تركي اليوسف: «عبيد» أرهقتني... ونجاح «أمي» يُذكرني بـ«دمعة عمر»

الممثل السعودي قال لـ«الشرق الأوسط»: التراجيديا تجذب الجمهور... والـ90 حلقة استنزفت أعصابي!

مشهد من المسلسل يُعذِّب فيه عبيد الطفلة (شاهد)
مشهد من المسلسل يُعذِّب فيه عبيد الطفلة (شاهد)
TT

تركي اليوسف: «عبيد» أرهقتني... ونجاح «أمي» يُذكرني بـ«دمعة عمر»

مشهد من المسلسل يُعذِّب فيه عبيد الطفلة (شاهد)
مشهد من المسلسل يُعذِّب فيه عبيد الطفلة (شاهد)

بين الكراهية والتعاطف، تفاعل الجمهور بشكل واسع مع شخصية «عبيد» في المسلسل السعودي (أمي)، الذي لم يكن مجرد رجل شرير، بل كان كابوساً يمشي على قدمين. عبر 90 حلقة قدَّم فيها الممثل السعودي تركي اليوسف وجهاً آخر للشر، من خلال هذه الشخصية التي مارست جميع أشكال التعنيف على طفلة صغيرة، بدافع تفريغ عقد الطفولة القديمة، في العمل الذي عُرضت حلقته الأخيرة هذا الأسبوع بعد أن تصدَّر قائمة «إم بي سي» للأعمال الأكثر مشاهدة لفترة طويلة.

يتحدّث اليوسف لـ«الشرق الأوسط» عن شخصية «عبيد» التي شكّلت محور العمل بما حملته من شر وعنف، مبيناً أن أصعب ما واجهه في «أمي» لم يكن فقط طول مدة العمل، بل الاستمرارية في تقديم شخصية مرهقة على المستوى النفسي، ويُضيف: «ما زلت متعباً من شخصية عبيد لأنها أرهقت أعصابي. هي شخصية صعبة جداً، تضم مجموعة من العقد المتشابكة، تجعل الجمهور يكرهها أحياناً، ويتعاطف معها أحياناً أخرى. وأنا نفسي كنت أشعر بالمزيج نفسه، وهو ما جعل الأداء مرهقاً ومليئاً بالانفعالات».

ويُتابع أن الرهان على «عبيد» كان مغامرة محسوبة، بالقول: «راهنت على الشخصية، والحمد لله كسبت الرهان من خلال ردود فعل الجمهور التي فاقت توقعاتي!». ويصف اليوسف التفاعل الكبير مع «عبيد» بأنه أخذ منحى غير متوقع، بالقول: «الناس اندمجوا لدرجة تُشبه التصديق، وهذا أضحكني أحياناً، وأزعجني أحياناً أخرى. بعضهم يصادفني في الأماكن العامة ويتحدّث معي بجدية كأنني عبيد نفسه!».

عبيد وزوجته سهام في مشهد من المسلسل (شاهد)

أثر «عبيد»

بسؤاله: لماذا ترك «عبيد» هذا الأثر؟ يرى اليوسف أن قوة الدور تكمن في واقعيته، مضيفاً: «الشر لم يُقدَّم هنا بطريقة سطحية، بل بأسباب ودوافع، فلا يوجد شر يولد من العدم. عبيد كان ضحية في طفولته، وعندما كبر أعاد إنتاج طفولته على شكل انتقام من طفلة صغيرة. يعتقد بعضهم أن عليه تجاوز الماضي والتعاطف مع الطفلة، لكن ليس كل البشر قادرين على ذلك، وهذا ما جعل الشخصية صعبة ومخيفة في آنٍ واحد، والجمهور التقط هذه الزاوية بذكاء».

ويؤكد اليوسف أنه كان يخشى ردود الفعل النمطية، قائلاً: «أسعدني أن كثيرين فهموا العمق النفسي للشخصية، ورأوا فيها أكثر من مجرد رجل شرير». وعن اختياره المُتكرر للشخصيات المركبة، يقول: «أنا أميل إلى الأدوار غير التقليدية، سواء كانت شريرة أو طيبة، المُهم أن يمنحني النص مساحة للحركة والتجسيد، كما أن النصوص المتكاملة نادرة، لكن عندما أجد شخصية مليئة بالعقد النفسية، أتشجّع لخوضها حتى لو كانت مرهقة».

تركي اليوسف يؤكد ميله للأدوار التراجيدية والمعقدة (إنستغرام)

سر النجاح... الأمومة

أما عن سر انتشار مسلسل «أمي» الكبير، فيعيده اليوسف إلى موضوع الأمومة، متابعاً: «إذا عدت بذاكرتي إلى مسلسل (دمعة عمر) الذي قدمناه قبل نحو عقدين، سنجد أن السبب نفسه وراء نجاحه: الأمومة... فهي نبض الحياة، وعندما تُطرح بصدق وبجودة فنية تترك أثراً لا يُمحى، ويجد الجمهور نفسه يرتبط عاطفياً بهذه القضايا لأنها تمسّه بشكل مباشر».

ويرى اليوسف أن المشهد الدرامي المحلي «امتلأ بالكوميديا والإثارة والرومانسية، لكن الأعمال التراجيدية التي تلامس مشاعر الناس العميقة تظل مطلوبة، كما أعدّ أن مسلسل (أمي) جاء ليعيد هذا النوع من الدراما بقوة».

تركي اليوسف في دور المُعنف عبيد (شاهد)

بين «دمعة عمر» و «أمي»

ويُعيد نجاح اليوسف في هذا المسلسل الذاكرة إلى النجاح الكاسح الذي حققه قبل نحو عقدين في مسلسل «دمعة عمر»؛ حيث ما زال حاضراً في أذهان شريحة كبيرة من الجمهور. وبسؤاله عن ذلك، يقول: «بدأت أعتقد أن (أمي) قد يترك الأثر نفسه الذي تركه (دمعة عمر) قبل 22 عاماً. مع اختلاف الشخصيتين تماماً، إلا أن القاسم المشترك هو الصدى الكبير لدى الجمهور... لكن شخصية عبيد كانت بلا شك أكثر صعوبة، وتطلّبت مني جهداً مضاعفاً».

ويختم حديثه بالقول: «أنا راضٍ عن نحو 80 في المائة من ردود الفعل، وهذا رقم كبير بالنسبة لي، والأهم أنني خرجت من التجربة وأنا أشعر بأنني كسرت حاجزاً جديداً في مسيرتي».

جدير بالذكر أن مسلسل «أمي» هو النسخة العربية من دراما تركية تحمل الاسم نفسه، وهو من إخراج جودت مرجان، وبطولة تركي اليوسف، والعنود سعود، وزهرة عرفات، ورنا جبران، وسناء بكر يونس، وفايز بن جريس، ونايف الظفيري، والطفلة ترف العبيدي. وقد صُوِّر العمل في العاصمة الرياض، وامتد عرضه من 4 مايو (أيار) إلى 3 سبتمبر (أيلول).


مقالات ذات صلة

«ميد تيرم»... حكايات طلابية في زمن الخصوصية الهشّة

يوميات الشرق من كواليس التصوير (حساب ياسمينا العبد على «فيسبوك»)

«ميد تيرم»... حكايات طلابية في زمن الخصوصية الهشّة

يقدّم مسلسل «ميد تيرم» معالجة درامية تنطلق من الحياة اليومية داخل الجامعة بوصفها مساحة تتكثف فيها الأسئلة والضغوط والتجارب الأولى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

تعود خيرية نظمي إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

رحيل «الوجه الأرستقراطي» سمية الألفي

صدم خبرُ وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاماً الوسطَ الفني. ونعى وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، الراحلة، مؤكداً أنَّها «أسهمت بأعمالها المتنوعة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

حزن في الوسط الفني المصري لرحيل الوجه الأرستقراطي سمية الألفي

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، السبت، لرحيل الفنانة سمية الألفي، التي توفيت بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 72 عاماً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)

«سلمى»... نهاية صادمة مقابل أداء تمثيلي متقن

استغرب متابعو المسلسل المعرّب «سلمى» نهايته الفاترة وغير المتوقعة، فخاب أمل المشاهد العربي بعمل درامي أغرته قصّته الإنسانية.

فيفيان حداد (بيروت)

الشراكات الأميركية - السعودية تعيد تشكيل «المشهد السينمائي»

مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)
مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)
TT

الشراكات الأميركية - السعودية تعيد تشكيل «المشهد السينمائي»

مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)
مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)

في مشهد يعكس تحوّل السينما من فعل ثقافي إلى صناعة عابرة للحدود، حضرت البعثة الأميركية لدى المملكة العربية السعودية، عبر القنصلية العامة الأميركية في جدة، على هامش «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي»، لتسلّط الضوء على الريادة الأميركية في صناعة السينما والتقنيات الإبداعية وصناعة الترفيه، مؤكدة موقع الولايات المتحدة بوصفها مركزاً عالمياً للسرد القصصي والابتكار، وشريكاً فاعلاً في بناء الاقتصاد الإبداعي السعودي.

هذا الحضور لم يأتِ بوصفه مشاركة احتفالية عابرة، بل ضمن استراتيجية ثقافية طويلة الأمد، تستثمر في الإنسان والمحتوى والسوق، وتربط بين الطموحات السعودية المتسارعة والخبرة الأميركية المتراكمة في صناعة الصورة؛ من الكتابة إلى التوزيع العالمي.

التزام ثقافي يتجاوز العناوين

وأكدت القنصلية العامة الأميركية التزام البعثة الأميركية لدى المملكة دعم الاقتصاد الإبداعي المتنامي، عبر برامج تطوير مهني مختصة وفعّالة، تستهدف صُنّاع الأفلام والكتّاب والمنتجين، ولا تكتفي ببناء المهارات، بل تعمل على دمج المبدعين السعوديين في منظومة الصناعة الدولية.

ويشمل هذا الالتزام تعاوناً مستمراً مع مبادرات ومنصات دولية، من أبرزها: «غلوبال ميديا ميكرز (Global Media Makers)»، و«كرييتيف أفريكان تليفيجين (Creative African Television)»، و«مبادرة الشرق الأوسط للإعلام (The Middle East Media Initiative – MEMI)»، التي تنفذها «فيلم إندبندنت» بالشراكة مع «مدرسة الفنون السينمائية بجامعة جنوب كاليفورنيا (USC)». وتهدف هذه البرامج إلى خلق مساحات تلاقٍ حقيقية بين صُنّاع الأفلام في المملكة ونظرائهم في الولايات المتحدة، بما يعزز التعاون الإبداعي والتجاري في آن معاً.

وفي هذا السياق، قال ستيفن إيبيلي، رئيس قسم الشؤون الثقافية والإعلامية بالقنصلية الأميركية في جدة، لـ«الشرق الأوسط»: «تعكس هذه المبادرات التزامنا المشترك دعم الطموحات الإبداعية للمملكة، وضمان استمرار حضور الابتكار والموهبة الأميركية في هذه الشراكة الديناميكية والمتنامية».

عندما تغيّر الشراكات شكل الحكاية

السؤال الذي يفرض نفسه اليوم لم يعد: كم عدد ورشات العمل؟ بل: كيف أثّرت هذه الشراكات على شكل السرد السينمائي نفسه؟

الإجابة، وفق ستيفن إيبيلي، «تشير إلى تحوّل نوعي، فمبادرات مثل (MEMI)، المدعومة من وزارة الخارجية الأميركية، لا تكتفي بتدريب نظري، بل تقدم نماذج عملية لورشات كتابة السيناريو، وآليات عرض المشروعات، وبناء الحزم الإنتاجية، وهي أدوات بات الخريجون يوظفونها مباشرة في أفلام ومسلسلات دخلت السوق التجارية».

وتوضح ريتشل غاندين مارك، المؤسسة المشاركة للمبادرة، أن «هذه البرامج تسهم في تعزيز فرص الإنتاج المشترك والتبادل التجاري، وتساعد المبدعين على الانتقال من مرحلة التطوير إلى التوزيع العالمي، مع الحفاظ على الأصالة والقصص المرتبطة بالجذور المحلية. بهذا المعنى، تتحول الشراكة من نقل معرفة إلى إعادة تشكيل لغة السينما، حيث تلتقي الحكايات المحلية مع أدوات إنتاج قادرة على الوصول إلى جمهور عالمي».

الأرقام تتحدث: تعاون واسع ومستدام

وتعكس المؤشرات الرقمية حجم هذا التعاون واتساعه؛ فمنذ عام 2018، وصلت البرامج المدعومة من وزارة الخارجية الأميركية إلى آلاف المبدعين السعوديين في مجالات السينما والتلفزيون والإعلام التفاعلي. وقدم «The American Film Showcase» سبع ورشات عمل ودورات تدريبية متقدمة داخل المملكة، استفاد منها أكثر من ألفي مشارك سعودي، كما ساهمت مبادرة «MEMI» في تدريب 84 كاتباً ومنتجاً سعودياً عبر برامج وورشات عمل إقليمية مختصة. وقد امتدت هذه المبادرات عبر مدن سعودية متعددة وتخصصات إنتاجية مختلفة؛ مما يعكس التزاماً مؤسسياً طويل الأمد، لا يقتصر على مبادرات فردية أو مؤقتة.

المستقبل: إنتاج مشترك واقتصاد محتوى

ومع تسارع نمو الاقتصاد الإبداعي في المملكة، تتجه الشراكات الأميركية - السعودية إلى آفاق أوسع، تشمل الإنتاج المشترك للأفلام والمسلسلات، ومنصات البث الرقمي، والألعاب، وتقنيات صناعة الأفلام المتقدمة.

وتغطي الشراكات القائمة بالفعل تطوير كتابة السيناريو، وتصميم الإنتاج، والتصوير السينمائي، والتحرير، والوسائط التفاعلية؛ مما يهيئ الأرضية لتعاون تجاري أعمق، مدفوعٍ بالطلب العالمي على محتوى محلي الهوية، وقادرٍ في الوقت نفسه على المنافسة دولياً.

كما تعكس مشاركة «الهيئة العامة للسينما السعودية» في السوق الأميركية للأفلام هذا التوجه، عبر توسيع فرص الإنتاج المشترك والاستثمار، وتعزيز الروابط التجارية والإبداعية بين البلدين.

مهرجان يتحول منصة صناعة

في هذا السياق، لا يبدو «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» مجرد حدث ثقافي، بل منصة استراتيجية تُعاد فيها صياغة العلاقات بين الثقافة والصناعة، فتتحول السينما إلى لغة مشتركة، والاستثمار إلى امتداد للسرد، في لحظة تشهد فيها السينما السعودية انتقالها من المحلية إلى العالمية بثقة محسوبة.


كلارا خوري: الأمومة والإنكار وهواجس المرأة جذبتني لـ«غرق»

كلارا خوري تعبر عن فخرها بمشاركتها في فيلم «صوت هند رجب» (الشرق الأوسط)
كلارا خوري تعبر عن فخرها بمشاركتها في فيلم «صوت هند رجب» (الشرق الأوسط)
TT

كلارا خوري: الأمومة والإنكار وهواجس المرأة جذبتني لـ«غرق»

كلارا خوري تعبر عن فخرها بمشاركتها في فيلم «صوت هند رجب» (الشرق الأوسط)
كلارا خوري تعبر عن فخرها بمشاركتها في فيلم «صوت هند رجب» (الشرق الأوسط)

قالت الممثلة الفلسطينية كلارا خوري إن شخصية «نادية» في الفيلم الأردني «غرق» جذبتها كثيراً، لكونها تلامس المرأة في مشاعرها، وإحباطاتها، والضغوط التي تواجهها، مؤكدة أن حالة الإنكار التي تعيشها البطلة شكّلت عنصراً مثيراً بالنسبة لها. وأضافت، في حديثها إلى «الشرق الأوسط»، أنها حرصت على ألا تعرف كثيراً عن المرض النفسي الذي يعانيه الابن، كي تحافظ على عفوية ردّة فعلها خلال التصوير، مشيرةً إلى فخرها بالمشاركة في فيلم «صوت هند رجب»، الذي أدّت فيه شخصية «نسرين قواص»، مسؤولة الصحة النفسية في مكتب الإسعاف الفلسطيني.

في فيلم «غرق»، تبدو حياة «نادية» مثالية وبراقة في نظر الآخرين، فيما تعاني المرأة الأربعينية من ضغوط ومشكلات داخلية، وشعور متزايد بفقدان ذاتها، ما يدفعها إلى الانعزال عاطفياً. غير أن الانهيار الحقيقي في حياتها يبدأ حين يتسبَّب السلوك العنيف لابنها في المدرسة بإيقافه عن الدراسة، إثر إصابته بمرض عقلي لم يُشخَّص بعد. ومع تدهور حالته، يتفاقم صراع «نادية» لإقناع من حولها بأن ابنها طبيعي.

شارك فيلم «غرق» في الدورة الخامسة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، ضمن مسابقة «الأفلام الروائية الطويلة»، مقدّماً نظرة حميمية إلى رابطة الأمومة، بوصفها صورة للحب غير المشروط في مواجهة الفوضى. ويشارك في بطولته محمد نزار ووسام طبيلة، وهو من تأليف زين دريعي وإخراجه، وإنتاج مشترك بين الأردن والسعودية وفرنسا وإستونيا. كما فاز الفيلم بجائزة «التانيت البرونزي» في «مهرجان قرطاج السينمائي»، وعُرض للمرة الأولى في «مهرجان تورونتو»، إضافة إلى مشاركته في «مهرجان لندن السينمائي».

تروي كلارا خوري تجربتها مع الفيلم قائلة: «حدّثتني صديقتي، المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، عن العمل، وقالت إن المخرجة زين دريعي تمتلك سيناريو رائعاً، وتشعر أنني الأنسب لتجسيد شخصية (نادية). قرأت النص ووقعت في حب الشخصية والفيلم بأكمله، لأنه ليس عملاً عادياً؛ فنادراً ما أجد دور امرأة بعيداً عن النمطية، ينطوي على هذا القدر من العمق والتعقيد. (نادية) أمّ لثلاثة أطفال، تحمل عبء العائلة على كتفيها، فيما زوجها منشغل بأسفاره الدائمة، وتحاول تحقيق توازن صعب بين مسؤولياتها الأسرية».

وتظهر كلارا في مشاهد تعكس إحباط الشخصية واكتئابها، مبرّرة ذلك بقولها: «نادية امرأة تبدو كئيبة، تفتقد السعادة لأنها لم تحقق أحلامها. في مجتمعاتنا الشرقية، يُنظر إلى المرأة بعد الزواج والإنجاب على أنها مطالبة بالتخلي عن طموحاتها، لتصبح حياتها عطاءً فقط. لهذا جذبني الفيلم، وقلت: أريد هذا السيناريو».

لكن أكثر ما لمسها في العمل، حسب قولها، هو تقاطعه مع تجربتها الواقعية أمّاً: «أتمنى، كأي أم، أن ينجح أولادي ويحققوا أحلامهم، وهذا ما تريده (نادية) أيضاً. غير أن أكثر ما أدهشني هو حالة الإنكار التي تعيشها؛ إذ ترفض الاعتراف بمرض ابنها، فتتعقّد الأمور بين الحب والخوف والإنكار».

وعن استعدادها للدور، توضح: «حاولت أن أعيش اللحظة بصدق، وتعمدت ألا أعرف الكثير عن المرض النفسي، عن قصد. لم أكن أريد درس الحالة، بل الحفاظ على حيوية ردّة الفعل، لتخرج طبيعية، لا أقرب إلى التمثيل».

كلارا خوري تتوسط المخرجة زين دريعي والممثل محمد نزار (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

في تعاونها مع المخرجة زين دريعي في أول أفلامها الروائية الطويلة، ترى كلارا خوري أن زين «إنسانة محبوبة جداً»، مؤكدة أنها أحبتها وأحبت كتابتها للسيناريو. وتصف العمل قائلة: «وجدته يُغرِّد خارج المألوف، فقلَّما نجد من يتناول موضوع الصحة النفسية في مجتمع مغلق، يتعامل مع هذه القضايا بوصفها عيباً لا يرغب في كشفه».

وتتحدث عن ردود الفعل على الفيلم بين مهرجاني «تورونتو» و«البحر الأحمر»، موضحةً أنه «لم يكن هناك اختلاف في التلقي؛ لأن القصة عالمية تمسّ الشرق والغرب على حد سواء، وهذه هي عبقرية الفيلم؛ إذ يخلو من السياسة، وينحاز إلى العائلة، وإلى العلاقة بين الأم وابنها، وإلى جيل المراهقين الذين يبتعدون عن أسرهم بدعوى الاستقلالية، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى نوع من القطيعة مع العائلة».

وترى خوري أن قلبها يشكّل بوصلة اختياراتها الفنية، قائلة: «بصفتي ممثلة، أميل إلى الأعمال التي تلامسني إنسانياً وتحمل معنى ورسالة. أحب التحديات، وإذا لم يتضمن الدور صعوبة حقيقية فلا يجذبني، خصوصاً في ظل ندرة الأدوار التي تستهويني».

وعن علاقتها بالممثل الشاب محمد نزار، تقول إنهما شكّلا معاً علاقة صادقة بين أم وابنها على الشاشة: «حين التقيت نزار للمرة الأولى أحببته فوراً؛ لأنه يشبه ابني. ما يهمني دائماً هو المعاملة الإنسانية البسيطة التي تعكس حباً وعطاء. صرنا نتواصل من دون كلام، وسيظل ابني إلى الأبد».

وترى الفنانة الفلسطينية أن دورها في فيلم «غرق» من أصعب أدوارها، موضحة: «أعدّه من أكثر الأدوار تحدّياً في مسيرتي؛ لأن الشخصيات التي جسَّدتها سابقاً لم تكن بهذا القدر من العمق والتعقيد».

كما عبّرت كلارا عن فخرها بالمشاركة في الفيلم التونسي «صوت هند رجب»، الذي أدّت فيه شخصية «نسرين القواص»، المسؤولة عن الصحة النفسية للعاملين في مكتب الإسعاف الفلسطيني خلال حرب غزة، حيث تحاول حمايتهم من الانهيار العصبي والانفعالات الحادة، في خضم محاولاتهم إنقاذ الطفلة الفلسطينية هند رجب. ورأت في الفيلم «وثيقة إدانة مهمة لحرب الإبادة»، مؤكدة أنه من أهم أعمالها الفنية، ومعبّرة عن اعتزازها بالتعاون مع المخرجة كوثر بن هنية في «فيلم كان صوتنا إلى العالم»، على حد تعبيرها.


البترون إلى العالمية... بعد كسرها رقم «غينيس» لرسائل «سانتا كلوز»

مجموعة من الرسائل كتبها الأولاد لـ«سانتا كلوز» (بترونيات)
مجموعة من الرسائل كتبها الأولاد لـ«سانتا كلوز» (بترونيات)
TT

البترون إلى العالمية... بعد كسرها رقم «غينيس» لرسائل «سانتا كلوز»

مجموعة من الرسائل كتبها الأولاد لـ«سانتا كلوز» (بترونيات)
مجموعة من الرسائل كتبها الأولاد لـ«سانتا كلوز» (بترونيات)

مرة جديدة، تُثبت مدينة البترون الشمالية في لبنان حضورها على الخريطة العالمية، بعدما نجحت في تحطيم رقم قياسي جديد أُدرج في موسوعة «غينيس للأرقام القياسية» لفئة «أكبر عدد من الرسائل المرسلة إلى سانتا كلوز خلال 24 ساعة».

هذا الإنجاز ليس الأول للبلدة الساحلية، إذ سبق لها أن دخلت الموسوعة مرتين عبر تسجيلها «أكبر كوب ليموناضة» و«أطول مائدة سمك». كما شهدت عام 2020 حدثاً استثنائياً حين احتضنت الساحة الفاصلة بينها وبين بلدة شكا أكبر شجرة ميلاد مصنوعة من قناني البلاستيك. واستقطبت حينها ملايين الزوار، لتُلقَّب المنطقة يومها بـ«عاصمة الميلاد» في الشرق الأوسط.

الإنجاز طال الأولاد كما الكبار والمسنين (بترونيات)

وجاء الرقم القياسي الجديد ضمن فعاليات «بترونيات»، حيث شارك آلاف الأطفال وتلامذة المدارس في كتابة رسائلهم وتوجيهها إلى «سانتا كلوز». وخلال 12 ساعة فقط، امتدت من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساءً، جُمعت 2924 رسالة، كاسرة بذلك الرقم القياسي السابق الذي سجّلته دبي في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، والبالغ 2144 رسالة خلال 24 ساعة.

وأشرف على إدارة المسابقة فريق مؤلف من 12 شخصاً توزَّعوا بين المدارس والمنازل والمراكز الاجتماعية في المنطقة. وتولت كارولين شبطيني مهمة التنسيق والتواصل مع موسوعة «غينيس»، مستندة إلى خبرتها الواسعة في هذا المجال. فهي سبق أن شاركت في إدخال 6 أرقام قياسية إلى الموسوعة.

وشاركت في الحدث 4 مدارس من شكا، و8 أخرى من البترون. ولاختصار الوقت، استُعين بمؤسسة «مغامرات الفيسبا». وتولّت دراجاتها النارية جمع الرسائل من مختلف الأحياء، ومن ثم نقلها إلى صندوق بريد ضخم أُقيم في ساحة البترون.

شهادة موسوعة «غينيس» تُوِّثق تحطيم البترون الرقم القياسي في عدد الرسائل المرسلة لـ«سانتا كلوز» (بترونيات)

وتروي كارولين لـ«الشرق الأوسط» أجواء هذا النشاط، قائلة: «واجهنا بعض الصعوبات لإنجاز المهمة ضمن الوقت المحدد، خصوصاً أن هدفنا الأساسي كان كسر الرقم الذي حققته دبي قبل أيام».

وعن مضمون الرسائل، توضح: «اللافت أن عدداً كبيراً من الأطفال لم يطلبوا لأنفسهم فقط، بل تذكروا العائلات الفقيرة. وتمحورت طلباتهم حول تأمين مسكن لائق، وأثاث، وسقف يحميهم. بينما طلب آخرون مبلغاً من المال لشراء هدايا لأصدقاء أو زملاء محتاجين».

كما شملت الطلبات ألعاباً إلكترونية مثل «بلاي ستيشن»، ودراجات «سكوتر»، إضافة إلى أسرّة، وورش دهان لمنازل قديمة تعاني من الرطوبة والعفن. وتضيف كارولين: «جمعنا نحو 500 تلميذ في مسرح إحدى المدارس لتسريع العملية. كما جابت الدراجات النارية الأزقة لنقل رسائل أشخاص تعذَّر عليهم الوصول إلى مكان المسابقة».

ولم تخلُ الرسائل من الطرافة، إذ طلبت بعض الصبايا من «سانتا كلوز» إيجاد العريس المناسب. في حين تمنى آخرون أن يستيقظوا عشية العيد على مبلغ من الدولارات تحت الوسادة.

يُذكر أن أصل شخصية «سانتا كلوز» يعود إلى القديس نيقولاوس، وهو أسقف مسيحي يوناني عاش في القرن الرابع الميلادي في مدينة ميرا (تقع اليوم في تركيا)، واشتهر بكرمه وتقديمه الهدايا سرّاً للفقراء، خصوصاً الأطفال. وانتقلت قصته عبر أوروبا، خصوصاً في هولندا حيث عُرف باسم «سينتر كلاوس»، قبل أن يحملها المهاجرون إلى أميركا، وتتبلور هناك شخصية «سانتا كلوز» بصورتها المعاصرة. ويُنسب تثبيت ملامحها البصرية إلى رسومات الفنان الأميركي توماس ناست في القرن الـ19.

أجواء احتفالية في شوارع البترون أثناء توزيع الهدايا على الأطفال (بترونيات)

وعن مصير هذه الطلبات، تقول كارولين: «سننظم يوماً ماراثونياً طويلاً بين عيدي الميلاد ورأس السنة في البترون، يشارك فيه عدد من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، فيجمعون التبرعات اللازمة ويعملون على تحقيق هذه الأمنيات على أرض الواقع».

ولم تكتفِ البترون، الملقبة بـ«عاصمة الميلاد»، بجمع الأمنيات فحسب، بل بادرت فور تسجيل الإنجاز إلى توزيع نحو 3000 هدية على جميع المشاركين، إضافة إلى إيصال هدايا إلى منازل مسنين وعائلات محتاجة، مؤكدة أن العطاء يبقى جوهر العيد ومعناه الأسمى.

وتختم كارولين شبطيني: «لقد حاولت فعاليات (بترونيات) من خلال هذا الحدث رسم الفرح على أكبر عدد من وجوه الأطفال. ونجحت في ذلك خصوصاً أن مشهد توزيع الهدايا تصدَّر وسائل التواصل الاجتماعي. وتصدرت صورة الشهادة الرسمية التي تلقيناها من موسوعة (غينيس) الترند».