قالت القوة المشتركة، المتحالفة مع الجيش السوداني، الثلاثاء، إن تقديراتها تفيد بوجود أكثر من 130 جثة لقتلى مدنيين ملقاة في الطريق الرابط بين مدينة الفاشر وبلدة طويلة، في شمال دارفور غرب السودان، بينها جثث أطفال ونساء، كانوا يحاولون الفرار بأنفسهم وعائلاتهم من الفاشر إلى أماكن آمنة.
وصرَّح المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة، العقيد أحمد حسين، لـ«وكالة السودان للأنباء» الرسمية، بأن من بين القتلى 30 شخصاً تم العثور عليهم في مكان واحد، بعضهم كانوا مكبلي الأيدي والأرجل.
وقال إن «ميليشيا الدعم السريع»، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لا تزال مستمرة في تنفيذ عمليات التصفية الجسدية بـ«صورة وحشية» ضد المدنيين العزَّل في شمال دارفور، وأن كثيراً من الأسر أبلغت عن فقدان بعض أبنائها في ذلك الطريق.
وتحوَّلت بلدة طويلة، التي تبعد نحو 65 كيلومتراً غرب مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، إلى ملجأ لآلاف النازحين الهاربين من المدينة، ومخيمَي زمزم وأبو شوك؛ بسبب المعارك الضارية الدائرة بين الجيش السوداني والقوة المشتركة من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى.
ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم القوة المشتركة، قوله إن «الميليشيا المتمردة» اقتادت 8 نساء وطفلتين إلى جهة غير معلومة، كما تم الإبلاغ عن فقدان أكثر من 20 شخصاً داخل مخيم أبو شوك، خلال الأسبوعين الماضيين.
واتهم حسين «الميليشيات العربية» المدعومة من «الدعم السريع»، باستهداف ممنهج على أساس عرقي تجاه السكان من المكونات الأفريقية بإقليم دارفور.
في سياق ذلك، قال المتحدث باسم القوة المشتركة، إن مدينة الفاشر، تشهد قصفاً مدفعياً يومياً بمعدل 300 إلى 1000 قذيفة مدفعية وهجمات بالمسيّرات الانتحارية، من قِبل «قوات الدعم السريع»، تستهدف التجمعات السكنية ومراكز الإيواء ومخيمات النازحين.

وتحدَّث مواطنون في الفاشر لـ«الشرق الأوسط» عن أن الفارين من المدينة يتعرضون لانتهاكات جسيمة من قبل «الدعم السريع»، وأنه تم توثيق حوادث قتل لأعداد كبيرة من المدنيين كانوا في طريقهم إلى معسكرات النازحين في طويلة.
وتتكون القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، التي انضمت في وقت سابق للقتال في صفوف الجيش السوداني ضد «قوات الدعم السريع»، من قوات حركة «العدل والمساواة»، بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة «جيش تحرير السودان» بزعامة حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي.
وصعّدت «قوات الدعم السريع» في الآونة الأخيرة هجماتها على الفاشر بوتيرة متسارعة للاستيلاء عليها، لكن قوات الجيش والقوة المساندة لها تقاتل بضراوة للدفاع عنها ومنع سقوطها.
ولا يزال عشرات الآلاف من المدنيين مُحاصَرين داخل الفاشر، في ظروف إنسانية بالغة السوء، وتمنع «الدعم السريع» وصول مواد الإغاثة أو مرور المساعدات الإنسانية الدولية إلى المواطنين هناك، كما أنه لا توجد أي ممرات آمنة للمدنيين لمغادرة المدينة.
وحسب تقديرات الأمم المتحدة، أدى القتال المستمر بين طرفَي الحرب، إلى فرار نحو 400 ألف مدني إلى منطقة طويلة، وتُعدّ الفاشر آخر مدينة كبرى يسيطر عليها الجيش السوداني في غرب البلاد، وتحاصرها «قوات الدعم السريع»، لأكثر من عام.
من جهة ثانية أفادت المنسقية العامة للاجئين والنازحين في دارفور، بأن الفارين من الفاشر يتعرَّضون لشتى أنواع الانتهاكات والقتل من قبل بعض المسلحين المحسوبين على «قوات الدعم السريع»، ما تسبب في وقوع أعداد كبيرة من الوفيات؛ بسبب الجوع والعطش خلال رحلة النزوح.
وفي وقت سابق اتهمت «المنسقية» الجيش والقوات المتحالفة معه برفض السماح للنازحين بالمغادرة، واستخدامهم دروعاً بشرية في مواجهة الهجمات التي تشنها «قوات الدعم السريع» على الفاشر.
وأجْلَت قوات الفصائل المسلّحة المنضوية في تحالف «تأسيس»، الذي يضم «قوات الدعم السريع»، في الأشهر الماضية عشرات الآلاف من المدنيين المحاصَرين في الفاشر، إلى مخيمات النازحين في منطقة طويلة وبلدات أخرى بإقليم دارفور.
وذكرت وكالات الإغاثة العاملة في السودان أن أكثر من 70 في المائة من سكان الفاشر بحاجة للمساعدات، وخلال الأشهر الـ3 الماضية سجلت حالات وفيات؛ بسبب الجوع والعطش ونقص الرعاية الصحية.



