تحليل: فشل «حل الدولتين» يعني أن إسرائيل ستعيش في حالة حرب إلى الأبد

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على غزة (رويترز)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على غزة (رويترز)
TT

تحليل: فشل «حل الدولتين» يعني أن إسرائيل ستعيش في حالة حرب إلى الأبد

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على غزة (رويترز)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على غزة (رويترز)

بعد مرور أكثر من نصف قرن على حرب عام 1967 العربية - الإسرائيلية، وصدور قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي أرسى مبدأ انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في الحرب، مقابل السلام والأمن، لم يحقِّق الإسرائيليون والفلسطينيون أي تقدم يذكر، نحو تحقيق السلام الدائم والعادل.

وفي تحليل نشرته مجلة «فورين أفيرز» الأميركية، قال ريتشارد هاس، الدبلوماسي الأميركي السابق والرئيس الفخري لـ«مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي إن الوقت قد حان لكسر هذا الجمود؛ لآن الوقت المتاح لتحقيق تقدم نحو اتفاق دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين يخدم مصالح الطرفين، آخذ في التلاشي بسرعة. وستكون العوائق السياسية والمادية المطلوب تجاوزها للوصول إلى التسوية أصعب من أن يتم تجاوزها خلال فترة قصيرة من الآن.

ونتيجة جهودها الخاصة في الغالب، تجد إسرائيل نفسها الآن، في وضع أمني مواتٍ، حيث تراجعت التهديدات على طول حدودها وفي المنطقة بشكل كبير، إن لم يكن قد تم القضاء عليها تماماً. ولم تكن إسرائيل أبداً في وضع أفضل مما هي عليه الآن لمواجهة التحدي الاستراتيجي الذي تُشكِّله «القومية الفلسطينية»، الذي سيتطلب رداً ذا أبعاد سياسية وعسكرية. لكن هذا الوضع الجيد لا يمكن أن يدوم إلى الأبد. فرغم وجود صديق في البيت الأبيض لإسرائيل مستعد لدعمها بطرق مهمة، فإن الدعم الأميركي والأوروبي طويل الأمد لإسرائيل غير مضمون، خصوصاً إذا أصبح مزيد من الأميركيين والأوروبيين ينظرون إليها بوصفها دولة منبوذةً تحرم الآخرين من حقوقهم، بحسب هاس الذي شغل منصب رئيس إدارة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق.

إسرائيل بين خيارين

والآن، تواجه إسرائيل خياراً صعباً. فإما أن تسعى بصدق إلى تسوية وتعايش سلمي مع الفلسطينيين، أو أن تخاطر بفقدان الدعم الدولي الذي تتطلبه رفاهيتها على المدى الطويل. ورغم أن «حل الدولتين» أصبح بغيضاً لدى كثير من الإسرائيليين، فإنه يبقى الأمل الأمثل لازدهارهم وأمنهم. وإذا كانت إقامة دولة فلسطينية في صالح الفلسطينيين، فإنها ستكون أيضاً في صالح إسرائيل. فالمساهمة في إقامة دولة فلسطينية من شأنها خدمة إسرائيل بقدر ما تخدم الآخرين.

وقد اقترب الإسرائيليون والفلسطينيون من التوصُّل إلى اتفاق وفق مبدأ «أرض مقابل سلام» في أكثر من مناسبة. لكن على مدار العقود الـ3 أو الـ4 الماضية، فشلت الدبلوماسية.

ويرى هاس أن الفشل في الوصول إلى اتفاق يعود في جزء كبير منه إلى عدم رغبة القادة الفلسطينيين، سواء من الرئيس الراحل ياسر عرفات، أو خلفائه، أو عدم قدرتهم؛ بسبب ضعفهم السياسي، على قبول ما عرضته إسرائيل بشأن الحدود، ووضع مدينة القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. أما معارضة حركة «حماس» للسلام فكانت ولا تزال أكثر جوهرية، لأن ذلك يتطلب ضرورة قبولها بوجود الدولة العبرية جزءاً دائماً من المنطقة.

والآن أصبح ما كان ممكناً قبل سنوات، بالغ الصعوبة بالنسبة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويعود هذا، إلى حد كبير، إلى تغير الوضع على الأرض. فهناك الآن كثير من العقبات أمام السلام، لا سيما نحو 140 مستوطنة مرخصة من الحكومة الإسرائيلية و200 بؤرة استيطانية غير مرخصة أخرى في الضفة الغربية. وكل مستوطنة وبؤرة استيطانية تجعل تطبيق مبدأ «الأرض مقابل السلام» وبناء دولة فلسطينية قابلة للحياة أشد صعوبة، وكل مستوطن إضافي يخلق مقاومةً سياسيةً لمثل هذه المقايضة، ويرفع التكاليف الاقتصادية لإعادة توطين الناس.

تغير في الشهد السياسي

كما أن المشهد السياسي في إسرائيل تغير... فقد تضاءل وجود أحزاب اليسار، وتعزَّزت أحزاب اليمين الرافضة للاعتراف بحقوق الفلسطينيين. وهذا التحول السياسي مستمر منذ عقود، ولكنه تسارع بسرعة منذ هجوم حركة «حماس» المسلح على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقد عكست حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الائتلافية، التي تعتمد على دعم ما يمكن وصفه بـ«اليمين الديني القومي المتطرف»، هذا التحول وسرعته.

ومع ذلك، لم يمت «حل الدولتين» بعد. سيكون من الأفضل للإسرائيليين والفلسطينيين، على حد سواء، وجود دولة مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة، يسكنها الفلسطينيون ويديرونها بأنفسهم، ولكن بشروط تمنعها من أن تُشكِّل تهديداً أمنياً لإسرائيل.

فوجود دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة يمكن أن يقلص مخاطر العنف والإرهاب الذي يستهدف إسرائيل، بطرق لا تستطيعها القوات الإسرائيلية. فالمسلحون الفلسطينيون يتصرفون الآن بحصانة شبه كاملة، إذ لا يتحملون أي مسؤولية عن الأرض أو الاقتصاد، وليس لديهم مواطنون مسؤولون عن حياتهم ورفاههم. وفي غياب دولة فلسطينية، من المرجح أن تواجه إسرائيل حرباً أبدية.

في المقابل، ستواجه حكومة الدولة الفلسطينية المأمولة العواقب العسكرية والاقتصادية لأي هجمات تسمح بها ضد إسرائيل، التي ستكون في هذه الحالة أعمالاً حربية وليست إرهاباً. وكذلك عواقب الهجمات غير المصرح بها التي تنطلق من داخل حدودها، والمنتظر منها بصفتها حكومةً ذات سيادة منعها.

كما أنه في حالة فشل أو امتناع مثل هذه الحكومة الفلسطينية عن ضمان أمن إسرائيل أو الوفاء بالتزاماتها الدولية، ستحظى إسرائيل بالدعم الدولي لأي تحرك يستهدف هذه التهديدات، كما حدث في أعقاب هجمات 7 أكتوبر، الذي تلاشى بنسبة كبيرة بعد أكثر من 22 شهراً من الحرب المُدمِّرة التي تشنُّها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

«إسرائيل ستعيش في حالة حرب إلى الأبد»

كما أن قيام دولة فلسطينية مستقلة سيفيد هوية إسرائيل وتماسكها الداخلي. فإسرائيل تضم حالياً نحو مليونَي مواطن عربي، وقد يتجه بعضهم نحو التطرف إذا استمرَّت إسرائيل في إحباط الطموحات السياسية الفلسطينية، ومعاملة الفلسطينيين بهذه القسوة. والأهم من ذلك، أن الدولة الفلسطينية ستحرِّر إسرائيل من خيارها بين أن تكون دولةً ديمقراطيةً أو يهوديةً: فمنح 5 ملايين فلسطيني حقوقاً متساوية سيهدِّد يهودية الدولة اليهودية، بينما حرمانهم من هذه الحقوق يهدِّد ديمقراطية الدولة. ومن الواضح أن جميع الدلائل تشير إلى أن إسرائيل ستحرمهم من هذه الحقوق، وهو اتجاه لن يؤدي إلا إلى زيادة عزلة إسرائيل الدولية.

في الوقت نفسه، سيساعد انفتاح إسرائيل على قبول وجود دولة فلسطينية على تجنب وضعية الدولة المنبوذة عالمياً، وهي وضيعة تترسخ يوماً بعد يوم في رد فعل على حربها في غزة. كما سيقلل هذا الانفتاح خطر فرض عقوبات اقتصادية أوروبية مشدَّدة عليها، ويكبح جماح انصراف الأميركيين المتزايد عن دعم إسرائيل، وهو اتجاه قد يعرِّض الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل للخطر مع مرور الوقت. كما أن انفتاح إسرائيل على قيام الدولة الفلسطينية قد يقلل من معاداة السامية عالمياً.

لكن قيام دولة فلسطينية سيحتاج إلى مساعدة من الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية، والأهم سيحتاج إلى أن يؤكد الفلسطينيون بالكلام والفعل أنهم مستعدون للعيش في سلام مع إسرائيل. وإذا كانوا مستعدين لذلك فستكون هناك فرصة لتطور السياسة في إسرائيل، ناهيك عن أنه سيكون على إسرائيل التجاوب بطريقة جيدة مع التوجه الفلسطيني السلمي.

وأخيراً فإن عدم قيام دولة فلسطينية يعني أن إسرائيل ستعيش في حالة حرب إلى الأبد.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يدفع لتحقيق منزوع الصلاحيات حول هجوم «7 أكتوبر»

شؤون إقليمية جندي إسرائيلي ينبطح أرضاً لدى سماعه دوي صفارات الإنذار بغلاف غزة في أكتوبر 2023 (أ.ب) play-circle

نتنياهو يدفع لتحقيق منزوع الصلاحيات حول هجوم «7 أكتوبر»

صادقت لجنة وزارية إسرائيلية على مشروع قانون قدمه حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق في هجوم «7 أكتوبر» (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل جثمان رضيع توفي بسبب البرد القارس في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

إسرائيل تُحرّك الخط الأصفر في جباليا لتعميق سيطرتها شمال غزة

تواصل القوات الإسرائيلية تعميق سيطرتها داخل قطاع غزة عبر إحكام قبضتها على العديد من المناطق، إذ توغلت آلياتها العسكرية بشكل مفاجئ في مخيم جباليا شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يواصل الاعتراض على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في 7 أكتوبر

يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض فتح تحقيق مستقل في الهجمات غير المسبوقة التي شنتها حركة «حماس» وغيرها من المسلحين في إسرائيل قبل عامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

كشف تحقيق جديد عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

مقتل فلسطيني بقصف لمسيرة إسرائيلية شرق غزة

قُتل مواطن فلسطيني، اليوم الاثنين، برصاص القوات الإسرائيلية على أثر استهدافه في شرق مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)

أفادت مصادر في واشنطن للشرق الأوسط، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات التي اندلعت مجدداً، الاثنين، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عند مدخل حلب الشمالي، بهدف منع تصعيد تستفيد منه «داعش»، وتستفيد منه قوى إقليمية معادية.

واندلعت الاشتباكات بعد استهداف قناصة قوات (قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين حيث يقاوم الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة خطط الاندماج في الحكومة الانتقالية في دمشق خوفاً من فقدان الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا.

ويخيم شبح التدخلات الإيرانية على هذه الاشتباكات التي تستهدف تقويض سيطرة الحكومة السورية الجديدة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية، أن إيران تقوم بتكثيف جهودها للحفاظ على تدفق الأسلحة إلى سوريا وإلى ميليشياتها في المنطقة، والتكيف مع الإجراءات التي اتخذتها دمشق لتفكيك الطرق غير المشروعة لتهريب الأسلحة.

كما أشارت عدة تقارير إلى قيام «قسد» بتعزيز علاقاتها مع «حزب الله» في لبنان، وعقدت اجتماعاً سرياً في بيروت مع ممثلين من «حزب الله» برئاسة عمار الموسوي بهدف تقييم التحديات الأمنية في سوريا وسط الخلافات بين «قسد» وحكومة أحمد الشرع مع تجدد الاشتباكات العسكرية بين الجانبين.

دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللبناني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

3 ممرات للتهريب

قال تقرير بمعهد دراسات الحرب (isw) إن إيران تعيد إحياء طرق التهريب، ومساعدة تنظيم «داعش» لشن هجمات داخلية لتقويض ثقة الولايات المتحدة بالشريك السوري، محذراً من تصاعد صراعات بالوكالة وانتشار شبكات التهريب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا خلال المرحلة الانتقالية.

وكشفت التقارير أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سوريا يتخذ مزيجاً من المسارات التقليدية وأخرى جديدة، لكن الطرق البرية والشاحنات تظل هي الأساسية في المسارات التي تتخذها طهران لتهريب الأسلحة عبر 3 ممرات أساسية، الأول من بغداد إلى دمشق عبر الرمادي والبوكمال ودير الزور وتدمر، والثاني من طهران عبر البصرة وبغداد والتنف إلى دمشق، أما الأقل نشاطاً فهو الطريق الثالث من إيران عبر الموصل والحسكة إلى اللاذقية؛ ما يسهل نقلها لاحقاً إلى «حزب الله» في لبنان. وتولي إيران أهمية كبيرة لشمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».

ضبط صواريخ من نوع «سام - 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

وكشفت التقارير أن الشحنات تشمل عبوات ناسفة وقذائف «هاون» وألغاماً مضادة للدبابات ومتفجرات بلاستيكية وصواريخ مضادة للطائرات وأنظمة دفاع جوي وقاذفات قنابل يدوية وطائرات من دون طيار. وتسربت تقارير عن شبكة أنفاق تحت الأرض بالقرب من الحدود السورية العراقية في البوكمال يرجح أن «الحرس الثوري» الإيراني أنشأها منذ عام 2018، وكان يستخدمها لنقل الأسلحة عبر سوريا إلى «حزب الله».

وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تملك قدرات واضحة لفرض السيطرة على جميع أراضيها، وأنها تحتاج إلى سنوات؛ كي تتمكن من ضبط الحدود، ومنع التهريب عبر أراضيها.

إحباط المحاولات

تجتهد السلطات السورية في التصدي لمحاولات التهريب الإيرانية، وفي ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشادت القيادة المركزية الأميركية بالقيادة في دمشق، لاعتراضها شحنات متجهة إلى «حزب الله».

الخبير بشؤون الشرق الأوسط عطا محمد تبريز، ذكر أنه «لا توجد تقارير موثقة حول تصرفات إيران، لكن وسائل إعلام مختلفة نشرت تقارير حول جهود طهران لإعادة بناء قوات موالية لها في سوريا»، مضيفاً، أنها «تحاول التعاون مع القوات المعارضة لحكومة الشرع، وتضخيم أصواتها»، مؤكداً أنه لا إمكانية لقبول نفوذ إيران مرة أخرى في سوريا.

مراسم إعادة جثامين الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هجوم لتنظيم «داعش» في (أ.ب)

ويقول مايكل نايتس، الباحث الأول بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه على الرغم من أن انهيار نظام بشار الأسد أمر مشجع، فإن هذا لا يعني أن إيران، الداعم السابق لنظام الأسد، ستتخلى ببساطة عن استخدام سوريا لإعادة تشكيل «حزب الله» في لبنان.

ويشير نايتس إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، من المفترض أن تشهد تدفقاً من المركبات والأموال والمساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار والسلع الاستهلاكية، ومعظمها يتم عبر النقل بالشاحنات من الدول المجاورة. ويمكن لإيران بسهولة استخدام هذا التدفق لإعادة إمداد أذرعها في سوريا والعراق ولبنان بالسلاح.

ويحذر نايتس من أن إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات الجهادية السنية - مثلما حدث في الماضي مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان» - وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع تنظيم «داعش».


ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يقوده رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أن الأخير ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن تثبيت ملامح رؤيته لإدارة الدولة في الاستحقاق المقبل.

وأشار البيان إلى أن ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، وإنهاء المراوحة التي عطّلت حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء، من خلال طرح معالجات «واقعية» تستند إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.

وأكد أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

وشدد البيان على أن المبادرة «تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة (تيار الفراتين) وائتلاف (الإعمار والتنمية) بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي».

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية»، قصي محبوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء».

ولم يدلِ محبوبة بتفاصيل أخرى حول المبادرة، مكتفياً بالقول إن «تفاصيلها ستُعلن كاملة في اجتماع قوى (الإطار) المتوقع مساء اليوم (الاثنين)».

ويرجّح مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن تتمحور مبادرة السوداني حول «اختيار شخصية أخرى من داخل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لشغل منصب رئاسة الوزراء، بالنظر إلى الممانعة التي تبديها بعض أطراف (الإطار) حيال تولّي السوداني ولاية ثانية».

ولا يستبعد المصدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتضمّن مبادرة السوداني آلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، سواء عبر انتخابات داخلية بين الشخصيات المتنافسة داخل (الإطار)، أو من خلال اتفاق أغلبية قادة (الإطار)».

وأضاف المصدر أنه «من غير المتوقع أن يقبل قادة (الإطار) بأي شروط يطرحها تحالف السوداني؛ فهم لا يمانعون تقديم شخصية أخرى غيره للمنصب، لكن من دون إلزام أو شرط بقبولها لشغل المنصب».

ويؤكد المصدر أن رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي «لا يزال متمسّكاً بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، ويرفض تولّي السوداني المنصب لولاية ثانية، في مقابل وجود بعض القيادات الداعمة لبقاء السوداني، لكن وفق شروط جديدة تضمن توازنَ المصالح بين أطراف (الإطار التنسيقي) كافة».

وكان «الإطار التنسيقي» قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسته، بعد إخفاقه في التوافق على اختيار مرشح لرئاسة الوزراء.

ويتوقع أغلب المراقبين استمرار حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة، خصوصاً مع الفسحة الزمنية التي تفصل القوى السياسية عن مواعيد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلّف الكتلة الكبرى بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء، وهي إجراءات تمتد لمدّة تصل إلى ثلاثة أشهر كحدٍّ أعلى وفق التوقيتات الدستورية.

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد حدّد، الأسبوع الماضي، يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي موعداً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي يُفترض أن يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس ونائبَيه.


مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)
حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)
TT

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)
حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)

أفادت مصادر مقربة من وزارة الداخلية السورية بأن الصواريخ المضادة للطائرات من طراز «سام7»، التي ضُبطت في منطقة البوكمال بمحافظة دير الزور شرق سوريا، كان من المفترض أن تُهرّب إلى «حزب الله» في لبنان عبر الأراضي السورية.

ورجحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه كان يجري تهريب الصواريخ خلال سنوات الحرب السورية من إيران عبر الأراضي العراقية إلى الأراضي السورية من خلال شبكة الأنفاق التي حفرتها الميليشيات الإيرانية والأخرى التابعة لها خلال سيطرتها على منطقة البوكمال، حيث كانت تقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد الذي أُسقط في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024 على يد فصائل سورية تقودها «هيئة تحرير الشام».

إحباط الأمن السوري تهريب كميات كبيرة من الألغام الحربية في يبرود بريف دمشق كانت متجهة إلى لبنان (أرشيفية - الداخلية)

ورجحت المصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة الصواريخ إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» في لبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد خلال الحرب في سوريا.

كانت وزارة الداخلية السورية، قالت في وقت سابق الاثنين، ببيان صحافي: «وردت معلومات دقيقة إلى مديرية الأمن في البوكمال، بشرق البلاد، تفيد بإخفاء صواريخ مضادة للطيران داخل أحد المنازل، تمهيداً لتهريبها خارج البلاد».

وأضافت أنه «بناءً على هذه المعلومات، نفذت عملية مداهمة مُحكمة أسفرت عن ضبط صواريخ من نوع (سام7)»، مشيرة إلى أن الأسلحة المضبوطة صودرت. ولفتت إلى أن الجهات المختصة باشرت تحقيقاتها، لملاحقة جميع المتورطين؛ بهدف إلقاء القبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة، مؤكدة استمرارها في التصدي لكل أعمال التهريب والأنشطة غير المشروعة، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان أمن البلاد واستقرارها.

ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

ولم تحدد الوزارة في بيانها الجهة أو الدولة التي كان من المفترض أن تهرَّب الصواريخ إليها، لكن مدينة البوكمال محاذية لحدود العراق الغربية، ويوجد فيها معبر حدودي رسمي بين سوريا والعراق يعرف باسم معبر «البوكمال - القائم».

وخلال الحرب السورية سيطرت الميليشيات الإيرانية على مدينة البوكمال وعلى الشريط الحدودي بين سوريا والعراق ونشرت عناصر ميليشياتها والأخرى التابعة لها على طوله، وحولت المنطقة، وفق مصادر محلية، شرياناً حيوياً لتزويد ميليشياتها في سوريا و«حزب الله» في لبنان بالأسلحة الإيرانية عبر الأراضي العراقية ومن ثم السورية.

كما أنشأت إيران في البوكمال خلال سنوات الحرب السورية ما عُرفت بـ«قاعدة الإمام علي» على بعد ما بين 3 و4 كيلومترات من الحدود العراقية، ونفذت عمليات تغيير ديموغرافي في المنطقة، من ضمنها إحلال سكان جدد من الميليشيات محل السكان الأصليين الذين هُجّرت غالبيتهم وجرى الاستيلاء على أملاكهم.

وتُدوولت قبل يومين مقاطع فيديو من قبل نشطاء ووسائل إعلام تظهر شبكة واسعة من الأنفاق في منطقة البوكمال، حُفرت على يد الميليشيات الإيرانية والأخرى التابعة لها خلال حكم الأسد، وذلك على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع العراق.

وتظهر الصور أن الأنفاق واسعة بما يكفي لعبور المركبات، ويبدو أنها كانت مساراً رئيسياً لتهريب الأسلحة للجماعات المسلحة الموالية لإيران في سوريا و«حزب الله» في لبنان. وتقع هذه الشبكة بالقرب من «قاعدة الإمام علي».

ومنذ الأيام الأولى لسقوط الأسد، فرت الميليشيات الإيرانية ومقاتلو «حزب الله» اللبناني من الأراضي السورية، لكن مصادر محلية تتحدث عن وجود أذرع لهما في بعض المناطق.

وتحدثت مصادر إعلامية في ريف دير الزور لـ«الشرق الأوسط» عن أن «شبكة الأنفاق التي حفرتها إيران في البوكمال واسعة جداً، وهي مخفية، وليس من السهل اكتشافها بالكامل»، مشيرة إلى أن «السلطات السورية الجديدة، وبعد وصولها إلى الحكم، اكتشفت عدداً من هذه الأنفاق، ودمرتها، لكن يُعتقد أن أعداداً أخرى من الأنفاق ما زالت غير مكتشفة».

ولفتت المصادر إلى أن «المنطقة لا تزال توجد فيها خلايا نائمة تابعة لإيران و(حزب الله)، وهي التي تنفذ محاولات تهريب هذه الأسلحة، بينما تعمل السلطات السورية على ملاحقتها، وقد نجحت في إلقاء القبض على بعضها».

ومنذ إسقاط نظام الأسد، تسعى السلطات السورية الجديدة إلى إحكام السيطرة على الحدود مع دول الجوار، بما يشمل ملاحقة شبكات تهريب المخدرات وبقايا نظام الأسد، ومنع عمليات تهريب الأسلحة.

وأعلنت السلطات الجديدة خلال العام الحالي بعد تحرير سوريا عن إحباط كثير من عمليات تهريب الأسلحة إلى لبنان.

ويرى مراقبون أن «حزب الله»، وبعد انتهاء وجوده ووجود إيران في الأراضي السورية، يحاول عبر خلاياه النائمة في الأراضي السورية، تهريب ما تبقى من أسلحة موجودة في مستودعاته التي لم تُضبط بعد، خصوصاً مع تراجع قدراته التسليحية بعد الحرب التي شنتها عليه إسرائيل العام الماضي، والاحتمالات التي ترد في التقارير وتتحدث عن نية إسرائيل شن حرب جديدة عليه.