أكد تقرير صادر عن وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني، أن سوق التوريق في السعودية، وخصوصاً سندات الرهن العقاري المدعومة، تحمل فرصاً كبيرة في المرحلة المقبلة، في ظل امتلاك البنوك السعودية محفظة رهن عقاري تبلغ قيمتها نحو 180 مليار دولار، وهو ما يمثل 23 في المائة من إجمالي القروض في القطاع المصرفي بنهاية عام 2024.
وجاء هذا التقرير الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط» بعد أيام على إطلاق «الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري»، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، أول عملية إصدار أوراق مالية مدعومة بالتمويلات العقارية السكنية ضمن برنامج التوريق المحلي. وجاء هذا الإصدار ضمن جهود الشركة لتطوير أسواق المال وتعزيز السيولة في قطاع التمويل العقاري، من خلال إيجاد فئة جديدة من الأصول لأول مرة في السوق السعودية، وذلك للإسهام في تعميق أسواق المال وتنويع الأدوات الاستثمارية عبر توريق التمويلات العقارية السكنية.
وأشار تقرير «ستاندرد آند بورز» إلى أن رسملة القطاع المصرفي في المملكة قوية، حيث بلغت نسبة رأس المال التنظيمي 19.6 في المائة في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع زيادة مساهمة الأدوات الهجينة على مدى السنوات الماضية. ولفت إلى أن البنوك السعودية تظهر مؤشرات جيدة لجودة الأصول وتتمتع بربحية مرتفعة وملف تمويلي صحي.
وأوضح أن السعودية شهدت تغييرات هيكلية مهمة ضمن «رؤية 2030»، أبرزها الهدف برفع نسبة تملك المنازل إلى 70 في المائة، وهو ما انعكس على نمو الاقتصاد المحلي. وأضاف التقرير أن البنوك ضاعفت من إقراضها خلال الأعوام الأخيرة، مما تسبب في ضغوط على السيولة المحلية، الأمر الذي يفرض الحاجة إلى تنويع مصادر التمويل وجذب مستثمرين إضافيين.
وبيّن أن البنوك لجأت بشكل متزايد إلى الأسواق المالية الدولية، حيث بلغ صافي الدين الخارجي 1 في المائة فقط من إجمالي القروض بنهاية 2024، وهو مستوى متواضع. وأشار إلى أن التجارب الدولية أظهرت نجاح المؤسسات المالية في الاستفادة من أدوات التمويل المدعومة بالأصول، سواء عبر الرهون العقارية أو القروض المرتبطة بالسيارات أو قروض الشركات.
وفي السياق ذاته، أنشأت السلطات السعودية «الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري» لتوفير السيولة وحلول إعادة التمويل للقطاع، حيث أعلنت الشركة في أغسطس (آب) 2025 عن أول صفقة أوراق مالية مدعومة بالرهن العقاري، ضمن التزامها بتطوير أسواق المال وزيادة مستويات السيولة في المنطقة.
وأفاد التقرير بأن التصنيف الائتماني للمملكة عند «إيه+/إيه-1» مع نظرة مستقبلية مستقرة، حيث جرى رفعه في مارس (آذار) 2025 مدعوماً بالتحسينات في الإطار المؤسسي وتوقعات النمو غير النفطي. كما رجّحت الوكالة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.5 في المائة بين 2025 و2028، بفضل الاستثمارات المرتبطة بـ«رؤية 2030» والإنفاق الاستهلاكي.
وأوضح التقرير أن التوريق يُعد آلية لتجميع تدفقات نقدية متجانسة مثل الرهون العقارية أو القروض التجارية وقروض السيارات، والتي تكون أقل سيولة على حدة، وتحويلها إلى أوراق مالية قابلة للتداول في أسواق رأس المال. وتهدف هذه الهياكل إلى عزل الأصول المورقة عن مخاطر الإفلاس للجهات المصدرة، مما يمنح الأوراق المصدرة تصنيفاً ائتمانياً أعلى من الجهة الأصلية.
وأشار إلى أن هذه الآلية تعني أن الأوراق المالية المورقة لا تعتمد على دعم مباشر من الجهة المصدرة، بل يتحمل المستثمرون أو مزودو الدعم مخاطر الائتمان المرتبطة بأداء الأصول الأساسية.
