أزمة «حصار السفارات» المصرية تتفاقم عقب توقيف شابين في بريطانيا

اتهامات للندن بـ«التواطؤ» مع «الإخوان»... والقاهرة تطالب بإيضاحات

مصر أكدت مراراً عدم إغلاق معبر رفح من جانبها أمام دخول المساعدات إلى غزة (محافظة شمال سيناء)
مصر أكدت مراراً عدم إغلاق معبر رفح من جانبها أمام دخول المساعدات إلى غزة (محافظة شمال سيناء)
TT

أزمة «حصار السفارات» المصرية تتفاقم عقب توقيف شابين في بريطانيا

مصر أكدت مراراً عدم إغلاق معبر رفح من جانبها أمام دخول المساعدات إلى غزة (محافظة شمال سيناء)
مصر أكدت مراراً عدم إغلاق معبر رفح من جانبها أمام دخول المساعدات إلى غزة (محافظة شمال سيناء)

تفاقمت أزمة «حصار السفارات» المصرية بالخارج، عقب توقيف شابين مصريين في لندن، الأحد، أعلنا «تصديهما» لاحتجاجات يقيمها معارضون أمام مقار السفارات للضغط على القاهرة بداعي «دفعها لإدخال المساعدات إلى غزة»، قبل أن يتم الإفراج عن أحدهما، وأنباء عن الإفراج عن الآخر خلال ساعات.

وقامت الشرطة البريطانية، مساء الاثنين، بتوقيف رئيس «اتحاد شباب المصريين بالخارج»، أحمد عبد القادر ميدو، ونائبه أحمد ناصر، بعد تصديهما لمظاهرات أمام مقر السفارة المصرية في لندن. وبعد ساعات، أعلن ناصر على صفحته بـ«فيسبوك»، إطلاق سراحه، موجهاً الشكر للدولة المصرية التي وصفها بـ«القوية».

ومنذ الإعلان عن التوقيف، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي «مناوشات» واتهامات للندن بـ«التواطؤ مع جماعة (الإخوان المسلمين)»، التي تصنفها القاهرة «محظورة»، والمتهمة بتدبير تلك المظاهرات.

وأجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً هاتفياً، الثلاثاء، مع مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، بحث خلاله أزمة توقيف عبد القادر. ووفق بيان الخارجية المصرية، أكد عبد العاطي للمسؤول البريطاني «اهتمام مصر البالغ بتطورات القبض على المواطن أحمد عبد القادر في لندن»، مطالباً بـ«سرعة التعرف على ملابسات القبض عليه، والأسباب التي أدت لذلك»، مؤكداً تطلع بلاده لـ«التعرف على نتائج التحقيقات وسرعة الإفراج عنه».

ووجه الوزير المصري سفارة بلاده في لندن بـ«التواصل مع الجهات البريطانية المختصة لسرعة استجلاء ملابسات القبض على المواطن المصري وأسبابه، وتقديم كافة الخدمات القنصلية له، والعمل على سرعة الإفراج عنه».

وفي غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام أن الشرطة الهولندية تبحث عن شاب مصري آخر يدعى يوسف حواس، وهو أحد قيادات «اتحاد شباب المصريين بالخارج»، على خلفية مشاركته في واقعة حماية السفارة المصرية في هولندا.

وقبل نحو شهر، بدأت حملة للتظاهر أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج والدعوة لإغلاقها، إثر قيام أحد الشباب المصريين بإغلاق مقر السفارة المصرية في هولندا على العاملين من الخارج بأقفال، بزعم أن القاهرة تعرقل دخول المساعدات إلى غزة، وهو ما نفته مصر مرات عدة، وسط اتهامات لجماعة «الإخوان» بالوقوف أمام الحملة التي تطورت إلى احتجاجات أمام السفارات المصرية في عدة دول.

وعبر تصريحات رسمية متكررة، أكدت مصر عدم إغلاق معبر رفح من الجانب المصري، وأن منع دخول المساعدات يعود للقوات الإسرائيلية المسيطِرة على الجانب الفلسطيني من المعبر.

ويرى عبد العاطي استهداف البعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج «اعتداءً على السيادة، وضرباً للذات الوطنية، وتشجيعاً على الانقسام الداخلي».

وفي مقال نُشر الاثنين بصحيفة «الأهرام» المصرية، تحت عنوان «مصر وغزة... حين يُستهدف من يقف مع الحق»، أوضح الوزير المصري أن «هذا الاستهداف لا يُعد تعبيراً عن احتجاج، بل هو انحراف عن مسار النضال الحقيقي، بما يخدم أجندات لا تمت للوطن بصلة».

وتساءل الوزير المصري: «هل من الطبيعي أن يهاجم مواطن مصري سفارة بلاده في الخارج؟ أليست هذه البعثات تمثل الدولة المصرية ويعمل بها مواطنون مصريون؟».

ولفت عبد العاطي إلى أن الاعتداء على السفارات يصب في مصلحة من يسعى إلى تقويض دور مصر الإقليمي والإنساني، كما يعد انتهاكاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي تلزم الدولة المضيفة بمسؤولية حماية البعثات الموجودة بها. وبالتالي، تمثل الاعتداءات إخلالاً بأمن السفارات المصرية.

ويرى مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن استمرار حملة الاحتجاجات أمام مقار السفارات المصرية يؤكد أن «الهدف مصر، وأن القضية ليست قضية غزة، حيث تستغل جماعة الإخوان المسلمين القضية كعادتها».

وقال عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط» إن «ترك الدول المضيفة للعناصر الإخوانية للتظاهر أمام السفارات المصرية يعد تقصيراً وتخلياً عن مسؤوليتها في حماية البعثات الدبلوماسية»، وتساءل: «لماذا لا تتظاهر هذه العناصر أمام سفارات إسرائيل أو أميركا؟».

وبحسب عبد الوهاب، فإن «القاهرة تحتاج إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً يؤكد فكرة (المعاملة بالمثل)، وتبني خطاب يحمّل الدول المضيفة مسؤولية تأمين السفارات»، مؤكداً أن «استمرار الاحتجاجات أمام السفارات المصرية قد يؤدي إلى استباحة لمقار البعثات الدبلوماسية أمام أي مظاهرات من أي نوع، وبغض النظر عن أسبابها».

وقبل نحو أسبوع، أعرب وزير الخارجية المصري عن «الاستياء البالغ من حادث الاعتداء على مبنى السفارة المصرية في هولندا»، وأكد في اتصال مع نظيره الهولندي، «استياء مصر البالغ من حادث الاعتداء على مبنى السفارة المصرية، ومسؤولية الجانب الهولندي عن عدم تكراره».

وفي رأي أستاذ القانون الدولي العام، الدكتور محمد محمود مهران، فإن «القانون الدولي يلزم الدول المضيفة بتأمين مقار البعثات الدبلوماسية، كما يعطي أي بلد الحق في الدفاع عن مقار بعثاتها الدبلوماسية ضد أي اعتداء».

وقال مهران لـ«الشرق الأوسط» إن «المادة الـ22 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 تنص على أن أماكن البعثة محرمة تماماً، ولا يجوز لأعوان الدولة المعتمد لديها دخولها إلا بموافقة رئيس البعثة»، مؤكداً أن «أي اعتداء على السفارات والبعثات الدبلوماسية يمكن أن يشكل تهديداً للأمن القومي ومساساً بالسيادة، مما يبرر ممارسة حق الدفاع الشرعي وفقاً للمادة الـ51، من ميثاق الأمم المتحدة».

وفي وقت سابق، انتشر في مصر مقطع فيديو مسرب، يظهر فيه وزير الخارجية المصري منفعلاً، ويعطي تعليميات للسفراء بأن «من يحاول وضع قفل على باب السفارة أو وضع دهان (طلاء) عليه، يتم الإمساك به وتكتيفه ووضعه داخل السفارة واستدعاء الشرطة».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن ما يحدث من مظاهرات أمام السفارات المصرية أمر ليس جيداً، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «على مصر أن تتبع الوسائل الدبلوماسية المعتادة، وتتواصل مع الدول التي تسمح بالاعتداء أو التظاهر أمام السفارات وتحميلها مسؤولية توفير الحماية».


مقالات ذات صلة

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العالم العربي العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية.

يوميات الشرق جانب من التزاحم والفوضى في الزفاف (فيسبوك)

زفاف «كروان مشاكل» يُسلط الضوء على عالم مشاهير موازٍ في مصر

أزاح حفل زفاف «التيك توكر كروان مشاكل»، الذي أُقيم بمنطقة شبرا الخيمة (شمال القاهرة) الستار عن عالم موازٍ للمشاهير في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا ضبط منظومة الامتحانات أولوية حكومية في مصر مع تعدد أساليب الغش المبتكرة (وزارة التربية والتعليم)

«التعليم المصرية» تستنفر مبكراً للحد من أساليب غش مبتكرة بـ«الثانوية العامة»

قبل ما يقرب من 6 أشهر على انطلاق امتحانات «الثانوية العامة» في مصر (شهادة البكالوريا) تعددت اللقاءات على مستويات تنفيذية عليا استعداداً لها

أحمد جمال (القاهرة)
شمال افريقيا علاء مع عائلته في لندن بعد وصوله (حساب شقيقته على فيسبوك)

اعتذار علاء عبد الفتاح عن «تدويناته المُحرضة» لم يخفف الهجوم عليه

لم يخفف اعتذار قدمه الناشط المصري - البريطاني علاء عبد الفتاح عبر حساباته بمواقع التواصل بشأن «تدوينات تُحرض على العنف» كتبها سابقاً عبر حساباته، من الانتقادات.

أحمد عدلي (القاهرة)
المشرق العربي  الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً السفير المصري علاء موسى في وقت سابق (الرئاسة اللبنانية)

السفير المصري في بيروت: لا إنذارات أو تحذيرات خفية موجهة إلى لبنان

أكد السفير المصري لدى لبنان علاء موسى أن تنفيذ الاتفاقات والقرارات الدولية يشكّل المدخل الأساسي لتجنيب لبنان مزيداً من التوترات

«الشرق الأوسط» (بيروت)

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.