المخابرات الإسرائيلية تؤكد أن احتلال غزة لن يُحقق أهداف الحرب

العملية ستكون مكلفة في الأرواح والموارد... وستحول إسرائيل من دولة معزولة إلى منبوذة في العالم

محتجون في تل أبيب الجمعة يُطالبون بوقف حرب غزة وإطلاق الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» (رويترز)
محتجون في تل أبيب الجمعة يُطالبون بوقف حرب غزة وإطلاق الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» (رويترز)
TT

المخابرات الإسرائيلية تؤكد أن احتلال غزة لن يُحقق أهداف الحرب

محتجون في تل أبيب الجمعة يُطالبون بوقف حرب غزة وإطلاق الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» (رويترز)
محتجون في تل أبيب الجمعة يُطالبون بوقف حرب غزة وإطلاق الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة «حماس» (رويترز)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، الجمعة، جانباً من النقاشات الداخلية في القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية حول قرار الحكومة احتلال مدينة غزة، ويتضح منها أن قادة الجيش والمخابرات واثقون بأن هذا الاحتلال لن يُضيف شيئاً للدولة العبرية، ولن يُحقق أياً من أهداف الحرب، خصوصاً استسلام «حماس» وإطلاق سراح المخطوفين أحياء، بل ستُورط الجيش في حرب استنزاف طويلة، يُمكنها أن تحقق هدف «حماس» بالذات. كما أنها ستكون مكلفة للغاية في الأرواح (أكثر من 100 جندي قتيل) وفي الموارد (30 مليار شيقل في السنة)، وستنقل إسرائيل من دولة معزولة إلى منبوذة في العالم.

ونقل المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، عن ضباط في وحدة «منسق شؤون الأسرى والمفقودين» في الجيش الإسرائيلي قولهم لعائلات أسرى إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة، إن العملية العسكرية لاحتلال مدينة غزة تزيد مخاطر استهداف الأسرى الأحياء واختفاء الأسرى الأموات. وأكدوا أنه لا توجد بحوزة الجيش الإسرائيلي معلومات دقيقة حول مكان وجود الأسرى، وقالوا لعائلات الأسرى إن عليهم الاستعداد «لإرهاب نفسي من جانب (حماس)».

وقد ردّ أفراد عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» على هذا الكشف بالقول إنهم «مصدومون من وجود قناعة مثل هذه داخل الجيش وفي الوقت نفسه من قرار رئيس أركان الجيش، اللواء إيال زامير، التعاون مع حرب لا ضرورة لها». وأضافوا، في بيان لهم الجمعة، أن «ما لم ينجح في عملية (عربات جدعون) الأولى لن ينجح في (عربات جدعون) في فصلها الثاني ولا السابع أيضاً. وهناك اتفاق (لمقترح وقف إطلاق نار وتبادل أسرى) مطروح على الطاولة، وهو الذي سيُعيد آخر المخطوفين، وهو الذي سينهي الحرب».

آلية عسكرية إسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة يوم الخميس (رويترز)

وأشار المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، الجمعة، إلى أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يُلمّح إلى أنه سيأمر الجيش الإسرائيلي ببدء شن عملية عسكرية واسعة في مدينة غزة خلال أيام معدودة، لكنه أضاف أنه «لا يوجد أي يقين بأنها ستكون عملية متواصلة ومستمرة، وتنتهي باحتلال غزة وهزيمة (حماس)، فالعملية كلها جارية بنصف القوة».

وأفاد هرئيل بأن الضباط الذين يعملون مع نتنياهو، وعلى اطلاع على أقواله في اجتماعات الحكومة و«الكابينت» (المجلس الوزاري السياسي - الأمني في الحكومة)، «مقتنعون منذ فترة طويلة بأن رئيس الحكومة فَقَدَ كل مشاعره تجاه ضائقة المخطوفين وعائلاتهم، ونتنياهو مهتم بصراع بقائه السياسي، وكيف سيبقى في الحكم وخارج السجن».

ونقل المراسل العسكري لصحيفة «معاريف»، ألون بن دافيد، الانطباع نفسه، وكتب في مقاله الأسبوعي الجمعة، أن «احتلال غزة سيكون كارثة إنسانية للفلسطينيين ومأساة عسكرية وسياسية لإسرائيل. يبقى فقط الأمل في أن تلين (حماس) أو أن يتدخل الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ما يعطي نتنياهو سلالم طويلة للنزول عن هذه الخطوة التي لا داعي لها».

ويقول: «لقد عرضتُ على نتنياهو هذه المعطيات وهو يدركها جيداً: فمدينة غزة الموسَّعة، التي يقطنها في الوقت الراهن نحو مليون نسمة، تختلف في طبيعتها عن باقي مدن وبلدات القطاع. فمعظم عماراتها ما زالت قائمة، وتحتها لا تزال شبكة أنفاق (حماس) فاعلة، ولم يتضرر منها سوى جزء صغير خلال الاحتلال السابق للمدينة في نهاية عام 2023. وفي تقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن احتلال المدينة بالكامل وتطهيرها، فوق الأرض وتحتها، سيُكلّف حياة نحو 100 مقاتل، ويستغرق ما لا يقل عن عام. وقد عُرض هذا التقدير أيضاً في (الكابينت) للتوضيح أمام أصحاب القرار أن ما ينتظرهم ليس مجرد حملة عسكرية أخرى، بل حرب ثقيلة وطويلة، لا أحد يستطيع أن يضمن أن تنتهي بـ(حسم) على (حماس). فغزة أشبه بورقة نطويها نصفين، ثم نطويها مجدداً، مرة بعد أخرى، حتى نصل إلى اللحظة التي لم يعد ممكناً طيّها أكثر».

وكشف بن دافيد أن تحليلات المخابرات الإسرائيلية لتصرّفات وقرارات «حماس» تُشير إلى أنها تُدرك تماماً افتقارها إلى القوة العسكرية التي تمكّنها من وقف القوات الإسرائيلية. فهي لا تستعدّ لخوض معركة على نمط «ستالينغراد» -المقاومة حتى المقاتل الأخير، بل أقرب إلى معركة على نمط «السرايا»- أي قتال عصابات يُرهق القوات المناورة، في ظل جهود متواصلة لتنفيذ مزيد من عمليات الاختطاف من بين صفوفها.

فلسطينيون ينزحون من شمال غزة إلى وسط القطاع يوم الخميس (أ.ب)

وحسب مصادر سياسية أخرى، فإن الإدارة الأميركية التي تُعطي نتنياهو حبلاً طويلاً لإنهاء الحرب بحسم ضد «حماس»، بدأت تظهر نَفَساً قصيراً تجاه حربه التي لا تنتهي. والدليل على ذلك هو تصريح ترمب، هذا الأسبوع، بأن إسرائيل «لا تنتصر» في الحرب على الرأي العام.

ووفقاً لضابط كبير في المخابرات، فإن ترمب «كان على بُعد خطوة من أن يصفنا بـ(الخاسرين)، وهو، كما هو معروف، لا يقف مطلقاً في صف الخاسرين. فكل يوم نُعمّق غرقنا العبثي في رمال غزة، نُعمّق معه خسارتنا في الساحة الدولية، التي لا تقل أهمية عن مستقبلنا وأمننا. العالم لم يعد يفهم ما الذي نبحث عنه أكثر في غزة، وإسرائيل تزداد عزلة يوماً بعد يوم، وتقترب من أن تصبح دولة منبوذة. وهذه ليست مجرد مقاطعة أكاديمية أو ثقافية، بل بات الأمر يمس مباشرة بقدرة الجيش الإسرائيلي على الحصول على العتاد اللازم لمواصلة القتال».

وعدّت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الضغط الأميركي من جهة، والمرونة من «حماس» من جهة أخرى، قد يشكّلان سلّماً طويلاً يتيح لنتنياهو النزول من الشجرة العالية التي تسلّقها في هذه الحرب، وإنقاذ البلاد والمنطقة من الكوارث التي تجرّها.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا تدعو إلى ضبط النفس في غزة

المشرق العربي ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب في دار المستشارية في برلين (إ.ب.أ) play-circle

الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا تدعو إلى ضبط النفس في غزة

حضّت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا الطرفين المعنيين بوقف إطلاق النار في غزة على الوفاء بالتزاماتهما وممارسة ضبط النفس.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
المشرق العربي جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

نشر الجيش الإسرائيلي، السبت، لقطات تُظهر تفجير وهدم أنفاق تابعة لحركة «حماس» في الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر بمنطقة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

تجمّع عشرات الأشخاص، السبت، بمدينة غزة لتشييع 6 أشخاص قضوا بالأمس في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين فيما عدته «حماس» «خرقاً واضحاً ومتجدداً لوقف إطلاق النار

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

تسريبات أميركية تشير لوجود خطة بشأن إعمار جزء من قطاع غزة، تحمل اسم «شروق الشمس» أعدها فريق يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترمب

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بنشر مقاطع فيديو وصور لأسلحة جديدة ظهرت في أيدي عناصر المجموعات المسلحة الموجودة في مناطق السيطرة الإسرائيلية داخل غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إيران تنفذ الحكم بإعدام طالب بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل»

لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)
لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

إيران تنفذ الحكم بإعدام طالب بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل»

لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)
لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)

أعلنت السلطة القضائية الإيرانية تنفيذ حكم الإعدام بحق عقيل كشاورز، طالب «الهندسة المعمارية» في جامعة شاهرود، بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل».

وأجرت عائلة كشاورز آخر زيارة له يوم الجمعة 19 ديسمبر (كانون الأول) في سجن أرومية.

وذكرت وكالة أنباء «ميزان»، التابعة للسلطة القضائية، أن الإعدام نُفذ، صباح السبت 20 ديسمبر، «بعد تأييد الحكم الصادر عن المحكمة العليا واستكمال الإجراءات القانونية».

وقبل ساعات من تنفيذ الإعدام، أفادت بعض وسائل الإعلام الطلابية والحقوقية بتصاعد المخاوف من تنفيذ حكم الإعدام بحق كشاورز.

ونقلت شبكة حقوق الإنسان في كردستان أن عائلة كشاورز استُدعيت يوم الخميس 18 ديسمبر من أصفهان «لإجراء الزيارة الأخيرة».

وحسب المصدر، حضرت العائلة عصر الخميس أمام سجن أرومية، إلا أنها أُبلغت بأن ابنها نُقل إلى طهران. وأضاف أن العائلة تمكنت أخيراً من إجراء الزيارة الأخيرة ظهر الجمعة 19 ديسمبر، مشيراً إلى أن «الزيارة كانت حضورية، وقد أُغمي على والدته بسبب الضغوط العصبية».

وكان كشاورز قد اعتُقل في شهر يونيو (حزيران) الماضي، بالتزامن مع حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، وصدر بحقه حكم بالإعدام من قِبل السلطة القضائية الإيرانية بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل».

وفي المقابل، أعلنت وكالة «ميزان» أن تاريخ اعتقال كشاورز يعود إلى شهر مايو (أيار) الماضي، دون تحديد اليوم، وذكرت أنه اعتُقل على يد عناصر دورية الحماية التابعة للجيش الإيراني.

وكانت شبكة حقوق الإنسان في كردستان قد أفادت سابقاً بأن الجهة التي اعتقلت كشاورز هي منظمة استخبارات «الحرس الثوري».

ووصفت وكالة «ميزان» كشاورز بأنه «عميل للموساد (الإسرائيلي)»، واتهمته بـ«التجسس والتواصل والتعاون الاستخباراتي» مع إسرائيل، و«تصوير مواقع عسكرية وأمنية».

وأضافت الوكالة التابعة للسلطة القضائية الإيرانية أن «أفراد عائلته لديهم ميول مؤيدة للنظام الملكي، وأن عمه لديه سوابق عضوية أو تعاطف» مع منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة.

كما ذكرت «ميزان» أن «كشاورز قام في عام 2022 عبر تطبيق (تلغرام) بالتواصل والتعاون مع إحدى المجموعات التابعة لمنظمة (مجاهدي خلق)، وقام بإرسال صور وكتابة شعارات وفق توجيهات مديري تلك المجموعات».

صورة أرشيفية نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني من محاكمة قاتل رجل دين أدين بالإعدام

استجواب وتعذيب

كانت شبكة حقوق الإنسان في كردستان قد أفادت سابقاً بأن كشاورز، وهو طالب عمارة في جامعة شاهرود ومن أهالي أصفهان، تعرّض بعد اعتقاله «لمدة أسبوع» للاستجواب والتعذيب في مركز احتجاز تابع لاستخبارات الحرس الثوري في أرومية «بهدف انتزاع اعتراف قسري بالتجسس لصالح إسرائيل».

وحسب هذا التقرير، فقد نُقل لاحقاً إلى سجن «إيفين» في طهران، وكان موجوداً هناك أثناء قصف السجن من قِبل إسرائيل، خلال الحرب، ثم جرى نقله إلى مركز احتجاز آخر.

وأضافت المنظمة الحقوقية أن كشاورز «نُقل بعد انتهاء مرحلة التحقيق إلى السجن المركزي في أرومية، وصدر بحقه في أواخر الصيف حكم بالإعدام من قِبل الفرع الأول لمحكمة الثورة في أرومية، برئاسة القاضي سجاد دوستي، بتهمة التجسس لصالح إسرائيل».

وأشار التقرير إلى أنه «بسبب تهديدات المحققين الأمنيين، امتنع هو وعائلته عن الإعلان عن هذه القضية».

وأثار إعلان خبر إعدام كشاورز موجة واسعة من الانتقادات والإدانات من قِبل مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي.

وكتبت منظمة «هنغاو» المعنية بحقوق الإنسان في إيران، يوم الجمعة 19 ديسمبر، أنه «منذ بداية عام 2025 وحتى الآن، تم إعدام 17 شخصاً في إيران بتهمة التعاون مع إسرائيل، 15 منهم أُعدموا بعد اندلاع الحرب في يونيو الماضي».

وفي السياق نفسه، أعلنت السلطات الإيرانية أنه بعد حرب الـ12 يوماً، جرى اعتقال أكثر من 700 شخص بتهمة التجسس أو التعاون مع إسرائيل.

وحسب تقارير حقوقية، يوجد حالياً، إلى جانب سجناء الجرائم العامة، نحو 70 سجيناً بتهم سياسية في السجون الإيرانية يواجهون خطر تأييد أو تنفيذ أحكام الإعدام، كما يواجه أكثر من 100 شخص آخرين، بتهم مشابهة، خطر صدور حكم الإعدام بحقهم.


تركيا: سنفعل ما يلزم لحماية المنشآت الاستراتيجية بالبحر الأسود دون استشارة أحد

السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تركيا: سنفعل ما يلزم لحماية المنشآت الاستراتيجية بالبحر الأسود دون استشارة أحد

السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)

أعلنت تركيا اتخاذ تدابير لحماية المنشآت ذات الأهمية الاستراتيجية في البحر الأسود دون التشاور مع أحد، وذلك وسط ارتفاع حدة التوتر في المنطقة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، الذي انعكس في هجمات على سفن تركية، وإسقاط مسيّرات دخلت مجالها الجوي في الأيام الأخيرة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر،: «نتخذ التدابير اللازمة لحماية منشآتنا الحيوية السطحية وتحت الماء في البحر الأسود. سفن الحفر التابعة لنا ذات أهمية بالغة، وضعنا ونفذنا تدابير ضد الطائرات المسيّرة التي تنحرف عن مسارها أو تخرج على السيطرة، وضد التهديدات التي قد تأتي من تحت الماء».

وأكد غولر، في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية، السبت، لتقييم عمل وزارة الدفاع خلال عام 2025، أن تركيا «ستفعل ما يلزم دون استشارة أحد»، لافتاً إلى أن الطائرات المسيّرة والمركبات المائية غير المأهولة تُستخدم بكثافة من قبل كلا الجانبين في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وأن هذا الوضع يُشكل خطراً كبيراً على السفن التجارية والطائرات المدنية في المنطقة.

إجراءات احترازية

وذكر أنهم اتخذوا على الفور إجراءات احترازية لحركة الطيران عقب إسقاط طائرات «إف-16» التركية طائرة مسيرة «مجهولة حتى الآن» خرجت عن السيطرة في منطقة البحر الأسود في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

غولر متحدثاً خلال لقائه مع الصحافيين الأتراك السبت (الدفاع التركية)

ولفت غولر إلى أن الطائرة كان يصعب رصدها بسبب الأحوال الجوية، وعلى الرغم من ذلك فقد نجحت الطائرات التركية في تتبعها، وأصابتها بصاروخ جو - جو في الموقع الأنسب والأكثر أماناً بعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان، وأنه بسبب إصابتها بصاروخ دُمرت بالكامل، ولا تزال جهود البحث عن حطامها جارية، وسيتم إطلاع الجمهور على التفاصيل بعد الانتهاء من فحص الحطام.

وتسبب هذا الحادث في جدل كبير وتساؤلات من جانب المعارضة التركية حول تفعيل نظام الرادارات في البلاد وما إذا كان كافياً لرصد المسيّرات، لافتة إلى أن الطائرة أسقطت بالقرب من قرية «كاراجا أسان، «على مسافة خطوات من منشآت شركة «روكيتسان» للصناعات العسكرية الواقعة خارج العاصمة أنقرة مباشرة، وفق ما أعلن نائب حزب «الشعب الجمهوري» عن مدينة إسطنبول الدبلوماسي السابق، نامق تان، الذي تم تحويل مسار طائرته عندما كان متجهاً من إسطنبول إلى أنقرة بالتزامن مع حادث الطائرة المسيّرة.

ودافع المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية زكي أكتور، خلال إفادة للوزارة الخميس، عن نظام الدفاع الجوي، مؤكداً أنه لم يكن مسؤولاً عن الحادث، وأن الطائرة المسيّرة كان من الصعب رصدها من حيث الارتفاع والسرعة والحجم، داعياً أوكرانيا وروسيا إلى توخي مزيد من الحذر.

حوادث متصاعدة

وفي حادث هو الثاني من نوعه في أقل من أسبوع، أعلنت تركيا، الجمعة، تحطم طائرة مسيرة روسية الصنع من طراز «أورالان-10″ سقطت بمنطقة ريفية بالقرب من مدينة إزميت التابعة لولاية كوجا إيلي، شمال غربي البلاد، على مسافة نحو 30 كيلومتراً جنوب البحر الأسود.

وأفادت وزارة الداخلية التركية التي أعلنت عن فتح تحقيق في هذا الخصوص أنّه يُعتقد أن المسيّرة تُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة وفقاً للنتائج الأولية. تقع تركيا على الضفة الجنوبية من البحر الأسود قبالة سواحل أوكرانيا وروسيا، وهما في حالة حرب. والاثنين، أسقطت الدفاعات التركية مسيّرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود في المجال الجوّي التركي، من دون أن تحدّد السلطات مصدرها أو موقع اعتراضها. وأفاد عدّة مراقبين بأن العملية نُفّذت فوق الأراضي التركية وليس البحر الأسود. وبعد هذه الحادثة، دعت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أوكرانيا وروسيا إلى «توخّي مزيد من الحذر».

مواطنون أتراك يلتقطون صوراً لمسيّرة روسية سقطت في شمال غربي تركيا في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)

ودخلت تركيا على خط الصراع، بعد تعرض ناقلتي نفط تابعتين لـ«أسطول الظل » الروسي كانتا تبحران في مياهها الإقليمية في البحر الأسود في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لهجمات بالمسيّرات من جانب أوكرانيا.

واستدعت «الخارجية التركية» في 4 ديسمبر السفير الأوكراني والقائم بالأعمال الروسي، لتحذيرهما من التصعيد في منطقة البحر الأسود. وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن «الأحداث تشير إلى تصعيد مقلق في البحر الأسود، لا يمكننا التغاضي عن هذه الهجمات التي تهدد الملاحة والحياة والسلامة البيئية، لا سيما في منطقتنا الاقتصادية الخالصة».

تصاعد النيران والدخان الكثيف من ناقلة النفط «كايروس» التي هاجمتها أوكرانيا في المياة الاقتصادية لتركيا بالبحر الأسود في 28 نوفمبر الماضي (رويترز)

وأعقب ذلك تعرض سفينة تجارية تركية لأضرار في غارة جوية روسية بالقرب من مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية، في 12 ديسمبر بعد ساعات فقط من لقاء بين إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش «منتدى السلام والثقة الدولي» في عشق آباد.

تحذيرات ودعوات للسلام

وقال إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في طريق عودته من تركمانستان عقب المشاركة في المنتدى، إنه «لا ينبغي النظر إلى البحر الأسود بوصفه ساحة حرب، مثل هذا الوضع لن يضر سوى روسيا وأوكرانيا، ولن يفيدهما بأي شكل من الأشكال، الجميع بحاجة إلى ملاحة آمنة في البحر الأسود، ويجب ضمان ذلك». وغداة إسقاط الطائرة المسيرة المجهولة، حذر إردوغان، في 16 ديسمبر، مجدداً، من الهجمات في البحر الأسود، لكنه لم يتطرق إلى حادث الطائرة.

جانب من مباحثات إردوغان وبوتين في عشق آباد في 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وتوقع مراقبون ألا تؤدي هذه التطورات، على الرغم من كونها مؤشراً سلبياً على التصعيد في منطقة البحر الأسود، إلى توتر في العلاقات بين تركيا وكل من أوكرانيا وروسيا، لافتين إلى أن العلاقات التركية الروسية مرت باختبار أصعب، عندما أسقطت روسيا طائرة عسكرية تركية على الحدود مع سوريا عام 2014، وتمكنت أنقرة وموسكو من تجاوز الحادث دون تأثير سلبي على العلاقات التي واصلت تطورها بشكل ثابت.

وتواصل تركيا، التي استضافت 3 جولات من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول بين شهرَي مايو (أيار) ويوليو (تموز) الماضيين، لم تسفر عن نتائج ملموسة باستثناء تبادل للأسرى، مساعيها من أجل استئناف المفاوضات بغية التوصُّل إلى وقف لإطلاق النار، وتحقيق السلام الشامل.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن الأحداث الأخيرة في المنطقة الاقتصادية الخالصة (الهجمات الأوكرانية على سفن تابعة لأسطول الظل الروسي) وإسقاط الطائرة المسيرة في 15 ديسمبر يظهران أنه حتى لو قللنا الفوضى الأمنية في البحر الأسود، فإن بيئة مستقرة وآمنة تتطلب إرساء سلام دائم».


تقرير: نتنياهو يعتزم إطلاع ترمب على ضربات جديدة محتملة على إيران

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)
قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: نتنياهو يعتزم إطلاع ترمب على ضربات جديدة محتملة على إيران

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)
قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

ذكرت شبكة «​إن بي سي نيوز»، اليوم السبت، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيستمع إلى إفادة من ‌رئيس ‌الوزراء ‌الإسرائيلي ⁠بنيامين ​نتنياهو ‌تشير إلى أن أي توسع في برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني يشكل تهديداً ربما يستدعي ⁠تحركاً سريعاً.

جانب من لقاء ترمب ونتنياهو بالبيت الأبيض يوليو 2025 (أ.ف.ب)

وأوضح تقرير ‌الشبكة أن ‍المسؤولين ‍الإسرائيليين قلقون من ‍قيام إيران بإعادة تشغيل مواقع تخصيب اليورانيوم التي قصفتها ​الولايات المتحدة في يونيو (حزيران)، وأنهم ⁠يستعدون لإطلاع ترمب على خيارات استهداف برنامج الصواريخ مجدداً.