انتقادات لشرطة لندن بعد مضاعفة استخدامها تقنية التعرّف على الوجوه في الأماكن العامة

جرى مسح نحو 4.7 مليون وجه في عام 2024

عناصر من الشرطة البريطانية (أرشيفية)
عناصر من الشرطة البريطانية (أرشيفية)
TT

انتقادات لشرطة لندن بعد مضاعفة استخدامها تقنية التعرّف على الوجوه في الأماكن العامة

عناصر من الشرطة البريطانية (أرشيفية)
عناصر من الشرطة البريطانية (أرشيفية)

أمام متاجر كبرى أو في مهرجانات حاشدة، تُمسح ملامح ملايين الأشخاص بمساعدة أنظمة التعرُّف على الوجوه في الوقت الفعلي في المملكة المتحدة، الدولة الأوروبية الوحيدة التي تستخدم هذه التقنية على نطاق واسع.

في «مهرجان نوتينغ هيل» بلندن، حيث من المتوقع أن يحتفي مليونا شخص بالثقافة الأفريقية الكاريبية يومي الأحد والاثنين، تُنشَر كاميرات التعرُّف على الوجوه قرب مداخل ومخارج المهرجان.

وقالت الشرطة إن هدفها تحديد هويات أشخاص مطلوبين، واعتراضهم من خلال مسح الوجوه في الحشود الكبيرة ومقارنتها بآلاف المشتبه بهم المسجلين بالفعل في قاعدة بيانات الشرطة.

وصرَّح مارك رولي، قائد شرطة العاصمة، بأن هذه التقنية «أداة شرطية فعّالة، وقد استُخدمت بنجاح لتحديد مواقع مجرمين في بؤر جرائم، ما أفضى إلى أكثر من 1000 اعتقال منذ بداية 2024».

واختُبرت هذه التقنية للمرة الأولى في عام 2016، وزاد استخدامها بشكل كبير خلال السنوات الثلاث الماضية في المملكة المتحدة.

وجرى مسح نحو 4.7 مليون وجه في عام 2024 وحده، وفقاً لمنظمة «ليبرتي» غير الحكومية.

يشارك المحتفلون في احتفالات «جوفيرت» عند شروق الشمس خلال كرنفال «نوتينغ هيل» في لندن... 24 أغسطس 2025 (رويترز)

واستخدمت شرطة المملكة المتحدة نظام التعرُّف المباشر على الوجوه نحو 100 مرة منذ أواخر يناير (كانون الثاني)، مقارنة بـ10 مرات فقط بين 2016 و2019.

«أمة المشتبه بهم»

ومن الأمثلة على ذلك ما حدث قبل مباراتين من بطولة الأمم الست للرغبي، وأمام الاستاد الذي احتضن حفلتين موسيقيَّتين لفرقة «أويسيس» في كارديف في يوليو (تموز).

فعندما يمرُّ شخص مدرج على «قائمة مراقبة» الشرطة قرب الكاميرات، يُطلق النظام المُدعم بالذكاء الاصطناعي، والذي غالباً ما يُركّب في عربة فان للشرطة، تنبيهاً.

ويمكن بعد ذلك احتجاز المشتبه به فوراً بمجرد أن تؤكد الشرطة هويته.

مراقبة الأخ الأكبر

لكن هذا الكم الهائل من التقاط البيانات في شوارع لندن، والذي شوهد أيضاً في أثناء مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث في 2023، «يُعاملنا كأمة من المشتبه بهم»، وفقاً لمنظمة «بيغ براذر ووتش» (مراقبة الأخ الأكبر).

وأفادت المديرة المؤقتة للمنظمة ريبيكا فينسنت، «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنه «لا يوجد أساس تشريعي، لذا لا توجد لدينا ضمانات لحماية حقوقنا، وتُترك للشرطة مهمة وضع قواعدها الخاصة».

واستخدام متاجر السوبر ماركت ومتاجر الملابس هذه التقنيات لمكافحة الارتفاع الحاد في عمليات السرقة أثار مخاوف أيضاً، في ظل «قلة المعلومات» المتاحة حول كيفية استخدام البيانات، وفق فينسنت.

وتستخدم غالبية تلك المتاجر تطبيق «فيس ووتش»، وهو مُزوِّد خدمة يجمع قائمة بأشخاص مشتبه بهم في المتاجر التي يراقبها، ويُصدر تنبيهاً في حال دخول أحدهم إلى المتجر.

وقال المحاضر في قانون حقوق الإنسان بجامعة كوين ماري في لندن، داراغ موراي، إن هذه التقنية «تغيّر مفهوم العيش في المدينة، لأنها تُلغي إمكانية العيش دون الكشف عن الهوية».

وأضاف: «قد تكون لذلك آثار كبيرة على الاحتجاجات وعلى المشاركة في الحياة السياسية والثقافية».

وغالباً لا يعلم رواد هذه المتاجر أن بياناتهم الشخصية تُجمع.

وقالت خبيرة الطب الشرعي، أبيغيل بيفون، البالغة 26 عاماً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عند مدخل متجر في لندن يستخدم تطبيق «فيس ووتش»: «يجب إطلاع الناس بشأنه».

وأضافت أنها «فوجئت جداً» لمعرفة نطاق استخدام هذه التقنية.

أحد عناصر شرطة اسكوتلنديارد (متداولة)

ورغم إقرارها بإمكانية فائدتها للشرطة، فإنها اشتكت من أن استخدامها من قِبل تجار التجزئة يعد «انتهاكاً».

محظور في الاتحاد الأوروبي

منذ فبراير (شباط) تحظر تشريعات الاتحاد الأوروبي المنظِّمة للذكاء الاصطناعي استخدام تقنيات التعرف على الوجوه في الوقت الفعلي، مع استثناءات مثل مكافحة الإرهاب.

وباستثناء حالات قليلة في الولايات المتحدة تشدد فينسنت على أنه «لا نرى أي شيء قريب من ذلك في الدول الأوروبية أو غيرها من الديمقراطيات».

وأضافت أن «استخدام مثل هذه التكنولوجيا الانتهاكية أشبه بما نراه في دول استبدادية مثل الصين».

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر، قد وعدت أخيراً بصياغة «إطار قانوني» ينظِّم استخدام هذه التقنية، على أن يركز على «أخطر الجرائم».

لكن وزارتها سمحت هذا الشهر للشرطة باستخدام التقنية في 7 مناطق جديدة.

وعادة ما توضع الكاميرات في شاحنات، غير أنه من المقرر، وللمرة الأولى، أن تُثبَّت كاميرات دائمة في منطقة كرويدون جنوب لندن الشهر المقبل.

وتؤكد الشرطة أن لديها «ضمانات قوية» مثل تعطيل الكاميرات في حال غياب العناصر، وحذف البيانات البيومترية لغير المشتبه بهم.

غير أن هيئة حقوق الإنسان البريطانية قالت، الأربعاء، إن سياسة شرطة مدينة لندن في استخدام هذه التقنية «غير قانونية» لأنها «تتعارض» مع لوائح حقوق الإنسان.

ووجهت 11 منظمة، بينها «هيومن رايتس ووتش»، رسالةً إلى قائد شرطة لندن، تحثه فيها على عدم استخدام التقنية خلال «مهرجان نوتينغ هيل»، واتهمته بـ«الاستهداف الجائر» للمجتمع الأفريقي الكاريبي، مع تسليط الضوء على التحيزات العنصرية للذكاء الاصطناعي.

وقال شون تومبسون، وهو رجل أسود يبلغ 39 عاماً ويعيش في لندن، إنه اعتُقل بعد أن جرى التعرُّف عليه عن طريق الخطأ بصفته مجرماً، بواسطة إحدى هذه الكاميرات، وقد رفع دعوى قضائية ضد الشرطة.


مقالات ذات صلة

إدانات واسعة للهجوم الإرهابي على مسجد في حمص السورية

المشرق العربي آثار الانفجار في مسجد علي بن أبي طالب بحمص (د.ب.أ) play-circle

إدانات واسعة للهجوم الإرهابي على مسجد في حمص السورية

أدانت السعودية والعراق وتركيا والأردن ولبنان وقطر ومجلس التعاون الخليجي، الجمعة، الهجوم «الإرهابي» على مسجد في حي وادي الذهب بمدينة حمص السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب في إسطنبول أثناء عملية ضد عناصر «داعش» (الداخلية التركية)

تركيا: القبض على «داعشيّ» خطط لهجوم في رأس السنة

ألقت السلطات التركية القبض على أحد عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في عملية نُفذت شرق البلاد بعد معلومات عن تخطيطه لتنفيذ هجوم في ليلة رأس السنة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي الدمار يظهر داخل مسجد في مدينة حمص بوسط سوريا جراء الانفجار (سانا) play-circle

8 قتلى بانفجار داخل مسجد في حمص بسوريا تبنته «سرايا أنصار السنّة»

قُتل ثمانية أشخاص على الأقل في أثناء صلاة الجمعة، جراء انفجار داخل مسجد بحيّ ذي غالبية علوية بوسط سوريا تبنّته مجموعة متطرفة في أعمال عنف جديدة طالت هذه الأقلية

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا يقف شرطي حارساً خارج كاتدرائية القديس يوحنا المركزية في بيشاور خلال قداس عيد الميلاد (د.ب.أ)

باكستان: القضاء على 10 إرهابيين مدعومين من الهند

أعلنت إدارة العلاقات العامة بالجيش الباكستاني، الخميس، أن قوات الأمن تمكنت من تحييد 10 إرهابيين مدعومين من الهند، بينهم «زعيم عصابة من الخوارج».

«الشرق الأوسط» (روالبندي (باكستان) )
آسيا حضر المشيعون جنازة دان إلكيام الشاب اليهودي الفرنسي البالغ من العمر 27 عاماً الذي هاجر إلى أستراليا وقُتل في حادث إطلاق نار خلال احتفال بعيد الأنوار (حانوكا) على شاطئ بوندي في سيدني بأشدود بإسرائيل 25 ديسمبر 2025 (رويترز)

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد «حانوكا» اليهودي في ملبورن الأسترالية

تحقق الشرطة الأسترالية بشأن «حريق مشبوه» بعدما اندلعت النيران في سيارة وُضعت عليها لافتة للاحتفال بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) بملبورن، الخميس.

«الشرق الأوسط» (سيدني )

تقرير: ترمب سيلتقي زيلينسكي يوم الأحد في فلوريدا

صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ترمب سيلتقي زيلينسكي يوم الأحد في فلوريدا

صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي، اليوم الجمعة، عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إن من المتوقع أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد غد الأحد في فلوريدا.

وأضاف الموقع أن هذا النبأ قد يمثل إشارة على تحقيق تقدم كبير في المحادثات، إذ سبق أن قال ترمب إنه لن يلتقي مع زيلينسكي إلا إذا شعر الرئيس الأميركي أن التوصل إلى اتفاق بات قريباً.

ونقل «أكسيوس» عن مسؤول أميركي قوله إن الولايات المتحدة على استعداد لإرسال الضمان الأمني لأوكرانيا إلى مجلس الشيوخ للتصديق عليه.

زيلينسكي داخل مكتبه الرئاسي بكييف يوم 23 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

كان زيلينسكي قال اليوم الجمعة إن وفد بلاده المفاوض اتفق مع الجانب الأميركي على عقد اجتماع مع ترمب في المستقبل القريب.

وأضاف زيلينسكي في منشور على حسابه بمنصة «إكس»: «يمكن حسم الكثير من الأمور قبل حلول العام الجديد».

كان زيلينسكي قال أمس الخميس إنه ناقش مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر هاتفياً سبل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية بخطوات واتفاقات «واقعية وموثوقة»، معبراً عن أمله في أن تكون الأفكار والتفاهمات التي طرحت مع المبعوثين بمثابة خطوة أخرى نحو السلام.


ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)
وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)
TT

ألمانيا لن تشارك في قوة استقرار بغزة «في المستقبل المنظور»

وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)
وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول (د.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع.

وقال الوزير المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية في برلين بعد مرور نحو شهرين ونصف على بدء وقف إطلاق النار في غزة إن مثل هذه القوة ليست مجرد قوة وساطة «بل يجب أن توفر الأمن بشكل ملموس للغاية عند الضرورة»، وأضاف: «لا يمكن للكثيرين أن يتصوروا قيام جنود وجنديات ألمان بذلك في هذه المنطقة تحديدا».

وتابع فاديفول: «لن نشارك في قوات الاستقرار في المستقبل المنظور»، موضحا ردا على سؤال حول ما إذا كان ذلك يشمل أيضا التدريب والتنظيم: «في الوقت الحالي لا يتوقع أحد منا المشاركة في مهمة الاستقرار الدولية»، مؤكدا في المقابل أن ألمانيا مستعدة للمساهمة بشكل بناء في الهياكل الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي، مثل مجلس للسلام، مشيرا إلى أن برلين لم تتلق حتى الآن دعوة رسمية للمشاركة في هذا المجلس.

وتنص المرحلة الثانية من خطة السلام المكونة من 20 نقطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على نزع سلاح حركة حماس ونشر قوة دولية للاستقرار، إلا أن الحركة ترفض بشكل قاطع التخلي عن أسلحتها. ودعا فاديفول إلى الإسراع في بدء المرحلة الثانية من خطة السلام، قائلا إنه بعد إجراء مشاورات أولية مع الدول المحتمل أن ترسل قوات، هناك حاجة الآن إلى إطار سياسي يتضمن هيكلا أمنيا توفره قوات الاستقرار والقوات الأمنية الفلسطينية، وأضاف: «من المهم أن نبدأ كل ذلك في وقت قريب للغاية»، وحذر قائلا: «يجب ألا يحدث أن يتحول التقسيم الحالي في غزة بين جزء تسيطر عليه القوات الإسرائيلية وآخر تزداد فيه سيطرة حماس إلى وضع دائم».


أوكرانيا تستخدم صواريخ «ستورم شادو» البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية

جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تستخدم صواريخ «ستورم شادو» البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية

جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
جندي بريطاني يمر أمام صاروخ «ستورم شادو» في معرض فارنبورو للطيران بلندن في 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الأوكراني أنه استخدم صواريخ ستورم شادو البريطانية لاستهداف مصفاة نفط روسية الخميس.

وأفادت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الصواريخ أصابت مصفاة نوفوشاختينسك وسُجلت «انفجارات عديدة». وسبق لأوكرانيا أن استخدمت هذه الصواريخ البريطانية لضرب مواقع صناعية داخل روسيا. وجاء في البيان «نجحت وحدات من القوات الجوية الأوكرانية في استهداف منشأة نوفوشاختينسك للمنتجات النفطية في منطقة روستوف بروسيا الاتحادية، بصواريخ كروز ستورم شادو التي تطلق من الجو».

وأوضحت القوات المسلحة الأوكرانية أن منشأة نوفوشاختينسك تعد من أهم موردي المنتجات النفطية في جنوب روسيا «وتساهم بشكل مباشر في تزويد القوات المسلحة الروسية» بوقود الديزل والكيروسين. وتسعى أوكرانيا التي تواجه هجمات روسية بالصواريخ والطائرات المسيرة يوميا، إلى الرد بشن هجمات داخل روسيا تستهدف منشآت الطاقة والبنية التحتية.