أزمة «حصار السفارات» المصرية تتفاقم عقب توقيف شابين في بريطانيا

اتهامات للندن بـ«التواطؤ» مع «الإخوان»... والقاهرة تطالب بإيضاحات

مصر أكدت مراراً عدم إغلاق معبر رفح من جانبها أمام دخول المساعدات إلى غزة (محافظة شمال سيناء)
مصر أكدت مراراً عدم إغلاق معبر رفح من جانبها أمام دخول المساعدات إلى غزة (محافظة شمال سيناء)
TT

أزمة «حصار السفارات» المصرية تتفاقم عقب توقيف شابين في بريطانيا

مصر أكدت مراراً عدم إغلاق معبر رفح من جانبها أمام دخول المساعدات إلى غزة (محافظة شمال سيناء)
مصر أكدت مراراً عدم إغلاق معبر رفح من جانبها أمام دخول المساعدات إلى غزة (محافظة شمال سيناء)

تفاقمت أزمة «حصار السفارات» المصرية بالخارج، عقب توقيف شابين مصريين في لندن، الأحد، أعلنا «تصديهما» لاحتجاجات يقيمها معارضون أمام مقار السفارات للضغط على القاهرة بداعي «دفعها لإدخال المساعدات إلى غزة»، قبل أن يتم الإفراج عن أحدهما، وأنباء عن الإفراج عن الآخر خلال ساعات.

وقامت الشرطة البريطانية، مساء الاثنين، بتوقيف رئيس «اتحاد شباب المصريين بالخارج»، أحمد عبد القادر ميدو، ونائبه أحمد ناصر، بعد تصديهما لمظاهرات أمام مقر السفارة المصرية في لندن. وبعد ساعات، أعلن ناصر على صفحته بـ«فيسبوك»، إطلاق سراحه، موجهاً الشكر للدولة المصرية التي وصفها بـ«القوية».

ومنذ الإعلان عن التوقيف، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي «مناوشات» واتهامات للندن بـ«التواطؤ مع جماعة (الإخوان المسلمين)»، التي تصنفها القاهرة «محظورة»، والمتهمة بتدبير تلك المظاهرات.

وأجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً هاتفياً، الثلاثاء، مع مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، بحث خلاله أزمة توقيف عبد القادر. ووفق بيان الخارجية المصرية، أكد عبد العاطي للمسؤول البريطاني «اهتمام مصر البالغ بتطورات القبض على المواطن أحمد عبد القادر في لندن»، مطالباً بـ«سرعة التعرف على ملابسات القبض عليه، والأسباب التي أدت لذلك»، مؤكداً تطلع بلاده لـ«التعرف على نتائج التحقيقات وسرعة الإفراج عنه».

ووجه الوزير المصري سفارة بلاده في لندن بـ«التواصل مع الجهات البريطانية المختصة لسرعة استجلاء ملابسات القبض على المواطن المصري وأسبابه، وتقديم كافة الخدمات القنصلية له، والعمل على سرعة الإفراج عنه».

وفي غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام أن الشرطة الهولندية تبحث عن شاب مصري آخر يدعى يوسف حواس، وهو أحد قيادات «اتحاد شباب المصريين بالخارج»، على خلفية مشاركته في واقعة حماية السفارة المصرية في هولندا.

وقبل نحو شهر، بدأت حملة للتظاهر أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج والدعوة لإغلاقها، إثر قيام أحد الشباب المصريين بإغلاق مقر السفارة المصرية في هولندا على العاملين من الخارج بأقفال، بزعم أن القاهرة تعرقل دخول المساعدات إلى غزة، وهو ما نفته مصر مرات عدة، وسط اتهامات لجماعة «الإخوان» بالوقوف أمام الحملة التي تطورت إلى احتجاجات أمام السفارات المصرية في عدة دول.

وعبر تصريحات رسمية متكررة، أكدت مصر عدم إغلاق معبر رفح من الجانب المصري، وأن منع دخول المساعدات يعود للقوات الإسرائيلية المسيطِرة على الجانب الفلسطيني من المعبر.

ويرى عبد العاطي استهداف البعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج «اعتداءً على السيادة، وضرباً للذات الوطنية، وتشجيعاً على الانقسام الداخلي».

وفي مقال نُشر الاثنين بصحيفة «الأهرام» المصرية، تحت عنوان «مصر وغزة... حين يُستهدف من يقف مع الحق»، أوضح الوزير المصري أن «هذا الاستهداف لا يُعد تعبيراً عن احتجاج، بل هو انحراف عن مسار النضال الحقيقي، بما يخدم أجندات لا تمت للوطن بصلة».

وتساءل الوزير المصري: «هل من الطبيعي أن يهاجم مواطن مصري سفارة بلاده في الخارج؟ أليست هذه البعثات تمثل الدولة المصرية ويعمل بها مواطنون مصريون؟».

ولفت عبد العاطي إلى أن الاعتداء على السفارات يصب في مصلحة من يسعى إلى تقويض دور مصر الإقليمي والإنساني، كما يعد انتهاكاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي تلزم الدولة المضيفة بمسؤولية حماية البعثات الموجودة بها. وبالتالي، تمثل الاعتداءات إخلالاً بأمن السفارات المصرية.

ويرى مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن استمرار حملة الاحتجاجات أمام مقار السفارات المصرية يؤكد أن «الهدف مصر، وأن القضية ليست قضية غزة، حيث تستغل جماعة الإخوان المسلمين القضية كعادتها».

وقال عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط» إن «ترك الدول المضيفة للعناصر الإخوانية للتظاهر أمام السفارات المصرية يعد تقصيراً وتخلياً عن مسؤوليتها في حماية البعثات الدبلوماسية»، وتساءل: «لماذا لا تتظاهر هذه العناصر أمام سفارات إسرائيل أو أميركا؟».

وبحسب عبد الوهاب، فإن «القاهرة تحتاج إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً يؤكد فكرة (المعاملة بالمثل)، وتبني خطاب يحمّل الدول المضيفة مسؤولية تأمين السفارات»، مؤكداً أن «استمرار الاحتجاجات أمام السفارات المصرية قد يؤدي إلى استباحة لمقار البعثات الدبلوماسية أمام أي مظاهرات من أي نوع، وبغض النظر عن أسبابها».

وقبل نحو أسبوع، أعرب وزير الخارجية المصري عن «الاستياء البالغ من حادث الاعتداء على مبنى السفارة المصرية في هولندا»، وأكد في اتصال مع نظيره الهولندي، «استياء مصر البالغ من حادث الاعتداء على مبنى السفارة المصرية، ومسؤولية الجانب الهولندي عن عدم تكراره».

وفي رأي أستاذ القانون الدولي العام، الدكتور محمد محمود مهران، فإن «القانون الدولي يلزم الدول المضيفة بتأمين مقار البعثات الدبلوماسية، كما يعطي أي بلد الحق في الدفاع عن مقار بعثاتها الدبلوماسية ضد أي اعتداء».

وقال مهران لـ«الشرق الأوسط» إن «المادة الـ22 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 تنص على أن أماكن البعثة محرمة تماماً، ولا يجوز لأعوان الدولة المعتمد لديها دخولها إلا بموافقة رئيس البعثة»، مؤكداً أن «أي اعتداء على السفارات والبعثات الدبلوماسية يمكن أن يشكل تهديداً للأمن القومي ومساساً بالسيادة، مما يبرر ممارسة حق الدفاع الشرعي وفقاً للمادة الـ51، من ميثاق الأمم المتحدة».

وفي وقت سابق، انتشر في مصر مقطع فيديو مسرب، يظهر فيه وزير الخارجية المصري منفعلاً، ويعطي تعليميات للسفراء بأن «من يحاول وضع قفل على باب السفارة أو وضع دهان (طلاء) عليه، يتم الإمساك به وتكتيفه ووضعه داخل السفارة واستدعاء الشرطة».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن ما يحدث من مظاهرات أمام السفارات المصرية أمر ليس جيداً، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «على مصر أن تتبع الوسائل الدبلوماسية المعتادة، وتتواصل مع الدول التي تسمح بالاعتداء أو التظاهر أمام السفارات وتحميلها مسؤولية توفير الحماية».


مقالات ذات صلة

اعتذار علاء عبد الفتاح عن «تدويناته المُحرضة» لم يخفف الهجوم عليه

شمال افريقيا علاء مع عائلته في لندن بعد وصوله (حساب شقيقته على فيسبوك)

اعتذار علاء عبد الفتاح عن «تدويناته المُحرضة» لم يخفف الهجوم عليه

لم يخفف اعتذار قدمه الناشط المصري - البريطاني علاء عبد الفتاح عبر حساباته بمواقع التواصل بشأن «تدوينات تُحرض على العنف» كتبها سابقاً عبر حساباته، من الانتقادات.

أحمد عدلي (القاهرة)
المشرق العربي  الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً السفير المصري علاء موسى في وقت سابق (الرئاسة اللبنانية)

السفير المصري في بيروت: لا إنذارات أو تحذيرات خفية موجهة إلى لبنان

أكد السفير المصري لدى لبنان علاء موسى أن تنفيذ الاتفاقات والقرارات الدولية يشكّل المدخل الأساسي لتجنيب لبنان مزيداً من التوترات

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)

«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

يناقش المسلسل المصري «لا تُرد ولا تُستبدل» مشاكل اجتماعية عدة مرتبطة بمرض الفشل الكلوي وصعوبة العثور على متبرعين.

أحمد عدلي (القاهرة )
المشرق العربي وزيرا الطاقة المصري واللبناني أثناء توقيعهما مذكرة التفاهم (رئاسة الحكومة اللبنانية)

مذكرة تفاهم بين القاهرة وبيروت لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي

وقّع لبنان مذكرة تفاهم مع مصر لتلبية احتياجاته من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق شارع «الترعة البولاقية» بحي شبرا في القاهرة يجذب راغبي شراء زينة الكريسماس ورأس السنة (الشرق الأوسط)

احتفالات مصرية بـ«رأس السنة» تتجاوز الجدل العقائدي

في حين يشهد الفضاء الإلكتروني المصري بكثرة ترديد السؤال السنوي: «هل الاحتفال برأس السنة حرام أم حلال؟»، حسم الشارع موقفه.

محمد عجم (القاهرة )

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.