تعزيز العلاقات وتوترات المنطقة يتصدران محادثات مصرية - قبرصية

عبد العاطي يلتقي الرئيس كريستودوليدس وكبار المسؤولين في نيقوسيا

الرئيس القبرصي خلال محادثات مع وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
الرئيس القبرصي خلال محادثات مع وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

تعزيز العلاقات وتوترات المنطقة يتصدران محادثات مصرية - قبرصية

الرئيس القبرصي خلال محادثات مع وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
الرئيس القبرصي خلال محادثات مع وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

تصدرت توترات منطقة الشرق الأوسط، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، محادثات مصرية - قبرصية، لوزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع كبار المسؤولين في قبرص.

وزار عبد العاطي، نيقوسيا، الجمعة، في زيارة ثنائية تستهدف «تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات»، إلى جانب «تبادل الرؤى إزاء القضايا الإقليمية والدولية»، حسب إفادة لوزارة الخارجية المصرية.

واستعرض وزير الخارجية المصري، خلال لقائه الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس، جهود بلاده لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الفلسطينيين. وأكّد «ضرورة خلق أفق سياسي يقود إلى تجسيد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة»، مشيداً بـ«موقف قبرص التاريخي تجاه القضية الفلسطينية».

ووفق إفادة لـ«الخارجية المصرية»، قال الرئيس القبرصي إن «مصر تعد ركيزة أساسية داعمة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط»، مشيراً إلى «دعمه الكامل للجهود المصرية لإحلال السلام في المنطقة، وتعزيز شراكة الاتحاد الأوروبي مع مصر، وضمان استمرارها كقوة داعمة للاستقرار والتعاون الإقليمي».

وعلى صعيد العلاقات الثنائية، أكّد عبد العاطي «تطلع بلاده للارتقاء بمستوى العلاقات إلى آفاق أوسع في المجالات المختلفة، وفي مقدمتها تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري، وزيادة حجم التبادل التجاري».

وارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر وقبرص، إلى 327 مليون دولار خلال عام 2024، مقابل 115 مليون دولار عام 2023، بحسب «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر» (الدولار الأميركي يساوي نحو 49 جنيهاً في البنوك المصرية).

وخلال المحادثات مع الرئيس القبرصي، استعرض وزير البترول المصري، كريم بدوي، «المشروعات المشتركة بين البلدين، لربط حقول الغاز القبرصية بالمرافق المصرية، ولتعزيز أمن الطاقة بالبلدين، ودعم الجهود الإقليمية لاستغلال موارد الغاز الطبيعي». ووقّعت مصر وقبرص في فبراير (شباط) الماضي، اتفاقيتين لبدء تنمية الاكتشافات القبرصية للغاز الطبيعي، وذلك باستخدام البنية التحتية المصرية، على هامش افتتاح مؤتمر مصر الدولي للطاقة «إيجبس 2025».

وزير الخارجية المصري يعقد مشاورات سياسية مع نظيره القبرصي (الخارجية المصرية)

وفي محادثات لوزير الخارجية المصري، مع نظيره القبرصي، كونستانتينوس كومبوس، أكّد أهمية «استمرار التنسيق بين الجانبين على المستويات السياسية والاقتصادية كافة»، إلى جانب «البناء على نتائج القمة المصرية - القبرصية الأخيرة، والقمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان، التي عقدت في القاهرة بداية هذا العام».

واستضافت القاهرة، في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، الجولة العاشرة لقمة التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره القبرصي، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، وهي آلية جرى تدشينها بين الدول الثلاث، وعقدت الجولة الأولى منها في 2014 بالعاصمة المصرية.

وشدّد عبد العاطي، خلال لقاء نظيره القبرصي، على أهمية «تشكيل مجلس رجال الأعمال المشترك، لدعم النشاط الاقتصادي، واستمرار عقد منتديات الأعمال بين البلدين»، إلى جانب «تعزيز التعاون في مجالات التعليم والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم العالي والبحث العلمي والنقل والسياحة».

تشكل المحادثات المصرية - القبرصية دفعة جديدة في مسار التعاون بين البلدين، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «نيقوسيا داعمة للمواقف المصرية داخل الاتحاد الأوروبي»، منوهاً إلى أهمية «تعزيز التعاون وتنسيق المواقف معها، قبل رئاسة قبرص للاتحاد الأوروبي مطلع العام المقبل، خصوصاً أن الاتحاد الأوروبي يعدّ الشريك التجاري الأول مع مصر».

ورحّب وزير الخارجية المصري بالدعم الذي تقدمه قبرص لبلاده داخل الاتحاد الأوروبي. وأشار إلى أهمية «مواصلة تقديم الدعم، خصوصاً مع اقتراب بدء الرئاسة القبرصية للاتحاد الأوروبي مطلع عام 2026».

ويرى بيومي أن «ملف الطاقة والتعاون في مجال الغاز يأتي في صدارة ملفات الشراكة بين البلدين، خصوصاً بعد تأسيس (منتدى غاز شرق المتوسط)»، وقال إن «المحادثات تناولت سبل ربط حقول الغاز في البلدين للاستفادة من محطات تسييل الغاز المصرية».

بدر عبد العاطي خلال لقاء رئيسة مجلس النواب القبرصية (الخارجية المصرية)

ودفعت جهود التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان إلى تدشين «منتدى غاز شرق المتوسط» عام 2019. وشدّد وزير الخارجية المصري خلال محادثاته مع نظيره القبرصي، الجمعة، على «أهمية تعزيز التعاون في ملف الطاقة بمنطقة شرق المتوسط»، إلى جانب «استمرار التنسيق المشترك، وربط حقول الغاز القبرصية بمصر»، حسب «الخارجية المصرية».

ووفق جمال بيومي، «يمتد التنسيق المصري - القبرصي ليشمل ملفات إقليمية»، لافتاً أن «هناك تشاوراً مستمراً بين البلدين بشأن الأوضاع في ليبيا وسوريا ولبنان والسودان».

وذكرت وزارة الخارجية المصرية أن محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره القبرصي تناولت «تطورات الأوضاع في ليبيا وسوريا ولبنان والسودان»، وشدّد عبد العاطي على ضرورة «احترام السيادة الليبية والنأي بها عن التدخلات الخارجية»، إلى جانب «احترام وحدة وسلامة الأراضي السورية، ودعم استقرار لبنان»، وكذا «ضرورة احترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السودانية».

أيضاً التقى وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى نيقوسيا، رئيسة البرلمان القبرصي، أنيتا ديميتريو، وأكد أهمية «دعم الأعضاء القبارصة بالبرلمان الأوروبي، في صرف الشريحة الثانية من الحزمة التمويلية المقدمة لمصر بقيمة 4 مليارات يورو».

وأشار عبد العاطي إلى رفض مصر القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وكذا الممارسات غير القانونية بالضفة الغربية والمخططات الاستيطانية غير الشرعية، مشدداً على أن حلّ الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 يعدّ الحلّ الوحيد لإحلال السلام العادل والشامل في المنطقة.


مقالات ذات صلة

مصر تعوّل على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة في اليمن

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي اليمني بالقاهرة في نوفمبر 2024 (الرئاسة المصرية)

مصر تعوّل على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة في اليمن

تعوّل مصر على الجهود الإقليمية لدعم مسارات التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، بما يحافظ على وحدة وسلامة أراضيه

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون في طابور أمام القنصلية المصرية بالرياض قبل الإدلاء بأصواتهم الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)

«ضعف المشاركة» في الاقتراع يهدد إعادة الدوائر الملغاة بـ«النواب» المصري

تُلاحق مخاوف «ضعف المشاركة» مجدداً الانتخابات البرلمانية المصرية مع انطلاق جولة إعادة التصويت في الدوائر الـ19 التي أُلغيت نتائجها بالمرحلة الأولى من «النواب».

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين المصري شريف فاروق أثناء تفقده أحد الأسواق بالقاهرة (وزارة التموين المصرية)

مصر: الفائدة تنخفض والتضخم يتراجع... ما تأثير ذلك على الأسعار؟

قررت «لجنة السياسة النقدية» بالبنك المركزي المصري، في اجتماعها، الخميس، خفض أسعار الفائدة بنسبة 1 في المائة.

أحمد جمال (القاهرة )
شمال افريقيا وزير التعليم المصري خلال تفقد مدرسة في محافظة كفر الشيخ الشهر الماضي (التربية والتعليم)

بين «الرواية الرسمية» وواقع «السناتر»... هل انكسرت شوكة «الدروس الخصوصية» بمصر؟

وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، قال إن «لغة الأرقام والمؤشرات الميدانية تعكس تراجعاً ملحوظاً في (بيزنس) الدروس الخصوصية».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
أفريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود يوقِّعان في يناير 2025 إعلاناً مشتركاً لترفيع العلاقات إلى «شراكة استراتيجية شاملة» (الرئاسة المصرية) play-circle

رفض عربي وأفريقي لاعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

أكّدت السعودية ومصر والصومال وتركيا وجيبوتي والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، الجمعة، إدانتهم ورفضهم التام اعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال دولةً مستقلةً

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، اليوم (الجمعة)، أن ألمانيا اعتذرت عن عدم إجراء تحليل لبيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، التي كانت تقل رئيس الأركان محمد الحداد ومرافقيه، لعدم توفر الإمكانات الفنية اللازمة للتعامل مع هذا النوع من الطائرات.

وأكدت الوزارة، في بيان على موقع «فيسبوك»، أنه تم الاتفاق مع تركيا على اختيار بريطانيا كجهة «محايدة» لاستكمال الإجراءات الفنية اللازمة بشأن الطائرة التي تحطمت يوم الثلاثاء، بعد نصف ساعة من إقلاعها من مطار أنقرة.

وقالت الوزارة إنه تقرر نقل جثامين القتلى صباح غد إلى مدينة طرابلس.

كانت الطائرة تقل رئيس الأركان محمد الحداد وعدداً من مرافقيه، وكانت قد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية الاتفاق مع السلطات التركية على إرسال الصندوق الأسود للطائرة إلى ألمانيا لضمان التحليل الفني الدقيق.


ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
TT

ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

في خطوة لافتة تحمل أبعاداً تتجاوز بعدها الدبلوماسي، جاء اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«جمهورية أرض الصومال» دولة مستقلة وذات سيادة، ليُشعل تساؤلات واسعة حول توقيته ودلالاته، خاصة في ظل الصراع المحتدم بين إسرائيل وجماعة الحوثي، والتوتر المتصاعد في البحر الأحمر.

هذا الاعتراف، الأول من نوعه على هذا المستوى، عدّه محللون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، رسالة ضغط مباشرة وطوقاً دبلوماسياً على رقاب الحوثيين، ومحاولة لإعادة رسم خرائط النفوذ قرب واحد من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم، وسط تباين في تقدير مآلاته بين من يحذّر من ترتيبات أمنية وعسكرية جديدة، ومن «يقلّل من فرص تحول الخطوة إلى مواجهة مفتوحة».

وأرض الصومال هو إقليم أعلن استقلاله من جانب واحد 1991، ولم تعترف به أي دولة، وتعارض الحكومة الصومالية مطلب استقلال أرض الصومال عنها، وعلى مدار عام 2024، نشبت أزمة بين أديس أبابا ومقديشو بسبب مساعي إثيوبيا لإبرام اتفاق للوجود على المنفذ البحري لأرض الصومال، وسط رفض مصري وعربي، وتدخلت تركيا بوساطة لإيقاف إثيوبيا عن هذا المسار.

تطويق للحوثيين

ويُعد أرض الصومال منطقة جوار لليمن، حيث تقع على الضفة المقابلة لخليج عدن، وتطل على مضيق باب المندب، وهو ممر مائي عالمي حيوي لعبور الملاحة الدولية بين آسيا وأوروبا، وهذا الممر شهد هجمات صاروخية وطائرات دون طيار من الحوثيين في السنوات الأخيرة، مما أثر على التجارة العالمية وأمن الملاحة، وفق ما يرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، مؤكداً أن الاعتراف مهم وله دلالات.

ويعطي الاعتراف إسرائيل «طوقاً دبلوماسياً في موقع جغرافي يمكن أن يكون بديلاً أو مكملاً لعملياتها في البحر الأحمر، خصوصاً إذا زاد الحوثيون هجماتهم على سفن أو طرق الملاحة»، وفق تقدير بري، موضحاً أن «إسرائيل ترى ذلك ليس فقط فرصة دبلوماسية، بل ركيزة استراتيجية لمراقبة الممرات المائية والإسهام في أمنها، وتعزيز تموضعها ضد النفوذ الإيراني والحوثي والضغط عليهما وتقليل قدرة الحوثيين على تهديد المصالح البحرية الإسرائيلية».

ويؤكد الباحث اليمني، أشرف المنش، ذلك، موضحاً أن اعتراف نتنياهو يأتي في سياق بحث إسرائيل عن قاعدة عسكرية قبالة اليمن لمواجهة ميليشيات الحوثي واعتراض تهديداتها لخطوط الملاحة، وذلك نظراً إلى تمتع «أرض الصومال» بموقع استثنائي يمتد على ساحل بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، وموقع استراتيجي عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي.

ويرى مراقبون أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» سيكون له تأثير على باب المندب، وقد يقيّد أي إمدادات تأتي إلى الحوثيين، لكن في المقام الأول سيهدد الملاحة والأمن في البحر الأحمر وسيزيد التوتر.

رئيس أرض الصومال يهاتف نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

وتسعى إسرائيل لخلق ما يشبه «كماشة» أمنية لمحاصرة النشاط العسكري الحوثي من جهة الشرق الأفريقي، وذلك بعد تحول السواحل الصومالية قبالة اليمن إلى نقاط تهريب نشطة للحوثيين ساعدهم في ذلك تحالفهم الوثيق مع «حركة الشباب الإرهابية» برعاية من «الحرس الثوري» الإيراني، وفق الخبير اليمني أشرف المنش.

ويعتقد رئيس مركز «جهود للدراسات» في اليمن، عبد الستار الشميري، أن الاعتراف من إسرائيل محاولة لوجود أكبر في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، والتموضع على ضفة القرن الأفريقي من خلال أرض الصومال وأيضاً الضفة اليمنية من خلال مهاجمة الحوثيين، وهذا سينعكس سلبياً على البحر الأحمر.

في المقابل، قلّل المحلل السياسي من أرض الصومال، عبد الكريم صالح، من المخاوف من العلاقات بين هرغيسا وتل أبيب، مؤكداً أن الاعتراف لن يؤثر على الصراع مع الحوثيين؛ إذ تربط إسرائيل علاقات دبلوماسية بالعديد من الدول العربية والإسلامية والدولية ولم يحقق ذلك شيئاً، مؤكداً أن الاعتراف مهم في سلسلة الاعترافات الدولية ليس أكثر من ذلك.

ورغم أن الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين بدأت في يوليو (تموز) 2024، فإن عام 2025 شهد زخماً أكبر من الاستهداف في عام 2025، بـ14 استهدافاً على الأقل، وقصف متكرر لميناء الحديدة، قبل الهجوم الكبير الذي استهدف حكومة الحوثي وقيادات عسكرية بارزة لديها في أغسطس (آب) الماضي.

إنشاء القواعد

وفي ضوء ذلك الاعتراف وهذا التصعيد الإسرائيلي ضد الحوثيين، لا يستبعد بري أن يتم احتمالات تعاون أمني، وبحث أفكار حول قاعدة أو تعاون عسكري في المستقبل، وهو بمثابة جزء من استراتيجية مواجهة تهديدات الحوثيين.

ويخلص إلى أن وجود عسكري إسرائيلي طويل المدى في أرض الصومال ليس مؤكداً اليوم، لكن القاعدة قد تتوسع إلى تعاون أمني أقوى إذا رأى الطرفان فائدة استراتيجية من ذلك، خصوصًا في مواجهة الحوثيين مقابل زخم الاعترافات.

وعن توقعاته لردود فعل الحوثيين، يعتقد بري أن التهديدات والهجمات من الحوثيين قد تتصاعد بوصفها رد فعل على أي شكل من أشكال وجود عسكري أو تعاون أمني مع إسرائيل قرب السواحل اليمنية، مستدركاً: «لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات رسمية من الحوثيين على كيفية ردهم مباشرة على الاعتراف الصوري فقط الذي لم يشمل التوسيع العسكري بإقليم مثل أرض الصومال».

بنيامين نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

ولا يستبعد أشرف المنش أيضاً -في ضوء التقاء المصالح بين إقليم أرض الصومال الساعي للحصول على اعتراف دولي وإسرائيل- أن تتجه المصالح الإسرائيلية إلى بناء منشأة عسكرية واستخباراتية لـ«تعزيز العمق الاستراتيجي» في القرن الأفريقي.

بينما يؤكد مراقبون أن وجود إسرائيل في الإقليم الانفصالي سيترتب عليه وجود عسكري لا محالة، لأن أي علاقات تسمح بمذكرات تفاهم تشمل نشر قواعد عسكرية وما شابه.

في المقابل، يرى عبد الكريم صالح أن المحادثات والوثائق المتبادلة بين الجانبين لم تتطرق إلى أي مسائل عسكرية. وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنهم سيتعاونون بشكل مكثف مع أرض الصومال في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد، دون أي حديث عن تعاون عسكري أو استخباراتي.

وبعد شائعات نفاها إقليم أرض الصومال في 2025، بشأن أن يكون الإقليم إحدى البقاع التي تستقبل الفلسطينيين من غزة، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في حسابه على منصة «إكس»، الجمعة، إنه خلال العام الماضي، وعلى أساس حوار شامل ومتواصل تشكّلت العلاقات بين إسرائيل وأرض الصومال. وأضاف: «عقب قرار رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، ورئيس جمهورية أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله، وقّعنا على اعتراف متبادل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، تشمل أيضاً تعيين سفراء وافتتاح سفارات»، مؤكداً أن إسرائيل ستكثّف التعاون مع أرض الصومال في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والزراعة والصحة.


مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

رفضت مصر إعلان الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة. كما عبّرت عن رفضها «أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية».

وجاء الموقف المصري في اتصالات لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، الجمعة، مع نظرائه في الصومال وتركيا وجيبوتي. وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكد الوزراء «الدعم الكامل لوحدة الصومال وسيادته»، إلى جانب «دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية».

الرفض المصري المدعوم بمواقف دول أخرى، جاء بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، اعتراف إسرائيل رسمياً بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة ذات سيادة، وهي أول دولة تعترف بـ«الإقليم الانفصالي» في الصومال دولة مستقلة.

وقال بيان صادر عن «الخارجية المصرية»، الجمعة، إن الوزير عبد العاطي تلقى اتصالات من نظرائه: الصومالي عبد السلام عبدي، والتركي هاكان فيدان، والجيبوتي عبد القادر حسين عمر، وشددوا على «الرفض التام وإدانة اعتراف إسرائيل»، إلى جانب «الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية».

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، يعتقد أن دعم إسرائيل «أرض الصومال» «سيفتح الباب لدول أخرى للاعتراف بهذا الإقليم». ورجح أن «تلجأ إثيوبيا إلى تفعيل اتفاقها مع (أرض الصومال)، للحصول على منفذ بحري لها، مقابل الاعتراف الرسمي به دولة».

وسيؤثر الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» استراتيجياً على مصالح الدولة المصرية في جنوب البحر الأحمر، وفق حليمة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود إسرائيل في هذه المنطقة سيعني حصولها على موضع قدم في جنوب البحر الأحمر وشماله في إيلات»، مشيراً إلى أن هذا التحرك «سيلقى معارضة شديدة من الدول العربية والأفريقية؛ لأن من مبادئ الاتحاد الأفريقي احترام حدود الدول وعدم المساس بها».

وسبق أن عارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع «إقليم أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على منفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي بعد توقيع اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» في القاهرة يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

وأكد عبد العاطي، الجمعة، أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول «سابقة خطيرة، وتهديد للسلم والأمن الدوليين ولمبادئ القانون الدولي»، وقال إن «احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الدول يمثّل ركيزة أساسية لاستقرار النظام الدولي».

كما شدد على «الرفض القاطع لأي مخططات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني خارج أرضه»، وقال إن «هذا المخطط ترفضه الغالبية العظمى لدول العالم بشكل قاطع».

ولن يغيّر الاعتراف الإسرائيلي الوضعية القانونية لـ«إقليم أرض الصومال» بعدّه جزءاً من أرض الصومال، وفق عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، عصام هلال، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما اتخذته إسرائيل خطوة أحادية تخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي».

ويرى هلال أن الدعم الإسرائيلي للإقليم الصومالي «يعدّ تحولاً دبلوماسياً، سينعكس على توازن القوى في منطقة القرن الأفريقي». وأكد ضرورة «تكثيف الجهود الدبلوماسية لحماية الأمن والاستقرار الإقليمي في هذه المنطقة».

ودائماً ما تؤكد مصر أن «أمن البحر الأحمر قاصر فقط على الدول المتشاطئة وليس مقبولاً أي وجود عسكري به»، وتكررت هذه التصريحات بعد أن أعلنت إثيوبيا طموحها لإيجاد منفذ بحري على ساحل البحر الأحمر.

و«إقليم أرض الصومال»، الذي يملك ساحلاً بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، يحتل موقعاً استراتيجياً عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي، ولا يحظى باعتراف دولي منذ انفصاله عن جمهورية الصومال الفيدرالية عام 1991.

ووقّع نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ورئيس «إقليم أرض الصومال»، عبد الرحمن محمد عبد الله، إعلاناً مشتركاً، وقال إن «إسرائيل تخطط لتوسيع علاقاتها مع الإقليم من خلال تعاون واسع في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد».