يشهد شاي الماتشا رواجاً كبيراً في الفترة الأخيرة. فخلال الأشهر الماضية أصبح عنصراً أساسياً في محتوى منصات التواصل الاجتماعي، حيث يروج له المؤثرون، وخبراء العافية، ومستخدمو «تيك توك» على حد سواء، مشيدين بفوائده الصحية.
من مشروبات اللاتيه باللون الأخضر الفاتح إلى العصائر المليئة بمضادات الأكسدة، لم يعد الماتشا -وهو مسحوق الشاي الأخضر- مجرّد مشروب، بل أصبح رمزاً لنمط حياة عصري.
لكن في تطور مفاجئ، تدّعي إحدى النساء أن هوسها بالماتشا خرج عن السيطرة، ما أدى إلى نقلها إلى المستشفى، بحسب موقع «إندي 100».
وعلقت لين شازين على مقطع فيديو نشرته عبر «تيك توك»، صُوّر من سرير المستشفى بينما كانت متصلة بجهاز للتنقيط الوريدي: «ارقدي بسلام يا مرحلة هوسي بالماتشا».
وقد حقق الفيديو نحو 5.5 مليون مشاهدة، مع تفاعل كبير من مشاهدين فضوليين لمعرفة ما حدث.
ما الذي جرى بالفعل... وهل هناك آثار جانبية حقيقية؟
في متابعة لاحقة، نشرت لين، وهي خريجة علوم وتمريض، مقطعاً أوضحت فيه أن مستويات الحديد لديها انخفضت نتيجة استهلاكها للماتشا.
وقالت: «بسبب ذلك، اضطررت لتلقّي عمليات نقل حديد لرفع مستويات الحديد لديّ». وأشارت إلى أنها لم تكن تشرب الماتشا يومياً، بل مرة كل أسبوعين فقط.
كما عرضت نتائج تحليلها التي أظهرت أنها تعاني من «فقر دم شديد».
هل الماتشا هو السبب فعلاً؟
وفقاً للدكتورة ليبي أرتينجستال، المديرة الطبية لمؤسسة «بروجوفينيت»، فإن ذلك ممكن، وإن كان نادر الحدوث.
فالماتشا، شأنه شأن جميع أنواع الشاي الأخضر، يحتوي على البوليفينولات، وهي مركبات مضادة للأكسدة نشيد غالباً بفوائدها الصحية.
لكن هذه المركبات نفسها يمكن أن تعوق امتصاص الجسم للحديد غير الهيمي، أي الحديد الموجود في الأغذية النباتية والمُدعّمة بالحديد.
وأوضحت أرتينجستال لـ«إندي 100»: «يمكن أن تعوق البوليفينولات الموجودة في الشاي الأخضر الشائع امتصاص الحديد غير الهيمي، خاصةً عند تناول الشاي مع الوجبات، أو بعدها مباشرةً».
ورغم أن عشاق الماتشا ليسوا بحاجة للذعر، فإنه لا يمكن تجاهل المخاطر تماماً.
وقالت: «هناك تقارير نادرة عن حالات ساهم فيها الشاي في فقر دم حاد ناتج عن نقص الحديد تطلّب علاجاً في المستشفى».
وأضافت: «بالنسبة لمعظم الناس، الخطر العملي يتمثل في انخفاض امتصاص الحديد تدريجياً، ما قد يؤدي إلى فقر دم لدى الفئات الأكثر عرضة، مثل: النساء ذوات النزيف الحيضي الغزير، والحوامل، والنباتيين، أو من يعانون من أمراض الجهاز الهضمي».

الكافيين... المتهم في الآثار الجانبية
في معظم الحالات، يكون الكافيين هو السبب الرئيس في الآثار الجانبية المرتبطة بالماتشا.
فقد يسبب الماتشا توتراً، وقلقاً، وخفقاناً في القلب، وارتفاعاً في ضغط الدم، أو اضطرابات في النوم، خاصةً عند استهلاكه بكميات كبيرة، أو في أوقات متأخرة من اليوم.
وبما أن الماتشا يُستهلك على شكل مسحوق يحتوي على الورقة كاملة، فهو غالباً يحتوي على كافيين أكثر من الشاي الأخضر العادي، رغم أنه لا يزال أقل من القهوة المُخمّرة.
الكاتيكين مفيد... لكن بحذر
الماتشا غني أيضاً بمركبات الكاتيكين، لا سيما EGCG، وهو مركب نباتي ذو خصائص قوية مضادة للأكسدة. لكن قالت الطبيبة: «الكمية الأكبر ليست دائماً الأفضل».
وأشارت إلى أن «الجرعات العالية من مكملات مستخلص الماتشا (بمعدل 800ملغم/يوم من EGCG أو أكثر) ارتبطت بارتفاع إنزيمات الكبد، وحالات نادرة من إصابة الكبد، بينما يُعد تناول الكاتيكينات من مشروبات الشاي آمناً لمعظم الناس عند الاعتدال».
ما الحد الآمن لتناول الماتشا؟
تعتمد «الكمية الزائدة» من الماتشا على مجموع استهلاك الشخص اليومي من الكافيين والكاتيكين.
وأوصت أرتينجستال بألا يتجاوز البالغون الأصحاء 400ملغم من الكافيين يومياً، أو 200ملغم للنساء الحوامل.
وشرحت أنه «بالنسبة لمعظم البالغين، هذا يعني نحو 1 إلى 3 حصص يومية من الماتشا، اعتماداً على قوة التحضير، ومصادر الكافيين الأخرى في النظام الغذائي».
ماذا عن مستويات الحديد؟
إذا كنت قلقاً من تأثير الماتشا على مستويات الحديد، فإن التوقيت يلعب دوراً حاسماً.
ونصحت الطبيبة بـ«تجنب تناول الماتشا قبل أو بعد ساعة واحدة على الأقل من الوجبات الغنية بالحديد، أو مكملات الحديد».
كما شددت على تجنّب تناول حبوب مستخلص الشاي الأخضر ذات الجرعات العالية.




