكمة على تنفيذ القرار؛ نظراً لانشغالها بصراعات أخرى وضغوط دبلوماسية مرتبطة بالوضع السياسي المعقد بالبلاد.

وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» التي تتخذ من العاصمة مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير الشرق وبعض مدن الجنوب بقيادة أسامة حماد.

وانتهى فركاش إلى أن الحل «يكمن في تشكيل لجنة وطنية ودولية مشتركة تشرف على نقل المخازن». وهو يرى أن ذلك «لن يتحقق إلا إذا دفعت العواصم الغربية، وعلى رأسها واشنطن، نحو توحيد المؤسسة العسكرية في الشرق والغرب، بما يمهد لتنفيذ برامج نزع السلاح وإعادة دمج المجموعات المسلحة تحت سلطة الدولة».


مقالات ذات صلة

اجتماع أمني وعسكري برئاسة المنفي حول الأوضاع في العاصمة الليبية

شمال افريقيا المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)

اجتماع أمني وعسكري برئاسة المنفي حول الأوضاع في العاصمة الليبية

قال المجلس الرئاسي الليبي إن رئيسه محمد المنفي اطلع على إحاطة «شاملة ومفصلة» حول الأوضاع الأمنية الراهنة، وسير تنفيذ المهام الموكلة للوحدات العسكرية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة في اجتماع مع مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط - 14 ديسمبر (مكتب الدبيبة)

جدل في ليبيا يستبق تعديلاً وزارياً مرتقباً في «حكومة الوحدة»

تباينت الآراء عقب إعلان رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة عزمه إجراء تعديلات وزارية في حكومته، وسط تساؤلات عن مصير الوزراء الحاليين.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من ترحيل السلطات الليبية لمهاجرين من الجنسية الغانية (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)

ليبيا ترحّل دفعات جديدة من المهاجرين... براً وجواً

تعمل السلطات الأمنية المعنية بمكافحة الهجرة غير النظامية في ليبيا على إعادة دفعات جديدة من الموقوفين إلى دولهم، براً وجواً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

تنتظر المفوضية العليا للانتخابات الليبية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

دعا أسامة حمّاد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب التنمية بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رئيس الوزراء السوداني يطرح «مبادرة سلام» أمام مجلس الأمن

رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)
TT

رئيس الوزراء السوداني يطرح «مبادرة سلام» أمام مجلس الأمن

رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء السودان كامل إدريس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس أمام مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية إن السودان يواجه «أزمة وجودية» بسبب الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، مشيراً إلى أنها تسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة، وزعزعة الأمن الإقليمي.

وعرض إدريس أمام مجلس الأمن مبادرة الحكومة السودانية للسلام، قائلاً إنها تستند إلى المبادئ الدولية، وتتكامل مع المبادرة السعودية-المصرية.

نازحون يستقلون عربات تجرها حيوانات عقب هجمات من «الدعم السريع» على مخيم زمزم ببلدة طويلة شمال دارفور يوم 15 أبريل 2025 (أرشيفية - رويترز)

وقال إدريس في كلمته أمام مجلس الأمن إن المبادرة السودانية تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار تحت رقابة مشتركة من الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، مع انسحاب «قوات الدعم السريع» من كافة المناطق التي تحتلها.

كما تتضمن المبادرة تجميع مقاتلي «الدعم السريع» في «معسكرات محددة» تحت إشراف أممي، وعربي، وأفريقي، وتسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، والعودة الطوعية للاجئين، فضلاً عن نزع سلاح «الدعم السريع» بمراقبة دولية، مع ضمانات بعدم إعادة تدوير الأسلحة، وفقاً لرئيس الوزراء السوداني.

عائلات سودانية نازحة من الفاشر تتواصل مع عمال الإغاثة خلال توزيعهم الإمدادات الغذائية بمخيم العفد في الضبعة بولاية شمال السودان الشهر الماضي (أ.ب)

وأوضح إدريس أن مبادرة الحكومة السودانية تتضمن أيضاً تدابير بشأن مساءلة عناصر «الدعم السريع» غير المتورطة في ارتكاب جرائم حرب، أو إبادة جماعية، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى دمج أفرادها المستوفين للمعايير المحددة في القوات النظامية للحكومة السودانية.

وقال رئيس الوزراء السوداني إن المبادرة تشمل أيضاً عملية سياسية تشهد حواراً سودانياً خالصاً «تتفق فيه القوى السياسية على كيفية إدارة الدولة، وحكم البلاد»، تليها انتخابات بمراقبة دولية.


تباين مصري إزاء مقترح تشريعي جديد يُغلّظ عقوبة «سرقة الكهرباء»

تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
TT

تباين مصري إزاء مقترح تشريعي جديد يُغلّظ عقوبة «سرقة الكهرباء»

تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)
تعديلات قانونية لمواجهة سرقة التيار الكهربائي في مصر (الشركة القابضة للكهرباء)

تسبّب مقترح تشريعي لتغليظ عقوبة سرقة التيار الكهربائي في مصر، في حالة جدل واسعة، بين من يصف التعديل التشريعي الذي قدمته الحكومة وأقره مجلس الشيوخ بـ«الرادع»، وآخرين يرون العقوبات «غير مناسبة لكل الحالات».

وسرقة الكهرباء تعني الحصول على وصلات غير شرعية من المصدر الرئيسي للطاقة في الحي الذي يقطن فيه سارق التيار، أو باستهلاك الكهرباء دون عداد، أو أن يُركب المواطن عداداً ثم يتلاعب فيه بحيث لا يحسب قيمة استهلاكه الفعلي.

وكان مجلس الشيوخ (الغرفة البرلمانية الثانية) قد وافق، الأحد، على مشروع القانون الذي أحاله مجلس النواب إليه في وقت سابق. وينتظر المشروع مجلس النواب (البرلمان) الجديد، المفترض انعقاده في يناير (كانون الثاني) المقبل، للنظر فيه بعد مناقشته في مجلس الشيوخ، والأخير رأيه استشاري.

مجلس الشيوخ المصري يقر تعديلات لتغليظ عقوبة سرقة التيار الكهربائي في مصر (وزارة الشؤون النيابية)

وبموجب التعديلات المقترحة على القانون رقم 87 لسنة 2015، تُغلّظ عقوبة تسهيل سرقة التيار الكهربائي أو التستر عليها للعاملين في الكهرباء من «الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 50 ألف جنيه (الدولار يساوي نحو 48 جنيهاً)، أو إحدى هاتَين العقوبتَين» إلى «الحبس مدة لا تقل عن عام، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو إحدى هاتَين العقوبتَين».

وتغلّظ التعديلات عقوبة سرقة التيار إلى «الحبس مدة لا تقل عن عام وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو إحدى هاتَين العقوبتَين»، بديلاً عن «الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنتَين، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه أو إحدى هاتَين العقوبتَين».

وانتقد عضو مجلس الشيوخ، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي، التعديلات الأخيرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التعديل يساوي بين من يصل التيار الكهربائي إليه مضطراً في منزله، لعدم وصول الخطوط الشرعية مثلاً إلى منطقته، ومن يستولي عليه في مصنع أو نشاط تجاري، وهو أمر يفتقر إلى العدالة العقابية».

وأضاف الشهابي أنه طالب خلال الجلسة بالتميز في العقوبة بين المخالفة وما إذا كانت تقع في نطاق سكني أم تجاري أم صناعي، لكن الأغلبية وافقت على التعديلات.

وسجل عدد من النواب الاعتراض ذاته خلال الجلسة، الأحد. وقال رئيس الهيئة البرلمانية للحزب «المصري الديمقراطي» في مجلس الشيوخ، محمد طه عليوة، إن «المشروع قد يفتح الباب لفرض غرامات مالية مبالغ فيها، على مواطن بسيط في قرية أو عزبة لا يملك سوى مصباحين وثلاجة»، وفق بيان للحزب، الاثنين.

وأشار عليوة إلى أن «العدالة التشريعية تقتضي التفرقة بين سرقة التيار على نطاق واسع، وحالات الاستهلاك المحدود أو غير المقصود».

في المقابل، تدافع الحكومة عن التعديلات مع استحداث مادة خاصة بالتصالح مقابل دفع ضعفَي قيمة الاستهلاك إذا تم التصالح قبل رفع الدعوى القضائية، وثلاثة أضعافه بعد رفعها، و4 أضعاف بعد صدور الحكم.

واستناداً إلى هذه المادة أكد وزير الشؤون النيابية، محمود فوزي، أن هدف الحكومة ليس توقيع العقوبة على المخالفين، قائلاً خلال مداخلة مع برنامج «الصورة» مع الإعلامية لميس الحديدي، مساء الأحد: «لا نريد أن يذهب أحد إلى المحكمة ولا توقيع عقوبات، نريد التصالح فهو الأسرع والأفضل والأكثر تحقيقاً للعدالة».

وزير الشؤون النيابية خلال جلسة مناقشة تعديلات قانون الكهرباء في مجلس الشيوخ (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)

الأمر نفسه كرره عضو مجلس الشيوخ عن حزب «مستقبل وطن»، عصام هلال عفيفي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التعديلات قُدمت بصورة ذهنية سلبية، في حين أنها تأتي في صالح المواطن الملتزم»، لافتاً إلى ما كان يحدث في السنوات الماضية من انقطاعات مستمرة في التيار، واستطاعت الحكومة التغلب عليه، فالقانون يهدف إلى «الحفاظ على هذا المرفق بدوامه واستدامته، خصوصاً أنه يرتبط بأي تنمية».

وكثيراً ما ربطت الحكومة بين أزمة انقطاعات التيار الكهربي وسرقة التيار. وسبق أن علّق رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، على السرقات المضبوطة، قائلاً، في سبتمبر (أيلول) 2024: «لو نصف هذه السرقات لم تكن موجودة، فلن تكون هناك مشكلة في أي شيء، ولن نحتاج إلى تدبير موارد إضافية للكهرباء».

وأضاف عفيفي: «نتحدث عن العقوبة وننسى أنها مرحلة تالية، لا نريد لأحد أن يُعاقب وإنما أن يكون الكل ملتزماً، ومن يأتي بهذا الجرم توجد فرصة له أن يتصالح»، مشدداً على أهمية هذا القانون في ظل الفقد الكبير في الكهرباء نتيجة السرقة.

وتبلغ نسبة الفقد في الكهرباء «20 في المائة من إجمالي الإنتاج، وينقسم إلى جزء فني طبيعي، وآخر ناتج عن السرقات يتخطى تأثيره المالي حاجز 22 مليار جنيه»، وفق نائبة وزير الكهرباء، صباح مشالي، قائلة خلال جلسة «الشيوخ» الأحد، إن «مشروع القانون الجديد لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة متابعة دقيقة للممارسات الميدانية الضارة بالشبكة القومية»، لافتة إلى تحرير نحو 3.4 مليون محضر سرقة للتيار، وفق بيان لوزارة الشؤون النيابية.

ورغم ذلك، ينتقد عضو مجلس النواب (البرلمان) إيهاب منصور، توجه الحكومة إلى «تغليظ العقوبات دون العمل على التوعية»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «البعض لا يعلم أن ما يقوم به مخالف أو تقع بناء عليه هذه العقوبات، والحكومة لا يوجد في قاموسها فكرة التوعية وإنما تهدف إلى تحصيل الأموال».

وخلافه تؤيد عضوة مجلس النواب (البرلمان) فريدة الشوباشي، سياسة «الردع»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المُخجل أن نكون دولة تعمل على تنمية مواردها وما زلنا نتحدث عن سرقة الكهرباء... من يرتكب جُرم فعليه أن يُحاسب عليه».


حوادث التحرش في مصر... زيادة مقلقة أم وقائع فردية؟

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)
TT

حوادث التحرش في مصر... زيادة مقلقة أم وقائع فردية؟

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)

شغلت حوادث «تحرش مدرسي» الرأي العام في مصر خلال الفترة الماضية بعد ضبط «انتهاكات» في أكثر من مدرسة، وأحدثت صدمة لأولياء الأمور الذين تخوفوا على سلامة أبنائهم، في ظل فضاء تعليمي ضخم يضم 25 مليون طالب مسجلين بالمدارس على مختلف أنواعها، وفق إحصاءات رسمية.

وطرحت الحوادث التي جرى التركيز عليها بوسائل الإعلام تساؤلات حول ما إذا كانت تشكل «زيادة مقلقة» يمكن أن تصبح ظاهرة عامة، أم «وقائع فردية» مثلما ذكر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في تعليقه على الأمر، خلال مؤتمر صحافي قبل أيام، نافياً أن تكون قد تحولت إلى «ظاهرة عامة».

لكن مدبولي في الوقت نفسه أشار إلى أن توالي الوقائع يمثل «ناقوس خطر» يستوجب الاهتمام والأخذ في الحسبان، وأكد توجيه «الوزارات المعنية للعمل المشترك في هذا الملف، وتبني نظام استباقي يضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث».

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

ومنذ بداية العام الدراسي الحالي، برزت إعلامياً نحو 15 واقعة تحرش بالمدارس أبرزها في أبريل (نيسان) الماضي، وكان ضحيتها طفل في محافظة البحيرة بدلتا مصر، إلى جانب واقعة مدرسة «سيدز» الدولية بالقاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والمتهم فيها 7 عاملين، وواقعة أخرى بإحدى المدارس الدولية بالإسكندرية متهم فيها عامل بالتعدي على 5 أطفال بمرحلة رياض الأطفال، وأصدر فيها القضاء حكماً بإحالة أوراق المتهم إلى المفتي لتنفيذ حكم الإعدام.

ولا توجد إحصاءات رسمية بمتوسط حوادث التحرش التي تقع سنوياً داخل المدارس أو حوادث التحرش التي تقع بوجه عام، غير أن «المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر» أصدر تقريراً عام 2020 أشار فيه إلى أن حوادث العنف الجنسي تشكل نسبة 6 في المائة من إجمالي حوادث العنف المرتكبة ضد الأطفال.

وبالنظر إلى ما تم نشره بوسائل الإعلام المحلية فإن وقائع التحرش التي تم الإبلاغ عنها، هذا العام، وصلت إلى 15 حالة، مقابل 7 حالات عام 2024؛ ما يشير لمضاعفة عدد الحالات التي كان أغلبها بحق طلاب في مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية ثم طالبات المرحلة الثانوية.

وبحسب متابعة ما تم نشره، فإن الجزء الأكبر من الوقائع كان الاتهام فيه لعمال ومعلمين من الذكور، كما أن غالبية الوقائع كانت في أماكن بعيدة عن أعين الرقابة داخل المدرسة سواء كان ذلك في دورات المياه أم غرف مغلقة أم بعيدة عن الفصول، وواقعة واحدة كانت من جانب معلم أحد الدروس الخصوصية؛ حيث اعتدى على طالبة داخل المنزل خارج جدران المدرسة، بينما تورطت معلمة واحدة في الاعتداء على طالب بالمرحلة الثانوية.

وزير التعليم المصري محمد عبد اللطيف في أثناء متابعته اليوم الدراسي في إحدى مدارس الإسكندرية (وزارة التربية والتعليم)

وقال مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد رصد رسمي بعدد حالات التحرش، هذا العام أو الأعوام السابقة، لكن المؤكد أن هذه الوقائع تبقى في طور الحالات الفردية، ولم تصل لأن تصبح ظاهرة جماعية مع وجود 25 مليون طالب في مراحل التعليم قبل الجامعي المختلفة، لكن يوجد تسليط إعلامي مكثف على الوقائع الأخيرة جعلها تتصدر اهتمامات الرأي العام».

وفي المقابل، تشير أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، هالة منصور، إلى «أن قلة الدراسات الاجتماعية والأكاديمية التي تتناول التحرش كأسلوب عنف منفصل دون حصره مع باقي أنواع العنف تجعل هناك صعوبة في تحديد ما إذا كنا أمام وقائع فردية أم ظاهرة عامة، لكن المؤكد أن هناك زيادة عددية كبيرة في الوقائع المرتكبة داخل المدارس».

وأضافت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من الوضع في الحسبان أن المسكوت عنه يفوق كثيراً ما يتم الإبلاغ عنه، والأمر بحاجة لدراسات توضح حجم الحوادث حتى لا يقتصر الأمر على ما يحدث ضد الأطفال داخل المدرسة، ويطول أيضاً النوادي والتمارين ووسائل المواصلات، ويبقى الوضع الحالي في مصر بحاجة إلى ردع بشأن إعلان العقوبة وسرعتها».

وأشارت إلى أن «تعدد الوقائع المرتكبة من جانب معلمين أو أفراد أمن بحق الصغار في مراحل رياض الأطفال أو الابتدائية يجعلنا أمام ظاهرة عددية متكررة ما دامت قد وقعت بنفس الطريقة في توقيتات متقاربة وداخل أماكن واحدة وهي المدرسة، لكن إذا نظرنا إلى الحوادث بوجه عام فلا يمكن الجزم بأننا أمام ظاهرة ما دامت لا توجد دراسات توضح أعداد الحالات بشكل تفصيلي، وتحدد العوامل المحيطة بها».

ويتفق خبراء الإعلام على أن بعض الحوادث تعالَج إعلامياَ بدرجة من الكثافة يفوق حجمها الطبيعي بما يُعطي انطباعاً بانتشارها كونها ظاهرة عامة، ويرجع ذلك إلى أسلوب التناول والتفاعل معها من جانب فئات عديدة دائماً ما تبدي اهتماماً بهذا النوع من حوادث العنف وبينها التحرش.

خبير الإعلام الرقمي، خالد برماوي، يرى أن المنصات الرقمية تسببت في زيادة التركيز على وقائع التحرش، سواء كان ذلك من خلال طبيعة استخدامها وسيلةً يمكن من خلالها إثبات «التحرش الإلكتروني» والإبلاغ عن تلك الوقائع أم من خلال التفاعل الواسع من جانب المواطنين عليها، وإبداء الآراء المختلفة، أم نشر وقائع جديدة عليها.

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الإعلام التقليدي في المقابل لا يقوم بكل أدواره المطلوبة منه للمساعدة في توصيف الوقائع سواء كانت فردية أم ظاهرة؛ لأنه يتعامل مع ما يتم الإبلاغ عنه دون أن يلعب دوره في التحقيق مما يجري على أرض الواقع، أو إبراز ما هو مسكوت عنه».