«مدونة الفقه الجعفري» تثير جدلاً واسعاً في العراق

منحت رجل الدين سلطة التطليق وأعطت الزوج امتياز إلغاء عقد الزواج

جانب من جلسة سابقة للبرلمان العراقي (إعلام المجلس)
جانب من جلسة سابقة للبرلمان العراقي (إعلام المجلس)
TT

«مدونة الفقه الجعفري» تثير جدلاً واسعاً في العراق

جانب من جلسة سابقة للبرلمان العراقي (إعلام المجلس)
جانب من جلسة سابقة للبرلمان العراقي (إعلام المجلس)

قضت المحكمة الاتحادية في العراق، الأحد، برد دعوى طعن قضائية تقدمت بها ناشطات ومنظمات مدنية، للحكم بعدم دستورية إجراءات مجلس النواب للتصويت على مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية وعدم دستورية القانون النافذ بالمجمل، مؤكدة عدم وجود أي مخالفة دستورية.

وصوت البرلمان، الأربعاء الماضي، على «مدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري» المرسلة من «ديوان الوقف الشيعي». ويفترض أن تكون المدونة الأساس الذي يستند إليه قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي عدّله البرلمان في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، ضمن صفقة سياسية، مرر خلالها البرلمان قانون «الأحوال الشخصية» وقانونَيْ «العفو العام» و«العقارات والأراضي» في محافظة كركوك الشمالية.

وأثارت المدونة الفقهية، المؤلفة من 337 مادة، جدلاً واسعاً في الأوساط القضائية والقانونية والمدنية؛ لما عدّه البعض «خرقاً لنصوص دستورية، فضلاً عن الظلم الذي تلحقه بالنساء؛ نظراً إلى ما تتضمنه من نصوص وأحكام تعود إلى مراحل تاريخية بعيدة تتعلق بأحكام الزواج والطلاق والمواريث، وهي غالباً مستمدة من الفتاوى والأحكام التي تصدر عن رجال الدين ومراجع الاجتهاد لدى الطائفة الشيعية».

«قانون الأحوال الشخصية 188»

المحكمة الاتحادية العليا في العراق (واع)

ولعل من بين أبرز القضايا مثار الاعتراض تلك المتعلقة بسماح المدونة للزوج بالعدول عن نصوص «قانون الأحوال الشخصية 188»، واعتماد التعديل الجديد دون موافقة الزوجة، وهي الطرف الثاني في العقد، بغض النظر عن المدة أو السنوات التي أُبرم خلالها العقد. وفسر المعارضون التعديل الجديد بأنه «يعطي الرجال الراغبين في الانفصال امتيازاً بأثر رجعي».

وبشأن هذا الامتياز، قالت نقيبة المحامين، أحلام اللامي، في تدوينة على «فيسبوك»، إن «الدستور لم يُفرّق بين عراقيٍّ وآخر، ولا بين ذكرٍ وأنثى، فعندما نصَّ على أن العراقيين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية، كان يعني العراقيين رجالاً ونساءً على حدٍّ سواء».

وأضافت: «لماذا تُحرم المرأة التي تزوَّجت قبل نفاذ التعديل، أو طُلِّقت قبله، من حقِّ الاختيار، فسلَبتم الزوجة والمطلّقة حرية الاختيار، وفرضتم على من عُقدَ زواجُها في ظلِّ القانون اختيارَ زوجها بمفرده، وصادرتم حريتها، أَوَبَعد ذلك تقولون إن العراقيين أحرارٌ؛ فماذا عن العراقيات؟».

امتيازات غير مسبوقة

عدد من المسؤولين العراقيين خلال مشاركتهم في مؤتمر سابق لمناهضة العنف ضد المرأة (الرئاسة العراقية)

وفوق مسألة الامتياز الذي منحه التعديل للرجال، فإنه أعطى رجال الدين؛ مراجع الاجتهاد والتقليد، امتيازات غير مسبوقة، وجعل سلطتهم فوق سلطة القضاة. وفي هذا السياق، قال قاضي النزاهة الأسبق، رحيم العكيلي، إنه وفق «المادة 73ب» من «المدونة الشيعية»، «لا يمكن للقاضي أن يحكم بطلاق الزوجة ولو توفرت عنده شروط الحكم بطلاقها، إلا بعد أخذ موافقة المرجع الديني، فإذا لم يوافق تعذر على المحكمة الحكم بطلاقها».

ووجه العكيلي، عبر منصة «فيسبوك»، نداء إلى المحامين ودعاهم إلى «تجهيز أنفسهم للترافع دفاعاً عن حقوق موكليكم أمام المرجع الديني حينما يمارس دوره في الفصل في قضايا الأحوال الشخصية وفقاً لـ(مدونة المذهب الشيعي الجعفري - المادة 74/ ج)».

ومن بين المؤاخذات التي يسجلها القاضي العكيلي على المدونة، تلك المرتبطة بحرمان الزوجة من الميراث المتعلق بالأراضي، قائلاً إن «الزوجة لا ترث من الأراضي المملوكة لزوجها المتوفى، لا عيناً ولا قيمة (المادة 314)، فإذا مات وله دار سكن واحدة وليس له وارث غيرها لم ترث من الدار شيئاً، بل يرثها (الإمام)، ويعطيها النائب عن الإمام (المرجع الديني) ربع قيمة البناء نقداً فقط (المادة 323)».

دور حاسم للمرجع

وفي تدوينة مماثلة عبر «فيسبوك»، قال القاضي المتقاعد مهند الدليمي، إن «المشرع الشيعي أراد أن يعطي دوراً حاسماً للمرجع الفقهي في حياة الناس، ويبدو أن مجتمع المراجع ارتاح كثيراً لهذا الدور الممنوح؛ إذ ستكون عنده صلاحيات قبول إيقاع الطلاق بين الأزواج، وكلمته هي الحاسمة، وكذلك سيكون المرجعُ وارثاً للزوج المتوفى في عقاراته إذا لم يكن هناك وارث للزوج المتوفى سوى أرملته».

وأضاف: «مع شديد احترامي وتقديري لكل المراجع، إلا إن ذلك يعد مخالفة دستورية واضحة، فالدستور على أن جميع العراقيين متساوون أمام القانون ودون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الدين».

وتابع: «وكما هو معلوم، فإن المراجع غير ملزمين أمام أي أحد بتقديم كشف حسابي عن مداخيل حوزاتهم من الأموال المتحصلة من الحقوق الشرعية وغيرها؛ مما يعني أنه لا أحد يعلم مقادير هذه الأموال، ولا رقابة عليها، وأن المرجع سيكون فوق المساءلة والتدقيق عن الأموال العامة، وهذه مخالفة صريحة للدستور».

وتساءل الدليمي عن الكيفية التي «ستحل بها مسألة اختلاف الرأي الفقهي لدى المراجع في المسألة الواحدة. كل هذه الإشكاليات ستكون حاضرة بعد أن دخل هذا القانون والمدونة حيز النفاذ، ولا توجد أجوبة حاضرة عن هذه الإشكاليات».

مشكلات لغة ونصوص

من احتفال «اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة»... (أرشيفية - إعلام حكومي)

ورأى الباحث سليم سوزة «أننا بحاجة إلى أسابيع أو ربما أشهر للتعليق على كل فقرة من فقرات (مدوّنة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري) الخاصة بقانون الأحوال الشخصية المُعدَّل».

وأضاف أن «هناك مشكلات لغوية ونصوصاً بحاجة إلى تقييد، مثل المادة الأخيرة في المدوّنة (رقم 337)، التي تقول: (لا يُعمَل بأي نص يتعارض وأحكام هذه المدوّنة). هذا نص مُطلَقٌ وليس مقيَّداً، يُمكن استغلاله لنسف أي قانون أحوال شخصية آخر، بما في ذلك قانون الأحوال الشخصية المدني لعام 1959. كان ينبغي القول مثلاً، (لا يُعمَل بأي نص يتعارض وأحكام هذه المدوّنة بالنسبة إلى مَن يختارها/ تختارها ناظماً لأحواله/ أحوالها الشخصية)».

ويعدّ البعض «قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959 المعدل» من بين أبرز القوانين «التقدمية» في المنطقة العربية والإسلامية؛ لأنه منح الزوجة حقوقاً تتعلق برعاية الأطفال والنفقة بعد انفصالها عن زوجها، إلى جانب حق التوريث الذي تحصل عليه بعد وفاة الزوج.


مقالات ذات صلة

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

المشرق العربي قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

تقديرات «المفوضية» أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

جدل في العراق بعد شكر القضاء للفصائل المسلحة على «نزع السلاح»

أثار البيان المقتضب الذي أصدره رئيس مجلس القضاء فائق زيدان حول قبول بعض قادة الفصائل المسلحة بمبدأ «حصر السلاح بيد الدولة» أسئلة وانتقادات.

فاضل النشمي (بغداد)
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال محادثات مع رئيس حكومة كردستان - العراق مسرور بارزاني في القاهرة الأحد (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على دعمها الكامل لوحدة العراق وسلامة أراضيه

أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«مستوى التعاون القائم بين الأجهزة المصرية والعراقية في المجال الأمني».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
المشرق العربي عناصر من «الحشد الشعبي» يجلسون في سيارة بعد هجوم أميركي على مقر «النجباء» ببغداد في 4 يناير 2024 (رويترز)

دعوات حصر السلاح تربك الفصائل العراقية بين الرفض وشروط الضمانات

تترقب بغداد الزيارة المقررة لمبعوث الرئيس الأميركي، مارك سافايا، الذي سيصل قبل نهاية العام، بينما تتعدد المواقف بشأن دعوات حصر السلاح بيد الدولة.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد مقر شركة «سومو» في بغداد (إكس)

«سومو» العراقية تؤكد الالتزام بالاتفاق مع إقليم كردستان بشأن تسليم النفط

أكدت «شركة تسويق النفط» العراقية التزامها ​اتفاقية تصدير النفط المبرمة مع حكومة إقليم كردستان، التي تلزم شركات النفط العالمية العاملة في الإقليم بتسليم النفط.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

توقّعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال عام 2026، في ظل التعافي التدريجي الذي تشهده سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وقال غونزالو فارغاس يوسا، ممثل المفوضية في سوريا، إن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري عادوا بالفعل إلى بلادهم منذ ديسمبر 2024، إضافة إلى نحو مليونَي شخص من النازحين داخلياً الذين عادوا إلى مناطقهم الأصلية.

وأوضح أن ذلك يعني أن أكثر من 3 ملايين سوري عادوا، خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، إلى مناطقهم في بلد أنهكته الحرب على المستويات الاقتصادية والبنيوية والخدمية.

تكدُّس السوريين أمام البوابات الحدودية في تركيا انتظاراً لعودتهم إلى بلادهم (أ.ب)

وقال المسؤول الأممي لوكالة «الأناضول»، إنه كان في سوريا قبل أشهر قليلة من سقوط النظام المخلوع، وشهد عن قرب مرحلة الانتقال السياسي في البلاد. وأشار إلى أن الخوف الذي كان يهيمن على المجتمع السوري «تراجع بسرعة، ليحلّ محله شعور واسع بالأمل».

وأضاف أنه توجّه مع فريقه يوم 9 ديسمبر 2024 إلى الحدود اللبنانية، حيث شاهد آلاف السوريين يعودون تلقائياً إلى بلادهم بعد أكثر من 14 عاماً من اللجوء القسري. ولفت إلى أن الكثير من العائدين السوريين عبّروا عن فرحتهم ببلوغ وطنهم عبر تقبيل الأرض فور وصولهم.

الحاجة للدعم الدولي

وفي ما يخص التوقعات المستقبلية، قال يوسا: «منذ 8 ديسمبر 2024، عاد لاجئون سوريون بشكل أساسي من تركيا ولبنان والأردن، وبنسب أقل من مصر والعراق».

وأضاف: «تشير تقديراتنا إلى أن عام 2026 قد يشهد عودة نحو مليون شخص إضافي، ما يعني أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين». وأشار إلى أن «هذا الحجم الكبير من العودة يتم في ظروف بالغة الصعوبة، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة وحاسمة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية».

السوريون في تركيا يواصلون عودتهم إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد (أ.ب)

دور تركي فاعل

وأشاد يوسا بدور تركيا، موضحاً أنها استضافت أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين لسنوات طويلة، ولعبت في الوقت ذاته «دوراً إيجابياً» في دعم الحكومة السورية الجديدة عقب 8 ديسمبر 2024.

وأشار إلى أن ممثلين عن القطاع الخاص التركي بدأوا بزيارة سوريا لاستكشاف فرص الاستثمار. واعتبر المسؤول الأممي خطوة المستثمرين الأتراك «مؤشراً مهماً» على بدء مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.

عودة بعد عزلة

وفي تقييمه للمرحلة الراهنة، اعتبر يوسا أن ما تشهده سوريا هو عملية انتقالية معقّدة ستستغرق وقتاً، في ظل الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب على مدى 14 عاماً.

وقال: «بعد حرب طويلة، من الطبيعي أن تكون البلاد مدمرة اقتصادياً وبنيوياً، وهذا التعافي لن يكون فورياً. ومع ذلك، فإن الحكومة والشعب السوري يستحقون إشادة كبيرة لنجاحهم في إعادة ربط البلاد بالعالم خلال فترة قصيرة نسبياً».

وأشار إلى أن سوريا كانت معزولة عن الساحة الدولية لأكثر من 14 عاماً، قبل أن تعود خلال عام واحد فقط إلى إقامة علاقات مع عدد متزايد من الدول، وهو ما اعتبره «تطوراً بالغ الأهمية».

وأكد المسؤول الأممي أن رؤية أعداد كبيرة من السوريين يعودون إلى ديارهم «تمثّل مؤشراً إيجابياً، إلا أن تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل ملموس سيحتاج إلى وقت، ما يستدعي دعماً دولياً منسقاً ومستداماً».

محل صرافة وتحويل أموال في دمشق يوم 18 ديسمبر بعد أن أُلغيت عقوبات «قيصر» الصارمة التي فُرضت على سوريا في عهد الرئيس السابق بشار الأسد (رويترز)

مفتاح التعافي

وسلّط ممثل «المفوضية» الضوء على جملة من العوامل الضرورية لتسريع عملية التعافي في سوريا، وفي مقدمتها الرفع الكامل للعقوبات.

وأعرب عن أمله أن يفتح رفع العقوبات الباب أمام استثمارات واسعة من القطاع الخاص في خطوة ضرورية لمرحلة إعادة الإعمار والتنمية.

وأوضح أن «المفوضية» وشركاءها يقدّمون دعماً مباشراً للعائدين، خاصة في ما يتعلق بإعادة استخراج الوثائق الرسمية.

ولفت إلى أن أكثر من ربع العائدين يفتقرون إلى وثائق أساسية مثل الهويات الشخصية أو سندات الملكية.

مطار دمشق الدولي يستقبل آلاف السوريين منذ سقوط النظام (سانا)

والخميس، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حفل بالبيت الأبيض قانون تفويض «الدفاع الوطني» لعام 2026 المتضمن بنداً لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وبذلك تم رفع العقوبات رسمياً عن سوريا.

وفي 11 ديسمبر 2019 أقر الكونغرس الأميركي «قانون قيصر» لمعاقبة أركان نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على «جرائم حرب» ارتكبها بحق المدنيين.

وجرى توقيع «قانون قيصر» خلال ولاية ترمب الرئاسية الأولى (2017 ـ 2021)، لكن تطورات سوريا أواخر العام الماضي دفعته إلى العمل على إلغائه.

ورحبت «الخارجية السورية» في بيان، الجمعة، بـ«الإزالة النهائية» للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وما تضمنه من إجراءات أثرت على مختلف مناحي الحياة المعيشية والاقتصادية.

وأضافت الوزارة أن الخطوة «تطور مهم يسهم في تخفيف الأعباء عن الشعب السوري، ويفتح المجال أمام مرحلة جديدة من التعافي والاستقرار».


ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
TT

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

وأوضح ساعر، عبر منصة «إكس»، أنه أخبر السيناتور الأميركي ليندسي غراهام خلال لقائهما أن «(حماس) لا تنزع سلاحها، بل تحاول ترسيخ سلطتها في غزة، وليس التخلي عنها»، مشدداً: «نحن لن نقبل هذا».

وأضاف ساعر: «إذا قامت (حماس) بنزع سلاحها سيكون هناك إعادة إعمار ومستقبل أفضل لغزة».

وحضّت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، السبت، الطرفين المعنيين بوقف إطلاق النار في غزة على الوفاء بالتزاماتهما وممارسة ضبط النفس، وفق ما أفاد الموفد الأميركي ستيف ويتكوف بعد محادثات في ميامي.

واجتمع مسؤولون من الدول الثلاث مع ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب، لمراجعة المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في بيان نشره ويتكوف على منصة «إكس»: «نؤكد مجدداً التزامنا الكامل بخطة السلام المكونة من 20 نقطة والتي وضعها الرئيس، وندعو جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وممارسة ضبط النفس، والتعاون مع ترتيبات المراقبة».

ودعت الدول الأربع إلى «إنشاء وتفعيل» إدارة انتقالية «على المدى القريب»، وهي خطوة تنص عليها المرحلة الثانية من الاتفاق، لافتة النظر إلى أن المشاورات ستستمر في الأسابيع المقبلة بشأن تنفيذها.

وبموجب الاتفاق، من المفترض أن تنسحب إسرائيل من مواقعها الحالية في غزة، وأن تتولى سلطة مؤقتة إدارة القطاع الفلسطيني بدلاً من حركة «حماس»، وأن يتم نشر «قوة استقرار دولية».


إجراءات أمنية مشددة لحماية احتفالات الميلاد ورأس السنة في سوريا

إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
TT

إجراءات أمنية مشددة لحماية احتفالات الميلاد ورأس السنة في سوريا

إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)

لأول مرة منذ 14 عاماً، احتفل المسيحيون في محافظة إدلب بإنارة شجرة عيد الميلاد، بحضور وسائل إعلام محلية ودولية، في وقت اتخذت فيه وزارة الداخلية إجراءات أمنية احترازية مشددة؛ لضمان حماية الأماكن التي تشهد تجمعات حاشدة.

ومع بدء الطوائف المسيحية المختلفة في سوريا التحضير لأعياد الميلاد ورأس السنة والاحتفالات بإنارة شجرة الميلاد وإقامة البازارات، نفذت قوى الأمن الداخلي انتشاراً كثيفاً في أحياء باب شرقي وباب توما والقصاع والقصور. بدأ ذلك مساء السبت بقطع بعض الطرق، ومنع دخول السيارات في الشوارع المكتظة بمحيط الكنائس، وسط حراسة مشددة، وذلك عقب حادثة سرقة تعرض لها نصب تذكري للقديس بولس في باب كيسان أمام باب دير مار بولس لطائفة الروم الكاثوليك، في حادثة غامضة أحدثت صدمة في أوساط المسيحيين.

وقالت مصادر من أهالي الحي بالقرب من الدير، إن اللصوص استغلوا أن موقع النصب المصنوع من البرونز والنحاس، والبالغ ارتفاعه ثلاثة أمتار ونصف المتر، قريب من ساحة باب مصلى على الشارع العام، كما استغلوا اقتصار الحراسة على شخص واحد من الكنيسة، حيث قاموا في ساعة متأخرة من الليل بإزالة التمثال عن قاعدته وسرقته، حيث لم يتبادر لذهن العابرين في المكان أن من يقوم بفك النصب بطريقة احترافية لصوص.

عنصر أمن سوري على سطح يطل على كنيسة القصير أثناء الاحتفال بإنارة شجرة الميلاد (متداولة)

وأرخت حادثة سرقة نصب القديس بولس بظلال ثقيلة على أجواء العيد في دمشق، مع أن التحليلات تتجه إلى أن الدافع هو سرقة المعدن المصنوع منه، إلا أن ذلك زاد التحديات الأمنية لدى السلطات التي تبدي اهتماماً خاصاً هذا العام بضبط الأمن في أماكن الاحتفالات والتجمعات الشعبية عموماً والدينية خصوصاً. وبدا هذا واضحاً في المدن والبلدات التي تشهد احتفالات، مثل مدينة حمص والبلدات التابعة لها، وفي بلدات الساحل السوري، ومحافظة حماة، والمناطق كافة التي سبق أن حصلت فيها حوادث عنف ذات طابع طائفي.

صورة جوية لبلدة الغسانية ذات الأغلبية المسيحية جنوب حمص وقد بدأ سكانها بالعودة إلى منازلهم ومتاجرهم المدمرة (أ.ف.ب)

كما برز بوضوح الاهتمام الرسمي باحتفالات البلدات المسيحية مثل القنية واليعقوبية في محافظة إدلب التي عاد إليها قسم كبير من أبنائها بعد الإطاحة بنظام الأسد، حيث كانت تلك المناطق ولسنوات ساحات للمواجهات العسكرية ومخيمات النازحين.

فرقة كنسية تعزف في ساحة كنيسة الصليب المقدس بدمشق احتفالاً بإضاءة شجرة عيد الميلاد (سانا)

واتخذت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية السورية إجراءات أمنية في إدلب لضمان إقامة الفعاليات بشكل آمن. كما عُزفت موسيقى عيد الميلاد للمرة الأولى، بعد أن اقتصرت الاحتفالات خلال سنوات الحرب على الصلوات داخل الكنيسة وفي المنازل.

وأظهرت الصور المتداولة للاحتفالات مشاركة واسعة من الأهالي؛ كونها الأولى منذ عام 2011، ولها أهمية تتجاوز أبعاد الاحتفال الديني إلى التأكيد على بدء عودة الحياة الطبيعية لمناطق كانت الأولى باندلاع المواجهات العسكرية.

صورة متداولة لتمثال مار بولس المسروق (متداولة)

في الأثناء، حاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع الكنيسة لمعرفة مزيد من التفاصيل، إلا أنه تم التحفظ على المعلومات، لأن الأمر ما زال قيد التحقيق.

وقال الأب سلامة سمعان في تصريحات، إنه سيكتفي بقول جملة واحدة فقط: «دمشق من دون مار بولس». وللقديس بولس أهمية روحية ورمزية عند المسيحيين والدمشقيين، كونه يعبر عن لحظة اهتداء بولس إلى المسيحية على أسوار دمشق، وقد نفذه نحات إيطالي ووضع أمام باب كيسان، حيث إن مدخل الدير هو الموقع الذي اهتدى فيه القديس بولس، ويظهر بالنصب لحظة وقوعه عن ظهر الحصان، وكان نظره متجها نحو السماء.

رجل ينتظر عند كشك عصير زين ضمن التحضيرات لأعياد الميلاد في دمشق (أ.ب)

يقول الإعلامي السوري ثابت سالم لـ«الشرق الأوسط»: «لو عرف اللصوص رمزية نصب بولس بغض النظر عن البُعد الديني، ما أقدموا على هذه الفعلة»، لافتاً إلى أنه في بداية أبريل (نيسان) عام 2007 ، قامت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي بزيارة لدمشق، وقُبيل مغادرتها قالت في مؤتمر صحافي: «I am on the road to Damascus»، وترجمتها: «أنا على طريق دمشق»، مرددة تعبير بولس.

ويشير سالم إلى أن وزير الخارجية آنذاك وليد المعلم لم يفهم ما قصدته بيلوسي في تصريحها المهم، ولم يرد على تصريحها رغم لغته الإنجليزية القوية. وأنه عادة ما يستخدم هذا القول للإشارة إلى تحول بولس الرسول أو شاؤول إلى المسيحية عند تل كوكب قُرب داريا، نتيجة رؤيته المعروفة للهداية، وهو الضابط اليهودي المكلف بتأديب المسيحيين في دمشق وإنهاء وجودهم.