تصاعد التوتر في غرب دولة مالي، غير بعيد من الحدود مع موريتانيا، حين أقدم مسلحون من تنظيم «القاعدة»، الأربعاء، على قطع جميع الطرق إلى مدينتي إنيور وخاي الماليتين.
وتقع المدينتان المحاصرتان على بُعد كيلومترات قليلة من الحدود مع موريتانيا، في حين تعد خاي منطقة تبادل تجاري مهم بين مالي وموريتانيا، بينما تحظى مدينة إنيور بمكانة روحية، إذ تقع فيها حضرة صوفية لها ملايين الأتباع في منطقة غرب أفريقيا.
وحسب مصادر محلية فإن مسلحين من «جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة»، أغلقوا الطرق الرئيسية في المنطقة، ومنعوا السيارات والشاحنات من العبور من وإلى المدينتين، خصوصاً تلك القادمة من «كوكي الزمال»، وهو معبر حدودي بين موريتانيا ومالي، كما منعت الشاحنات القادمة من العاصمة باماكو من دخول المنطقة.

وتشير المصادر المحلية إلى أن «جبهة تحرير ماسينا» فرضت الحصار لإرغام السكان على إخراج الزكاة عن طريقها، وهو ما يرفضه بشدة تجار هذه المدن وزعاماتها التقليدية، خصوصاً زعيم الحضرة الصوفية في مدينة إنيور.
وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لشاحنات أضرم فيها المسلحون النيران حين حاول سائقوها خرق الحصار، كما تحدثت مصادر محلية عديدة عن مصادرة سيارات رباعية الدفع كانت تسلك الطريق الوطني المؤدي إلى مدينة إنيور.
وتسبب الحصار في موجة من الذعر في أوساط السكان المحليين، وازداد هذا الخوف بعد انتشار أنباء تفيد بأن المسلحين ينوون دخول المدينتين، خصوصاً مدينة إنيور، وسط شائعات عن سعي التنظيم الإرهابي لاعتقال زعيم الحضرة الصوفية الموجودة في المدينة.
في غضون ذلك، لم يصدر أي بيان من «جبهة تحرير ماسينا» أو تنظيم «القاعدة» بخصوص هذه التطورات، ولا الأهداف التي دفعت التنظيم إلى التصعيد في منطقة ظلت لأكثر من عشر سنوات في دائرة نفوذه التقليدي، دون أن يستهدف هذه المدن الكبيرة نسبياً.
وظلت «جبهة تحرير ماسينا» التي يقودها المالي أمادو كوفا، تتمركز في الغابات القريبة من مدن وسط وغرب دولة مالي، واتخاذها مراكز خلفية لتدريب مقاتليها ولشن هجمات خاطفة في المنطقة ضد الجيش ومراكز الدولة ومؤسساتها.
أما الجيش المالي فلم يصدر عنه أي بيان أو تعليق حول هذه التطورات، فيما مددت السلطات المحلية في إقليم خاي حظر التجوال الليلي لشهر إضافي، دون تقديم أي توضيحات، مكتفيةً بالإشارة إلى الوضع الأمني الصعب في المنطقة.
وقالت مصادر محلية إن وحدات من الجيش المالي مدعومةً بالفيلق الروسي تحركت في المنطقة، ونجحت صباح (الخميس) في فتح الطريق الرابط بين مدينة إنيور والعاصمة باماكو.

على صعيد آخر، نشرت صحف مقربة من الجيش في مالي برقية إخبارية تتحدث عن اقتناء الجيش معدات وأسلحة من بينها «دبابات ومصفحات وشاحنات»، وقالت إن الجيش دخل في مرحلة جديدة من «تعزيز القدرات العملياتية».
وأضافت هذه المصادر أن الجيش استعرض معداته الجديدة أمام «حشود غفيرة على طول الطريق المعبّد، للتعبير عن فرحتها ودعمها للجيش المالي عند وصول معدات عسكرية متطورة وحديثة».
وأضافت أن هذه المبادرة «تأتي في إطار عملية تعزيز القدرات العملياتية للقوات المسلحة المالية (فاما)، تحت إشراف رئيس المرحلة الانتقالية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، الجنرال أسيمي غويتا، ووزير دفاعه، الفريق أول ساديو كامارا».
ورغم أن الجيش المالي استثمر في تحديث معداته وأسلحته، ودخل في شراكة أمنية وعسكرية مع روسيا، يوجد بموجبها مئات جنود الروس في مالي، فإن مناطق واسعة من البلاد لا تزال خارج سيطرة الدولة، وتنشط فيها جماعات موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

