كييف: روسيا تشن هجوماً جوياً كاسحاً تزامناً مع حضور بوتين العرض العسكري الصيني

الكرملين: آراء ميرتس بشأن محادثات أوكرانيا لا تهم بعد تصريحاته عن بوتين

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
TT

كييف: روسيا تشن هجوماً جوياً كاسحاً تزامناً مع حضور بوتين العرض العسكري الصيني

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

دوّت صفارات الإنذار لساعات في مختلف أنحاء أوكرانيا، حيث سُمعت أصوات الانفجارات في تسع مناطق من أصل أربع وعشرين، امتدت من العاصمة كييف إلى لفيف وفولين غرباً. وقالت وكالات دولية عدة إن روسيا أطلقت أكثر من 500 طائرة مسيَّرة و24 صاروخاً على أوكرانيا خلال الليل، نقلاً عن السلطات المحلية، الأربعاء.

وتزامنت الهجمات مع حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرضاً عسكرياً في بكين إحياءً لذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية، حذَّر خلاله الرئيس الصيني شي جينبينغ من أن العالم أمامه خيار بين السلام والحرب.

رجال إطفاء يعملون في موقع دمار مرائب شركة سيارات تضررت خلال غارات روسية بطائرات مُسيَّرة وصواريخ في خملنيتسكي بأوكرانيا (رويترز)

وأعلنت قيادة القوات المسلحة في بولندا، المجاورة لأوكرانيا من الغرب والعضو في حلف شمال الأطلسي، أنها فعَّلت طائراتها وطائرات حلفاء لها لضمان السلامة. وكتبت قيادة العمليات على «إكس»: «تنفذ روسيا مرة أخرى ضربات تستهدف الأراضي الأوكرانية».

وقالت القوات الجوية الأوكرانية إنها أسقطت 430 من أصل 502 طائرة مسيَّرة و21 من 24 صاروخاً أطلقتها روسيا خلال الليل، مضيفة أن ثلاثة صواريخ و69 طائرة مسيَّرة ضربت 14 موقعاً.

وذكرت شركة السكك الحديدية الأوكرانية المملوكة للدولة عبر «تلغرام» أن عدداً من عمالها في منطقة كيروفوهراد بوسط البلاد نُقلوا إلى المستشفى عقب إصابتهم جراء الهجوم الروسي خلال الليل، مشيرة إلى تأخيرات وصلت إلى سبع ساعات في عشرات الرحلات نتيجة تضرر مرافقها.

وذكرت هيئة الطوارئ الأوكرانية على «تلغرام» أن عمال السكك الحديدية كانوا بين خمسة جرحى في مركز السكك الحديدية الرئيسي في زناميانكا بمنطقة كيروفوهراد، حيث تضرر 28 منزلاً أيضاً.

وقال فياتشيسلاف تشاوس، حاكم منطقة تشيرنيهيف، إن الهجوم تسبب في انقطاع الكهرباء عن 30 ألف شخص وألحق أضراراً بالبنية التحتية المدنية الحيوية في شمال المنطقة.

وقالت إدارة مدينة خملنيتسكي في غرب أوكرانيا عبر «تلغرام» إن وسائل النقل العام في المدينة واجهت «اضطرابات كبيرة في جدولها الزمني» عقب الهجوم؛ إذ أشار حاكم المنطقة إلى اندلاع حرائق وأضرار لحقت بمبانٍ سكنية وغيرها.

وقالت هيئة الطوارئ إن رجال الإطفاء في منطقة إيفانو فرانكيفسك كانوا يكافحون ألسنة اللهب التي التهمت نحو تسعة آلاف متر مربع من مرافق التخزين.

ولم يصدر تعليق حتى الآن من روسيا. وينفي الجانبان استهداف المدنيين في ضرباتهما خلال الحرب التي شنتها روسيا بغزو شامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

ويواصل الرئيس الأوكراني والقادة الأوروبيون المباحثات التي تهدف إلى تعزيز الدفاعات الأوكرانية، وإضافة زخم إلى جهود السلام غير الناجحة حتى الآن التي تقودها الولايات المتحدة. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الهجمات الروسية استهدفت البنية التحتية المدنية، خاصة منشآت الطاقة، وذلك مع اقتراب فصل الشتاء. ووصف زيلينسكي الهجمات بـ«الاستعراضية». وكتب زيلينسكي عبر منصة «تلغرام»: «بوتين يتباهى بحصانته»، مناشداً فرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا. وأضاف: «بسبب الافتقار للضغط الكافي، خاصة على اقتصاد الحرب، تواصل روسيا عدوانها».

وأضاف زيلينسكي أنه يتوقع حصول أوكرانيا على «تعزيز ملموس» من قمة الدول الثماني بشمال أوروبا - البلطيق المنعقدة في الدنمارك الأربعاء. ويشار إلى أن الدول الثماني بشمال أوروبا - البلطيق تتضمن الدنمارك، وفنلندا، وآيسلندا، والنرويج والسويد، بالإضافة إلى إستونيا، ولاتفيا وليتوانيا. ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن زيلينسكي يعتزم إجراء مباحثات ثنائية في فرنسا مساء الأربعاء قبل لقاء حلفاء أوكرانيا الخميس.

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في أنكوريج بألاسكا 15 أغسطس 2025 (رويترز)

يعتقد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مارك روته، أن «تحالف الراغبين» الذي يضم الدول المستعدة لردع روسيا عن شن هجوم جديد بمجرد تحقق السلام في أوكرانيا، سيتوصل قريباً إلى اتفاق بشأن مفهوم الضمانات الأمنية لكييف. وفي حديثه الأربعاء، بعد اجتماعه مع الرئيس الإستوني آلار كاريس في بروكسل، قال روته إنه يتوقع «أن يتضح لنا ما يمكننا تقديمه بشكل جماعي، غداً أو بعد غد بقليل». وأضاف: «يعني ذلك أننا يمكننا التعاون بفاعلية أكبر، مع الجانب الأميركي أيضاً». ومن المقرر أن يعقد الاجتماع المقبل لـ«تحالف الراغبين»، الذي يضم نحو 30 دولة تدعم كييف ضد الغزو الروسي الشامل الذي بدأ في فبراير من عام 2022، في باريس الخميس.

من جانب آخر، قال الكرملين، الأربعاء، إنه ينبغي تجاهل آراء المستشار الألماني فريدريش ميرتس بشأن محادثات السلام الأوكرانية بعد أن أدلى بما وصفته موسكو بسلسلة من التصريحات «غير الملائمة» عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال ميرتس في مقابلة مع شبكة «برو زيبن» الألمانية، بُثت الثلاثاء، إن بوتين «ربما يكون مجرم الحرب الأخطر في عصرنا»، وإنه لا مكان للتسامح مع مثل هؤلاء الأفراد.

وينفي الكرملين أن تكون قواته ارتكبت أي جرائم حرب في أوكرانيا. ورفض مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في عام 2023 بحق بوتين والتي اتهمت فيها الزعيم الروسي بارتكاب جريمة حرب بخطف مئات الأطفال من أوكرانيا. ووصف الكرملين المذكرة بأنها «مشينة».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل مؤتمر صحافي في كييف الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، رداً على سؤال خلال زيارة للصين حول اقتراح ميرتس بأن تكون جنيف مكاناً لمحادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا «أدلى ميرتس بالكثير من التصريحات غير الملائمة في الساعات القليلة الماضية؛ لذلك من الصعب وضع رأيه في الحسبان في الوقت الحالي». ورداً على سؤال عن التصريحات التي يقصدها، قال بيسكوف «عن رئيسنا».

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقابلة نُشرت الأربعاء، أن روسيا تسعى إلى اعتراف دولي بالمناطق الأوكرانية التي ضمتها بوصفها جزءاً من أراضيها؛ وذلك لضمان سلام «دائم».

وقال لافروف في مقابلة نُشرت على موقع وزارة الخارجية الروسية: «لكي يكون السلام دائماً، يجب الاعتراف بالواقع الجديد على الأرض... وإضفاء الطابع الرسمي عليه وفقاً للقانون الدولي».

ورد نظيره الأوكراني أندريه سيبيغا سريعاً على هذه التصريحات، قائلاً على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي: «سلسلة جديدة من الإنذارات القديمة. لم تغير روسيا أهدافها الوحشية، ولا تبدي أي استعداد للدخول في مفاوضات جدية». وأضاف: «هذا يثبت أن شهية المعتدي تزداد عندما لا يخضع للضغوط والقوة. حان الوقت لضرب آلة الحرب الروسية بعقوبات قاسية جديدة».

دمار مرائب شركة سيارات تضررت خلال غارات روسية بطائرات مُسيَّرة وصواريخ في خملنيتسكي بأوكرانيا (رويترز)

من جانب آخر، شكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون على مساعدته روسيا في إخراج القوات الأوكرانية من منطقة كورسك، قائلاً إن جنود بيونغ يانغ قاتلوا «ببسالة». وأشاد بوتين أثناء اجتماعه مع كيم في بكين بـ«الثقة والصداقة» بين البلدين، وأشار إلى أن إرسال الجنود كان فكرة الزعيم الكوري الشمالي. وباتت كوريا الشمالية من بين أبرز حلفاء موسكو منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا؛ إذ أرسلت آلاف الجنود وحاويات مليئة بالأسلحة لمساعدة الكرملين على دفع القوات الأوكرانية للانسحاب من غرب روسيا بعد عملية عسكرية مباغتة نفذتها كييف في المنطقة العام الماضي.

وقال بوتين في مستهل اجتماع مع نظيره الكوري الشمالي صورته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «بمبادرة منكم، كما هو معروف، شاركت قواتكم الخاصة في تحرير منطقة كورسك». وأضاف: «جاء ذلك في تطابق تام مع اتفاقنا الجديد. أود الإشارة إلى أن جنودكم قاتلوا بشجاعة وبسالة». وتابع: «لن ننسى قط التضحيات التي قدمتها قواتكم المسلحة وعائلات جنودكم».

أظهر مقطع فيديو نشره الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الأربعاء، إلى زيارة روسيا بعد أن أجرى معه محادثات في بكين. وقال كيم بالاستعانة بمترجم، وهو يعانق بوتين مودعاً بعد المحادثات التي استمرت ساعتين ونصف الساعة: «أراك قريباً». ورد بوتين: «نحن في انتظارك، تعال لزيارتنا». وكان كيم قد تعهد في وقت سابق بتقديم دعمه الكامل لبوتين، ووعد ببذل «كل ما بوسعي لمساعدة» موسكو، بينما عبّر بوتين عن شكره لبيونغ يانغ على إرسال قوات لقتال أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

استطلاع: غالبية الروس يتوقعون انتهاء حرب أوكرانيا في 2026

أوروبا عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب) play-circle

استطلاع: غالبية الروس يتوقعون انتهاء حرب أوكرانيا في 2026

كشف «المركز الروسي لدراسات الرأي العام» لاستطلاعات الرأي، اليوم (الأربعاء)، أن غالبية الروس يتوقعون انتهاء الحرب في أوكرانيا عام 2026.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي في كييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

زيلينسكي «منفتح» على إنشاء منطقة اقتصادية حرة بشرق أوكرانيا

أكّد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، استعداده لسحب القوات من منطقة دونباس إذا سحبت روسيا قواتها أيضاً، وإذا تحوّلت إلى «منطقة منزوعة السلاح».

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حرب أوكرانيا

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصدر مطلع اليوم (الأربعاء) أن روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حربها مع أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

قضاء العراق «يجرم» المتورطين في الحرب الروسية - الأوكرانية

توعد القضاء العراقي من أسماهم المتورطين في حرب أوكرانيا بالسجن، مشدداً على مكافحة تجنيدهم للقتال على أراضٍ أجنبية.

فاضل النشمي (بغداد)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي يكشف البنود الـ20 للخطة الأميركية - الأوكرانية لإنهاء الحرب مع روسيا

كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تفاصيل بنود أحدث خطة تم الاتفاق عليها مع الولايات المتحدة سعيا لإنهاء الحرب مع روسيا، وتمّ رفعها إلى موسكو لإبداء موقفها

«الشرق الأوسط» (كييف)

استطلاع: غالبية الروس يتوقعون انتهاء حرب أوكرانيا في 2026

عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب)
عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب)
TT

استطلاع: غالبية الروس يتوقعون انتهاء حرب أوكرانيا في 2026

عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب)
عمال يزيلون الأنقاض من سطح مبنى سكني متضرر بشدة عقب غارة جوية بطائرة مسيرة في كييف (أ.ف.ب)

كشف «المركز الروسي لدراسات الرأي العام» لاستطلاعات الرأي، اليوم (الأربعاء)، أن غالبية الروس يتوقعون انتهاء الحرب في أوكرانيا عام 2026، في إشارة إلى أن الكرملين ربما يجري اختباراً لقياس ردّ فعل الرأي العام على تسوية سلمية محتملة، مع تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع، وفقاً لوكالة «رويترز».

وخلال عرض نهاية العام الذي قدّمه ‌المركز، قال ميخائيل ‌مامونوف، نائب رئيس المؤسسة، إن 70 في المائة ‌من ⁠المشاركين ​في الاستطلاع، ‌البالغ عددهم 1600 شخص، يرون أن عام 2026 سيكون «أكثر نجاحاً» لروسيا من هذا العام، بينما ربط 55 في المائة منهم هذا الأمل باحتمال نهاية ما تسميه روسيا «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا.

وقال مامونوف، في العرض التقديمي، إن «السبب الرئيسي للتفاؤل هو احتمال الانتهاء من العملية العسكرية الخاصة وتحقيق الأهداف المعلنة، بما يتماشى مع المصالح الوطنية التي حددها الرئيس».

وفي استطلاعات الرأي ⁠السابقة لنهاية العام، أكّد المركز على التفاف المجتمع الروسي حول الرئيس فلاديمير بوتين وأهدافه ‌العسكرية في أوكرانيا، لكنه لم يقدم أرقاماً لنسبة ‍السكان الذين يتوقعون انتهاء الحرب.

وتقترب الحرب ‍الأوكرانية، التي بدأت في فبراير (شباط) 2022، من دخول عامها الخامس، ‍لكن من الصعب قياس المستوى الحقيقي للضيق الشعبي بسبب الصراع نظراً للضوابط الصارمة التي تفرضها الدولة على المعارضة.

وأشار مامونوف إلى الهجوم المستمر للجيش الروسي في أوكرانيا، وتردد الولايات المتحدة في تمويل أوكرانيا، وعدم قدرة الاتحاد الأوروبي على أن يحلّ ​محل الولايات المتحدة بالكامل مالياً وعسكرياً، باعتبارها عوامل رئيسية وراء احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام في نهاية المطاف.

وأضاف أن إعادة ⁠إدماج قدامى المحاربين الذين شاركوا في «العملية العسكرية الخاصة» في المجتمع وإعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، وكذلك المناطق الحدودية الروسية، بعد انتهاء الأعمال العسكرية، تعتبر الأولويات الرئيسية.

ويؤيد نحو ثلثي الروس محادثات السلام، وهي أعلى نسبة منذ بداية الحرب، وفقاً لمؤسسة ليفادا المستقلة لاستطلاعات الرأي، التي توصف بأنها «عميل أجنبي» بموجب القانون الروسي خلال الصراع.

وقال الكرملين، اليوم (الأربعاء)، إنه تم إطلاع بوتين على الاتصالات التي أجراها مسؤولون روس مع مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن المقترحات الأميركية لاتفاق سلام محتمل، وإن موسكو ستحدد موقفها الآن.

وأفاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في ‌22 ديسمبر (كانون الأول)، أن المفاوضات التي أجريت مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بهدف إنهاء الحرب مع روسيا «اقتربت جداً من نتيجة حقيقية».


زيلينسكي «منفتح» على إنشاء منطقة اقتصادية حرة بشرق أوكرانيا

عناصر إطفاء يحاولون إخماد حريق سببته ضربة جوية روسية على زابوريجيا يوم 24 ديسمبر 2025 (رويترز)
عناصر إطفاء يحاولون إخماد حريق سببته ضربة جوية روسية على زابوريجيا يوم 24 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

زيلينسكي «منفتح» على إنشاء منطقة اقتصادية حرة بشرق أوكرانيا

عناصر إطفاء يحاولون إخماد حريق سببته ضربة جوية روسية على زابوريجيا يوم 24 ديسمبر 2025 (رويترز)
عناصر إطفاء يحاولون إخماد حريق سببته ضربة جوية روسية على زابوريجيا يوم 24 ديسمبر 2025 (رويترز)

في تطوّر لافت على مسار مفاوضات إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، أكّد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، استعداده لسحب القوات من منطقة دونباس؛ القلب الصناعي شرق البلاد، «إذا سحبت روسيا قواتها أيضاً»، وإذا تحوّلت المنطقة إلى «منطقة منزوعة السلاح» و«اقتصادية حرة» تخضع لرقابة قوات دولية. وأضاف، وفق وكالة «أسوشييتد برس» أن هذا المقترح، الذي من شأنه معالجة إحدى العقبات الرئيسية أمام إنهاء الحرب، يجب أن يُطرح أيضاً على استفتاء شعبي. كما ذكر زيلينسكي أن ترتيباً مشابهاً قد يكون ممكناً للمنطقة المحيطة بمحطة زابوريجيا النووية، الخاضعة حالياً للسيطرة الروسية.

وكان زيلينسكي يتحدث إلى الصحافيين، الثلاثاء، لشرح خطة شاملة من 20 نقطة صاغها مفاوضون من أوكرانيا والولايات المتحدة خلال الأيام الماضية بولاية فلوريدا، مشيراً إلى أن كثيراً من التفاصيل لا يزال قيد البحث.

وانخرط مفاوضون أميركيون في سلسلة محادثات منفصلة مع أوكرانيا وروسيا منذ أن قدّم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الشهر الماضي، خطة لإنهاء الحرب؛ في مبادرة عُدّت على نطاق واسع أنّها تصُبّ في مصلحة موسكو التي غزت جارتها قبل نحو 4 سنوات. ومنذ ذلك الحين، عملت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون على تعديل الخطة لتكون أقرب إلى موقف كييف.

ويُعدّ تقرير مصير إقليم دونباس الأوكراني، الذي استولت روسيا على غالبيته العظمى، إضافة إلى كيفية إدارة أكبر محطة نووية في أوروبا، من أشد النقاط تعقيداً في المفاوضات.

تأنٍّ روسي

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، الأربعاء، وفق وكالة أنباء «إنترفاكس»، إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اطّلع على نتائج المحادثات التي جرت بين المفاوضين الأميركيين والروس في ميامي نهاية الأسبوع الماضي. وقال بيسكوف إن روسيا تصوغ الآن موقفها بينما تظل على تواصل مع المسؤولين الأميركيين، مؤكداً أن موسكو لن تعلق علانية على الجوانب التي لم تُحلّ بعدُ من الخطة. وأضاف أن موقف روسيا معروف للولايات المتحدة منذ مدة طويلة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدّث في سان بطرسبرغ يوم 21 ديسمبر 2025 (رويترز)

من جهتها، ذكرت وكالة «بلومبرغ» نقلاً عن مصدر مطلع، الأربعاء، أن روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حربها مع أوكرانيا، بما في ذلك فرض مزيد من القيود على القدرات العسكرية لكييف. وقال المصدر المُقرّب من الكرملين إن روسيا تَعدّ خطة السلام الأميركية المؤلفة من 20 بنداً «نقطةَ انطلاق» فقط لمزيد من المفاوضات؛ وذلك لافتقارها إلى بنود تراها موسكو في غاية الأهمية، وعدم إجابتها عن كثير من التساؤلات.

وأضاف: «في حين أن روسيا تنظر إلى الوثيقة الحالية على أنها خطة أوكرانية إلى حد كبير، فإنها ستدرسها بهدوء».

ولم تُبدِ روسيا أي إشارة إلى استعدادها للموافقة على سحب قواتها من الأراضي التي استولت عليها. بل تُصرّ موسكو على أن تتخلى أوكرانيا عمّا تبقى لديها من أراضٍ في إقليم دونباس، وهو ما ترفضه كييف. وقد سيطرت روسيا على معظم إقليم لوغانسك، ونحو 70 في المائة من إقليم دونيتسك، وهما الإقليمان اللذان يشكلان معاً منطقة دونباس.

وأقرّ زيلينسكي بأن مسألة السيطرة على المنطقة تُمثّل «أصعب نقطة» في المفاوضات، وقال إن هذه القضايا تنبغي مناقشتها على مستوى القادة. وإضافة إلى تأكيده ضرورة طرح الخطة على استفتاء شعبي، قال زيلينسكي إن نشر قوة دولية في المنطقة سيكون أمراً جوهرياً.

وبشأن محطة زابوريجيا النووية، فقد اقترحت الولايات المتحدة إنشاء «كونسورتيوم» يضم أوكرانيا وروسيا، بحيث يمتلك كل طرف حصة متساوية مع غيرها. وردّ زيلينسكي باقتراح مشروع مشترك بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، يكون للأميركيين فيه حق تقرير كيفية توزيع حصتهم، بما في ذلك منح جزء منها لروسيا. وأكّد زيلينسكي أن الولايات المتحدة لم توافق بعد على المقترحات الأوكرانية المضادة.

وقال: «لم نتوصل إلى توافق مع الجانب الأميركي بشأن أراضي منطقة دونيتسك ومحطة زابوريجيا النووية». وأضاف: «لكننا قرّبنا بشكل كبير معظم المواقف بعضها من بعض. ومن حيث المبدأ، تم التوصل إلى توافق بشأن جميع البنود الأخرى في هذا الاتفاق بيننا وبينهم».

المنطقة الاقتصادية الحرة

قال زيلينسكي إن إنشاء منطقة اقتصادية حرة في دونباس سيتطلب مناقشات صعبة بشأن مدى تراجع القوات وأماكن تمركز القوات الدولية. وأكد أن الاستفتاء ضروري؛ «لأن الناس عند ذلك يمكنهم أن يختاروا ما إذا كان ذلك يناسبهم أم لا». وأضاف أن إجراء مثل هذا التصويت سيستغرق 60 يوماً، وأنه يجب أن تتوقف خلالها الأعمال القتالية.

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي في كييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

ويقترح «مشروع الصيغة الأميركية - الأوكرانية» أيضاً انسحاب القوات الروسية من مناطق دنيبروبتروفيسك وميكولايف وسومي وخاركيف. ويتصور زيلينسكي أن تتمركز قوات دولية على خط التماس داخل المنطقة الاقتصادية الحرة لمراقبة تنفيذ الاتفاق. وقال: «نظراً إلى غياب الثقة بالروس، ولأنهم خرقوا وعودهم مراراً، فإن خط التماس الحالي يتحول عملياً إلى خط منطقة اقتصادية حرة، ويجب أن تكون فيها قوات دولية لضمان ألا يدخلها أحد تحت أي ذريعة؛ لا (الرجال الخضر الصغار) ولا جنود روس متنكرون في زي مدني».

إدارة محطة زابوريجيا

اقترحت أوكرانيا أن تكون مدينة إنرهودار المحتلة، وهي أقرب مدينة إلى محطة زابوريجيا النووية، منطقة اقتصادية حرة منزوعة السلاح، وفق زيلينسكي. وقال إن هذه النقطة تطلّبت 15 ساعة من المناقشات مع الولايات المتحدة، من دون التوصل إلى اتفاق.

وفي الوقت الراهن، تقترح الولايات المتحدة أن تُدار المحطة بشكل مشترك من أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا، بحيث يسيطر كل طرف على 33 في المائة من المشروع؛ وهي خطة وصفها زيلينسكي بأنها «غير واقعية تماماً». وقال متسائلاً: «كيف يمكن إقامة تجارة مشتركة مع الروس بعد كل ما حدث؟».

واقترحت أوكرانيا بدلاً من ذلك أن تُدار المحطة عبر مشروع مشترك مع الولايات المتحدة، يتمكن فيه الأميركيون من تحديد كيفية توزيع الطاقة الناتجة عن حصتهم البالغة 50 في المائة. وأضاف زيلينسكي أن تشغيل المحطة مجدداً يتطلب استثمارات بمليارات الدولارات، بما في ذلك إعادة تأهيل السد المجاور.

الضمانات الأمنية

تتضمن الصيغة قيد الإعداد تأكيد حصول أوكرانيا على «ضمانات أمنية قوية»، تُلزم شركاءها بالتحرك في حال تجدّد العدوان الروسي، بما يحاكي «المادة الخامسة» من «ميثاق حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، التي تنص على أن أي هجوم عسكري على أحد أعضاء الحلف يُعدّ هجوماً على الجميع.

جانب من لقاء جمع الرئيس ترمب بنظيره الأوكراني وقادة أوروبيين في البيت الأبيض يوم 18 أغسطس 2025 (أ.ب)

وقال زيلينسكي إن وثيقة منفصلة مع الولايات المتحدة ستُحدّد هذه الضمانات بشكل واضح، وستُفصّل الشروط التي سيوفَّر بموجبها الأمن، لا سيما في حال شنّ هجوم روسي جديد، كما ستُنشِئ آلية لمراقبة أي وقفٍ لإطلاق النار. وأوضح أن هذه الوثيقة ستُوقَّع بالتزامن مع الاتفاق الرئيسي لإنهاء الحرب.

وتتضمن المسودة بنوداً أخرى، من بينها الإبقاء على قوام الجيش الأوكراني عند 800 ألف جندي في زمن السلم، وأن تصبح أوكرانيا عضواً في «الاتحاد الأوروبي» بحلول تاريخ محدد. وتقليص حجم الجيش الأوكراني أحد المطالب الرئيسية لروسيا.

الانتخابات ودعم الاقتصاد

تقترح الوثيقة تسريع اتفاقية تجارة حرة بين أوكرانيا والولايات المتحدة، فيما ذكر زيلينسكي أن واشنطن تسعى إلى إبرام اتفاق مماثل مع روسيا.

وترغب أوكرانيا في الحصول على وصول تفضيلي قصير الأمد إلى السوق الأوروبية، إضافة إلى حزمة مساعدات تشمل إنشاء صندوق تنمية للاستثمار في قطاعات عدة؛ من بينها التكنولوجيا، ومراكز البيانات، والذكاء الاصطناعي، وكذلك قطاع الغاز.

مواطن أوكراني يتفقد نتائج ضربة روسية في زابوريجيا جنوب شرقي أوكرانيا يوم 19 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وتشمل بنود أخرى توفير أموال لإعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب عبر وسائل مختلفة، من بينها المنح والقروض وصناديق الاستثمار. وقال زيلينسكي: «ستتاح لأوكرانيا فرصة تحديد أولويات توزيع حصتها من الأموال في الأراضي الخاضعة لسيطرتها». وسيكون الهدف جذب 800 مليار دولار من خلال رؤوس الأموال والمنح والقروض ومساهمات القطاع الخاص.

كما تنص مسودة المقترح على أن تُجري أوكرانيا انتخابات بعد توقيع الاتفاق. وكان من المقرر أن تنتهي ولاية زيلينسكي الممتدة 5 سنوات في مايو (أيار) 2024، لكن الانتخابات أُجّلت بسبب الحرب الروسية. وقد استغل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هذا الأمر للتشكيك في شرعية الحكومة الأوكرانية - رغم أن التأجيل كان قانونياً - كما أصبح ذلك مصدر توتر مع ترمب.

وتطالب أوكرانيا أيضاً بالإفراج الفوري عن جميع الأسرى المحتجزين منذ عام 2014، وإعادة المحتجزين المدنيين والسجناء السياسيين والأطفال إلى أوكرانيا.


تقرير: روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حرب أوكرانيا

صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
TT

تقرير: روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حرب أوكرانيا

صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يسار) ونظيره الأميركي دونالد ترمب (وسط) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، نقلاً عن مصدر مطلع اليوم (الأربعاء)، أن روسيا ستسعى لإجراء تعديلات جوهرية على خطة السلام الأميركية لإنهاء حربها مع أوكرانيا، بما في ذلك فرض مزيد من القيود على القدرات العسكرية لكييف.

وقال المصدر المقرب من الكرملين، إن روسيا تعتبر خطة السلام الأميركية المؤلفة من 20 بنداً «نقطة انطلاق» فقط لمزيد من المفاوضات، وذلك لافتقارها إلى بنود تراها موسكو في غاية الأهمية، وعدم إجابتها عن كثير من التساؤلات.

وأضاف: «في حين أن روسيا تنظر إلى الوثيقة الحالية على أنها خطة أوكرانية إلى حد كبير، فإنها ستدرسها بهدوء».

وفي وقت سابق اليوم، قال الكرملين إن موسكو ستواصل اتصالاتها مع واشنطن عبر القنوات القائمة قريباً بشأن التسوية الأوكرانية، فيما أوصى مجلس الاتحاد الروسي وزارة الخارجية بالعمل على إقامة حوار مع الولايات المتحدة.

ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن الكرملين قوله إن المبعوث الرئاسي الروسي كيريل دميترييف، قدّم تقريراً مفصلاً إلى الرئيس فلاديمير بوتين، حول نتائج محادثاته في الولايات المتحدة، مضيفاً أن موسكو ستصوغ موقفها بشأن التسوية بناء على المعلومات الواردة من دميترييف.

وكان مسؤولون أميركيون قد عقدوا مطلع هذا الأسبوع، اجتماعات في مدينة ميامي حول الشروط الممكن تنفيذها لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية التي اندلعت في فبراير (شباط) 2022. وضمت المحادثات مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين، وشملت عقد اجتماعات منفصلة مع دميترييف.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس (الثلاثاء)، إن محادثات ميامي تمخضت عن عدة مسودات وثائق «تتضمن على وجه الخصوص ضمانات أمنية لأوكرانيا، وخططاً للتعافي وإطار عمل أساسياً لإنهاء هذه الحرب».

وفي سياق متصل، أوصى مجلس الاتحاد الروسي وزارة الخارجية اليوم، بالعمل على استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة بالكامل «مع مراعاة المصالح الروسية».

وأفادت قناة «آر تي» التلفزيونية بأن المجلس أوصى «الخارجية» الروسية أيضاً «بالعمل على إقامة حوار مع الولايات المتحدة مع مراعاة أهمية التوصل إلى تسوية دائمة في أوكرانيا».