ورش الموسيقى والفنون التشكيلية تجتذب فئات عدة بمصر

تنظمها هيئات ثقافية في القاهرة

ورش مجسمات للأطفال (إدارة بيت السناري)
ورش مجسمات للأطفال (إدارة بيت السناري)
TT

ورش الموسيقى والفنون التشكيلية تجتذب فئات عدة بمصر

ورش مجسمات للأطفال (إدارة بيت السناري)
ورش مجسمات للأطفال (إدارة بيت السناري)

بات موسم الصيف جاذباً للكثير من الفئات والأعمار المصرية في تعلم الفنون التشكيلية والموسيقى والحرف التراثية، التي تنظمها هيئات ثقافية بالقاهرة. فداخل متحف «محمد محمود خليل» التابع لقطاع الفنون التشكيلية بالقاهرة كانت هناك مجموعة سيدات يتوجهن لواحدة من الورش التي ينظمها المتحف لمختلف الأعمار، وكانت كل واحدة منهن تحمل قطعاً فنية مطرزة نتاج المشاركة في الورشة المتخصصة في التطريز السيوي.

وفي وصفها لهذه الورشة، قالت نهال إسماعيل سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «تمثل لي جسراً بين الماضي والحاضر؛ إنه فن قادم من قلب تراثنا الذي أصبح يجتذب المرأة العصرية، وهناك إقبال على ارتداء الملابس والإكسسوارات ذات التطريز المصري». وأضافت: «ذلك ما لاحظته من خلال متابعتي لبيوت الأزياء على الإنترنت؛ حيث إنني شغوفة بعالم الموضة، ومن هنا قدمت لهذه الورشة، وبدأت أتعلم مبادئ التطريز الذي تشتهر به سيوة».

وحول ما أضافته إليها الورشة، أوضحت: «أتاحت لي التواصل مع هويتي، والتأمل في جذور ثقافتي المصرية، بالإضافة إلى الانفتاح على أشكال فنية وأساليب تفكير جديدة في عالم رقمي متزايد العولمة».

ورش لتنمية موهبة الأطفال (إدارة بيت السناري)

وبينما كانت العشرينية هبة الله ناصف تستعد لاستكمال لوحتها بألوان الإكريلك في مرسم خاص، قالت: «بعد التخرج في الجامعة قررت أن يكون لي نشاط بجانب عملي؛ لكيلا أستغرق في العمل وحده، ومن هنا قررت أن ألتحق بورش الرسم؛ حيث كانت هوايتي في الطفولة قبل الانشغال بدراسة علوم الحاسب». وأضافت: «في البداية لم أكن على يقين بأنني سأتمكن فعلاً من إبداع شيء جميل، فقد تركت الفن من سنوات طويلة، فكنت حائرة هل لدي موهبة بالفعل أم أن الأمر لم يتعد (شخابيط الأطفال)».

وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»: «لكنني ما أن شعرت بلمسة الفرشاة الأولى حتى أحسست بأنني بصدد دخول عالم جديد، حيث يتدفق الإبداع بحرية، وحينئذ أدركت أن الفن ليس للموهوبين، أو المتخصصين فحسب، بل لكل من يرغب في التعبير عن نفسه، ولكل من يحب الحياة ويتمسك بها. وخلال هذه الورشة أعدت استكشاف نفسي ومهاراتي، أتذكر في البدايات تحديقي في اللوحة، وشعوري باليأس، ولكن الآن الأمر اختلف، أصبحت حين أبدأ في الرسم أسمح لمشاعري بأن تقودني، وراهناً أُقدر لحظات التعبير العفوي أكثر من أي عمل لتشكيلي آخر».

الورش تمثل فرصة لتعلم مهارات جديدة (إدارة بيت السناري)

ويعتبر رشاد عبد الصمد انضمامه لورش الموسيقى في مكتبة «مصر الجديدة» لحظة مهمة بعد تقدمه في العمر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ساعدني على ذلك أن الوصول إلى المكتبة كان سهلاً؛ فهي قريبة من مكان إقامتي». وأضاف: «جعلتني أشعر بالسعادة بعد أن تملكني الإحساس بالوحدة بعد سفر أبنائي، وتقليص عدد ساعات وجودي في مكتبي الهندسي».

ما بين الرسم والموسيقى والحياكة والفنون اليدوية والحرف التراثية والمسرح والسينما وغير ذلك أصبح الكثير من المصريين يذهبون للرسم والإبداع بمختلف صوره في مؤسسات وجهات ثقافية مختلفة، حسب محمد حجازي، المنسق الإعلامي لـ«بيت السناري» التابع لمكتبة الإسكندرية والقابع في «حي السيدة زينب» بالقاهرة. وقال حجازي لـ«الشرق الأوسط»: «تعتبر الحرف والصناعات اليدوية في مصر جزءاً أصيلاً من الهوية الوطنية، والتراث الثقافي للبلاد، وقد شهدت هذه الورش انتعاشة ملحوظة في الآونة الأخيرة». وأضاف: «لم يعد الأمر يقتصر على بعض الجهات المستقلة التي يهدف بعضها إلى الربح، إنما بات هناك توجه قومي متنامٍ، ووعي مجتمعي، وهدف ناضج لكل الجهات المعنية بالثقافة والفن بتنظيم مثل هذه الورش». وأوضح: «ومنها المكتبات العامة والمتاحف وقطاع الفنون التشكيلية، والأوبرا، وصندوق التنمية الثقافية، فضلاً عن المؤسسات والمراكز الخاصة، وتعلن جميعها عن نشاطاتها عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ ما يستقطب الكثيرين».

الأطفال يقبلون على الورش (إدارة بيت السناري)

ويرجع حجازي هذا الإقبال على الورش إلى عدة أسباب في مقدمتها زيادة الدعم الحكومي والمبادرات، ويقول: «تولي الحكومة المصرية اهتماماً متزايداً بدعم قطاع الحرف اليدوية، وهناك توجيهات رئاسية لتذليل العقبات؛ ما يلفت أنظار الجمهور إلى تعلم هذه الحرف». ويلفت: «وتجذب الورش الأفراد لتعلم هذه المهارات باعتبارها مصدراً للدخل، لا سيما أن مصر تمتلك إرثاً تاريخياً وثقافياً غنياً، ينعكس على تنوع منتجاتها؛ ما يتيح مجالات واسعة للابتكار والتطوير؛ وهو ما يجعل الورش بدورها جاذبة لمختلف الأذواق والاهتمامات».

الحكومة المصرية تشجع على تنظيم ورش الفنون اليدوية (إدارة قطاع الفنون التشكيلية)

حول تجربة «بيت السناري» في تنظيم الورش، أضاف حجازي: «يُعد البيت الأثري من المراكز الثقافية الرائدة في تنظيم ورش الفن والحرف اليدوية، وقد ازداد اهتمامه بتنظيمها بشكل لافت مؤخراً؛ بهدف تنمية المهارات الإبداعية والفنية والحس الفني لدى مختلف الفئات»، لافتاً إلى أن موقع البيت في منطقة «السيدة زينب» أكسب ورشه طابعاً مميزاً «يتمتع هذا الحي بخصوصية؛ فهو يمثل قلب القاهرة، ويحمل عبق التراث المصري الأصيل، وهذه الخصوصية فرضت نوعاً معيناً من الورش وتركت تأثيرها على المجالات التي يتم التركيز عليها».

وذكر: «تشتهر منطقة السيدة زينب بكونها مركزاً للحرف اليدوية التقليدية، وتضم العديد من الورش المتخصصة لمشاهير الحرفيين والفنانين في مجالات مثل المنسوجات، الفخار، الخزف، الزجاج، وغيرها؛ ومن هنا يركز (السناري) على ورش التراث والحرف التقليدية». وتكوين جيل جديد من الحرفيين، وتعليمهم الفنون التراثية للحفاظ عليها، باعتبارها «جزءاً من التاريخ والهوية والثقافة المصرية».

ورشة الغرافيك حفر وطباعة بمتحف محمد محمود خليل (إدارة قطاع الفنون التشكيلية)

ويجعل هذا التراث الغني الورش التي تُقام في البيت أكثر اتجاهاً إلى التركيز على إحياء وتعليم هذه الحرف الأصيلة، ومن ذلك تعليم فنون مختلفة مثل فن النحاس، الأخشاب، الريزين، الإيبوكسي، التلي، ومنتجات وتقنيات الجلد الطبيعي، وفنون الرسم والتلوين مع التركيز على التقنيات والأساليب التي تعكس الفن المصري الأصيل، وفق حجازي. وأضاف: «كما يهتم البيت بالأطفال والنشء، وذلك من خلال عدة برامج منها برنامج (استكشف... أبدع... انطلق) الذي يحتفي بالرسم، والأشغال الفنية واليدوية، والتلوين، والفن المعاصر، وصناعة المجسمات التعليمية، وورش التراث والتاريخ والعلوم المبسطة».


مقالات ذات صلة

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

الخليج معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

أعربت السعودية و7 دول عربية وإسلامية عن بالغ القلق إزاء تصريحات إسرائيل بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

أعرب بدر عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مقر النائب العام المصري في القاهرة (الصفحة الرسمية لمكتب النائب العام)

«النيابة المصرية» تنفي علاقة «الدارك ويب» بواقعة «التحرش» داخل مدرسة دولية

نفت النيابة العامة في مصر وجود علاقة بين «الدارك ويب» أو ما يُعرف بـ«الإنترنت المظلم» وقضية «التحرش» بإحدى المدارس الدولية في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ناخبون خلال الإدلاء بأصواتهم في إحدى الدوائر الملغاة بمدينة أسيوط الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)

مصر: نتائج أولية تشير لـ«تقدم» مستقلين في «الدوائر الملغاة» بـ«النواب»

المؤشرات الأولية تشير إلى تزايد فرص المرشحين المستقلين؛ إذ يخوض أكثر من 30 منهم جولة الإعادة المقررة في 23 و24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج» أحمد عبد القادر (ميدو) الذي سبق وجرى توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية.

أحمد عدلي (القاهرة)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.