«أسوأ ليالي الكابينت»... هكذا أحبط نتنياهو حلفاءه وتلاعب بـ«حماس»

عندما تباهى رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه يعمل على أرض الواقع منذ ربع قرن على منع قيام الدولة الفلسطينية لم يصدقه المستوطنون

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس 13 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس 13 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
TT

«أسوأ ليالي الكابينت»... هكذا أحبط نتنياهو حلفاءه وتلاعب بـ«حماس»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس 13 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس 13 أغسطس الحالي (أ.ف.ب)

حتى الوزراء الموالون في حكومته لم يحتملوا المشهد وشعروا بالإهانة، وأدلوا بتصريحات تكشف عن إحباط وتذمر شديدين؛ لكنَّ هذا لم يمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من الظهور والتباهي بأنه القائد الأول الذي تفوَّه وعمل بشكل حقيقي على منع إقامة دولة فلسطينية بين رؤساء حكومات إسرائيل.

«رئيس الحكومة الوحيد، أجل الوحيد»، قالها مرتين، وراح قادة المستوطنين الحاضرين يتغامزون من وراء ظهره، إلى درجة جعلت أحد وزراء الكابينت يقول إن «هذه أسوأ ليلة مرت عليه في تاريخ حياته، وهي من المرات النادرة التي يتفوه بها وزير بهذا الشكل على (معبود اليمين)».

هكذا يدير نتنياهو الأمور

وقصة اجتماع الكابينت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة الإسرائيلية)، هي نموذج مصغر، يبين كيف تدار الأمور اليوم في الدولة العبرية، وكيف يدير نتنياهو دفة الأمور فيها. وهذه هي القصة:

في البداية تلقى أعضاء الكابينت دعوة لحضور جلسة تُعقد في السادسة من مساء الثلاثاء، وكالعادة، من دون تحديد زمني لطول الاجتماع.

نتنياهو يرأس اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)... (أرشيفية - د.ب.أ)

راح هؤلاء يستمعون إلى تسريبات النبأ من مكتب رئيس الوزراء، التي تقول إنه «سيقرر رفض مقترح اتفاق الصفقة الذي وافقت عليه (حماس) وإقرار خطة احتلال مدينة غزة.

ثم قيل في تسريب آخر، إنه سيقترح على الوزراء إصدار موقف موحد يؤيد الصفقة الشاملة ويهدد بالحرب إذا لم تستسلم «حماس»، وفي إفادة أخرى تم الإيحاء بأن الجلسة ستتحول إلى حلبة ملاكمة بينه وبين رئيس أركان الجيش، إيال زامير.

لكن بعض المتفائلين توقعوا أن يفاجئ نتنياهو ويجلب اقتراحاً لدمج خطة الصفقة الشاملة مع الصفقة المؤقتة، ولكن من دون التخلي عن مخطط احتلال غزة. وهكذا، زادت وطفحت التوقعات إزاء الاجتماع وانشغل فيه العالم برمته.

تغيير مفاجئ

وفجأة، في صبيحة الثلاثاء، تلقوا دعوة أخرى لاجتماع الكابينت نفسه، تم فيها تبكير الموعد من السادسة مساءً إلى الرابعة بعد الظهر، مع تحديد مدته رسمياً بساعتين ونصف الساعة. وتم محو بنود البحث.

وقد حضر 6 وزراء فقط (من مجموع 12)، وتبين أن ثلاثة من المتغيبين مسافرون إلى الخارج (إيتمار بن غفير في جورجيا، وجدعون ساعر وميري ريجف في الولايات المتحدة) والباقون لا يعرف سبب تغيبهم.

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

فوجئ الحضور بأن ديوان رئيس الوزراء فرش مائدة من مختلف تشكيلات الأطعمة، وحرص على تعديلها طيلة مدة الاجتماع، مما جعل الوزراء يُكثرون من مغادرة الغرفة ثم عادوا وهم يملأون أيديهم بالأطعمة ويمضغون بعضها بتلذذ.

وقد ألقى نتنياهو فيهم خطاباً نارياً عن رفضه التوجه إلى صفقة مؤقتة أو مرحلية وإصراره على صفقة شاملة.

انتقاد رمزي لترمب

وحسب القناتين 11 و12، فإن نتنياهو وجَّه «انتقادات رمزية» للرئيس الأميركي، «الصديق الشخصي والحليف الأكبر في التاريخ»، دونالد ترمب خلال كلمته، على خلفية تكراره التصريح بأن هناك أقل من 20 أسيراً إسرائيلياً على قيد الحياة في قطاع غزة، وقال نتنياهو: «هذا ليس ما نعرفه نحن؛ لا أعرف لماذا يقول ترمب ذلك».

متظاهر يرفع لافتة عليها صورة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مظاهرة في تل أبيب الثلاثاء (رويترز)

ثم انتقل للحديث عن خطة احتلال غزة «التي قمت بإعدادها»، مما أثار امتعاض رؤساء الأجهزة الأمنية، فهم الذين وضعوا هذه الخطة وما فعله نتنياهو هو المصادقة عليها. ثم فتح المجال للنقاش، وبدا أنه المتكلمين من الوزراء والعسكريين والموظفين الكبار لم يكونوا مسموعين، من كثرة الضجيج والملل. خرجوا عدة مرات وتناولوا الطعام والحلويات وشربوا القهوة.

استخدام في حرب نفسية

اختُتمت الجلسة بعد ساعتين ونصف الساعة، فخرج الوزراء بشعور أن هذا الاجتماع كان زائداً، استخدمهم فيه نتنياهو ضمن الحرب النفسية على «حماس»، لكنه تسبب في تمزيق أعصاب عائلات المحتجزين، الذين توقعوا البت في موضوع المفاوضات.

فقال أحد الوزراء، حسب القناة 11: «اجتماع تافه وسخيف»، وقال آخر: «اجتماع جاف»، وقال ثالث: «بتنا مسرحاً ساخراً».

متظاهرون يتجمعون رافعين لافتات خلال مظاهرة نظّمتها عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتبين أن تقصير الجلسة وتبكير موعدها، جاء بإيعاز من نتنياهو، ليتسنى له ولوزرائه المشاركة في حفل عشاء أقامه قادة المستوطنين في الضفة الغربية بمناسبة مرور 50 عاماً على إقامة مستوطنات بنيامين، التي أُقيمت في عدة مناطق شرقي رام الله بغرض عرقلة إمكانية إقامة دولة فلسطينية، واحتفاءً بمصادقة الحكومة في الشهور الأخيرة على منح الشرعية القانونية لـ17 بؤرة استيطانية عشوائية.

أُقيم الاحتفال في مطعم قريب من ديوان رئاسة الوزراء في القدس الغربية، كان عبارة عن بيت عربي قديم صادرته إسرائيل، وقامت بترميمه وتحديثه وتحويله إلى مطعم ومركز ثقافي. وهو يدعى «مشكنوت شأننيم»، التي تعني «المسكن الهادئ المريح الخالي من القلق».

عودة إلى التفاخر

وخلال العشاء الاحتفالي، عاد نتنياهو إلى التفاخر: «قلت إننا سنبني ونتمسك بأجزاء أرضنا، وطننا، ونحن نفعل ذلك. هذا ليس النهاية، بل مجرد البداية». وأضاف: «قبل 25 عاماً وعدت بأننا سنمنع إقامة دولة فلسطينية، ونحن نفي بذلك الوعد معاً»، مشدداً على أن «تعزيز الاستيطان يقوّي أمن إسرائيل».

وراح هو ووزير دفاعه، يسرائيل كاتس، يسخران من الوزير السابق بيني غانتس، الذي عبَّر عن رغبته في الانضمام إلى الحكومة.

وتزامن الاجتماع مع احتجاجات واسعة في إسرائيل انطلقت صباح الثلاثاء، في مناطق متفرقة لمطالبة الحكومة بإبرام صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب، وامتدت الاحتجاجات على مختلف أنحاء البلاد وبدأت بمظاهرة في الساعة 6:29 صباحاً أمام السفارة الأميركية في تل أبيب، وارتفعت فيها شعارات باللغة الإنجليزية تعبر عن خيبة الأمل من دعم ترمب لنتنياهو وامتناعه عن ممارسة ضغط عليه ليوقف الحرب ويعيد المخطوفين.

وعندما نما إلى علم المتظاهرين أن نتنياهو يتناول طعام العشاء الاحتفالي هرعوا إلى المطعم وتظاهروا أمامه. وردد المتظاهرون خلال احتجاجهم: «المخطوفون يتضورون جوعاً وأنتم تحتفلون وتبتلعون الطعام الفاخر».

تغامُز على نفاق المستوطنين

ورأى المعلقون هذا الحدث نموذجاً يعبّر عن واقع الحكومة، المنسلخة عن الجمهور وعن هموم المواطنين، والتي تخلت عن المخطوفين ولا همَّ عندها سوى نفاق المستوطنين. وأكدت «هآرتس» أن قادة المستوطنين كانوا يبتسمون ويتغامزون على كلمة نتنياهو، خصوصاً وهو يقول إنه يعمل على منع الدولة الفلسطينية منذ 25 عاماً، مع أنه كان قد صوَّت سنة 2005 على الانسحاب من غزة وإزالة مستوطناتها، وأعلن في سنة 2009 تأييده حل الدولتين. وراحوا يُحذرون من هذا النفاق للمستوطنين المتطرفين.

متظاهر إسرائيلي يشارك في احتجاج ضد حكومة نتنياهو بتل أبيب مساء السبت الماضي (أ.ب)

يُذكر أن رئيس المعارضة، يائير لبيد، شن هجوماً حاداً على الحكومة في أعقاب الجلسة، قائلاً: «هذا الكابينت اجتمع اليوم ولم يناقش الوزراء حتى صفقة الأسرى. إنها وصمة عار أخلاقية إضافية على حكومة السابع من أكتوبر (تشرين الأول). أقول بشكل قاطع للجمهور الإسرائيلي إن هناك صفقة مطروحة على الطاولة، يمكن أن تعيد الأسرى إلى بيوتهم وتنهي الحرب».

وقال أمنون أبرموفتش، المعلق في القناة 12: «كان اجتماع الكابينت والعشاء الاحتفالي الذي تلاه حفل خداع وأكاذيب ودواوين (قالها بالعربية)، ولولا أنها ستكلفنا ثمناً باهظاً بأرواح الجنود المحاربين والمخطوفين البائسين، لكنّا ضحكنا ساخرين. وعلينا الآن أن نبكي حظنا، فنحن الشعب صرنا خرقة غير محترمة، في نظر نتنياهو ووزرائه».


مقالات ذات صلة

زهران ممداني المعارض القوي لترمب يتولى الخميس رئاسة بلدية نيويورك

الولايات المتحدة​ الديمقراطي زهران ممداني رئيس بلدية نيويورك وزوجته راما دوجي في نيويورك (أ.ف.ب) play-circle

زهران ممداني المعارض القوي لترمب يتولى الخميس رئاسة بلدية نيويورك

يتولى الديمقراطي زهران ممداني، المعارض البارز والمناهض لسياسات دونالد ترمب، الخميس، رئاسة بلدية نيويورك، ليكون بذلك أول مسلم يشغل هذا المنصب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ طائرات نقل عسكرية أميركية من طراز «سي 130 إتش هيركوليز» في مطار رافاييل هيرنانديز ببورتوريكو (رويترز)

ترمب يتحدث عن تدمير «منشأة كبيرة» لصلتها بالمخدرات وفنزويلا

كشف الرئيس دونالد ترمب أن القوات الأميركية دمرت «منشأة كبيرة» لم يحدد طبيعتها في إطار حملة إدارته ضد عصابات صناعة المخدرات وتهريبها في فنزويلا.

علي بردى (واشنطن)
تحليل إخباري جنود أوكرنيون خلال تدريب ميداني في موقع غير محدد بالمنطقة الشرقية من أوكرانيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل يفرض ترمب صفقة سلام سريعة لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية؟

حاول الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إظهار أن الحرب الطويلة بين روسيا وأوكرانيا تقترب من نقطة تحول.

هبة القدسي (واشنطن)
شؤون إقليمية إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

حذرت طهران من أن أي مغامرة إسرائيلية جديدة «ستواجه برد أشد»، وقالت إنها تسعى إلى تفاوض معقول يحقق رفعاً فعلياً للعقوبات، مع بقاء قنوات الاتصال مع واشنطن قائمة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أميركا تتعهد بتقديم مليارَي دولار لدعم الجهود الإنسانية للأمم المتحدة

تعهدت الولايات المتحدة بتقديم مليارَي دولار لدعم ​الجهود الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تحقيقات إسرائيلية: جنودنا تلقوا رشى من فلسطينيين يبحثون عن عمل

جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)
TT

تحقيقات إسرائيلية: جنودنا تلقوا رشى من فلسطينيين يبحثون عن عمل

جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)

كشفت تحقيقات في الشرطة العسكرية والشرطة القضائية الإسرائيلية أن الفلسطينيين في الضفة الغربية قدموا رشى للعشرات من جنود الاحتلال العاملين على الحواجز العسكرية، بأموال كثيرة مقابل إدخالهم إلى إسرائيل بحثاً عن العمل.

وقالت مصادر في قيادة هذه العملية إن «مثل هذه الرشى باتت مخيفة»، زاعمةً أنها «تُتيح دخول عناصر مسلحة تنفذ عمليات في البلدات الإسرائيلية».

وجاء في تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «هؤلاء الجنود، وبعضهم يحملون رتب ضباط، نفذوا عمليات التهريب مقابل المال، رغم أنهم كانوا يعلمون أن أفعالهم هذه يمكن أن تتسبب في تنفيذ عمليات إرهاب ضد إسرائيل».

وحدد التقرير «ثلاثة حواجز عسكرية تم استخدامها للتهريب، أحدها في معبر عوفر، والثاني قرب بلدتي بيدو واكسا، والثالث قرب شعفاط، وجميعها تقع شمال القدس»، مشيراً إلى أن التحقيقات توصلت إلى أن «أحمد أبو الرب، الذي نفذ هجوم بيسان يوم الجمعة الماضي، وأسفرت عن مقتل مواطنين إسرائيليين اثنين وجرح أربعة، دخل إسرائيل من أحد هذه الحواجز».

وحسب التقرير، «كان الفلسطينيون يدفعون الرشوة بوضعها داخل بطاقة الهوية، أو في مغلف يوضع على المقعد الخلفي عندما يتم توقيف السيارة وإنزال ركابها للتفتيش، فعندما يحصل الضابط على المغلف يعيد العمال إلى السيارة ويسمح لها بالمرور».

ومنذ الانتفاضة الثانية سنة 2002، أتمت إسرائيل بناء جدار عازل بين حدودها قبل الاحتلال في عام 1967 وبين الضفة الغربية (الخط الأخضر)، حتى تمنع تسلل فلسطينيين إليها.

ويبلغ طول الجدار 770 كيلومتراً، بينها نحو 142 كيلومتراً في الجزء المحيط بالقدس الشرقية، وارتفاعه ثمانية أمتار. لكنّ قسماً منه لم ينجز بعد، لأسباب خلافية أو بسبب ضرورات بيئية.

فلسطيني يقطف الزيتون بجانب الجدار الإسرائيلي قرب الخليل (رويترز)

وعندما قررت إسرائيل مع بداية الحرب على غزة، إلغاء التصاريح لنحو 150 ألف عامل فلسطيني تسبب في أزمة اقتصادية خانقة، وحاول عشرات ألوف العمال تجاوز الحواجز والقفز عن الجدار العالي.

كم تعريفة الرشوة؟

ويتضح من التقرير المذكور أن بعض رجال الأعمال والعمال وجدوا طريقة أخرى للتسلل إلى إسرائيل بحثاً عن العمل، هي رشوة الجنود والضباط الإسرائيليين.

وفي بعض الأحيان كانوا يدفعون 50 شيقلاً (الدولار يساوي 3.2 شيقل)، عن كل راكب في سيارة ترنزيت. وفي بعض الأحيان يدفعون 1500 شيقل مقابل تمرير سيارة ركاب. وفي إحدى المرات دفع رجل أعمال فلسطيني مبلغ 5000 شيقل، مقابل تهريبه بسيارة شرطة إلى إسرائيل.

سيارات منتظرة عند حاجز عطارة الإسرائيلي قرب رام الله يناير الماضي (أ.ف.ب)

وتركز جزءٌ من عمليات التهريب داخل المستوطنات اليهودية التي بنيت في الضفة الغربية، وفي بعض الأحيان أصدر جنود تصاريح رسمية مزيفة، ويقدر الجيش أن عدد هذه التصاريح بلغ 300 تصريح.

تسجيلات كشفت نتائج مذهلة

وفق التقارير العبرية، فإن عرض الرشى بدأ بمبادرة من الفلسطينيين، لكن أصبح لاحقاً بمبادرة من الإسرائيليين، الذين عرضوا التهريب مقابل المال، ومع تطور الظاهرة، أصبح التهريب يجري بالاتفاق بين جنود ومهربين فلسطينيين عبر شبكة «تلغرام».

وتم تسجيل عدة محادثات جرت بين مهرب فلسطيني والضابط الإسرائيلي، وكان الضابط يشدد على أنه يُريد المال نقداً، وشعر أحد الضباط الكبار بما يدور فقرر إجراء تحقيق سري وذهل من النتيجة، وبالإضافة إلى الكشف عن ظاهرة الرشوة، وجد أن فرقة عسكرية على خلاف مع فرقة عسكرية أخرى تعمدت تهريب فلسطينيين لتظهر الفرقة الثانية مُقصرة.

قوات أمن إسرائيلية في مواجهة مع متظاهرين فلسطينيين قرب قرية كفر قدوم الفلسطينية (أ.ف.ب)

ولم تقتصر المسألة على تهريب متسللين، بل تم الكشف عن قيام موظف سابق في دائرة الصحة في الإدارة المدنية، ببيع أدوية للفلسطينيين، مستغلاً معرفته القريبة للأوضاع الطبية لدى الفلسطينيين، فجلب أدوية نادرة التوافر، وزودهم بها، ولدى اعتقاله تم تفتيش بيته والعثور على كميات كبيرة من الدواء.

وقال مصدر في الجيش إن عشرات الجنود والضباط أوقفوا للتحقيق معهم بهذه القضايا، وسيتم تقديمهم إلى القضاء لمحاكمتهم وإنزال العقوبات بهم.


تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
TT

تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)

أكد زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزيل أن الحزب سيواصل التجمعات والمسيرات التي انطلقت عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في 19 مارس (آذار) الماضي، وستكون لديه مسيرات أكثر إيجابية في العام الجديد.

وقال أوزيل إن إمام أوغلو، الذي أعلنه الحزب مرشحاً رئاسياً في 23 مارس عقب انتخابات تمهيدية صوَّت فيها 15 مليوناً و500 ألف مواطن، لا يزال هو المرشح الوحيد من جانب الحزب لخوض الانتخابات المقررة في عام 2028.

وأضاف أوزيل، في مقابلة صحافية، الاثنين، أن حزبه سيواصل مسيرته، وسيسعى لتخليص تركيا من «الفقر والظلم والاستبداد»، وأنه إذا أراد حزبه الحصول على أصوات ثلثي الناخبين في الانتخابات المقبلة، فعليه أن يجعل الشعب يقول إن حزب «الشعب الجمهوري سيحكم بشكل أفضل منهم (إردوغان وحكومته)».

أوزيل متحدثاً خلال أحد التجمعات للمطالبة بإطلاق سراح إمام أوغلو (من حسابه في إكس)

وتابع: «لذلك؛ علينا أن نبدأ مسيرتنا نحو السلطة من هذه النقطة، وأن نثبت أن حزب الشعب الجمهوري قادر على إدارة الاقتصاد والسياسة الخارجية وتركيا بشكل أفضل».

إلغاء النظام الرئاسي

وشدد على أن حزبه سيغير نظام الحكم حال فوزه، قائلاً إن «الانتخابات المقبلة ستُجرى وفقاً للنظام الحالي (الرئاسي)، لكن هذا لا يعني أننا سنبقى في هذا النظام، إذا منحنا شعبنا السلطة، فسنتحول إلى نظام برلماني مُعزز وسنخدم الشعب من خلاله».

وعدّ أوزيل أن منع إمام أوغلو من خوض الانتخابات عبر قضية تتعلق بادعاء تزوير شهادته الجامعية أو دعاوى قضائية أخرى سيكون «انقلاباً على الديمقراطية»، مضيفاً أن على الرئيس رجب طيب إردوغان أن يدرك أن ثمن إبعاد منافسه من خلال وضعه بالسجن أمر غير مقبول، فتركيا «ليست دولة من دول جنوب الصحراء الكبرى».

المظاهرات الاحتجاجية ضد اعتقال إمام أوغلو مستمرة منذ توقيفه في مارس الماضي (حزب الشعب الجمهوري)

ويواجه إمام أوغلو سلسلة قضايا، منها إلغاء شهادته الجامعية التي حصل عليها منذ أكثر من 30 عاماً من جامعة إسطنبول، إضافة إلى اتهامات بالفساد في بلدية إسطنبول، يبدأ نظر الدعوى الخاصة بها في 9 مارس المقبل، ويواجه فيها مطالبة بسجنه لمدة 2453 سنة.

وفجَّر اعتقاله أوسع موجة احتجاجات في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، وعدت المعارضة أن توقيفه هو عملية سياسية تهدف إلى إبعاده عن منافسة إردوغان على رئاسة البلاد؛ كونه أبرز المنافسين الذين يمكنهم الفوز بانتخاباتها.

وقررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، إعطاء الأولية لنظر مسألة اعتقال إمام أوغلو دون صدور إدانة ضده.

بديل إمام أوغلو

وقال أوزيل: «إذا استمر إردوغان في إبقاء أكرم إمام أوغلو في السجن في ظل هذه الظروف، فسيتم العثور على مرشح قادر على هزيمته في الانتخابات».

أوزيل يتوسط إمام أوغلو قبل اعتقاله ومنصور ياواش (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

وعن الادعاءات حول إمكانية منع ترشيح رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، عبر اتهامات مماثلة لتلك التي يواجهها إمام أوغلو، حال عدم تمكن الأخير من خوض الانتخابات، أشار أوزيل إلى أن ياواش أيضاً رشح إمام أوغلو لخوض انتخابات الرئاسة، وصوَّت له في الانتخابات التمهيدية في 23 مارس، في اليوم ذاته الذي أودع فيه إمام أوغلو سجن سيليفري في غرب إسطنبول.

واستدرك: «لكن إذا كان حزب الشعب الجمهوري والبلاد ينتظران مهمة من منصور ياواش، فهو يمتلك القدرة على إنجازها على أكمل وجه»، لافتاً إلى أن أي محاولة لمنع ترشيحه في الانتخابات على غرار ما حدث مع إمام أوغلو، ستفجر غضب تركيا والعالم مجدداً.

وأضاف: «منصور ياواش يحظى بمكانة عظيمة في قلوب هذا الشعب، ولا أحد يستطيع إيقافه».

عمليات لتشويه المعارضين

واتهم أوزيل الرئيس إردوغان بمحاولة تعزيز سلطة المدعي العام في إسطنبول بوصفه حامي النظام، لافتاً إلى أن التحقيقات الأخيرة التي استهدفت فنانين ومشاهير بدعوى تعاطي المخدرات أو القمار، كان هدفها «تطبيع» العمليات التي تنفذ ضد حزب «الشعب الجمهوري»، وأن شريحة واسعة من المجتمع تُسلّم بأن ما يُنفذ ضد الحزب هو «عملية سياسية».

إحدى العمليات الأمنية ضد المشاهير في تركيا في إطار مكافحة المخدرات (إعلام تركي)

وأضاف أن الهدف الثاني لهذه العمليات هو «تشويه سمعة الأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم يُشكلون تهديداً للنظام بسبب معارضتهم له».

وأشار إلى اعتقال 20 أو 30 فناناً لمجرد نشرهم تغريدات مُعارضة أو عدم تأييدهم للحكومة، فيظن الناس أنهم قبضوا على تاجر مخدرات، وبعد 15 يوماً تظهر النتائج أن عينات التعاطي لدى 3 أو 4 منهم إيجابية، لكن لا أحد اهتم بماذا سيحدث لأبناء هؤلاء أو زوجاتهم أو عائلاتهم جراء عمليات التشويه واغتيال السمعة.


إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)
إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)
TT

إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)
إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)

حذرت طهران من أن أي مغامرة إسرائيلية جديدة «ستُواجه برد أشد»، وقالت إنها تسعى إلى تفاوض معقول يحقق رفعاً فعلياً للعقوبات، مع بقاء قنوات الاتصال مع واشنطن قائمة، وحصر أي حوار في الملف النووي، مشددة على أن قدراتها الحالية لا تُقارن بما كانت عليه قبل حرب الأيام الـ12 مع إسرائيل في يونيو (حزيران).

تصاعدت التحذيرات الأميركية والإسرائيلية بشأن إعادة بناء إيران قدراتها الصاروخية والنووية، وسط تقديرات أمنية ترى أن الضربات التي طالت منشآت إيرانية في حرب يونيو لم تُنهِ التهديد.

وتترقب طهران منذ أيام نتائج زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع حليفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وأفاد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي أسبوعي، بأن قدرات إيران الدفاعية اليوم لا تقارن بما كانت عليه قبل الحرب الأيام الـ12، موضحاً أن التجربة الأخيرة عزّزت الجاهزية العملياتية وفهم آليات المواجهة على الأرض.

وأضاف أن «أي مغامرة إسرائيلية جديدة ستُواجه برد أشد»، مشدداً على أن إيران راقبت خلال الفترة الماضية تحركات إسرائيل بدقة، وعملت على رفع مستوى استعدادها لمواجهة أي تهديد محتمل.

ورأى بقائي أن «إسرائيل تشكّل أكبر تهديد للأمن الإقليمي والدولي»، مشيراً إلى أن دول المنطقة باتت تدرك الطبيعة العدوانية لهذا الكيان ودوره في زعزعة الاستقرار وإشعال الأزمات.

ويزداد التركيز الإسرائيلي على مساعي طهران لتعزيز برنامجها الصاروخي الباليستي، في وقت ترفض فيه طهران التفاوض حول برنامجها الصاروخي، في حين تطالب واشنطن أيضاً بطرح الأنشطة الإقليمية الإيرانية ودعم الجماعات المسلحة على طاولة التفاوض.

وشدد بقائي على أن الملف النووي «يبقى الإطار الوحيد لأي حوار محتمل مع واشنطن»، مضيفاً أن إيران أعلنت بوضوح أنها لا تفاوض ولا تتحاور حول قضايا أخرى خارج هذا الملف، وأن أي محاولة لتوسيع نطاق التفاوض مرفوضة.

وفيما يتصل بالولايات المتحدة، قال بقائي إن قنوات الاتصال القائمة بين طهران وواشنطن ما زالت موجودة ولم تُقطع، موضحاً أن مكتب رعاية المصالح الأميركية في طهران ومكتب رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن يشكّلان الإطار الرسمي لهذا التواصل.

وأشار إلى أن القناة التي كانت قائمة بين وزير الخارجية الإيراني والممثل الخاص الأميركي لا تزال متاحة، لافتاً إلى أن عدم وجود تواصل في المرحلة الراهنة لا يعني قطع العلاقات أو إغلاق قنوات الاتصال، بل يأتي في إطار تقييم الحاجة العملية للتواصل في التوقيت الحالي.

وعقدت واشنطن وطهران خمس جولات من المحادثات النووية قبل الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي. وواجهت هذه المحادثات عقبات كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم داخل إيران، وهي ممارسة تسعى القوى الغربية إلى إنهائها لتقليل مخاطر الانتشار النووي، في حين ترفض طهران ذلك بشدة وتعدّه حقاً سيادياً.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة خلال الأسبوع الماضي، إنه قطع اتصالاته مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف بشأن الملف النووي منذ أشهر، لافتاً إلى إصرار أميركي على استئناف المفاوضات بعد الحرب الأخيرة، لكنه قال إنها جاءت «بنهج خاطئ»، مؤكداً أن طهران «مستعدة لاتفاق عادل ومتوازن عبر التفاوض»، لكنها «غير مستعدة لقبول الإملاء».

وفي وقت لاحق، قالت نائبة مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخاص إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، أمام مجلس الأمن، إن «الولايات المتحدة لا تزال مستعدة لإجراء محادثات رسمية مع إيران، ولكن فقط إذا كانت طهران مستعدة لحوار مباشر وهادف»، مضيفة: «قبل أي شيء، لا يمكن أن يكون هناك تخصيب لليورانيوم داخل إيران».

إقليمياً، قال بقائي إن طهران ترحّب بالمساعي التي تبذلها دول المنطقة لخفض التوتر وتعزيز الاستقرار، مؤكداً أن اهتمام دول الجوار بالسلام الإقليمي يعكس إدراكاً مشتركاً لحساسية المرحلة.

ورداً على سؤال حول التصريحات الأخيرة لرئيس وزراء العراق التي قال فيها: «نحن نبحث عن عقد اجتماع بين طهران وواشنطن في بغداد بهدف إجراء حوار»، قال المتحدث باسم «الخارجية»: «أن يكون أصدقاؤنا في العراق مهتمين بقضايا السلام والاستقرار في المنطقة، وأن يقلقوا بشأن الأوضاع في المنطقة؛ لهو أمر يستحق الثناء، تماماً كما أننا نهتم بالأمن والسلام في المنطقة».

وأضاف أن «أي مسار تفاوضي أو حواري يتطلّب التزاماً واضحاً بآداب الحوار واحترام القواعد الأساسية للتفاوض»، مشيراً إلى أن «التجارب الأخيرة أظهرت أن غياب هذا الالتزام يجعل الحديث عن مفاوضات أمراً غير واقعي».

وصرح بقائي بأن الدبلوماسية بالنسبة إلى إيران «أداة لخدمة المصالح الوطنية، وليست هدفاً بحد ذاتها»، موضحاً أن «طهران لا تتردد في استخدام المسار الدبلوماسي متى ما رأت أنه يحقّق مكاسب حقيقية للبلاد».

وقال بقائي إن بلاده تتحرك دبلوماسياً على قاعدة تفاوض معقول يحقق نتيجة ملموسة برفع العقوبات، ولا يتحول إلى مجرد أداة في لعبة العلاقات العامة أو استنزاف الوقت من جانب الأطراف المقابلة.

بقائي خلال مؤتمر صحافي أسبوعي اليوم (التلفزيون الرسمي)

وأضاف بقائي أن السياسة المعلنة لوزارة الخارجية تقوم على مبدأ واضح، مفاده أن التفاوض الذي لا ينتهي برفع العقوبات ليس تفاوضاً مجدياً، مشيراً إلى أن الحديث عن رفع العقوبات يجب أن يقترن بضمانات عملية تؤكد أن مخرجات أي مسار تفاوضي ستنعكس مباشرة على تخفيف الضغوط الاقتصادية المفروضة على الشعب الإيراني.

وأوضح أن طهران «لا تقبل الانخراط في مفاوضات شكلية تُدار في الإطار الإعلامي أو تُستخدم لتحسين صورة الطرف الآخر دبلوماسياً من دون تحقيق نتائج حقيقية»، مشدداً على أن «التفاوض الجدي هو الذي يأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية والمخاوف المشروعة لإيران ويُلزم الطرف المقابل بالاعتراف بها».

وبشأن الخلافات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، دعا بقائي مديرها العام، رافائيل غروسي، إلى الالتزام بحدود صلاحياته القانونية والفنية وعدم الانجرار إلى مواقف سياسية، لافتاً إلى أن بعض التصريحات الصادرة عنه تعكس «تسييساً غير مقبول لدور الوكالة».

وانتقد بقائي صمت الوكالة عن استهداف منشآت نووية إيرانية خاضعة للضمانات، عادّاً هذا الموقف «تقصيراً جسيماً ويتعارض مع المسؤوليات القانونية للوكالة في حماية نظام منع الانتشار».

وقال إن مطالبة إيران للوكالة بإدانة هذه الاعتداءات «لا تزال قائمة»، مشدداً على أن «الإدانة ليست موقفاً أخلاقياً فقط، بل التزام قانوني ضروري لمنع تكرار مثل هذه الهجمات التي تلحق ضرراً بالغاً بمصداقية الوكالة وبهيكلها».

اقتصادياً، قال بقائي إن الدبلوماسية الاقتصادية تمثّل ركناً ثابتاً في عمل وزارة الخارجية، مشيراً إلى أن هذا المسار لا يقتصر على العلاقات الخارجية، بل يشمل التواصل مع المحافظات والمناطق الحدودية.

وأوضح أن تعزيز التواصل مع الأقاليم والحدود يهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني وتسهيل التبادلات التجارية والاستفادة من القدرات المحلية في إطار سياسة خارجية مرتبطة بالواقع الاقتصادي للبلاد.

ولفت بقائي إلى أن العقوبات المفروضة على إيران «تمثّل جريمة وإرهاباً اقتصادياً استهدف الشعب الإيراني»، وقال إن «العقوبات فرضت قسراً، وإن رفض الاستسلام لها لا يعني التقليل من آثارها، بل السعي إلى مواجهتها عبر العمل الدبلوماسي والاقتصادي المتوازي».