المخابرات الإسرائيلية تؤكد أن احتلال غزة لن يُحقق أهداف الحرب

العملية ستكون مكلفة في الأرواح والموارد... وستحول إسرائيل من دولة معزولة إلى منبوذة في العالم

محتجون في تل أبيب الجمعة يُطالبون بوقف حرب غزة وإطلاق الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» (رويترز)
محتجون في تل أبيب الجمعة يُطالبون بوقف حرب غزة وإطلاق الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» (رويترز)
TT

المخابرات الإسرائيلية تؤكد أن احتلال غزة لن يُحقق أهداف الحرب

محتجون في تل أبيب الجمعة يُطالبون بوقف حرب غزة وإطلاق الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» (رويترز)
محتجون في تل أبيب الجمعة يُطالبون بوقف حرب غزة وإطلاق الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» (رويترز)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، الجمعة، جانباً من النقاشات الداخلية في القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية حول قرار الحكومة احتلال مدينة غزة، ويتضح منها أن قادة الجيش والمخابرات واثقون بأن هذا الاحتلال لن يُضيف شيئاً للدولة العبرية، ولن يُحقق أياً من أهداف الحرب، خصوصاً استسلام «حماس» وإطلاق سراح المخطوفين أحياء، بل ستُورط الجيش في حرب استنزاف طويلة، يُمكنها أن تحقق هدف «حماس» بالذات. كما أنها ستكون مكلفة للغاية في الأرواح (أكثر من 100 جندي قتيل) وفي الموارد (30 مليار شيقل في السنة)، وستنقل إسرائيل من دولة معزولة إلى منبوذة في العالم.

ونقل المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، عن ضباط في وحدة «منسق شؤون الأسرى والمفقودين» في الجيش الإسرائيلي قولهم لعائلات أسرى إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة، إن العملية العسكرية لاحتلال مدينة غزة تزيد مخاطر استهداف الأسرى الأحياء واختفاء الأسرى الأموات. وأكدوا أنه لا توجد بحوزة الجيش الإسرائيلي معلومات دقيقة حول مكان وجود الأسرى، وقالوا لعائلات الأسرى إن عليهم الاستعداد «لإرهاب نفسي من جانب (حماس)».

وقد ردّ أفراد عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» على هذا الكشف بالقول إنهم «مصدومون من وجود قناعة مثل هذه داخل الجيش وفي الوقت نفسه من قرار رئيس أركان الجيش، اللواء إيال زامير، التعاون مع حرب لا ضرورة لها». وأضافوا، في بيان لهم الجمعة، أن «ما لم ينجح في عملية (عربات جدعون) الأولى لن ينجح في (عربات جدعون) في فصلها الثاني ولا السابع أيضاً. وهناك اتفاق (لمقترح وقف إطلاق نار وتبادل أسرى) مطروح على الطاولة، وهو الذي سيُعيد آخر المخطوفين، وهو الذي سينهي الحرب».

آلية عسكرية إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة يوم الخميس (رويترز)

وأشار المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، الجمعة، إلى أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يُلمّح إلى أنه سيأمر الجيش الإسرائيلي ببدء شن عملية عسكرية واسعة في مدينة غزة خلال أيام معدودة، لكنه أضاف أنه «لا يوجد أي يقين بأنها ستكون عملية متواصلة ومستمرة، وتنتهي باحتلال غزة وهزيمة (حماس)، فالعملية كلها جارية بنصف القوة».

وأفاد هرئيل بأن الضباط الذين يعملون مع نتنياهو، وعلى اطلاع على أقواله في اجتماعات الحكومة و«الكابينت» (المجلس الوزاري السياسي - الأمني في الحكومة)، «مقتنعون منذ فترة طويلة بأن رئيس الحكومة فَقَدَ كل مشاعره تجاه ضائقة المخطوفين وعائلاتهم، ونتنياهو مهتم بصراع بقائه السياسي، وكيف سيبقى في الحكم وخارج السجن».

ونقل المراسل العسكري لصحيفة «معاريف»، ألون بن دافيد، الانطباع نفسه، وكتب في مقاله الأسبوعي الجمعة، أن «احتلال غزة سيكون كارثة إنسانية للفلسطينيين ومأساة عسكرية وسياسية لإسرائيل. يبقى فقط الأمل في أن تلين (حماس) أو أن يتدخل الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ما يعطي نتنياهو سلالم طويلة للنزول عن هذه الخطوة التي لا داعي لها».

ويقول: «لقد عرضتُ على نتنياهو هذه المعطيات وهو يدركها جيداً: فمدينة غزة الموسَّعة، التي يقطنها في الوقت الراهن نحو مليون نسمة، تختلف في طبيعتها عن باقي مدن وبلدات القطاع. فمعظم عماراتها ما زالت قائمة، وتحتها لا تزال شبكة أنفاق (حماس) فاعلة، ولم يتضرر منها سوى جزء صغير خلال الاحتلال السابق للمدينة في نهاية عام 2023. وفي تقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن احتلال المدينة بالكامل وتطهيرها، فوق الأرض وتحتها، سيُكلّف حياة نحو 100 مقاتل، ويستغرق ما لا يقل عن عام. وقد عُرض هذا التقدير أيضاً في (الكابينت) للتوضيح أمام أصحاب القرار أن ما ينتظرهم ليس مجرد حملة عسكرية أخرى، بل حرب ثقيلة وطويلة، لا أحد يستطيع أن يضمن أن تنتهي بـ(حسم) على (حماس). فغزة أشبه بورقة نطويها نصفين، ثم نطويها مجدداً، مرة بعد أخرى، حتى نصل إلى اللحظة التي لم يعد ممكناً طيّها أكثر».

وكشف بن دافيد أن تحليلات المخابرات الإسرائيلية لتصرّفات وقرارات «حماس» تُشير إلى أنها تُدرك تماماً افتقارها إلى القوة العسكرية التي تمكّنها من وقف القوات الإسرائيلية. فهي لا تستعدّ لخوض معركة على نمط «ستالينغراد» -المقاومة حتى المقاتل الأخير، بل أقرب إلى معركة على نمط «السرايا»- أي قتال عصابات يُرهق القوات المناورة، في ظل جهود متواصلة لتنفيذ مزيد من عمليات الاختطاف من بين صفوفها.

فلسطينيون ينزحون من شمال غزة إلى وسط القطاع يوم الخميس (أ.ب)

وحسب مصادر سياسية أخرى، فإن الإدارة الأميركية التي تُعطي نتنياهو حبلاً طويلاً لإنهاء الحرب بحسم ضد «حماس»، بدأت تظهر نَفَساً قصيراً تجاه حربه التي لا تنتهي. والدليل على ذلك هو تصريح ترمب، هذا الأسبوع، بأن إسرائيل «لا تنتصر» في الحرب على الرأي العام.

ووفقاً لضابط كبير في المخابرات، فإن ترمب «كان على بُعد خطوة من أن يصفنا بـ(الخاسرين)، وهو، كما هو معروف، لا يقف مطلقاً في صف الخاسرين. فكل يوم نُعمّق غرقنا العبثي في رمال غزة، نُعمّق معه خسارتنا في الساحة الدولية، التي لا تقل أهمية عن مستقبلنا وأمننا. العالم لم يعد يفهم ما الذي نبحث عنه أكثر في غزة، وإسرائيل تزداد عزلة يوماً بعد يوم، وتقترب من أن تصبح دولة منبوذة. وهذه ليست مجرد مقاطعة أكاديمية أو ثقافية، بل بات الأمر يمس مباشرة بقدرة الجيش الإسرائيلي على الحصول على العتاد اللازم لمواصلة القتال».

وعدّت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الضغط الأميركي من جهة، والمرونة من «حماس» من جهة أخرى، قد يشكّلان سلّماً طويلاً يتيح لنتنياهو النزول من الشجرة العالية التي تسلّقها في هذه الحرب، وإنقاذ البلاد والمنطقة من الكوارث التي تجرّها.


مقالات ذات صلة

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

شؤون إقليمية عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

للمرة العاشرة على التوالي، تقدَّمت الحكومة الإسرائيلية بطلب للمحكمة العليا لتمديد مهلة الرد على التماس «رابطة الصحافيين الأجانب»؛ للسماح بالدخول الحر لقطاع غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام بمخيم النصيرات في غزة (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: ندعو لدخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لغزة

رحب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، بالتقدم الذي أُحْرِزَ بشأن المجاعة في غزة، لكنه أوضح أن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية سيدات فلسطينيات أمام جنود إسرائيليين يعتقلون مواطنين في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

تقرير: إسرائيل تسمح للآلاف من جنود الاحتياط بالاحتفاظ ببنادق في منازلهم

يستعدّ الجيش الإسرائيلي لتسليح نحو 10 آلاف جندي احتياطي من الفرقة 96 ببنادق طويلة تُحفظ في منازلهم على مدار العام

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع سابق (أرشيف - رويترز)

تقرير: اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب

ذكرت قناة «إن 12» الإخبارية الإسرائيلية، يوم السبت، أن اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
المشرق العربي والدة أحمد زيود خلال تشييع جثمانه خلال جنازته قرب جنين في الضفة الغربية اليوم (أ.ب)

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على شرق مدينة غزة

قُتل ثلاثة فلسطينيين، صباح اليوم الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيما قتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين بالضفة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

طهران لا تستبعد هجوماً جديداً من إسرائيل

عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)
TT

طهران لا تستبعد هجوماً جديداً من إسرائيل

عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)

لم تستبعد طهران احتمال تعرضها لهجوم إسرائيلي جديد، وتشدد على تمسكها بمواصلة تخصيب اليورانيوم، فيما يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يصل إلى البيت الأبيض اليوم، إلى استيضاح موقف واشنطن، ومعرفة مدى استعداد إدارة الرئيس دونالد ترمب للشراكة في أي مواجهة عسكرية محتملة. وتتصاعد في إسرائيل تحذيرات من عودة ما تصفه بـ«التهديد الوجودي» الإيراني، مع مؤشرات على تسريع طهران إعادة بناء قدراتها النووية والصاروخية.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة نشرت أمس، إن بلاده «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل، وأكثر من السابق»، مضيفاً أن أي هجوم جديد «لن يكون سوى تكرار لتجربة فاشلة». واعتبر أن أمام الولايات المتحدة «خيارين واضحين»: إما العودة إلى الدبلوماسية، أو الاستمرار في مسار «أثبت فشله».


«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)
صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)
TT

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)
صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز)

أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم (الأحد)، نقلاً عن مصادر إسرائيلية وأميركية قولها إن إسرائيل حذرت إدارة الرئيس دونالد ترمب من أن إيران ربما تستخدم مناورة صاروخية للحرس الثوري الإيراني غطاء لشن ضربة على إسرائيل.

وأبلغت مصادر إسرائيلية الموقع أن قدرة الجيش الإسرائيلي على تحمل المخاطر أقل بكثير مما كانت عليه في السابق، وأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أثارت مخاوف تل أبيب بعد رصد تحركات صاروخية إيرانية.

وذكر «أكسيوس» أن مصادر إسرائيلية أبلغته أن الاستخبارات الإسرائيلية ترى بوادر على إعادة إيران بناء قدراتها الصاروخية.

ورغم أن احتمال وقوع هجوم إيراني أقل من 50 في المائة، وفق ما ذكره «أكسيوس»، أكد الموقع الإخباري الأميركي أن الخطر الأكبر يكمن في أن يتسبب سوء تقدير في اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران بأن يعتقد كل طرف أن الآخر يستعد لشن هجوم عليه.

وأوضح «أكسيوس» أن قائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، زار إسرائيل اليوم وناقش مع رئيس الأركان الإسرائيلي ايال زامير، المخاوف بشأن إيران، مشيراً إلى أن زامير دعا للتنسيق بشكل وثيق مع الولايات المتحدة تحسبا لهجوم إيراني.


للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)
TT

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)

للمرة العاشرة على التوالي، تقدَّمت الحكومة الإسرائيلية بطلب رسمي إلى المحكمة العليا في القدس الغربية، الأحد، لتمديد المهلة للرد على التماس تقدّمت به «رابطة الصحافيين الأجانب»؛ للسماح لوسائل الإعلام الدولية بالوصول الحر والمستقل إلى قطاع غزة.

ومنذ بداية الحرب على غزة، حاولت «رابطة الصحافيين الأجانب» في تل أبيب، التي تمثل رابطة المراسلين الأجانب في إسرائيل ومئات من وسائل الإعلام الدولية، إدخال صحافيين ميدانيين إلى قطاع غزة وغيره من المناطق الفلسطينية وحتى الإسرائيلية التي نالها نصيب من آثار الحرب، ولكن السلطات الإسرائيلية دأبت على الرفض، إلا في حالات استثنائية اقتصر فيها دخول الصحافيين الأجانب، كما الإسرائيليين، على جولات محدودة ينظمها الجيش وتُنفَّذ تحت مرافقة عسكرية مشددة وبشروط صارمة تشمل الالتزام بعرض المواد الصحافية على الرقابة العسكرية قبل النشر.

واضطرت الرابطة للجوء إلى القضاء الإسرائيلي، بعد أشهر قليلة من الحرب، تطلب إصدار أمر يلزم الحكومة بالسماح للصحافيين بالدخول إلى غزة بشكل مستقل، من دون مرافقة عسكرية. ولكن المحكمة رفضت الاستجابة بذريعة العمليات العسكرية.

مشيعون يحملون جثمان واحد من 5 صحافيين قُتلوا خلال غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة... أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

وفي سبتمبر (أيلول) 2024، قُدّم التماس جديد، أمرت المحكمة في أعقابه الحكومة بتقديم مخطط يسمح بدخول الصحافيين. ولكن الحكومة وجدت سبيلاً آخر للتهرب، إذ تتقدم كل مرة بطلب إلى المحكمة لتأجيل البت في الموضوع ومنحها مهلة أخرى. وقد فعلت ذلك حتى الآن 10 مرات.

وبدا أن المحكمة تهادنها، فتوافق على التأجيل. وأثار هذا النهج غضباً واسعاً في الأوساط الإعلامية الدولية، التي ترى في السياسة الإسرائيلية أسلوباً منهجياً لمنع التغطية المستقلة.

وازدادت حدة الانتقادات مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ما جعل مطلب السماح بدخول الصحافة الأجنبية أكثر إلحاحاً.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد تطرّق إلى القضية مرتين خلال الفترة الأخيرة. ففي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» قال إنه سيعطي تعليماته للجيش بـ«الاستعداد» لهذه المسألة.

وعبَّرت «رابطة الصحافة الأجنبية» في إسرائيل عن «خيبة أمل شديدة» إزاء هذه السياسة، وخصوصاً تجاه ما تبديه المحكمة من «مهادنة».

وترى نقابة الصحافيين الفلسطينيين أن هذا المنع هو «جزء لا يتجزأ من سياسة إسرائيل لإخفاء حقيقة جرائمها في غزة والضفة الغربية».

وبحسب رئيس هذه النقابة، ناصر أبو بكر، فإن ما جرى في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 على يد إسرائيل هو «أكبر مجزرة بحق الصحافيين في التاريخ».

وقال، في بيان، إن نحو 1500 صحافي فلسطيني يعملون حالياً وسط القصف، وقد أُصيب المئات، واعتقلت إسرائيل نحو 200 آخرين، كما دمرت كثيراً من المؤسسات الإعلامية.