من يحكم فرنسا بعد سقوط حكومة بايرو المرجح؟

في ظل فترة عدم استقرار سياسي غير مسبوق منذ نهاية الخمسينات

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح رئيس الوزراء فرنسوا بايرو (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح رئيس الوزراء فرنسوا بايرو (أ.ب)
TT

من يحكم فرنسا بعد سقوط حكومة بايرو المرجح؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح رئيس الوزراء فرنسوا بايرو (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح رئيس الوزراء فرنسوا بايرو (أ.ب)

مع سقوط حكومة فرنسوا بايرو شبه المؤكد الاثنين، يجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه مجدداً أمام معادلة سياسية شائكة لإيجاد خامس رئيس للوزراء منذ إعادة انتخابه في مايو (أيار) 2022.

وتشهد فرنسا فترة عدم استقرار سياسي غير مسبوقة في ظل الجمهورية الخامسة التي قامت في عام 1958، منذ قرار رئيس البلاد حل الجمعية الوطنية في يونيو (حزيران) 2024، بعد تحقيق اليمين المتطرف فوزاً مدوياً في الانتخابات الأوروبية.

وأفرزت الانتخابات التشريعية المبكرة التي تلت، 3 كتل من دون غالبية واضحة (تحالف يساري وآخر لليمين الوسط، وثالث لليمين المتطرف) تجعل المواجهة فيما بينها من أي ائتلاف حكومي هشاً للغاية.

وطالب رئيس الوزراء بتصويت على الثقة بحكومته على أساس مشروع ميزانية عام 2026 الذي ينص على اقتصاد في النفقات قدره 44 مليار دولار، وإلغاء يومي عطلة رسمية للجم الدين المطرد للبلاد الذي يشكل 114 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.

وأعلن اليسار واليمين المتطرف أنهما سيصوتان ضد المشروع، ما يجعل من سقوط الحكومة أمراً محتوماً، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من عدم اليقين السياسي في ثاني أكبر اقتصاد بالاتحاد الأوروبي.

حكومة جديدة: انتخابات أم استقالة؟

دعا مسؤولو التجمع الوطني (اليمين المتطرف) إلى «حل سريع جداً» للجمعية الوطنية. وتظهر نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة أن «التجمع» سيحل الأول في الدورة الأولى من انتخابات محتملة. وتطرق ماكرون إلى هذا الاحتمال، مؤكداً أنه لا يريد اللجوء إليه، من دون أن يستبعده بالكامل رسمياً. أما حزب «فرنسا الأبية» اليساري الراديكالي فيدعو من جهته إلى استقالة إيمانويل ماكرون.

ويرى ماتيو غالار من معهد «إيبسوس» أن حل البرلمان «لن يغير على الأرجح» المُعطى، مؤكداً «استناداً إلى أن نتائج استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة تبقي موازين القوى عموماً على حالها تقريباً مقارنة بعام 2024».

وأظهرت نتائج استطلاع للرأي نشر الخميس، أن 64 في المائة من الفرنسيين يريدون انتخابات رئاسية مبكرة. لكن الرئيس الفرنسي أكد نهاية أغسطس (آب)، أنه سيكمل ولايته حتى نهايتها في 2027. ويبقى خياره المفضل إيجاد رئيس جديد للوزراء.

حكومة، لكن بمشاركة من؟

كان الحزب الاشتراكي الذي له 66 نائباً الأكثر استعداداً لطرح البديل، مقترحاً ميزانية مع اقتطاع 22 ملياراً تستند خصوصاً على ضريبة نسبتها 2 في المائة على الثروات التي تزيد على 100 مليون يورو، فضلاً عن تعليق إصلاح النظام التقاعدي العائد لعام 2023، إلا أن الحصول على دعم الغالبية على أساس هذا البرنامج لن يكون سهلاً. فقد يثير هذا الخيار انسحاب حزب «الجمهوريين» اليميني (49 نائباً) من الائتلاف الحكومي الحالي، وعلى الأرجح حزب «آفاق» (أوريزون) بزعامة رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب (يمين الوسط، 34 نائباً)، وحتى «الحركة الديمقراطية» (موديم) بزعامة فرنسوا بايرو (وسط، 36 نائباً).

وفي معسكر اليسار، يندد حزب «فرنسا الأبية» (71 نائباً) حليف الاشتراكيين خلال انتخابات العام الماضي، بـ«طبخة كريهة» ستقود الحزب الاشتراكي إلى الحكم مع أوساط ماكرون.

ويبقى الحل ربما برئيس وزراء لا ينتمي إلى الحزب الاشتراكي، ويكون مقبولاً لدى شريحة واسعة، بدءاً باليمين الوسط، ووصولاً إلى الحزب الاشتراكي.

ويرى برونو كوتريس الخبير السياسي في يفيبوف، أن ما من كتلة راهناً تملك شرعية انتخابية لإجراء إصلاحات واسعة على غرار ما كان يريد بايرو القيام بها. ويوضح: «ربما يكون الحل بالقول: تجب تهدئة الوضع على أن تناقش المالية العامة بشكل واسع في عام 2027، ومحاولة إيجاد شخصية تعكس نوعاً من التهدئة حيال الأسواق المالية والبلاد»، ذاكراً اسم رئيسة الجمعية الوطنية يائيل برون-بيفيه ووزير الاقتصاد إريك لومبار.

هل فقد الفرنسيون أوهامهم؟

تأتي هذه الأزمة السياسية الجديدة في إطار جو من التشكيك بالسياسيين «الذين لم يثبتوا فاعلية في الاستجابة لمشاكل البلاد»، على ما رأى 90 في المائة من الفرنسيين في استطلاع للرأي نشرت نتائجه الأربعاء.

يضاف إلى ذلك أن نداءً يسري عبر وسائل التواصل الاجتماعي منذ الصيف، يدعو إلى «تعطيل الحركة بالكامل» في 10 سبتمبر (أيلول).

وتشمل هذه التعبئة متعددة الأشكال التي لا يمكن توقع حجمها، أطرافاً لا يندرجون في أي حزب، لكنهم يميلون عادة لليسار مثل «السترات الصفراء»، وناشطين من أحزاب سياسية مثل «فرنسا الأبية»، ونقابات مثل الاتحاد العمالي العام الذي دعا إلى إضراب في ذلك اليوم.

وفي 18 سبتمبر، دعت كل المنظمات النقابية إلى إضراب وإلى مظاهرات. وفي حال كانت ناجحة، فقد تضغط هذه المظاهرات على المداولات الحكومية على ما يرى ماتيو غالار، موضحاً: «ستضعف الرئيس، وتدفع القوى اليسارية والتجمع الوطني إلى نوع من المزايدات».


مقالات ذات صلة

باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

تحليل إخباري ماكرون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقر إقامته الصيفي في حصن بريغانسون يوم 19 أغسطس 2019 (د.ب.أ)

باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

فرنسا تركز على تنسيق المواقف بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، ومصدر رئاسي فرنسي: قمة لـ«تحالف الراغبين» الشهر المقبل، ولا خطط لماكرون بعدُ لزيارة موسكو.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الباحث الفرنسي لوران فيناتييه المسجون في روسيا (أ.ب)

موسكو تعلن تقديم «اقتراح» لباريس بشأن باحث فرنسي سجين

أعلنت موسكو أنها قدمت لباريس اقتراحاً بشأن الباحث الفرنسي لوران فيناتييه المسجون في روسيا منذ يونيو (حزيران) 2024 الذي يواجه احتمال المحاكمة بتهمة التجسس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا لقطة شاشة تُظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يقوم بتمارين رياضية برفقة جنود بلاده (إكس)

ماكرون يستعرض لياقته البدنية خلال زيارة إلى جنود فرنسيين (فيديو)

حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استعراض قوته الجسدية حيث قام بتمارين الضغط مع جنود بلاده بتوجيهات من مدرب لياقة بدنية شهير.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (وام)

محمد بن زايد يستقبل ماكرون ويبحث معه العلاقات الثنائية

استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، اليوم، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يقوم بزيارة عمل إلى الإمارات.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
أوروبا الرئيسان الروسي والفرنسي في لقاء سابق (إ.ب.أ)

«الإليزيه» يرحب باستعداد بوتين للتحاور مع ماكرون

رحبت الرئاسة الفرنسية، الأحد، بإعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استعداده للتحاور مع نظيره إيمانويل ماكرون.

«الشرق الأوسط» (باريس)

منطقة موسكو تتعرض لانقطاع واسع النطاق للكهرباء بعد هجوم بطائرات مسيرة

انقطاع الكهرباء عن أكثر من 100 ألف شخص في مناطق خارج موسكو بعد حريق في محطة فرعية (رويترز)
انقطاع الكهرباء عن أكثر من 100 ألف شخص في مناطق خارج موسكو بعد حريق في محطة فرعية (رويترز)
TT

منطقة موسكو تتعرض لانقطاع واسع النطاق للكهرباء بعد هجوم بطائرات مسيرة

انقطاع الكهرباء عن أكثر من 100 ألف شخص في مناطق خارج موسكو بعد حريق في محطة فرعية (رويترز)
انقطاع الكهرباء عن أكثر من 100 ألف شخص في مناطق خارج موسكو بعد حريق في محطة فرعية (رويترز)

انقطعت الكهرباء عن أكثر من 100 ألف شخص في مناطق خارج موسكو بعد حريق في محطة فرعية.

ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، قالت إدارة مدينة رامينسكوي، الثلاثاء، إن انقطاع التيار الكهربائي نجم عن حريق في أحد الكابلات، على الرغم من الإبلاغ عن هجوم واسع النطاق بطائرات مسيرة أوكرانية في المنطقة في الوقت نفسه.

كما تأثر سكان جوكوفسكي وليتكارينو بانقطاع التيار الكهربائي. وقالت السلطات إنها تعمل على إصلاح الأضرار بسرعة.

وفي المساء، أفاد الجيش الروسي بإسقاط أكثر من 100 مسيرة أوكرانية في غضون أربع ساعات.

وأضاف أنه تم اعتراض معظم المسيرات بمنطقة بريانسك الغربية بالقرب من الحدود الأوكرانية، بينما تم إسقاط ثماني طائرات مسيرة فوق منطقة موسكو، منها ثلاث كانت متجهة نحو العاصمة.

وقال عمدة موسكو سيرغي سوبيانين، في وقت لاحق، إنه تم اعتراض طائرات مسيرة إضافية. كما تسببت الهجمات في تعليق مطارات موسكو عملياتها بشكل مؤقت.


الشرطة الهولندية توقف سورياً للاشتباه بانتمائه لـ«داعش» والتخطيط لهجوم

جهاز المخابرات والأمن العام الهولندي عثر على منشورات هدد فيها ⁠الرجل بتنفيذ هجوم في ‍أوروبا (رويترز)
جهاز المخابرات والأمن العام الهولندي عثر على منشورات هدد فيها ⁠الرجل بتنفيذ هجوم في ‍أوروبا (رويترز)
TT

الشرطة الهولندية توقف سورياً للاشتباه بانتمائه لـ«داعش» والتخطيط لهجوم

جهاز المخابرات والأمن العام الهولندي عثر على منشورات هدد فيها ⁠الرجل بتنفيذ هجوم في ‍أوروبا (رويترز)
جهاز المخابرات والأمن العام الهولندي عثر على منشورات هدد فيها ⁠الرجل بتنفيذ هجوم في ‍أوروبا (رويترز)

كشف ممثلو ادعاء، اليوم الثلاثاء، أن الشرطة ​الهولندية ألقت القبض على رجل سوري عمره 29 عاماً يشتبه بانتمائه لتنظيم «داعش»، وأنه خطط لشن هجوم في ‌مكان ما في ‌أوروبا، وذلك ‌بناء ⁠على ​منشورات ‌له على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأوضح ممثلو الادعاء أن جهاز المخابرات والأمن العام الهولندي عثر على منشورات هدد فيها ⁠الرجل بتنفيذ هجوم في ‌مكان غير محدد في ‍أوروبا قرب ‍فترة عطلة عيد ‍الميلاد (الكريسماس).

ولم يكشف ممثلو الادعاء عن تفاصيل حول الهجوم المخطط له ​أو حول الاشتباه بانتماء الرجل لتنظيم «داعش».

وأُلقي ⁠القبض على الرجل في 18 ديسمبر (كانون الأول) في منزله في فليسينغن بجنوب غرب هولندا، وقضت محكمة اليوم الثلاثاء بتمديد احتجازه لمدة 30 يوماً على الأقل مع استمرار ‌التحقيق.


زيلينسكي: سنناقش مع ترمب إمكانية وجود قوات أميركية في أوكرانيا

الرئيس الأميركي ​دونالد ‌ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ​دونالد ‌ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
TT

زيلينسكي: سنناقش مع ترمب إمكانية وجود قوات أميركية في أوكرانيا

الرئيس الأميركي ​دونالد ‌ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ​دونالد ‌ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، إن ‌كييف ‌ستناقش ‌مع الرئيس الأميركي ​دونالد ‌ترمب إمكانية وجود قوات أميركية في أوكرانيا، في إطار الضمانات الأمنية.

ووفقاً لـ«رويترز»، أضاف ‌زيلينسكي لوسائل إعلام في محادثة عبر تطبيق «واتساب»، أن أوكرانيا ملتزمة بمواصلة ​المحادثات بشأن كيفية إنهاء الحرب، وأنه مستعدّ للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأي شكل.