مصر: جدل واسع بشأن «مجانية العلاج» في حالات الطوارئ

بعد اتهام مستشفى بـ«طلب مقابل مادي من أسرة إعلامية راحلة»... و«الصحة» تنفي

وزير الصحة والسكان المصري يتفقد أقسام مستشفى الهرم التخصصي (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة والسكان المصري يتفقد أقسام مستشفى الهرم التخصصي (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر: جدل واسع بشأن «مجانية العلاج» في حالات الطوارئ

وزير الصحة والسكان المصري يتفقد أقسام مستشفى الهرم التخصصي (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة والسكان المصري يتفقد أقسام مستشفى الهرم التخصصي (وزارة الصحة المصرية)

أثارت وفاة الإعلامية المصرية، عبير الأباصيري، موجة من الغضب والنقاشات الحادة حول واقع الرعاية الطبية في أقسام الطوارئ بالمستشفيات المصرية، بعد أن توفيت إثر إصابتها بجلطة دماغية، وسط اتهامات بالتقصير الطبي داخل مستشفى حكومي بالجيزة.

ووفقاً لروايات متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، نقلت الأباصيري (54 سنة)، وهي كبيرة مُعدّين بالتلفزيون المصري، إلى مستشفى الهرم التخصصي وهي في حالة حرجة، حيث تم تشخيص حالتها بإصابتها بجلطة، إلا أنه طلب منها ومن مرافقها دفع مبلغ 1400 جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 48.4 جنيه مصري) لإذابة الجلطة وبداية العلاج، ولأن المبلغ لم يكن متوافراً، ظلت لساعات في قسم الاستقبال دون تدخل طبي عاجل، قبل أن تدخل في غيبوبة انتهت بوفاتها. وفق روايات سوشيالية.

وأمام تصاعد حدة الغضب، قالت وزارة الصحة والسكان المصرية، في بيان لها الثلاثاء، إنها تابعت باهتمام بالغ ما تم تداوله مؤخراً عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن وجود تقصير مزعوم في التعامل مع الحالة الصحية للإعلامية بمستشفى الهرم التخصصي، مع ادعاءات بتأخير تقديم الخدمة الطبية لحين دفع مبلغ مالي، مما أدى إلى وفاتها.

وبناء على التحقيق في الواقعة، اتضح أن المريضة وصلت إلى قسم الطوارئ بمستشفى الهرم التخصصي في 27 أغسطس (آب) 2025، وكانت تعاني من اضطراب في الوعي، ونقص في نسبة الأكسجين، وهبوط حاد في الدورة الدموية، وفور وصولها، تم وضعها على جهاز الأكسجين، وأجريت لها الفحوصات الطبية اللازمة، بما في ذلك أشعة مقطعية على المخ والصدر، والتي أظهرت عدم وجود جلطة بالمخ، كما تم وضعها على جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي (CPAP) لدعم التنفس، ومع استمرار تدهور حالتها، تم نقلها إلى جهاز تنفس صناعي مع إعطائها أدوية داعمة للدورة الدموية.

جانب من جولة وزير الصحة بمستشفى الهرم (وزارة الصحة المصرية)

وحول الادعاءات المتعلقة بالمطالبات المالية، أكدت الوزارة أن جميع الخدمات الطبية المقدمة للمريضة كانت مجانية بالكامل، لكونها حالة طارئة، ولم يتم تحصيل أي رسوم مقابل الخدمات الطبية، وفيما يتعلق بمبلغ الـ1400 جنيه، فهي قيمة أفلام الأشعة التي طلب مرافق المريضة أخذها واختار المرافق، تصويرها بدلاً من طباعتها، ومن ثمّ لم يتم دفع أي مبالغ مالية.

وبمراجعة موقف الحالة مع المستشفى الخاص الذي نُقلت إليه، تبين أن المريضة تعرضت لتوقف في القلب في أثناء النقل بسيارة الإسعاف الحكومية المجهزة بجهاز تنفس صناعي، وقام الطبيب المرافق بإنعاش القلب فوراً، واستكملت إجراءات الإنعاش فور وصولها إلى العناية المركزة بالمستشفى الخاص في الساعة 3:00 فجراً، ورغم الجهود الطبية المبذولة، توفيت المريضة لاحقاً، ولم يتم تحصيل أي مبالغ مالية من الأسرة بناءً على التنسيق مع جهة عملها.

مستشفى الهرم التخصصي الذي شهد انتقادات من قبل متابعين (وزارة الصحة المصرية)

وأكدت الوزارة «التزامها بتقديم الرعاية الطبية اللازمة لجميع المرضى، خصوصاً في الحالات الطارئة»، داعية وسائل الإعلام إلى التحري الدقيق قبل نشر المعلومات.

ومع تداول الواقعة، أجرى الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء المصري وزير الصحة والسكان، مساء الاثنين، زيارة غير مُعلنة إلى مستشفى الهرم التخصصي، حيث تفقّد أقسام المستشفى المختلفة ووقف على أبرز التحديات التي تواجه سير العمل.

وفي أعقاب الزيارة والواقعة، شدد وزير الصحة والسكان على «حق كل مواطن في العلاج الفوري والمجاني في حالات الطوارئ دون أي شرط أو عائق مالي»، مشيراً إلى أن إغلاق المستشفى الخاص والإحالة للتحقيق للمستشفى الحكومي، عقوبة فورية لأي مستشفى خاص يطلب من المريض مقابلاً مادياً للعلاج الطارئ.

وأضاف عبد الغفار، في بيان اليوم الثلاثاء، أن وزارة الصحة ملتزمة بكل بحسم بتنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1063 لسنة 2014، الذي يكفل لكل مواطن الحق في تلقي العلاج الطارئ - مجاناً - خلال أول 48 ساعة في جميع المستشفيات، حكومية كانت أو خاصة دون أي مقابل مالي، وعلى نفقة الدولة.

وشدد على أن طلب دفع رسوم من أي مستشفى بوصفه شرطاً لتلقي العلاج الطارئ، يعد انتهاكاً صارخاً لحق المواطن القانوني، مناشداً من يتعرض لهذا الموقف بعدم التردد في الاتصال فوراً بالخط الساخن للوزارة (105) لتقديم بيانات المستشفى وتفاصيل الواقعة، وسيتم التعامل بكل جدية وسرعة مع الشكوى، وفي حال ثبوت المخالفة، ستتخذ وزارة الصحة والسكان إجراءات قاسية وحازمة فورية.

وأوضح الوزير أن الإجراءات المشار إليها تشمل الإغلاق الفوري دون إنذار مسبق للمستشفيات الخاصة، وإحالة المتسبب للتحقيق الفوري في المستشفيات الحكومية مع اتخاذ جميع الإجراءات العقابية اللازمة.

وقال عبد الغفار: «حق المواطن في العلاج الطارئ مقدس، ووزارة الصحة تقف بكل قوة لحماية هذا الحق، وثق أننا معك لضمان عدالة صحية لكل مواطن».

لكن هذا البيان تعرض لانتقادات من متابعين عبر «السوشيال ميديا» قالوا إن «مجانية العلاج في أقسام الطوارئ غير مفعلة تماماً خصوصاً المستشفيات الخاصة»، وانتقدوا أسلوب العلاج بأقسام الطوارئ وعدم التعامل السريع مع الحالات الحرجة، وطالبوا بتحسين البنية التحتية لأقسام الطوارئ وتسهيل إجراءات العلاج وتدريب الكوادر الطبية.

إلى ذلك، انتقدت نقابة الأطباء قرار وزارة الصحة المصرية الأخير، واصفة إياه بـ«غير المنطقي»، لا سيما فيما يتعلق بإجبار المستشفيات الخاصة على تقديم خدمات مجانية لبعض الحالات.

وزارة الصحة نفت وجود تقصير في واقعة الإعلامية عبير الأباصيري (وزارة الصحة المصرية)

وأكد الأمين العام المساعد للنقابة، الدكتور خالد أمين، لـ«الشرق الأوسط» أن القرار لم يتم التنسيق فيه مع النقابة، مشيراً إلى أنه «يأتي ضد فكرة الاستثمار في القطاع الطبي».

وقال أمين: «كيف يُجبر مستثمر على تقديم خدمة مجانية دون وجود جهة محددة تتحمل تكلفة هذه الخدمة؟». وأشار إلى أن «هذا التوجه قد يؤدي إلى عزوف المستثمرين عن قطاع الرعاية الصحية، خصوصاً في ظل عدم وجود آليات واضحة تضمن استرداد تكلفة الخدمة، مما يهدد استمرارية هذه المؤسسات».

وفي سياق متصل، شكك أمين في قدرة المستشفيات الحكومية على استيعاب جميع حالات الطوارئ وتقديم الخدمات لجميع المرضى، مؤكداً أنها غير مستعدة بشكل كامل، وأوضح أن «هذا النقص، ووفقاً للقرار الوزاري، سيدفع المواطنين إلى الاعتماد بشكل أساسي على القطاع الخاص، طالما يجبره القرار على تقديم خدمات مجانية للمريض».

وأضاف: «نحن بحاجة إلى آليات حقيقية لضمان استمرارية الخدمة الصحية للمواطن، وعدم خلق فوضى تؤدي إلى نتائج عكسية».


مقالات ذات صلة

للتصدي لعلامات الشيخوخة... تناول هذا المشروب

صحتك الكفير هو منتَج ألبان مخمر (بكسباي)

للتصدي لعلامات الشيخوخة... تناول هذا المشروب

كشفت دراسة جديدة أن هناك مشروباً رائجاً لطالما اشتهر بدعمه لصحة الأمعاء قد يُساعد أيضاً في الوقاية من بعض علامات الشيخوخة أو حتى عكسها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك يتميز التوت الأزرق والعنب بخصائص تُحسّن صحة القلب (بيكسباي)

ما تأثير عصير التوت على ضغط الدم؟

يعتبر عصير التوت، خصوصاً التوت البري، مفيداً لضغط الدم لأنه غني بمركبات الفلافونويد ومضادات الأكسدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك مكملات «أوميغا 3» (أرشيفية - رويترز)

مكمل غذائي قد يحميك من السكري وأمراض القلب

كشفت دراسة جديدة أن تناول مكمل «أوميغا 3» يمكن أن يساعد في الوقاية من السكري وأمراض القلب

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك القرنفل يحتوي على مضادات أكسدة مثل مادة الأوجينول التي تقلل الالتهابات وتحسن مرونة الأوعية الدموية (بيكساباي)

دور القرنفل في تحسين ضغط الدم

القرنفل غني بالمعادن ومضادات الأكسدة التي تدعم صحة القلب، قد يُساعد على تحسين ضغط الدم لاحتوائه على البوتاسيوم وخصائصه المضادة للأكسدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تغيرات الشهية في الشتاء تتأثر بشكلٍ أكبر بانخفاض ساعات النهار والتعرض لأشعة الشمس (بيكساباي)

لماذا يزيد الطقس البارد من شعورك بالجوع؟ وما الحل؟

خلال أشهر الشتاء الباردة، يشعر الكثيرون بجوعٍ أكبر من المعتاد، ويقول الخبراء إن الأسباب الحقيقية تكمن في قصر النهار، واضطراب الساعة البيولوجية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ويليام وجورج... لمسة ملكية تضيء وجوه المشردين في لندن

الأمير جورج يساعد في إعداد فطائر يوركشير للمشردين (حساب أمير وأميرة ويلز على منصة «إكس»)
الأمير جورج يساعد في إعداد فطائر يوركشير للمشردين (حساب أمير وأميرة ويلز على منصة «إكس»)
TT

ويليام وجورج... لمسة ملكية تضيء وجوه المشردين في لندن

الأمير جورج يساعد في إعداد فطائر يوركشير للمشردين (حساب أمير وأميرة ويلز على منصة «إكس»)
الأمير جورج يساعد في إعداد فطائر يوركشير للمشردين (حساب أمير وأميرة ويلز على منصة «إكس»)

في مشهد ينطوي على دلالات إنسانية ورمزية، اصطحب أمير ويلز، الأمير ويليام، نجله الأكبر الأمير جورج، البالغ من العمر 12 عاماً، للمشاركة في إعداد وجبة طعام داخل أحد ملاجئ المشردين، في خطوة هدفت إلى تعريفه بقضية التشرد، وتسليط الضوء على الجهود التي تبذلها المنظمات المعنية لمكافحتها.

واختار الأمير ويليام لهذه الزيارة مؤسسة خيرية ذات ارتباط شخصي عميق بالنسبة إليه، هي «ذا باساج» (The Passage) في حي وستمنستر، وهي المؤسسة نفسها التي كانت والدته الراحلة، الأميرة ديانا، أميرة ويلز، قد اصطحبته إليها عندما كان طفلاً.

وجاءت هذه الخطوة وفق «بي بي سي»، الأسبوع الماضي، في مشهد رمزي يعكس انتقال هذه التجربة الإنسانية من الأمير ويليام إلى نجله الأمير جورج، الذي شارك في إعداد وجبة الغداء للأشخاص الذين تقدم لهم المؤسسة الدعم، علماً بأنها تعمل مع المشردين في وسط لندن.

ويليام يصطحب نجله جورج (12 عاماً) لإعداد وجبة في ملجأ للمشردين (حساب أمير وأميرة ويلز على منصة «إكس»)

ووقّع الأمير جورج في سجل الزوار على الصفحة نفسها التي حملت توقيع والده الأمير ويليام وجدته الأميرة ديانا في ديسمبر (كانون الأول) 1993.

وقال ميك كلارك، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «ذا باساج»، إن الأمير جورج حضر في وقت كانت فيه المؤسسة تستعد لإعداد وجبة عيد الميلاد لـ150 شخصاً. وأضاف: «كان جوهر الأمر يتمثل في السؤال: هل أنت مستعد لشمر ساعديك والانخراط في العمل؟ وقد كان كذلك بالفعل». وتابع: «إنه يشبه والده كثيراً في هذا الجانب؛ فقد أبدى حماساً واضحاً للمشاركة والمساعدة».

ووصف كلارك الأمير جورج بأنه «طفل لطيف»، مشيراً إلى أنه بدا مهتماً للغاية بالعمل الذي تقوم به المؤسسة، ولا سيما بالتحدث مع الأشخاص الذين استفادوا من خدماتها.

وشهدت عملية إعداد الطعام قدراً من التنافس الودي بين الأب والابن. وقال كلارك: «كان ويليام يتولى تحضير كرنب بروكسل تمهيداً لوضعه في جهاز التبخير، بينما كان الأمير جورج يساعد في إعداد فطائر يوركشير».

الأميرة ديانا تصطحب الأمير ويليام إلى «ذا باساج» عام 1993 (حساب أمير وأميرة ويلز على منصة «إكس»)

ووصف كلارك لحظة توقيع الأمير جورج في السجل إلى جانب اسم الأميرة ديانا بأنها «لحظة جميلة ومؤثرة»، مضيفاً: «لا سيما عندما أشار الأمير ويليام إلى جورج قائلاً: هذا توقيع والدتي، وهذه كانت المرة الأولى التي اصطحبتني فيها إلى هنا». وأضاف: «كان الأمر أشبه بدائرة اكتملت، من عام 1993 إلى عام 2025، مع ويليام وهو يصطحب جورج».

وأشار رئيس المؤسسة الخيرية إلى أن أسرة الأمير جورج تسعى، على ما يبدو، إلى تعريف أبنائها بالحياة خارج أسوار القصر، وإبراز أهمية أن يحظى الأكثر ضعفاً في المجتمع بالدعم والرعاية.

وجاءت زيارة ملجأ المشردين في اليوم نفسه الذي شهد إقامة مأدبة غداء عيد الميلاد السنوية للعائلة المالكة في قصر باكنغهام، في مفارقة لافتة بين عالمين متباينين.

الأمير ويليام هو من الداعمين لمؤسسة «ذا باساج» منذ أن اصطحبته والدته إليها وهو في الحادية عشرة من عمره، إذ كانت الأميرة ديانا تحرص على زيارتها بانتظام، سواء في مناسبات عامة أو خلال زيارات خاصة.

ويقود ويليام حالياً حملته الخاصة لمكافحة التشرد تحت اسم «هومواردز» (Homewards)، وقد وصف تجربته المبكرة في زيارة «ذا باساج» بأنها مصدر إلهام رئيسي له.

واستعاد الأمير ويليام ذكرياته عن زيارته الأولى مع والدته، قائلاً في مقابلة أُجريت معه العام الماضي إنه كان يشعر بالقلق في البداية، لكنه فوجئ بأجواء من الدفء والسعادة. وتابع: «كانت والدتي تتصرَّف بطريقتها المعتادة، تجعل الجميع يشعرون بالراحة، وتضحك وتمزح معهم». وأضاف: «كنت أظن آنذاك أنه إذا لم يكن لدى الناس منزل، فلا بد أنهم جميعاً حزينون، لكن كان من المدهش مقدار السعادة التي كانت تسود المكان».

وتستمد مؤسسة «ذا باساج» نهجها من أفكار المصلح الاجتماعي القديس ڤنسان دي پول، وتعمل في حي وستمنستر منذ عام 1980. وخلال العام الماضي، قدّمت المؤسسة الدعم لأكثر من 3 آلاف شخص كانوا يواجهون خطر التشرد.

وتؤكد المؤسسة أن الفقر هو أحد الأسباب الرئيسية للتشرد، مشيرة إلى أن «كثيرين لا يفصلهم عن فقدان المأوى سوى فاتورة واحدة». كما تُحذِّر من عوامل خطورة أخرى، من بينها الإدمان وتعاطي المواد المخدرة، ومشكلات الصحة النفسية، والعنف الأسري، والصدمات التي تتعرَّض لها العائلات. ولفتت أيضاً إلى وجود صِلات بين التشرد واستغلال بعض الأشخاص ضمن شبكات الاتجار بالبشر والعبودية الحديثة.


زوجان بريطانيان يفوزان بجائزة يانصيب بمليون إسترليني للمرة الثانية

حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
TT

زوجان بريطانيان يفوزان بجائزة يانصيب بمليون إسترليني للمرة الثانية

حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)
حقق ريتشارد ديفيز وفاي ستيفنسون-ديفيز فوزهما الكبير الثاني في سحب اليانصيب في نوفمبر (وكالة الأنباء البريطانية)

حقق زوجان محظوظان بشكل استثنائي فوزاً غير مسبوق بجائزة مليون جنيه إسترليني في اليانصيب في بريطانيا - للمرة الثانية.

وفاز ريتشارد ديفيز، 49 عاماً، وفاي ستيفنسون-ديفيز، 43 عاماً، بالجائزة الكبرى المكونة من سبعة أرقام في لعبة «يورومليونز مليونير ميكر» في يونيو (حزيران) 2018. وها هما الآن يكرران الإنجاز بمطابقة خمسة أرقام رئيسية والرقم الإضافي في سحب اليانصيب الذي أُجري في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) - وهي فرصة ضئيلة للغاية، وفقاً للخبراء.

وقالت فاي، من وسط ويلز: «كنا نعلم أن احتمالية تكرار هذا الفوز ضئيلة للغاية، لكننا دليل على أن الإيمان يجعل أي شيء ممكناً».

وأوضح ريتشارد، لم يكن فوزهم الثاني مجرد اختيار الأرقام الصحيحة. وقال: «لقد تحقق لنا ذلك من خلال سلسلة من أربع سحوبات متتالية لليانصيب»، وفق ما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وقال: «عندما تُطابق رقمين في سحب اليانصيب، تربح تلقائياً جائزة «لاكي ديب» للعبة التالية، وهذا ما حدث لنا.

طابقنا رقمين وفزنا بجائزة «لاكي ديب» مجانية من سحب سابق، مما أهّلنا للسحب التالي، وهكذا دواليك، حتى السحب الفائز في 26 نوفمبر».

ووفقاً لخبراء شركة «ألوين»، المشغلة لليانصيب الوطني، فإن احتمالات فوز ريتشارد وفاي بجائزة «يورومليونز مليونير ميكر» ثم خمسة أرقام والكرة الإضافية في اللوتو تتجاوز 24 تريليون إلى واحد.

ومع ذلك، من غير المرجح أن تُغيّر هذه الجائزة الأخيرة من توجه الزوجين نحو خدمة المجتمع. إذ يستخدم ريتشارد، مصفف الشعر السابق، مهاراته في مأوى للمشردين في كارديف، وهو مشروع تلقى تمويلاً حيوياً من اليانصيب الوطني، كما يُساعد أصدقاءه بالعمل سائق توصيل.

وتعمل الممرضة السابقة فاي طاهيةً متطوعةً في مطبخ سيجين هيدين المجتمعي في كارمارثين، كما تقدم خدمات الاستشارة النفسية لمنظمات محلية مثل جمعية بريكون آند ديستريكت مايند الخيرية. وقالت فاي، التي ستعمل حتى في يوم عيد الميلاد: «في المرة الأولى التي فزنا فيها، قدمنا ​​سيارات كهدايا، وتبرعنا بحافلة صغيرة لفريق الرجبي المحلي، وبذلنا قصارى جهدنا لمساعدة الأصدقاء والعائلة». وأضافت: «كان الأمر جديداً تماماً، وكان من الرائع أن نتمكن من إحداث فرق». وأردفت: «هذه المرة، من يدري؟ سنأخذ وقتنا ونستمتع باللحظة».

وفي حديثه على إذاعة «بي بي سي»، قال ريتشارد: «إن إعلان فوزنا هذه المرة لم يكن قراراً سهلاً». وقال: «منذ الفوز الأول، شاركنا في العديد من الفعاليات المتعلقة باليانصيب والجمعيات الخيرية». وأضاف: «هناك الكثير من الخير في العالم، بينما تسود الأخبار الكئيبة والمحبطة هذه الأيام. إنها حقاً جرعة من البهجة».

وقال آندي كارتر، كبير مستشاري الفائزين في شركة ألوين: «ما زلت أتذكر اليوم الذي التقيت فيه بريتشارد وفاي لأول مرة، ومن دواعي سروري أن أكون معهما وهما يحتفلان بفوزهما الثاني بجائزة مليون جنيه إسترليني». وأضاف: «لقد لمستُ الأثر الإيجابي للفوز الأول، وأعلم أن هذا الفوز الثاني سيكون له نفس القدر من الأهمية».


خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
TT

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)
خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

في مسيرة بعض الممثلين، تأتي الأدوار المهمّة في وقت متأخر، وهو ما حصل مع الممثلة السعودية خيرية نظمي، بطلة فيلم «هجرة»، التي تحدَّثت بشفافية لـ«الشرق الأوسط»، قائلةً: «حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين»، مُعبّرةً عن سعادتها الغامرة بهذه التجربة التي نقلتها إلى منطقة مختلفة، بوصفها ثمرة رحلة طويلة من التراكم الفنّي والتجربة الإنسانية.

بطولة «هجرة» جاءت في مرحلة شعرت فيها خيرية بأنّ علاقتها بالتمثيل أصبحت أوضح وأكثر هدوءاً. وتتحدَّث عن هذه التجربة بثقة، مؤكدةً أن مرحلة ما بعد الخمسين حوَّلت العمر من مجرّد رقم إلى رصيد من المشاعر والمواقف والقدرة على قراءة الشخصيات بعمق، ممّا غيّر زاوية نظرها للأمور، وجعل اختياراتها أكثر وعياً ومسؤولية.

وللمرة الأولى، سارت خيرية نظمي على السجادة الحمراء في مهرجانات عالمية بصفتها نجمة سينمائية عبر بطولتها فيلم المخرجة شهد أمين «هجرة»، الذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان البندقية، وهناك حصد جائزة «نيتباك» لأفضل فيلم آسيوي، ثم واصل حضوره في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بجدة، ليفوز بجائزتين هما «جائزة اليسر من لجنة التحكيم» وجائزة «فيلم العلا لأفضل فيلم سعودي».

خيرية، التي التقتها «الشرق الأوسط» في «البحر الأحمر»، تُشير إلى أن الفرق بين الأدوار الرئيسية وتحمُّل بطولة كاملة يكمُن في الإيقاع اليومي للتصوير، وفي الالتزام الجسدي والنفسي المستمرّ، قائلةً: «التصوير في (هجرة) امتد ساعات يومياً، وعلى مدى شهرين ونصف الشهر تقريباً، وهو ما تطلَّب جهداً مضاعفاً، وانغماساً كاملاً في الشخصية». هذا التعب، كما تصفه، أثمر لاحقاً مع خروج الفيلم إلى الجمهور، وظهور ردود الفعل في العروض الأولى، والإشادات التي ركّزت على الأداء والنظرة والتعبير الصامت.

خيرية نظمي على السجادة الحمراء (مهرجان البحر الأحمر)

سنوات من الكوميديا

قبل «هجرة»، رسَّخت خيرية حضورها في الأعمال الكوميدية، وتتوقَّف عند هذه المرحلة بكونها مدرسة أساسية في مسيرتها، تعلَّمت خلالها الإيقاع، والتوقيت، والقدرة على التقاط التفاصيل الصغيرة. وتستذكر تجربتها في مسلسل «سكة سفر» من خلال شخصية «بركة»، التي تقول إنها كانت قريبة من روحها، وتفاعلت معها بعفوية عالية. تبتسم وهي تتحدَّث عن «بركة»، مضيفةً: «هذه الشخصية خرجت مني بشكل تلقائي»، موضحةً أنها تعاملت مع النص بطاقة مفتوحة، وسمحت للارتجال بقيادة كثير من اللحظات. هذا التفاعل العفوي، كما ترى، وصل إلى الجمهور السعودي والعربي، وصنع حالة قبول واسعة، وأكد قدرتها على حمل الدور الكوميدي وصناعة شخصية تعيش خارج إطار الحلقة.

وتشير إلى أنّ «سكة سفر» شكّل إحدى أبرز تجاربها، ضمن مسار متنوّع سبقها، مؤكدةً أنّ انغماسها في الكوميديا أثبت نجاحه، وساعدها على بناء علاقة مباشرة مع الجمهور، وهي مرحلة منحتها ثقة إضافية، ووسَّعت أدواتها، إذ ترى أنّ الكوميديا فنّ يحتاج إلى حسّ داخلي عالٍ وصدق في الأداء.

خيرية نظمي وحفيدتها في الفيلم لمار فادن في مشهد من «هجرة» (الشرق الأوسط)

«هجرة»... اختبار العمق

في تلك المرحلة، كانت خيرية تتطلَّع إلى تنويع أدوارها، وتؤمن بأن التنقّل بين الأنواع يكشف عن جوانب مختلفة من الموهبة، ويمنح الممثل فرصة أوسع للتجريب. هذا التطلُّع قادها إلى أدوار تحمل ثقلاً مختلفاً، وتضعها أمام تحدّيات جديدة، خصوصاً في الدراما، وهو ما وجدته في فيلم «هجرة»، إذ انتقلت إلى منطقة أكثر كثافة، ودور يعتمد على الحضور الداخلي أكثر من الحوار المباشر.

في «هجرة»، قدَّمت شخصية «ستي»، الجدّة التي تعتزم الذهاب إلى الحج برفقة اثنتين من حفيداتها، وفي أثناء الرحلة تضيع إحداهن، فتتحمّل مسؤولية البحث عنها. وهي شخصية مركّبة، حازمة في ظاهرها، قوية في مواقفها، وتحمل في داخلها ضعفاً إنسانياً واضحاً. وتصف خيرية هذا التركيب بأنه «تحدٍّ حقيقي، لأنّ التوازن بين الصلابة والانكسار يحتاج إلى وعي نفسي دقيق، وقدرة على الإمساك بالتفاصيل الصغيرة».

وتضيف: «كثير من المَشاهد اعتمد على النظرة أكثر من الكلمة، وعلى الصمت أكثر من الحوار»، مؤكدةً أنّ ذلك جاء نتيجة مباشرة للتدريب والتحضير المُسبَق. وتولي خيرية أهمية كبيرة لمرحلة التحضير، مشيرةً إلى أنّ وجود المُخرجة شهد أمين، وحرصها على بناء الشخصية من الداخل إلى الخارج، صنعا فارقاً واضحاً في الفيلم الذي اختارته المملكة لتمثيلها في سباق «الأوسكار» لعام 2026.

ترى خيرية أنّ فيلم «هجرة» يشكّل مرحلة تحوّل في مسيرتها الفنّية (مهرجان البحر الأحمر)

رَمش العين... التحدّي الأكبر

تتوقف خيرية عند تفصيل صغير، وتبتسم وهي ترويه، موضحةً أنّ المخرجة طلبت منها تخفيف الرَّمش، لأن الكاميرا الكبيرة تلتقط كل حركة. في البداية، شعرت بالغرابة، ثم عادت إلى البيت وهي تفكر في وجهها، وفي عادات ملامحها، وفي تفاصيل تؤدّيها تلقائياً. وتضحك وهي تقول إنّ عضلات وجهها اعتادت الابتسامة حتى في لحظات السكون، كأنّ الوجه تعلَّم هذا التعبير مع الزمن.

وتؤكد أن شخصية «ستي» احتاجت إلى وجه جامد، ونظرة ثابتة، وحضور صامت يخلو من أي ليونة. التحكُّم في رمشة العين، كما تقول، تحوّل إلى تمرين يومي ومحاولة واعية للسيطرة على فعل طبيعي، مضيفةً: «هذه التجربة جعلتني أدرك أنّ التحكُّم في النظرة يكشف عن جوهر الممثل أكثر من التحكُّم في الكلام أو الحركة، لأنّ العين تفضح الإحساس قبل أن يُقال».

تحدَّثت خيرية نظمي عن أصعب اللحظات التي واجهتها خلال التصوير (إنستغرام)

طبقات الحزن والفرح

عند الحديث عن التوحُّد مع الشخصية، تتحدَّث خيرية عن علاقتها بالألم الشخصي، وتقول: «كلّ إنسان يحمل في داخله تجارب موجعة». وتستدعي هذه التجارب خلال الأداء، بما يمنح المشهد صدقاً داخلياً ويجعل التعبير أقرب إلى الواقع. كما توضح أنّ هذا الإحساس رافقها بعد انتهاء التصوير، مع استمرار جولات الفيلم في المهرجانات، وردود الفعل التي تلقتها من الجمهور.

وعن المرحلة المقبلة، تتحدَّث بنبرة هادئة وحاسمة، مؤكدةً أنّ خياراتها تتّجه نحو أدوار تحمل عمقاً حقيقياً، وتمنحها فرصة لاكتشاف مساحات جديدة في أدائها، قائلة: «كلّما كان الدور أقوى، ازدادت حماستي له، لأني أرى في التحدّي جوهر التجربة الفنية».

وتتوقّف عند تقييمات المخرجين والمنتجين، التي تعدّها مرآة مهمّة لتطورها، مشيرةً إلى أنّ أحدهم قال لها إنّ من أبرز نقاط قوتها قدرتها على خلق طبقات متعدّدة من الحزن والفرح، بما يمنح المخرج مرونة كبيرة في بناء المشهد، سواء احتاج إلى إحساس هادئ، أو دمعة واحدة، أو انفعال كامل.

وفي ختام حديثها، تعود خيرية إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات، وترى أنّ هذا الشعور انعكس على أدائها، ومنحها حضوراً أكثر هدوءاً وثباتاً أمام الكاميرا. هذا السلام، في رأيها، يرتبط بمرحلة نضج إنساني يصل إليها الإنسان بعد رحلة طويلة من التجربة، وفي هذه المرحلة يصبح التعبير أكثر صدقاً، ويصبح الصمت أبلغ، وتصل الأدوار في توقيتها الصحيح.