العاصمة الليبية بين شبح المواجهة المسلحة وأزمات المعيشة الخانقة

سياسيون يتحدثون عن «تراجع» شعبية الدبيبة وكارة

تخوفات الليبيين من العودة للحرب تتقاطع مع أزمات معيشية خانقة وفي مقدمتها غلاء المعيشة (أ.ف.ب)
تخوفات الليبيين من العودة للحرب تتقاطع مع أزمات معيشية خانقة وفي مقدمتها غلاء المعيشة (أ.ف.ب)
TT

العاصمة الليبية بين شبح المواجهة المسلحة وأزمات المعيشة الخانقة

تخوفات الليبيين من العودة للحرب تتقاطع مع أزمات معيشية خانقة وفي مقدمتها غلاء المعيشة (أ.ف.ب)
تخوفات الليبيين من العودة للحرب تتقاطع مع أزمات معيشية خانقة وفي مقدمتها غلاء المعيشة (أ.ف.ب)

في طرابلس يطغى القلق اليومي على حياة جل المواطنين، الذين يتابعون بترقب شديد ما تبثه وسائل الإعلام ومنصات التواصل، بحثاً عن خبر يبدد الغموض حول ما إذا كانت مدينتهم مقبلة على مواجهة مسلحة جديدة أم التوصل لاتفاق تهدئة.

ترقب وتوجس

هذا الترقب يتقاطع مع أزمات معيشية خانقة، وفي مقدمتها غلاء المعيشة، وانقطاع الكهرباء، ونقص الوقود، ما عمّق حالة السخط الشعبي تجاه طرفي النزاع، حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وعبد الرؤوف كارة، آمر «جهاز الردع»، أحد أبرز التشكيلات المسلحة بطرابلس.

جل الليبيين يودون معرفة إن كانت مدينتهم مقبلة على مواجهة مسلحة جديدة أم سيتم التوصل لاتفاق تهدئة (أ.ف.ب)

وبحسب سياسيين ومراقبين، فإن تداعيات هذا الغضب لن ينحصر مداها على استنزاف شعبية الطرفين فقط، بل قد تمتد لتشمل حلفاءهما أيضاً، وسط سعي خصوم الدبيبة في شرق البلاد إلى استثمار توترات العاصمة لصالح تعزيز حضورهم في الساحة السياسية.

في هذا السياق يعتقد رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، أسعد زهيو، أن حالة الترقب والتخوف من اندلاع مواجهة بين «الوحدة» و«الردع» بددت «ما تبقى من رصيد شعبيتهما»، لافتاً إلى أن حكومة الدبيبة «قد تكون الطرف الأكثر حصداً لغضب الشارع الطرابلسي». وأشار في هذا الصدد إلى أن «التصعيد من قبل (الوحدة) جاء متزامناً مع إعلان البعثة الأممية إطلاق مسار سياسي جديد قد يفضي إلى سلطة تنفيذية بديلة، ما يعزز الشكوك بأن الأزمة مصطنعة لتوفير طوق نجاة لها في مواجهة هذا الضغط الدولي، وليس للسعي إلى تحقيق مصلحة وطنية».

وقلّل زهيو في السياق ذاته من «وجاهة ما تسوقه الحكومة من دوافع ومبررات حول رغبتها في طي صفحة الميليشيات، وتحرير العاصمة من نفوذ قادتها من أمراء الحرب»، مشيراً إلى «استعانة (الوحدة) بتشكيلات من مصراتة، مسقط رأس الدبيبة».

هدنة هشة

منذ منتصف مايو (أيار) الماضي، تعيش طرابلس على وقع «هدنة هشة»، بعد قتال عنيف بين قوات موالية لحكومة «الوحدة»، وعناصر مسلّحة تابعة لـ«جهاز الردع»، وجاء ذلك بعد جولة مواجهات اندلعت في الشهر نفسه، في أعقاب مقتل رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، الميليشياوي عبد الغني الككلي، المعروف بـ«غنيوة».

يؤكد زهيو أن «الأزمات المعيشية شكّلت عاملاً إضافياً لتآكل شعبية الحكومة»، وأوضح أن «المواطن الليبي بات يواجه نقص الوقود والسيولة، وتراجع قيمة الدينار وانقطاعات الكهرباء». مبرزاً أن «أي مسؤول بالعاصمة، سواء من قيادات الحكومة أو المجلس الرئاسي، لم يحاول تقديم توضيح يبدد مخاوف المواطنين، بل فقط تتم الإشارة إلى عقد اجتماعات مع شخصيات عسكرية، وبعض الأعيان بهدف بحث التهدئة، دون توضيح مستجدات ونتائج هذه الاجتماعات».

زهيو يؤكد أن «الأزمات المعيشية شكلت عاملاً إضافياً لتآكل شعبية الحكومة» (أ.ف.ب)

وأضاف زهيو موضحاً أن «بروز جهاز الردع بوصفه منافساً مباشراً لتلك الحكومة، بكل ما تسببه من احتقان للمواطن، قد يعزز من حضوره الشعبي»، واستشهد في هذا الصدد بـ«التفاف سكان سوق الجمعة وضواحيها حوله، رغم معاناتهم سابقاً من نفوذه، وتصويرهم له كسيف مسلط على رقابهم».

بالمقابل، لا تتوقف التحذيرات من خطورة اندلاع مواجهة وسط مناطق العاصمة الأكثر اكتظاظاً بالسكان، وهي «سوق الجمعة» وضواحيها، حيث توجد مقرات «الردع»، وما يسيطر عليه من مرافق حيوية، مثل مطار معيتيقة، الذي يعد الشريان الجوي الرئيسي للعاصمة، والسجن الموجود بالمنطقة ذاتها.

من جهته، لفت الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، إلى إهمال الدعوات المطالبة بضرورة إخراج المقرات العسكرية من داخل الأحياء السكنية لتفادي اتخاذ المجموعات المسلحة المدنيين كدروع بشرية لحماية نفسها، عادّاً أن «تحصن جهاز الردع بسكان سوق الجمعة يخصم من رصيده الشعبي».

صورة أرشيفية لبعض عناصر جهاز الرّدع في طرابلس (الجهاز)

وعدّ القماطي «الاتهامات الموجهة لقيادات الردع بارتكاب انتهاكات داخل سجن معيتيقة، بينها القتل والاغتصاب، فضلاً عن تسريبات مقاطع مصورة حول التعذيب به»، مع عوامل أخرى من الأسباب التي «ستدفع شرائح عدة للنأي بنفسها عن الاصطفاف معه».

تمدد الغضب الشعبي

حدّد الدبيبة في الأسابيع الأخيرة شروطاً لتجنب الصراع مع «الردع»، شملت تسليم المطار والسجن لسلطات الدولة، وتسليم المطلوبين داخل مقراته للقضاء.

في هذا السياق يتوقع القماطي «أن يمتد الغضب الشعبي إلى حلفاء طرفي النزاع»، موضحاً أنه رغم ما رُصد مؤخراً من خلافات بين الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، فإن تصنيف البعض للأخير بكونه حليفاً لرئيس الحكومة يجعله في دائرة الاستهداف، والأمر ذاته سيتكرر مع محمد تكالة، رئيس المجلس الأعلى للدولة.

ويعتقد القماطي أن «أطرافاً أخرى ستستفيد من الأزمة، من بينها البعثة الأممية»، عادّاً أن أي «تراجع في شعبية الحكومة قد يسهل مهمة البعثة في الدفع لتنفيذ خريطتها السياسية، التي أعلنت عنها مؤخراً، كما يسعى خصوم الدبيبة في الشرق إلى تسويق صورة مناطقهم على أنها الأكثر استقراراً».

عبد الحميد الدبيبة في لقاء سابق مع معاون رئيس الأركان (حكومة الوحدة)

من جهته، يرى المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أن أهالي العاصمة «سئموا تكرار الصراعات، وأدركوا أنها تخدم المصالح الشخصية للأطراف المتحاربة»، وشدّد على أن «هذا الوعي الشعبي المقرون بتجارب سابقة مؤلمة، استنزف كثيراً من رصيد الطرفين، حتى أن السكان لم يعودوا يثقون بأي خطاب يبرر المواجهات».

وقلّل محفوظ من «أن تعرقل المواجهة حال حدوثها تنفيذ الخريطة السياسية للبعثة الأممية، والدفع باتجاه مشهد سياسي جديد بالبلاد».


مقالات ذات صلة

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

شمال افريقيا عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

أدى التصادم المسلح بين تشكيلين في مدينة الزواية غرب ليبيا إلى نشر حالة من الذعر بين المواطنين، الأمر الذي اضطر جهاز الإسعاف والطوارئ إلى تحذير المسافرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

النيابة العامة تحقق في قضية تزوير «أوراق وطنية»

قال مكتب النائب العام الليبي إن التحقيقات انتهت من فحص تسعة قيود عائلية وتبين للمحقق تآمر موظف بمكتب السجل المدني مع تسعة أشخاص غير ليبيين

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية في مكتبه بطرابلس الأربعاء (مكتب الدبيبة)

محادثات أممية - كندية حول سبل تنفيذ «خريطة الطريق» الليبية

ناقشت المبعوثة الأممية إلى ليبيا مع الدبيبة آليات تطبيق «خريطة الطريق»، بما في ذلك إطلاق «الحوار المهيكل» وقضايا أخرى تتعلق بتطورات العملية السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا على الرغم من قبول البعض بمبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية فإنهم أبدوا مخاوفهم من عقبات كبيرة تعترض المسار الذي اقترحته المفوضية (مفوضية الانتخابات)

كيف يرى الليبيون إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل المقبل؟

رفض مجلس حكماء وأعيان طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وجود دستور، وذهب إلى ضرورة تجديد الشرعية التشريعية أولاً عبر الانتخابات البرلمانية.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا محادثات صدام حفتر وقائد «أفريكوم» (الجيش الوطني)

«الجيش الوطني» الليبي يناشد واشنطن رفع «حظر التسليح»

دعا الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الولايات المتحدة عبر قيادتها العسكرية في أفريقيا «أفريكوم» لرفع حظر التسليح المفروض دولياً منذ 2011

خالد محمود (القاهرة )

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
TT

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

رحّب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اليوم (السبت)، بنتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الموافقة على تمديد ولاية «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات.

وأكد أبو الغيط في بيان أن الوكالة الأممية تلعب دوراً لا غنى عنه في إعاشة وتشغيل ملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وأن دورها يكتسب إلحاحاً أكبر بسبب الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية الوحشية التي امتدت لعامين.

ووجّه أبو الغيط نداء لكافة الدول المانحة بالتحرك على نحو عاجل لسد فجوة التمويل التي تعاني منها الوكالة الدولية، والتي تبلغ نحو 200 مليون دولار، لتمكينها من مواصلة عملها الإنساني الذي لا غنى عنه.

ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس (الجمعة) على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات إضافية.


هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.


محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات مصرية - روسية، الجمعة، المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وذلك في إطار التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، تناول الاتصال «العلاقات الوثيقة بين مصر وروسيا، وما تشهده من زخم متزايد في مختلف مسارات التعاون، ولا سيما المجالات الاقتصادية والتجارية». وأعرب عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تربط البلدين، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات. وأكّد أهمية مواصلة العمل المشترك لدفع مشروعات التعاون الجارية، وفي مقدمتها محطة «الضبعة النووية»، بما يسهم في تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر وتوسيع التعاون بين الجانبين.

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة، ما عدّه خبراء «خطوة أولى لإنتاج الطاقة النووية».

ومحطة «الضبعة» النووية هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقّعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

جانب من محطة «الضبعة النووية» الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية)

وأكّد عبد العاطي، خلال الاتصال الهاتفي، الجمعة، على «أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 والمضي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة»، لافتاً إلى «ضرورة تمكين قوة الاستقرار الدولية من أداء مهامها لترسيخ وقف إطلاق النار».

وبحسب «الخارجية المصرية»، استعرض عبد العاطي «الجهود التي تبذلها مصر في إطار (الآلية الرباعية) لوقف النزاع والحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السودانية»، كما استعرض «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار لبنان». وجدد موقف مصر «الداعي إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تحركات أو تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد»، داعياً إلى «تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري».

وأعربت مصر، نهاية نوفمبر الماضي، عن أملها في «بدء عملية سياسية بالسودان (دون إقصاء)». وأكّدت «احترام السيادة السودانية».

وتعمل «الآلية الرباعية»، التي تضم المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكّدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان». كما طرحت في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر».

أطفال سودانيون فرّوا مع عائلاتهم جراء المعارك الدامية يجلسون في مخيم قرب الفاشر (رويترز)

وتطرق الاتصال الهاتفي، الجمعة، إلى تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

على صعيد آخر، تناول عبد العاطي ولافروف مستجدات الأزمة الأوكرانية، حيث جدّد وزير الخارجية المصري «التأكيد على موقف القاهرة الثابت الداعي إلى ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى التوصل لتسويات سلمية للأزمات، عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية، بما يحفظ الأمن والاستقرار».