ترمب يُقيل محافِظة «الفيدرالي» ليزا كوك… والأخيرة ترد: لا سلطة لديك لفعل ذلك

صورة مركبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب ومحافِظة «الاحتياطي الفيدرالي» ليزا كوك (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب ومحافِظة «الاحتياطي الفيدرالي» ليزا كوك (أ.ف.ب)
TT

ترمب يُقيل محافِظة «الفيدرالي» ليزا كوك… والأخيرة ترد: لا سلطة لديك لفعل ذلك

صورة مركبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب ومحافِظة «الاحتياطي الفيدرالي» ليزا كوك (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيس الأميركي دونالد ترمب ومحافِظة «الاحتياطي الفيدرالي» ليزا كوك (أ.ف.ب)

أقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الاثنين، محافِظة مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، ليزا كوك، في خطوة غير مسبوقة تُمثل تصعيداً حاداً في معركته لتوسيع سيطرته على ما يُعتبر منذ فترة طويلة مؤسسة مستقلة عن السياسة اليومية.

وأعلن ترمب في رسالة نشرها على منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال» أنه أقال كوك بسبب مزاعم ارتكابها احتيالاً عقارياً. وكانت هذه الاتهامات قد قدمها الأسبوع الماضي بيل بولتي، الذي عيّنه ترمب في الوكالة التي تنظم عملاقي الرهن العقاري «فاني ماي» و«فريدي ماك».

لكن كوك ردت على إعلان ترمب إقالتها بتصريحٍ حادّ قالت فيه: «زعم الرئيس ترمب إقالتي (لسببٍ وجيه) في حين أنه لا يوجد سببٌ قانونيٌّ لذلك، وليس لديه سلطةٌ للقيام بذلك. لن أستقيل، وسأواصل عملي لدعم الاقتصاد الأميركي، كما أفعل منذ عام 2022».

ادعى بولتي أن كوك قامت عام 2021 بالإشارة إلى مسكنين أساسيين لها - في آن أربور بولاية ميشيغان وأتلانتا - للحصول على شروط أفضل للقروض العقارية. ومن المعروف أن أسعار الفائدة على المنازل الثانية أو تلك التي تُشترى بغرض التأجير غالباً ما تكون أعلى.

محافِظة «الاحتياطي الفيدرالي» ليزا كوك خلال مشاركتها في ندوة جاكسون هول الأسبوع الماضي (رويترز)

من المتوقع أن تُطلق هذه الإقالة معركة قانونية واسعة قد تصل إلى المحكمة العليا، وقد تُحدث اضطراباً في الأسواق المالية، مما قد يدفع أسعار الفائدة للارتفاع. وتُعتبر استقلالية البنك المركزي أمراً حاسماً في قدرته على محاربة التضخم، لأنه يمكّنه من اتخاذ خطوات غير شعبية مثل رفع أسعار الفائدة. وإذا بدأ المستثمرون في السندات يفقدون ثقتهم في قدرة «الاحتياطي الفيدرالي» على السيطرة على التضخم، فسوف يطالبون بأسعار فائدة أعلى لشراء السندات، مما يرفع تكاليف الاقتراض على القروض العقارية وقروض السيارات وقروض الأعمال.

أشار خبراء قانونيون إلى أن المزاعم ربما تكون مجرد ذريعة للرئيس لفتح مقعد آخر في المجلس المكون من سبعة أعضاء ليتمكن من تعيين شخص موالٍ له يدفع نحو هدفه المعلن منذ فترة طويلة بخفض أسعار الفائدة.

صراع السيطرة وتداعيات القرار

يصوت محافظو «الاحتياطي الفيدرالي» على قرارات أسعار الفائدة للبنك المركزي وقضايا التنظيم المالي. وعلى الرغم من أنهم يُعيَّنون من قِبل الرئيس ويُصدِّق عليهم مجلس الشيوخ، فإنهم لا يعملون مثل وزراء الحكومة الذين يخدمون حسب رغبة الرئيس. بل يخدمون فترات مدتها 14 عاماً بشكل متدرج في محاولة لحماية البنك المركزي من النفوذ السياسي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال زيارة الأول لمبنى «الفيدرالي» (رويترز)

لم يسعَ أي رئيس من قبل إلى إقالة محافظ للبنك المركزي. في العقود الأخيرة، احترم الرؤساء من كلا الحزبين استقلالية البنك الفيدرالي إلى حدٍ بعيد، رغم أن ريتشارد نيكسون وليندون جونسون مارسا ضغوطاً كبيرة على البنك المركزي خلال فترتي حكمهما - غالباً خلف الأبواب المغلقة. ومع ذلك، فإن تلك الضغوط الخفية لإبقاء أسعار الفائدة منخفضة، وهو نفس الهدف الذي يسعى إليه ترمب، قد أُلقي باللوم عليها على نطاق واسع في إشعال التضخم الجامح في أواخر الستينيات والسبعينيات.

جاء هذا الإعلان بعد أيام من إعلان كوك أنها لن تترك منصبها على الرغم من أن ترمب كان قد طالبها في وقت سابق بالاستقالة. وكان أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون قد أعربوا عن دعمهم لكوك.

كتب ترمب في رسالة موجهة إلى كوك، نشر نسخة منها عبر الإنترنت: «يتحمل (الاحتياطي الفيدرالي) مسؤولية هائلة في تحديد أسعار الفائدة وتنظيم البنوك الأعضاء. يجب أن يكون لدى الشعب الأميركي ثقة كاملة في نزاهة الأعضاء الموكل إليهم وضع السياسة والإشراف على (الاحتياطي الفيدرالي)». وأضاف: «في ضوء سلوكك المخادع والذي قد يكون إجرامياً في مسألة مالية، لا يمكنهم أن يثقوا في نزاهتك، ولا أنا».

جادل ترمب بأن إقالة كوك دستورية، حتى لو كانت هذه الخطوة ستثير تساؤلات حول سيطرة ترمب على البنك المركزي ككيان مستقل.

وكتب الرئيس في رسالته إلى كوك: «السلطة التنفيذية للولايات المتحدة موكولة لي كرئيس، وبصفتي رئيساً، لدي واجب مقدس وهو أن تُنفَّذ قوانين الولايات المتحدة بأمانة». وأضاف: «لقد قررت أن تطبيق القانون بأمانة يتطلب إزالتك الفورية من منصبك».

من المرجح أن تُطلق هذه الإقالة معركة قانونية، وقد يُسمح لكوك بالبقاء في منصبها بينما تتقدم القضية. وسيتعين على كوك خوض المعركة القانونية بنفسها، بصفتها الطرف المتضرر، وليس البنك المركزي.

يُعد هذا أحدث جهد من الإدارة للسيطرة على واحدة من الوكالات المستقلة القليلة المتبقية في واشنطن. وقد هاجم ترمب مراراً رئيس البنك المركزي جيروم باول لعدم خفضه سعر الفائدة قصير الأجل، بل وهدد بإقالته.

ستمنح إزاحة كوك من مجلس إدارة البنك المركزي ترمب فرصة لتعيين شخص موالٍ له. وقد صرح ترمب بأنه سيعين فقط مسؤولين يدعمون خفض أسعار الفائدة.

أشار باول الأسبوع الماضي إلى أن البنك المركزي قد يخفض أسعار الفائدة قريباً حتى مع بقاء مخاطر التضخم معتدلة. وفي الوقت نفسه، سيتمكن ترمب من استبدال باول في مايو (أيار) 2026، عندما تنتهي فترة ولاية باول. ومع ذلك، فإن 12 عضواً في لجنة تحديد أسعار الفائدة بالبنك المركزي لديهم حق التصويت على رفع أو خفض أسعار الفائدة، لذا فإن استبدال الرئيس قد لا يضمن بالضرورة أن تتغير سياسة البنك المركزي بالطريقة التي يريدها ترمب.


مقالات ذات صلة

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

الاقتصاد أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)

خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

بينما كانت منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بتهديدات البيت الأبيض ضد استقلال البنك المركزي، كانت تجري خلف الأبواب المغلقة في فيلادلفيا معركة مختلفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

سادت حالة من الهدوء النسبي على «وول ستريت»، في مستهل تعاملات يوم الأربعاء، حيث استقرت المؤشرات الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية في جلسة تداول قصيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد اصطف مئات الأشخاص خارج مركز الوظائف في كنتاكي بحثاً عن المساعدة في مطالباتهم المتعلقة بالبطالة (أرشيفية - رويترز)

انخفاض مفاجئ في طلبات البطالة الأسبوعية الأميركية

انخفض عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي في حين من المتوقع أن يظل المعدل مرتفعاً خلال ديسمبر

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد متداول يعمل في «بورصة نيويورك» (رويترز)

عشية موسم أعياد الميلاد... العقود الآجلة الأميركية تكتسي بـ«الأحمر الطفيف»

انخفضت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية بشكل طفيف خلال تداولات عشية موسم أعياد الميلاد، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الفضة تكسر حاجز الـ 75 دولاراً والذهب يواصل اختراق القمم

سبائك من الذهب والفضة مكدّسة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)
سبائك من الذهب والفضة مكدّسة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)
TT

الفضة تكسر حاجز الـ 75 دولاراً والذهب يواصل اختراق القمم

سبائك من الذهب والفضة مكدّسة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)
سبائك من الذهب والفضة مكدّسة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)

سجّلت أسعار الذهب والفضة والبلاتين مستويات قياسية جديدة يوم الجمعة، مدفوعة بزخم المضاربات وتراجع السيولة في نهاية العام، إلى جانب توقعات الأسواق بمزيد من خفض أسعار الفائدة الأميركية وتصاعد التوترات الجيوسياسية.

وارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.6 في المائة إلى 4504.79 دولار للأونصة بحلول الساعة 04:23 بتوقيت غرينتش، بعدما لامس في وقت سابق مستوى قياسياً بلغ 4530.60 دولار. كما صعدت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم فبراير (شباط) بنسبة 0.7 في المائة إلى 4535.20 دولار للأونصة، وفق «رويترز».

في المقابل، قفز سعر الفضة الفوري بنسبة 3.6 في المائة إلى 74.56 دولار للأونصة، بعد أن سجّل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 75.14 دولار، متجاوزاً حاجز 75 دولاراً لأول مرة.

وقال كيلفن وونغ، كبير محللي الأسواق في شركة «أواندا»، إن زخم السوق والمضاربين يقودان ارتفاع أسعار الذهب والفضة منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول)، مشيراً إلى أن ضعف السيولة في نهاية العام، وتوقعات استمرار خفض أسعار الفائدة الأميركية، إلى جانب تراجع الدولار وتصاعد المخاطر الجيوسياسية، أسهمت مجتمعة في دفع المعادن النفيسة إلى مستويات قياسية جديدة. وأضاف أنه بالنظر إلى النصف الأول من عام 2026، قد يتجه سعر الذهب نحو مستوى 5000 دولار للأونصة، فيما قد يصل سعر الفضة إلى نحو 90 دولاراً.

وسجّل الذهب أداءً استثنائياً هذا العام، محققاً أكبر مكاسبه السنوية منذ عام 1979، بدعم من تخفيف السياسة النقدية من قبل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، واستمرار الضبابية الجيوسياسية، والطلب القوي من البنوك المركزية، وارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة، فضلاً عن تراجع الاعتماد على الدولار. أما الفضة، فقد قفزت بنسبة 158 في المائة منذ بداية العام، متجاوزة مكاسب الذهب البالغة نحو 72 في المائة، مدفوعة بالعجز الهيكلي في المعروض، وتصنيفها ضمن المعادن الحيوية في الولايات المتحدة، إلى جانب الطلب الصناعي القوي.

ومع توقّع المتداولين خفضين إضافيين لأسعار الفائدة الأميركية خلال العام المقبل، يُرجّح أن تحافظ الأصول غير المدرة للعائد، مثل الذهب، على دعمها القوي في بيئة أسعار فائدة منخفضة.

وعلى الصعيد الجيوسياسي، تركز الولايات المتحدة على فرض ما يُعرف بـ«حجر صحي» على النفط الفنزويلي خلال الشهرين المقبلين، في حين وجّهت الحكومة البريطانية يوم الخميس ضربة إلى مسلحي «داعش» في شمال غرب نيجيريا، رداً على هجماتهم ضد المجتمعات المسيحية المحلية.

وفي أسواق المعادن الأخرى، ارتفع سعر البلاتين في المعاملات الفورية بنسبة 7.8 في المائة إلى 2393.40 دولار للأونصة، بعدما لامس في وقت سابق مستوى قياسياً عند 2429.98 دولار. كما صعد سعر البلاديوم بنسبة 5.2 في المائة إلى 1771.14 دولار للأونصة، عقب تسجيله أعلى مستوى في ثلاث سنوات خلال الجلسة السابقة.

وتتجه جميع المعادن النفيسة نحو تسجيل مكاسب أسبوعية، في وقت شهد فيه البلاتين والبلاديوم، المستخدمان على نطاق واسع في المحولات الحفازة للسيارات (تعمل هذه المحولات على تحويل الغازات السامة إلى غازات أقل ضرراً بالاعتماد على تفاعلات كيميائية محفَّزة)، ارتفاعات قوية مدفوعة بشح المعروض، وعدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية، وتحول جزء من الطلب الاستثماري من الذهب إلى هذه المعادن. وارتفع سعر البلاتين بنحو 165 في المائة منذ بداية العام، فيما زاد سعر البلاديوم بأكثر من 90 في المائة.

وقال جيغار تريفيدي، كبير محللي الأبحاث في شركة «ريلاينس» للأوراق المالية في مومباي، إن أسعار البلاتين تتلقى دعماً من الطلب الصناعي القوي، إلى جانب قيام المضاربين في الولايات المتحدة بتغطية مراكزهم وسط مخاوف تتعلق بالعقوبات، ما ساهم في استمرار الزخم الصعودي للأسعار.


تقدم قوي في أداء التجارة الخارجية بارتفاع الصادرات السعودية غير النفطية

ميناء الملك عبد الله في السعودية (الشرق الأوسط)
ميناء الملك عبد الله في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

تقدم قوي في أداء التجارة الخارجية بارتفاع الصادرات السعودية غير النفطية

ميناء الملك عبد الله في السعودية (الشرق الأوسط)
ميناء الملك عبد الله في السعودية (الشرق الأوسط)

أظهرت بيانات حديثة تقدماً قوياً في أداء التجارة الخارجية للسعودية، بما يعكس نجاح سياسات تنويع الاقتصاد وتعزيز الصادرات غير النفطية التي شهدت ارتفاعاً (شاملة إعادة التصدير) خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بنسبة 32.3 في المائة، على أساس سنوي.

وتكشف البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، الخميس، عن زيادة الصادرات الوطنية غير النفطية بنسبة 2.4 في المائة، والصادرات السلعية الإجمالية بنسبة 11.8 في المائة، ما أسهم في زيادة الفائض في الميزان التجاري 47.4 في المائة على أساس سنوي.

وارتفعت قيمة السلع المعاد تصديرها إلى ما نسبته 130.7 في المائة في أكتوبر، وذلك نتيجة لزيادة «معدات النقل وأجزائها» 387.5 في المائة (تُمثل 37.4 في المائة من إجمالي إعادة التصدير).

الميزان التجاري

البيانات أفصحت عن زيادة الصادرات السلعية في أكتوبر بنسبة 11.8 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. كما ارتفعت الصادرات النفطية 4 في المائة التي انخفضت من مجموع الصادرات الكلي 72.5 في المائة خلال هذا الشهر من 2024، إلى 67.4 في المائة في أكتوبر الماضي.

وعلى صعيد الواردات، فقد ارتفعت في أكتوبر 2025 بنسبة 4.3 في المائة، وعند النظر للميزان التجاري السلعي، فقد زاد الفائض 47.4 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

ويرى مختصون لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الأداء المتسارع في حجم الصادرات والواردات، يعكس نجاح تنويع القاعدة التصديرية للمملكة، وتعزيز متانة الاقتصاد الوطني، وترسيخ موقع السعودية لاعباً مؤثراً في التجارة العالمية.

تنويع الاقتصاد

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة إنه يلاحظ في بيانات الهيئة العامة للإحصاء قفزة كبيرة في الصادرات غير النفطية بنحو 32.3 في المائة خلال أكتوبر، بدعم قوي من إعادة التصدير التي تقود هذا النمو.

وتابع أن ارتفاع الصادرات غير النفطية في أكتوبر يعكس قوة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، وخطوات المملكة الثابتة نحو مستقبل مزدهر يقوده العمل والتخطيط المحكم.

ووفق الدكتور سالم باعجاجة، فهذه القفزة في الصادرات غير النفطية يُعد تحولاً هيكلياً في الاقتصاد، ويؤكد نجاح سياسة المملكة في تنويع الاقتصاد، وعدم الاعتماد على الأنشطة النفطية.

الخدمات اللوجيستية

بدوره، أكّد المختص في الشأن الاقتصادي، أحمد الجبير، لـ«الشرق الأوسط»، أهمية التسهيلات المقدمة إلى القطاع الخاص المحلي لزيادة انتشار المنتجات الوطنية في الأسواق الخارجية، بما يُحقق المصالح المشتركة في ارتفاع نمو أرباح الشركات والمؤسسات، بما يتوافق أيضاً مع سياسة المملكة في تنويع مصادر الدخل ونمو إسهام القطاع غير النفطي في الاقتصاد الوطني.

وتطرّق الجبير إلى التحول الشامل في الخدمات اللوجيستية بالسعودية وتطورات مناطق الشحن، سواءً الجوية، والبحرية، وكذلك البرية؛ حيث استطاعت هذه الممكنات ضخ مزيد من المنتجات المصدرة إلى الأسواق العالمية.

المعدات الكهربائية

وفي تفاصيل بيانات الهيئة العامة للإحصاء، فقد تصدّرت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها قائمة الصادرات غير النفطية، مستحوذة على 23.6 في المائة من إجمالي الصادرات غير النفطية، تلتها منتجات الصناعات الكيميائية بنسبة 19.4 في المائة.

وعلى صعيد الواردات، جاءت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها في المرتبة الأولى بنسبة 30.2 في المائة من إجمالي الواردات، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 26.3 في المائة مقارنةً بأكتوبر 2024، تلتها معدات النقل وأجزاؤها التي شكّلت 12.1 في المائة من إجمالي الواردات، مع انخفاضها بنسبة 22.9 في المائة على أساس سنوي.

وحافظت الصين على موقعها بصفتها الشريك التجاري الأول للمملكة في الصادرات والواردات، إذ شكّلت 14.1 في المائة من إجمالي الصادرات، و24.8 في المائة من إجمالي الواردات، فيما استحوذ أهم 10 شركاء تجاريين للمملكة على 70.4 في المائة من إجمالي الصادرات، و67.7 في المائة من إجمالي الواردات.

وعلى مستوى المنافذ الجمركية، جاء ميناء الملك عبد العزيز بالدمام في الصدارة، مستحوذاً على 25.7 في المائة من إجمالي الواردات.


مصرف سوريا المركزي يحدد بداية يناير المقبل لإطلاق العملة الجديدة

مقر مصرف سوريا المركزي في دمشق (إكس)
مقر مصرف سوريا المركزي في دمشق (إكس)
TT

مصرف سوريا المركزي يحدد بداية يناير المقبل لإطلاق العملة الجديدة

مقر مصرف سوريا المركزي في دمشق (إكس)
مقر مصرف سوريا المركزي في دمشق (إكس)

حدد حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، الأول من يناير (كانون الثاني) 2026 موعداً لإطلاق العملة السورية الجديدة وبدء عملية استبدال العملة القديمة، مؤكداً أن العملية ستكون «سلسة ومنظمة»، وأن آليتها ستُشرح «بكل وضوح وشفافية».

وقال الحصرية، في بيان صدر اليوم، إن صدور المرسوم رقم 293 لعام 2025 الخاص بـ«ولادة العملة السورية الجديدة»، يمثل «محطة وطنية مفصلية» تعكس بداية مرحلة اقتصادية ونقدية جديدة.

وأضاف أن المرسوم منح المصرف الصلاحيات اللازمة لتحديد مهل التبديل ومراكزه «بما يضمن حسن التنفيذ وسلاسة الإجراءات»، مشيراً إلى أن التعليمات التنفيذية الناظمة ستصدر بقرار من حاكم المصرف، مع التركيز على خدمة المواطنين وتسهيل الإجراءات عليهم في مختلف المناطق.

وأكد الحصرية، حسب ما نقلته وكالة أنباء سوريا (سانا)، أن تفاصيل عملية التبديل ستُعلن بشكل واضح وشفاف خلال مؤتمر صحافي مخصص، بما يعزز الثقة ويكرّس الشراكة مع المواطنين، لافتاً إلى استمرار مصرف سوريا المركزي في العمل خلال أيام 25 و26 و27 ديسمبر (كانون الأول) لمتابعة التحضيرات اللازمة لإطلاق العملية.

عبد القادر الحصرية حاكم مصرف سوريا المركزي (سانا)

ووصف حاكم مصرف سوريا المركزي العملة السورية الجديدة بأنها «رمز للسيادة المالية بعد التحرير»، وعنوان لمرحلة جديدة تُبنى بتعاون الجميع وبإدارة المصرف المركزي، لتكون إنجازاً وطنياً يضاف إلى ما تحقق بعد التحرير، وخطوة «راسخة» نحو الاستقرار والنهوض الاقتصادي.

وأضاف أن الخطوة تمثل «لحظة مفصلية» في التاريخ المالي والاقتصادي للبلاد، للتعبير عن الوحدة والحضارة والتمسك بالسيادة المالية التي تجسدها العملة الجديدة.

وكان مصرف سوريا المركزي قد أوضح في 18 من شهر ديسمبر الحالي أنه سيعلن تفاصيل العملة الجديدة «في الوقت المناسب»، وحال اكتمال التجهيزات والترتيبات المطلوبة، مؤكداً أن جميع التعاملات المصرفية تسير مثل المعتاد دون أي تأثير على الخدمات المقدمة للمواطنين والمستثمرين.

وفي وقت سابق ذكر حاكم المصرف المركزي أن قرار تغير العملة درس بعناية ويجري العمل على توفير المتطلبات الفنية واللوجيستية، وضبط القاعدة النقدية لتجنب الآثار التضخمية.

وأوضح أن «لتبديل العملة رسائل مهمة، فعلى المستوى السياسي يعد تعبيراً عن استعادة السيادة، وعلى المستوى النقدي يسهم في تنظيم أفضل للوحدة النقدية، أما اقتصادياً فيشكل إشارة استقرار وجذب للاستثمار، فيما تنعكس آثاره اجتماعياً من خلال تخفيف عبء الأصفار عن الأسعار وتسهيل التعاملات».