حواجز سفارتَي بريطانيا وأميركا في القاهرة... طبيعية أم مبالغ فيها؟

مبنى السفارة البريطانية في القاهرة (السفارة)
مبنى السفارة البريطانية في القاهرة (السفارة)
TT

حواجز سفارتَي بريطانيا وأميركا في القاهرة... طبيعية أم مبالغ فيها؟

مبنى السفارة البريطانية في القاهرة (السفارة)
مبنى السفارة البريطانية في القاهرة (السفارة)

أثار إجراء رفع الحواجز الأسمنتية الأمنية في محيط السفارة البريطانية وسط القاهرة بعد نحو 22 عاماً، تساؤلات حول مشروعية تلك الخطوة؛ كونها جاءت مع انتقادات مصرية لعدم اتخاذ لندن موقفاً تجاه «اعتداء» مناهضين على سفارة مصر في لندن.

تلك الخطوة، يرى خبراء قانون وأمن، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنها «إجراء طبيعي تتخذه الدولة المصرية في ظل استقرار أمنها، وحق المواطنين في المرور في شارع حيوي وسط العاصمة»، موضحين أن «تلك الحواجز تم وضعها لظروف أمنية انتهت، ورفعها حق سيادي لمصر في أي وقت تتخذه حسب مصالحها، ولا يحق الاعتراض عليه ما دام يستمر تأمين المقر الدبلوماسي بالشكل المتعارف عليه، حتى ولو ربطه البعض بمعاملة بالمثل أو ما شابه».

وبخلاف أغلب دول العالم التي لا يشهد محيط المقار الدبلوماسية فيها حواجز، اتجهت مصر لوضع حواجز أسمنتية عند بعض سفارات الدول الكبرى، وكانت السفارتان الأميركية والبريطانية الموجودتان في حي جاردن سيتي، وسط القاهرة، محاطتين بتلك الحواجز بخلاف التأمين الأمني الكبير.

وفي تطور جديد «أزالت السلطات المصرية الحواجز الأمنية المحيطة بمبنى السفارة في القاهرة»، وفق ما أعلنت السفارة البريطانية في القاهرة، الأحد، في بيان عبر صفحتها على موقع «فيسبوك»، مؤكدة أنه «سيتم إغلاق المبنى الرئيسي حتى مراجعة تأثير هذه التغييرات».

إحدى الفعاليات داخل السفارة البريطانية في القاهرة (أرشيفية - السفارة)

تدبير أمني... ولكن

وقال أستاذ القانون الدولي، الدكتور أيمن سلامة، لـ«الشرق الأوسط» إنه وفقاً للمادة 22 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، يعد وضع الحواجز الأمنية هو أحد التدابير التي تهدف إلى توفير هذه الحماية للسفارات، لكن رفعها لا يعني بالضرورة انتهاكاً للقانون الدولي، إذا كانت الدولة المضيفة قادرة على توفير مستوى كافٍ من الحماية بطرق أخرى، وفق سلامة، مؤكداً أن «القرار هنا يعتمد على تقييم مدى كفاية الإجراءات الأمنية البديلة».

وكشف مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء فاروق المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تلك الحواجز وُجدت منذ حرب العراق عام 2003، لحماية سفارات الدول التي كانت تقود تلك الحرب من أي ردود فعل محتملة بمصر، واستمرت تلك الحواجز، وكان يجب ألا يكون لها داعٍ في فترات الاستقرار قبل 2011 أو بعد 2015 عقب القضاء على الإرهاب بمصر، وصارت مكلفة وعبئاً مالياً»، معتبراً أن قرار سفارة لندن الغلق المؤقت «ليس له داعٍ في ظل بقاء التأمين».

بدوره، قال المحامي والحقوقي المصري طارق العوضي، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الحواجز لا تُرى أمام السفارات المصرية في الخارج فقط، بل لا تُرى أمام باقي سفارات الدول في مصر، باستثناء الأميركية والبريطانية»، موضحاً أنها وُضعت نتيجة ظروف أمنية خاصة بالبلاد، وأنه مع استقرارها من حق الدولة أن تفتح الشوارع المغلقة بهذه الحواجز، احتراماً لحق المرور في ذلك الشارع الحيوي.

وشدد على أنه رغم تلك الحواجز لم يتأثر تأمين مصر لتلك السفارة، ولم تتخلَّ عن حمايتها، بل الحراسة موجودة وبشكل قوي، مؤكداً أن الدولة المصرية تنفذ مسؤوليتها وفق المعاهدات وتلتزم بالتأمين والحماية، وبالتالي فإن «استشعار سفارةٍ ما أن هذا حقها أو أن هذا عمل موجه ضدها حال رفع الحواجز، أمر ليس صحيحاً، وإنما هو قرار سيادي تتخذه الدولة وقتما شاءت».

وكان حزب الجبهة الوطنية المؤيد للسلطات المصرية، طالب في بيان يوم 26 أغسطس (آب) الجاري بـ«إزالة الحواجز وإلزام السفارة البريطانية بما تلتزم به السفارات الأجنبية الأخرى العاملة في مصر، على قاعدة المساواة الكاملة والمعاملة بالمثل».

وطالب الحزب بريطانيا بتقديم «اعتذار رسمي» للدولة المصرية عما حدث تجاه سفارتها في لندن، وضرورة تكثيف الحماية على السفارة المصرية هناك ومعاقبة المعتدين عليها، والإفراج الفوري عن الشاب أحمد عبد القادر الذي كان يساهم في تأمين سفارة بلاده ضد اعتداءات عليها، والذي أُفرج عنه لاحقاً في اليوم التالي، بعد اتصال بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ومستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول.

وقبل نحو شهر، بدأت حملة للتظاهر أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج، والدعوة لإغلاقها، بزعم أن «القاهرة تعرقل دخول المساعدات إلى غزة»، وتم إغلاق سفارة مصر في لندن بالأقفال من جانب مناهضين للدولة، وسط اتهامات لعناصر جماعة «الإخوان» الإرهابية بالوقوف وراء الحملة.

ويرى سلامة أن «مبدأ المعاملة بالمثل يعد ركيزة أساسية في العلاقات الدبلوماسية، وإذا كان قرار السلطات المصرية رفع الحواجز هو رد فعل على ما تعتبره إجراءات أمنية غير كافية للسفارة المصرية في لندن، فإن هذا الفعل يمكن أن يُفسر كنوع من المعاملة بالمثل، ومع ذلك يجب أن يكون هذا الرد متناسباً، وألا يؤدي إلى تعريض البعثة الأجنبية للخطر».

ومع رفع الحواجز من أمام السفارة البريطانية، توالت الإشادات بالموقف الحكومي، واعتبر الإعلامي المصري المقرب من السلطات أحمد موسى، الأحد، عبر منصة «إكس»، أن «رفع الحواجز وفتح الشوارع أمام السفارة البريطانية تصحيح لوضع خطأ؛ فكانت السفارة تحظى بمعاملة خاصة بوضع حواجز مبالغ فيها، مما أدى لإعاقة حركة المواطنين، والمعاملة بالمثل هو القرار الذي يجب تطبيقه».

وأشاد الحقوقي المصري نجاد البرعي عبر «فيسبوك» بتلك الخطوة، قائلاً: «أحيي الحكومة على قرارها الشجاع (...) لا توجد دولة في العالم تغلق شوارع كاملة في حي مثل جاردن سيتي في وسط عاصمتها لتأمين مباني سفارات أجنبية أياً كانت على حساب قاطني العقارات في تلك الشوارع وزائريها»، داعياً لعدم العودة عن القرار.

ويرى المقرحي أن هناك سعادة بالقرار؛ لأنه «قرار جريء وقوي» ويعيد الأمور لنصابها القانوني، وهناك تضرر من إغلاق شارع السفارة، مضيفاً: «لو أرادت سفارة لندن مزايا يجب أن تكون الحراسات بالمثل، وما دامت لن تفعل، فمصر غير مطالبة بأن تفعل ما دامت تقوم بواجبها الأمني على أكمل وجه، وبشكل أكبر مما تفعله بريطانيا هناك».

ويرى العوضي أن «البعض يعتبر ذلك من باب المكايدة وما شابه، لكن الأمر في نهايته شأن داخلي مصري وقرار سيادي، وليس موجهاً لبريطانيا ولا سفارتها، وخاصة أن التأمين موجود بشكل كامل، ولا يزال».

وبرأي سلامة، فإن «الحل الأمثل لأي نزاع دبلوماسي يتعلق بالإجراءات الأمنية هو اللجوء إلى المفاوضات المباشرة بين الدولتين المعنيتين، مصر وبريطانيا في هذه الحالة، بحسب المادة 42 من اتفاقية فيينا».


مقالات ذات صلة

بلجيكا تنضم إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية

أوروبا أرشيفية من داخل محكمة العدل الدولية (رويترز)

بلجيكا تنضم إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية

أعلنت محكمة العدل الدولية، الثلاثاء، انضمام بلجيكا إلى الدعوى المرفوعة من جانب جنوب إفريقيا، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (د.ب.أ)

وزير الخارجية الأميركي يبحث مع نظيره الفرنسي الحاجة المُلحة لوقف إطلاق النار في السودان

ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير ماركو روبيو أجرى، اليوم (الثلاثاء)، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو بحثا خلاله العديد من القضايا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر تتحدث في أثينا الخميس 18 ديسمبر الحالي (أ.ب)

وزيرة خارجية بريطانيا: يجب فتح كل الطرق والمعابر إلى غزة فوراً

أكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، اليوم الثلاثاء، أنه «يجب فتح جميع الطرق والمعابر إلى غزة فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

مساعد سابق يقول إن نتنياهو كلّفه بوضع خطة للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر

صرّح مساعد سابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه عقب هجوم «حماس» في أكتوبر 2023، الذي أشعل فتيل حرب غزة، كلّفه بإيجاد طريقة للتهرب من مسؤولية هذا الخرق الأمني

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، إنه التقى، الثلاثاء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وأجريا محادثات ركزت على جهود تثبيت وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (عمان)

تركيا: طائرة رئيس الأركان الليبي أبلغت عن عطل كهربائي قبيل تحطمها

الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية)
الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا: طائرة رئيس الأركان الليبي أبلغت عن عطل كهربائي قبيل تحطمها

الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية)
الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية)

قال برهان الدين دوران، رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية اليوم (الأربعاء)، إن الطائرة الخاصة التي كانت تقل رئيس ​أركان الجيش الليبي، أبلغت عن عطل كهربائي وطلبت الهبوط الاضطراري، قبيل تحطمها بالقرب من أنقرة.

وأضاف -في بيان- أن الطائرة -وهي من طراز «داسو فالكون 50»- أقلعت من مطار أسن بوغا في أنقرة الساعة 17:17 بتوقيت غرينيتش، أمس (الثلاثاء) متجهة إلى طرابلس، وفي الساعة 17:33 ‌بتوقيت غرينيتش، ‌أبلغت مراقبة الحركة الجوية بوجود حالة ‌طوارئ ⁠ناجمة ​عن ‌عطل كهربائي.

وأعلن مسؤولون ليبيون وأتراك عن مقتل 8 أشخاص، بينهم 3 من أفراد الطاقم، في الحادث.

وقال دوران إن مراقبة الحركة الجوية أعادت توجيه الطائرة نحو مطار أسن بوغا، وجرى اتخاذ إجراءات الطوارئ، ولكن الطائرة اختفت من على شاشة الرادار في ⁠الساعة 17:36 بتوقيت غرينيتش في أثناء هبوطها، وانقطع الاتصال بها.

وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال استقباله رئيس الأركان الليبي محمد علي الحداد في أنقرة الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية- إكس)

و أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا في وقت لاحق، العثور على الصندوق الأسود للطائرة. وقال قايا إن الطائرة المنكوبة كان على متنها خمسة ركاب وثلاثة من أفراد الطاقم، وانقطع الاتصال بها بعد حوالي 40 دقيقة من إقلاعها في طريقها إلى ليبيا بعد أن أنهى الحداد زيارة رسمية إلى تركيا أمس الثلاثاء.

وأوضح وزير الداخلية التركي أن أعمال فحص الصندوق الأسود وجهاز التسجيل بالطائرة المنكوبة بدأت للوقوف على تفاصيل الحادث. وأضاف «نحقق في كافة جوانب الحادث وكل الأجهزة المعنية في الدولة تتابع ذلك، وعازمون على الإفصاح عن أسباب الحادث في أسرع وقت».

وأكد قايا وجود فريق ليبي من 22 فردا في أنقرة للمشاركة في التحقيق في سقوط الطائرة.


البرلمان الجزائري يصوّت على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي

أعضاء لجنة صياغة قانون تجريم الاستعمار (أرشيفية - البرلمان الجزائري)
أعضاء لجنة صياغة قانون تجريم الاستعمار (أرشيفية - البرلمان الجزائري)
TT

البرلمان الجزائري يصوّت على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي

أعضاء لجنة صياغة قانون تجريم الاستعمار (أرشيفية - البرلمان الجزائري)
أعضاء لجنة صياغة قانون تجريم الاستعمار (أرشيفية - البرلمان الجزائري)

يصوت البرلمان الجزائري الأربعاء على مشروع قانون يهدف الى تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر وتوصيفه على انه «جريمة دولة» ويطالب فرنسا بـ«اعتذار رسمي»، في وقت لا يزال البلدان غارقين في أزمة كبرى.

ويطالب النص الذي اطلعت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منه وينتظر أن يصادق النواب عليه إلا اذا حدث طارئ، بتحمل الدولة الفرنسية «المسؤولية القانونية عن ماضيها الاستعماري للجزائر، وما خلفه من مآس» ويطالبها بالتعويض. وفي حال المصادقة عليه، ستكون للقانون دلالة رمزية قوية، لكن يبدو ان أثره العملي على مطالب التعويضات محدودا من دون اللجوء إلى هيئات دولية أو اتفاق ثنائي.

وأثناء عرض مشروع القانون أمام النواب، قال رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى في البرلمان) إبراهيم بوغالي السبت، إن هذا المقترح «فعل سيادي بامتياز»، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية. وأضاف أنه أيضا «رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن الذاكرة الوطنية الجزائرية غير قابلة للمحو أو المساومة».

ولدى سؤاله الأسبوع الماضي عن هذا التصويت، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو، إنه لا يعلّق «على نقاشات سياسية تجري في دول أجنبية».

قطيعة

بالنسبة إلى حسني قيطوني، الباحث في تاريخ الحقبة الاستعمارية في جامعة إكستر البريطانية، فإنه «من الناحية القانونية، لا يحمل هذا القانون أي بُعد دولي، وبالتالي لا يمكنه إلزام فرنسا» و«أثره القانوني محلي فقط». وأضاف «لكن أثره السياسي والرمزي مهم: فهو يمثّل لحظة قطيعة في العلاقة التاريخية مع فرنسا».

وتبقى مسألة الاستعمار الفرنسي في الجزائر أحد أبرز مصادر التوتر بين باريس والجزائر. فغزو الجزائر في 1830، وتدمير بنيتها الاجتماعية والاقتصادية عبر عمليات ترحيل واسعة والقمع الشرس لعديد الانتفاضات قبل حرب الاستقلال الدامية (1954-1962) التي اسفرت عن 1,5 مليون قتيل جزائري وفق الرواية الجزائرية، و500 ألف بينهم 400 ألف جزائري وفق المؤرخين الفرنسيين.

وما زالت السردية الوطنية حول حرب التحرير طاغية، بينما في فرنسا يستمر الحرص على مراعاة من يعارضون أي «طلب للاعتذار». وكان إيمانويل ماكرون صرح في 2017 حين كان مرشحا للرئاسة الفرنسية، بأن استعمار الجزائر كان «جريمة ضد الإنسانية». وقال «إنه جزء من ذلك الماضي الذي يجب أن ننظر إليه وجها لوجه بتقديم اعتذاراتنا أيضا تجاه الذين ارتكبنا بحقهم تلك الأفعال».

وبعد نشر تقرير المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا في يناير (كانون الثاني) 2021، تعهّد ماكرون اتخاذ «خطوات رمزية» لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنه استبعد هذه المرة «الاعتذار». ثم عاد وتسبب في إثارة غضب شديد في الجزائر بعد تشكيكه في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار، بحسب صحيفة لوموند.

تجارب نووية

ويأتي التصويت في وقت ما زالت فيه باريس والجزائر غارقتين في أزمة دبلوماسية عقب اعتراف فرنسا في صيف 2024 بخطة حكم ذاتي «تحت السيادة المغربية» للصحراء الغربية.

ومنذ ذلك الحين، ازدادت التوترات حدّة، مع إدانة وسجن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الذي استفاد في نهاية المطاف من عفو رئاسي بفضل تدخل ألماني.

ويؤكد مشروع القانون أن «التعويض الشامل والمنصف، عن كافة الاضرار المادية والمعنوية التي خلفها الاستعمار الفرنسي، حق ثابت للدولة والشعب الجزائري». وينصّ على إلزام الدولة الجزائرية السعي من أجل «الاعتراف والاعتذار الرسميين من طرف دولة فرنسا عن ماضيها الاستعماري» و«تنظيف مواقع التفجيرات النووية» وكذلك «تسليم خرائط التفجيرات النووية والتجارب الكيماوية، والألغام المزروعة».

وبين عامَي 1960 و1966، أجرت فرنسا 17 تجربة نووية في مواقع عدة في الصحراء الجزائرية. ويطالب النص أيضا فرنسا بإعادة «أموال الخزينة التي تم السطو عليها» وكل الممتلكات المنقولة من الجزائر، بما في ذلك الأرشيف الوطني.

وأخيرا، ينص مشروع القانون على عقوبات بالسجن ومنع الحقوق المدنية والسياسية لكل من «يروّج» للاستعمار أو ينفي كونه جريمة. وطُرحت مسألة تجريم الاستعمار الفرنسي مرارا في الماضي في الجزائر، من دون أن تفضي حتى الآن إلى إصدارها في قانون.


واشنطن تحث طرفي النزاع السوداني على قبول مبادرتها

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)
TT

واشنطن تحث طرفي النزاع السوداني على قبول مبادرتها

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

حثت الولايات المتحدة طرفي النزاع السوداني على القبول الفوري بالهدنة الإنسانية التي اقترحتها، مشيرةً إلى أن وقف القتال أولوية عاجلة مع استمرار المعاناة الإنسانية.

وقال نائب المندوب الأميركي جيفري بارتوس، لأعضاء مجلس الأمن الدولي مساء الاثنين، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب عرضت هدنة إنسانية سبيلاً للمضي قدماً، مضيفاً: «نحض الطرفين المتحاربين على قبول هذه الخطة فوراً من دون شروط مسبقة». وأضاف: «نُدين بشدة العنف المروِّع في دارفور ومنطقة كردفان، والفظائع التي ارتكبتها كل من القوات المسلحة السودانية و(قوات الدعم السريع)، التي يجب محاسبة المسؤولين عنها».

ويأتي الموقف الأميركي بالتزامن مع تقديم رئيس الحكومة الانتقالية في السودان، كامل إدريس، مبادرة سلام شاملة أمام مجلس الأمن، تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ ألف يوم. وحذّر إدريس من أن السودان يواجه «أزمة وجودية»، داعياً إلى وقف إطلاق النار بإشراف دولي، وانسحاب «قوات الدعم السريع» من المناطق التي تسيطر عليها ونزع سلاحها، وسط تحذيرات أممية من معاناة إنسانية غير مسبوقة.