«من محاولة الاغتيال إلى الوفاة»... توثيق أصعب سنوات نجيب محفوظ

ضمن الاحتفال بالذكرى الـ19 لوفاته

طارق الطاهر وضيوف الاحتفال خلال افتتاح معرض «من الاغتيال إلى الرحيل» (صندوق التنمية الثقافية)
طارق الطاهر وضيوف الاحتفال خلال افتتاح معرض «من الاغتيال إلى الرحيل» (صندوق التنمية الثقافية)
TT

«من محاولة الاغتيال إلى الوفاة»... توثيق أصعب سنوات نجيب محفوظ

طارق الطاهر وضيوف الاحتفال خلال افتتاح معرض «من الاغتيال إلى الرحيل» (صندوق التنمية الثقافية)
طارق الطاهر وضيوف الاحتفال خلال افتتاح معرض «من الاغتيال إلى الرحيل» (صندوق التنمية الثقافية)

ما بين حادث محاولة اغتيال «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ، الذي وقع في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 1994، ووفاته في 30 أغسطس (آب) 2006، 12 عاماً ظل خلالها مخلصاً للأدب رغم كل شيء، اختار «متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ» هذه السنوات لتكون محوراً لمعرض توثيقي بعنوان «من محاولة الاغتيال إلى الرحيل»، في ذكرى رحيله الـ19 التي حلت أمس (السبت).

وعبر نماذج من الصحافة المصرية ومختلف إصداراتها على غرار «الأخبار»، و«الأهرام»، و«أخبار الأدب»، ومجلات «المصور»، و«آخر ساعة»، و«نصف الدنيا»، يستعرض المعرض صفحات تناولت هذين الحدثين، ويروي ما جرى لنجيب محفوظ خلال تلك الفترة.

وتتبَّع المعرض الظهور الأخير لمحفوظ قبل محاولة اغتياله بشهر ونصف الشهر، حيث حل ضيفاً على مؤسسة «أخبار اليوم» ليشارك في توزيع جوائز صحيفة «أخبار الأدب» ويؤكد دعمه للمواهب الشابة. ثم جاءت محاولة اغتياله ولقطات من محضر التحقيق الذي أجرته النيابة العامة، وما تضمنه من أسئلة حول روايته الأشهر «أولاد حارتنا»، وإجابات محفوظ عليها، وكيف تناول الأدباء واقعة محاولة اغتياله، وما ذكره كبير الجراحين الدكتور سامح همام، الذي أشرف على الجراحة، من أنه «لم يرَ مثل هذه الطعنة التي جاءت بين فقرات العنق في شريان رئيسي يتصل بالقلب، حيث قطعت الشريان وتسببت في نزيف شديد».

نجيب محفوظ في مكتبه (الشرق الأوسط)

وعند رحيله، ودعته الصحافة المصرية بأحزان كبيرة انعكست على تغطيتها، فكتبت صحيفة «أخبار الأدب»: «وداعاً يا نجيب»، ونشرت مجلة «نصف الدنيا» على غلافها 59 قصة هي آخر ما كتب نجيب محفوظ، وكتبت صحيفة «الأخبار»: «وقائع رحيل ابن حارتنا». وأوضح الكاتب الصحافي طارق الطاهر، مدير متحف نجيب محفوظ الذي أعدَّ المعرض، أن «اختيار هذه الفترة من حياة محفوظ لتسليط الضوء عليها نظراً لكونها تمثل سيرة جديدة في حياته»، مؤكداً في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن محاولة اغتياله تسببت في إعادة الضوء على أحد أهم رواياته «أولاد حارتنا»، التي كانت محل أسئلة للنيابة العامة، وأوضح خلالها محفوظ ماذا يقصد بالرواية ورمزيتها.

ويشير الطاهر إلى أن سيرة محفوظ في تلك الفترة، التي تُعد من أصعب سنوات حياته، كانت محل اهتمام نقاد كثيرين. وقد جسد الأديب الراحل خلالها أروع الأمثلة على التحدي والإصرار؛ إذ أصر على مواصلة الكتابة بيده اليمنى رغم تأثرها الشديد بعد الحادث، ولولا تمرينه المستمر في 5 كراسات، المعروضة الآن في متحفه، لكادت الكتابة تتوقف، ما يعكس قوة إرادته وعزيمته الفائقة.

ويضيف الطاهر أن من المهم لفت نظر الباحثين إلى تلك الفترة، لا سيما أن ذكرى رحيل «أديب نوبل» العشرين تحل العام المقبل، متمنياً أن تحظى الفعاليات بمستوى أكبر يستحقه إنتاجه الأدبي.

غلاف صحيفة «أخبار الأدب» عقب محاولة اغتياله (صندوق التنمية الثقافية)

طارق الطاهر، الذي كتب مؤلفات عدّة عن محفوظ، من بينها «نجيب محفوظ بختم النسر»، و«معارك خفية لنجيب محفوظ»، و«بعلم الوصول... سيرة محفوظية جديدة»، وتولى رئاسة تحرير صحيفة «أخبار الأدب» قبل ذلك، يؤكد أن سيرة نجيب محفوظ لا تزال منقوصة، وأن هناك دائماً جديداً لم يُكتشف سواء على مستوى سيرته أو إبداعاته، الأمر الذي يتطلب مزيداً من الجهد لدى الباحثين والدارسين ومحبي محفوظ.

غلاف مجلة «المصور» عقب محاولة اغتيال محفوظ (صندوق التنمية الثقافية)

وشهد الاحتفال الذي أقيم مساء السبت جولة داخل متحف نجيب محفوظ لأعضاء فريق «سيرة القاهرة»، حيث توقفوا عند قاعاته المختلفة التي تضم «قلادة النيل»، أعلى وسام حصل عليه من الدولة، وبراءة حصوله على «جائزة نوبل»، ومكتبته الخاصة، وغيرها من القاعات التي تزخر بإنتاجه الأدبي والفني عبر أفلام مأخوذة عن رواياته وأخرى كتب لها السيناريو والحوار.

مانشيت جريدة «الأهرام» يودع نجيب محفوظ (صندوق التنمية الثقافية)

وتضمنت احتفالية المتحف بذكرى رحيله ندوة تفاعلية أدارها عبد العظيم فهمي، مؤسس «سيرة القاهرة»، مع بعض قراء نجيب محفوظ ليروي كل منهم كيف أثرت رواياته في حياتهم، وأعلن ذلك عبر حسابه على «فيسبوك»، واختار 23 من الرجال والنساء من مختلف الأعمار ليقص كل منهم قصته مع نجيب محفوظ، قائلاً إن محفوظ واحد من العظماء، وهو قريب من المواطن العادي، وحتى من لم يقرأ له يشعر بهذه الهالة التي تميزه.

مكتب ومكتبة محفوظ ضمن مقتنيات متحفه (صندوق التنمية الثقافية)

وروى الدكتور محمود الشنواني، الذي أصدر كتاباً بعنوان «ثلاثون عاماً بصحبة نجيب محفوظ»، كيف وقع في غرام كتابات محفوظ حين قرأ رواية «ثرثرة فوق النيل»، وكيف التقى محفوظ مصادفة في مقهى «ريش» بوسط القاهرة عام 1976، حين كان طالباً في كلية الطب، وهُرع إليه ليصافحه ويُعبِّر عن افتتانه برواياته، فإذا بمحفوظ يدعوه لحضور لقائه اليومي. ويؤكد الشنواني أن من الصعب أن يفلت أحد من تأثير ما يقرأه من روايات محفوظ؛ لأنها تحمل دفقة تسكن القلب والروح، وتعكس ثراء عالم محفوظ والفلسفة والرؤية والحكمة التي تميزه.


مقالات ذات صلة

ما الذي حصل للحلم الأميركي؟

كتب ما الذي حصل للحلم الأميركي؟

ما الذي حصل للحلم الأميركي؟

في غضون خمسين عاماً من الاستقلال، شيّدت أميركا رؤيتين متناقضتين: النشوة، والحلم الأميركي.

أليكسس كو (نيويورك)
كتب هدى سويد توثِّق ذكريات الحرب اللبنانية بروح أدبية

هدى سويد توثِّق ذكريات الحرب اللبنانية بروح أدبية

في كتابها الجديد «عزف على أوتار مدينة»، تعود الكاتبة اللبنانية- الإيطالية هدى سويد إلى واحدة من أكثر المراحل قسوة في تاريخ لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
كتب «الخروج من الظل»... تفكيك فكرة الرجولة وشخصيات متمردة

«الخروج من الظل»... تفكيك فكرة الرجولة وشخصيات متمردة

ينصب التمرد غالباً على سلطة اجتماعية تتشبث بأعراف وتقاليد ومفاهيم تحاصر المرأة وتحد من حريتها.

رشا أحمد (القاهرة)
ثقافة وفنون مارلين يالوم

إرفين ومارلين يالوم في رقصة الحياة الأخيرة

قد تكون العلاقة العاطفية التي جمعت بين كلّ من إرفين يالوم، ومواطنته مارلين كونيك، واحدة من أنجح العلاقات التي جمعت بين باحثين كبيرين في القرن المنصرم.

شوقي بزيع
ثقافة وفنون «البيرق.. هبوب الريح»... اشتباك مع الموروث الشفاهي العماني

«البيرق.. هبوب الريح»... اشتباك مع الموروث الشفاهي العماني

تستحضر الكاتبة العمانية شريفة التوبي في روايتها «البيرق... هبوب الريح»، التي وصلت مؤخراً إلى القائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية 2026

«الشرق الأوسط» (عمان)

ما السر وراء قفزات الكنغر المميزة؟

صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)
صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)
TT

ما السر وراء قفزات الكنغر المميزة؟

صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)
صورة لكنغر من الدراسة مع علامات لفريق البحث تظهر ملامح الحركة ثلاثية الأبعاد (كريغ ماكجوان - جامعة صن شاين كوست)

تتميز حيوانات الكنغر بشكلها الفريد وأسلوب حركتها المميز. عند السرعات المنخفضة، تستخدم هذه الحيوانات مشية خماسية الأرجل؛ حيث تلامس أطرافها الأمامية والخلفية وذيلها الأرض، بينما عند السرعات العالية تستخدم مشيتها المميزة بالقفز، ويمتد هذا التميز ليشمل مقدار الطاقة المستهلكة المطلوبة لاتخاذ هذه الحركات، وفق نتائج دراسة جديدة.

حقق فريق الدراسة من جامعة صن شاين كوست الأسترالية، تقدماً ملحوظاً في فهم كيفية زيادة سرعة قفز الكنغر دون تكبّد تكلفة إضافية من الطاقة المبذولة.

وأظهرت دراستهم، المنشورة في مجلة «إي لايف (eLife)» أن تغير وضعية الكنغر عند السرعات العالية يزيد من إجهاد أوتار القدم ومن عملية تخزين الطاقة واستعادتها، وأن عملية التخزين والاستعادة المتزايدة للطاقة تعادل القوة العضلية المطلوبة عند زيادة السرعة.

توضح لورين ثورنتون، الباحثة الرئيسية في الدراسة من كلية العلوم والتكنولوجيا والهندسة، جامعة صن شاين كوست، أن فرضية «تكلفة توليد القوة»، التي تم تطويرها في دراسة سابقة، «تشير إلى أنه كلما زادت سرعة حركة الحيوانات وقلّ زمن ملامستها للأرض، زادت تكلفة الطاقة المبذولة، لكن حيوانات الكنغر تخالف هذا الاتجاه».

وتضيف: «لا تزال الآليات الكامنة وراء قدرة حيوانات الكنغر على فصل سرعة قفزها عن تكلفة الطاقة غير واضحة، لذلك شرعنا في معالجة هذا الأمر من خلال دراسة حركة أطرافها الخلفية، والقوى التي تؤثر على هذه الحركة أثناء قفزها بسرعات مختلفة».

يقول محررو «eLife» إن البحث يقدم أدلة دامغة للمساعدة في الإجابة عن هذا السؤال الذي طال أمده في ميكانيكا الحركة الحيوية، ويمهد الطريق لمزيد من الدراسات للتحقق بشكل أدق من كيفية ارتباط سرعات قفز الكنغر بالتكلفة الأيضية للطاقة.

ابتكرت ثورنتون وزملاؤه نموذجاً ثلاثي الأبعاد للجهاز العضلي الهيكلي للكنغر، بالاعتماد على بيانات التقاط الحركة ثلاثية الأبعاد ولوحة قياس القوة - المتعلقة بالقوة المبذولة على الأرض أثناء القفز - لتحليل حركات الكنغر الأحمر والرمادي.

باستخدام هذا النموذج، قيّموا كيفية تأثير كتلة جسم الحيوان وسرعته على شكله وحركته أثناء القفز، وما يرتبط بها من إجهاد على أوتار عضلات بسط الكاحل؛ وجهد الكاحل المبذول.

وكشفت تحليلاتهم أن وضعية الطرف الخلفي للكنغر تتغير بتغير كتلة الجسم وسرعته، وأن الطرف الخلفي كان أكثر انحناءً مع زيادة سرعة الحركة.

وأظهر تحليل طاقة مفاصل الكنغر أن معظم العمل والطاقة التي يبذلها الحيوان في كل قفزة في الطرف الخلفي تُؤدى بواسطة مفصل الكاحل. ومع ازدياد انحناء الطرف الخلفي مع زيادة السرعة، انخفضت الطاقة الحركية المرنة للكاحل.

تقول ثورنتون: «وجدنا أنه كلما زادت سرعة قفز الكنغر، زاد انحناؤه، ويعود ذلك أساساً إلى تغيير زوايا مفصلي الكاحل ومشط القدم السلامي، مما يُقلل من الطاقة الحركية المرنة للكاحل. ونتيجة لذلك، يزداد إجهاد وتر أخيل، وبالتالي تزداد كمية الطاقة المرنة التي يمكنه تخزينها وإعادتها في كل قفزة».

وتضيف: «وجدنا أن هذا يساعد الكنغر على الحفاظ على نفس مقدار صافي العمل عند الكاحل، ونفس مقدار العمل العضلي، بغض النظر عن السرعة».


حزن في الوسط الفني المصري لرحيل الوجه الأرستقراطي سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
TT

حزن في الوسط الفني المصري لرحيل الوجه الأرستقراطي سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، السبت، لرحيل الفنانة سمية الألفي، التي توفيت بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 72 عاماً، وصدم الخبر محبيها وأصدقاءها لكونه يأتي بعد وقت قصير من ظهورها في كواليس تصوير فيلم نجلها أحمد الفيشاوي «سفاح التجمع» قبل أسابيع قليلة.

ووُري جثمان الراحلة الثرى بمقابر العائلة بحضور عدد من أصدقائها وأقاربها وغياب نجلها أحمد الفيشاوي الموجود خارج مصر، بينما سيكون حاضراً لمراسم العزاء المقرر إقامتها مساء الاثنين بمسجد عمر مكرم (وسط القاهرة) حسبما أعلنت «نقابة الممثلين».

ونعى وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، الراحلة، مؤكداً أنها كانت ذات «مسيرة فنية متميزة، وأسهمت بأعمالها المتنوعة في إثراء المشهد الفني المصري وترك بصمة خاصة لدى الجمهور من خلال أدوار مختلفة».

تشييع جثمان سمية الألفي (الشرق الأوسط)

وُلدت سمية يوسف أحمد الألفي في 23 يوليو (تموز) 1953 بمحافظة الشرقية في دلتا مصر، وتخرجت في كلية الآداب، قسم علم الاجتماع، وبدأت مسيرتها الفنية في سبعينات القرن الماضي عبر المسرح، ثم انتقلت إلى التلفزيون، لتنطلق في مسيرة قدمت خلالها عشرات الأعمال المتنوعة بين الدراما التلفزيونية في المسلسلات والسهرات، أو المسرحيات، بالإضافة إلى بعض المشاركات السينمائية.

وشكَّلت مشاركتها في مسلسل «ليالي الحلمية» بشخصية «البرنسيسة نورهان» نقطة تحول في مسيرتها الفنية، وقدّمت نموذج المرأة الأرستقراطية المرتبطة بزمن اجتماعي يتغير، بينما برزت بأكثر من عمل درامي، من بينها «الراية البيضاء». وغابت الألفي في السنوات الأخيرة مفضِّلةً الابتعاد عن الوسط الفني بسبب مشكلات صحية.

على المستوى الشخصي، تزوجت سمية الألفي الفنان الراحل فاروق الفيشاوي، وأنجبت منه ابنيهما أحمد وعمر، وبعد انفصالهما، تزوجت الملحن مودي الإمام، ثم المخرج جمال عبد الحميد، والفنان مدحت صالح، لكنها جميعها كانت زيجات قصيرة.

ورافقت الألفي والد ابنيها، فاروق الفيشاوي، في محنة مرضه وإصابته بالسرطان، وخلال رحلة العلاج كانت إلى جواره، ووصفته بأنه «حب عمرها» في تصريحات إعلامية عدة.

ونعى عدد من الفنانين والنقاد الراحلة عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم الفنان إدوارد، والإعلامية وفاء الكيلاني، والناقد طارق الشناوي، مقدمين العزاء لعائلتها ونجليها.

وقالت الناقدة ماجدة خير الله لـ«الشرق الأوسط» إن «مسيرة سمية الألفي لم تكن طويلة زمنياً، وكانت قادرةً على الاستمرار لفترة أطول، لكنها فضَّلت الانسحاب والابتعاد لأسباب تخصها»، مشيرة إلى أنها «قدَّمت أدواراً جيدة ومؤثرة، لكنها لم تحصل على فرص بطولة رغم استحقاقها لها».

شاركت سمية الألفي بعدد كبير من الأعمال (المركز الكاثوليكي للسينما)

وأشارت إلى أن من أبرز أعمالها المسرحية «الأيام المخمورة» مع خالد الصاوي التي قُدِّمت في نهاية التسعينات، لافتة إلى أن السينما لم تكن المساحة الأوسع في مسيرتها، لكن تميُّزها الحقيقي كان في تقديم الأدوار الأرستقراطية بشكل غير مفتعل.

هذا الرأي دعمه الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «سمية الألفي، منذ نهاية السبعينات، احتفظت بخط فني واضح، تَمثَّل في أداء الشخصية الجادة أو (الهانم) وهو خط برز في أعمالها التلفزيونية، خصوصاً في (ليالي الحلمية) و(الراية البيضاء)»، مشيراً إلى أن الأخير منحها فرصة لإظهار موهبتها بشكل أكبر مع كثرة التحولات التي مرَّت بها الشخصية والمساحة التي شغلتها بالأحداث.

وأوضح سعد الدين أنها قدَّمت أدواراً مميزة في أعمال مثل «العطار والسبع بنات» مع نور الشريف، ولم تخشَ تقديم مرحلة عمرية متقدمة، مؤكداً أن جزءاً من تميُّز مسيرتها الفنية اعتمد على دقتها في اختيار أدوارها.


العاصمة البريطانية تتأهب لاستقبال «رمسيس وذهب الفراعنة»

المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)
المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)
TT

العاصمة البريطانية تتأهب لاستقبال «رمسيس وذهب الفراعنة»

المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)
المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)

بدأت الاستعدادات في قاعة «Neon Battersea Power Station» بلندن، لاستقبال المعرض الأثري المصري المؤقت «رمسيس وذهب الفراعنة»، المقرر افتتاحه في 28 فبراير (شباط) المقبل بالعاصمة البريطانية في محطته السابعة، بعد انتهاء فترة عرضه بالعاصمة اليابانية طوكيو.

وتفقد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصري، الدكتور محمد إسماعيل خالد، جاهزية قاعات العرض من حيث فترات العرض، والإضاءة، وأنظمة الأمن والحماية؛ للاطمئنان على استيفاء كافة المتطلبات اللازمة لافتتاح المعرض، وتوفير أعلى مستويات الحماية والأمان للقطع الأثرية، إلى جانب تطبيق الإجراءات التأمينية والاحترازية المعتمدة، بما يضمن خروج المعرض بالصورة اللائقة بمكانته كـ«أحد أبرز سفراء الحضارة المصرية في الخارج»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار، السبت.

متابعة التجهيزات لاستقبال معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» بلندن (وزارة السياحة والآثار)

ويضم معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» 180 قطعة أثرية تحكي تاريخ الحضارة المصرية القديمة من خلال فترات مختلفة، وتشمل القطع الأثرية مقتنيات من المتحف المصري في التحرير تعود إلى عصر الملك رمسيس الثاني، بالإضافة إلى تابوت الملك رمسيس الثاني من المتحف القومي للحضارة المصرية، وعدد من القطع الأثرية المكتشفة بواسطة البعثة المصرية بمنطقة البوباسطيون بسقّارة، إلى جانب مختارات من مقتنيات متاحف مصرية أخرى. وتبرز القطع الأثرية سمات الحضارة المصرية القديمة منذ عصر الدولة الوسطى حتى العصر المتأخر، من خلال تماثيل، وحُلي، وأدوات تجميل، ولوحات، وكتل حجرية مزخرفة بالنقوش، فضلاً عن عدد من التوابيت الخشبية الملونة، وفق بيان الوزارة.

وعقد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار اجتماعات مع منظمي المعرض، الذي من المقرر أن يستمر حتى 30 أغسطس (آب) 2026، لمناقشة مختلف الإجراءات والرؤى المتعلقة بمراسم الافتتاح الرسمي، بما يضمن تنظيم الحدث على أعلى مستوى، وبما يتناسب مع أهمية المعرض وعظمة الحضارة المصرية.

وأكد خالد أن «المعارض الأثرية الخارجية تمثل نافذة مهمة للتعريف بالحضارة المصرية العريقة أمام شعوب العالم، وإبراز عبقرية وبراعة المصري القديم في مجالات العلم والهندسة والفن وغيرها، بما يسهم في تعزيز التقارب الثقافي بين الشعوب، فضلاً عن كونها أداة فعالة للترويج السياحي لمصر ومقوماتها الثقافية والأثرية عالمياً».

معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» لدى عرضه بألمانيا (وزارة السياحة والآثار)

وبدأ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» رحلته حول العالم عام 2021 بمحطته الأولى في مدينة هيوستن بالولايات المتحدة الأميركية، ثم سان فرانسيسكو، ثم العاصمة الفرنسية باريس، قبل أن ينتقل إلى متحف سيدني بأستراليا، ثم مدينة كولون بألمانيا، وصولاً إلى العاصمة اليابانية طوكيو.

ويرى عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» ليس مجرد حدث ثقافي عابر، بل هو رسالة حضارية مصرية متجددة إلى العالم، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «رمسيس الثاني هنا لا يُقدَّم كملك عظيم فحسب، بل كرمز لعبقرية الدولة المصرية القديمة، وقدرتها على التنظيم والإبداع والاستمرارية»، ومشيراً إلى أن اختيار لندن، بما تمثله من ثقل ثقافي وإعلامي، كمحطة سابعة للمعرض، يعزز من حضور مصر في الوعي العالمي، ويعيد طرح التاريخ المصري بوصفه تاريخاً إنسانياً مشتركاً.

وتراهن مصر على المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج بوصفها «سفيراً للحضارة المصرية»، ووسيلة للترويج السياحي للمقاصد المصرية عبر العالم، وأقامت من قبل معارض للملك توت عنخ آمون، بالإضافة إلى معرض «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» في شنغهاي بالصين، وجذبت هذه المعارض ملايين السياح لزيارتها منذ عام 2018 حتى العام الحالي.

وبحسب عبد البصير، فإن قيمة هذه المعارض لا تقتصر على عرض القطع، «بل تكمن في السرد العلمي المتوازن الذي يرافق القطع، وفي القدرة على تحويل الأثر الصامت إلى قصة حية عن السلطة، والعقيدة، والفن، والحياة اليومية في مصر القديمة»، وفق قول عبد البصير الذي وصف المعارض الأثرية المؤقتة بأنها «أنجح أدوات القوة الناعمة؛ إذ تجمع بين العلم والدبلوماسية الثقافية، وتؤكد أن حماية التراث وعرضه للعالم هما شكل من أشكال الدفاع عن الهوية».