قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن المدرب الإسباني ميشيل غونزاليس ما زال يحظى بثقة لم تهتز من المدير الرياضي في نادي القادسية كارلوس أنتون، وهو ما يعزز موقفه في الاستمرار في قيادة الفريق، رغم الخروج الصادم من الدور نصف النهائي من بطولة كأس السوبر السعودي بخسارة قاسية أمام الأهلي بنتيجة «5-1».
ومع أن هناك أصواتاً داخلية وخارجية ارتفعت مطالبة بإقالة المدرب بعد هذه النتيجة، خصوصاً أن الفريق تراجع كثيراً من حيث الأداء والمستوى، ليس في أول مباراة فقط بالموسم الجديد، بل في ختام الموسم الماضي حين خسر برباعية أمام الاتحاد في نهائي كأس الملك بمدينة جدة، فإن إدارة النادي ترى أن الاستقرار أهم في هذه المرحلة. فالدعم الكبير الذي يجده المدرب غونزاليس من المدير الرياضي، ومن الرئيس التنفيذي للنادي، يجعل من قرار الإقالة خطوة متعجلة بنظر صانعي القرار، رغم قناعة البعض بأن القادسية يستحق وضعاً أفضل في ظل وجود عناصر محلية وأجنبية بارزة، تكفلت الشركة المالكة للنادي بجلبها بمبالغ باهظة.

الانتقادات الموجهة للمدرب تتركز على تحفظه الدفاعي المبالغ فيه أمام الفرق الجماهيرية، وهو ما يحدّ من فاعلية بعض النجوم في صفوف الفريق. لكن في المقابل، هناك من يرى أن هذه النظرة غير منصفة، بحكم أن القادسية نجح في الفوز على جميع فرق الدوري في الموسم الماضي على الأقل مرة واحدة، باستثناء الاتحاد الذي تغلب على القادسية في نهائي كأس الملك ومباراة بالدوري، فيما انتهت مباراة الإياب بالتعادل.
ورغم ذلك، لم تهدأ الحملة التي أطلقها عدد من أنصار النادي عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بإقالة غونزاليس، إلا أن الإدارة ما زالت ترى أن النتائج التي تحققت في الموسم الماضي من الصعب تجاهلها، حيث أنهى الفريق الدوري في المركز الرابع، وبلغ نهائي كأس الملك لأول مرة في تاريخه. الإدارة تميل إلى منح المدرب الفرصة الكافية، مع مراقبة أدائه في الجولات الأولى من الدوري السعودي للمحترفين، قبل اتخاذ قرار حاسم ورفعه إلى مجلس إدارة الشركة المالكة.
المصادر أوضحت أن الثقة في غونزاليس ليست مطلقة، وأن بداياته في الدوري ستحدد مصيره بشكل كبير، خصوصاً مع المواجهة الافتتاحية أمام النجمة الصاعد حديثاً لدوري المحترفين، يوم السبت المقبل على ملعب الأمير محمد بن فهد في الدمام. المدير الرياضي أنتون دافع أكثر من مرة عن غونزاليس أمام وسائل الإعلام المحلية والإسبانية، مؤكداً أنه يقود مشروعاً كبيراً في القادسية، وأن قرار تمديد عقده حتى 2027 لم يكن عشوائياً، بل جاء بعد دراسة وتقييم شاملين.

وبعد الخسارة من الأهلي في السوبر، برّر المدرب سقوط فريقه بعدم تقديم اللاعبين الجهد الكامل داخل الملعب، مشيراً إلى أن غياب الأرجنتيني إكي هيرنانديز لا يمكن أن يكون سبباً وحيداً في ضعف الاستحواذ والأداء. غونزاليس شدّد على أن هناك عملاً كبيراً بانتظار الفريق حتى يكون في وضع أفضل في الفترة المقبلة.
وبالعودة إلى أرقام المدرب منذ توليه المهمة، فقد قاد القادسية في 66 مباراة بمختلف المسابقات، فاز في 41 منها، وتعادل في 10، وخسر 15. هذه الحصيلة عززت فكرة أن المدرب يقدم نتائج إيجابية بشكل عام، وأن التراجع في بعض المباريات لا يعني نسف مشروعه الفني.
على صعيد التشكيلة، حافظ القادسية على غالبية لاعبيه المحليين والأجانب، مع بعض التغييرات المهمة. أبرزها الاستغناء المفاجئ عن المهاجم الغابوني أوبا ميانغ، الذي عُوّض بالتعاقد مع الهداف الإيطالي ريتغي. أما محلياً، فقد أبرم النادي أكبر صفقة شراء في الصيف، بالتعاقد مع مصعب الجوير من الهلال، مقابل أكثر من 50 مليون ريال، إلى جانب ضم أسماء خبرة مثل ياسر الشهراني وعبد الله آل سالم.
لكن الملف الأبرز الذي يشغل الإدارة حالياً هو مستقبل الموهبة الأرجنتينية إكي هيرنانديز، الذي يصرّ على الرحيل مع وجود عرض جاد من بايرن ليفركوزن الألماني، تصل قيمته إلى 30 مليون يورو. رحيل اللاعب يعني أن الإدارة ستبحث عن بديل بنفس الجودة، وقد طُرح اسم الفرنسي نغولو كانتي، إلا أن التعاقد معه مشروط ببيع عقد هيرنانديز، إضافة إلى أن قيمة الصفقة تعدّ باهظة. هذا يجعل مستقبل خط الوسط مرهوناً بمسار صفقة بيع إكي.اللافت أن إكي لم يشارك مع الفريق في المباراة الأخيرة بسبب الإيقاف بعد طرده في نهائي كأس الملك أمام الاتحاد، فيما تعرض الغاني بونسو باه للطرد أمام الأهلي في السوبر، وهو ما أثار تساؤلات حول الضغط النفسي على اللاعبين في المباريات الحاسمة، الذي يؤدي إلى ارتكاب أخطاء جسيمة في لحظات حساسة. القادسية استغنى أيضاً عن عدد من اللاعبين في الفترة الأخيرة، بينهم عبد الرحمن الدوسري، الذي انتقل إلى الخلود، والبرازيلي غوغا، الذي رحل أيضاً إلى الخلود، إضافة إلى عبد الله حسون، واللاعب جيري أفري، الذي انتقل معاراً لموسم واحد إلى نادي لا لوفير البلجيكي.
الصورة داخل القادسية واضحة؛ الثقة في ميشيل غونزاليس مستمرة حتى إشعار آخر، لكن سقف الصبر ليس مفتوحاً على مصراعيه. الأنظار تتجه إلى انطلاقة الدوري وما ستقدمه المجموعة تحت قيادته، فيما تراقب الإدارة عن كثب ملف هيرنانديز واحتمال تعويضه بنجم عالمي مثل كانتي، وهو ما يجعل المرحلة المقبلة حاسمة في تقرير شكل القادسية وطموحاته.


