اشتباكات السليمانية تفجر سجالاً سياسياً في كردستان

ناشطون أكراد انتقدوا اعتقال معارضين سياسيين

عجلة للأمن الكردي بعد اشتباكات مسلحة وسط السليمانية (روداو)
عجلة للأمن الكردي بعد اشتباكات مسلحة وسط السليمانية (روداو)
TT

اشتباكات السليمانية تفجر سجالاً سياسياً في كردستان

عجلة للأمن الكردي بعد اشتباكات مسلحة وسط السليمانية (روداو)
عجلة للأمن الكردي بعد اشتباكات مسلحة وسط السليمانية (روداو)

عاد الهدوء إلى محافظة السليمانية، السبت، بعد صدامات دموية وقعت بين أبناء العمومة، بافل طالباني رئيس حزب «الاتحاد الوطني» وابن عمه لاهور الشيخ جنكي الطالباني، زعيم حزب «جبهة الشعب» المؤسس حديثاً، وأوقعت ما لا يقل عن 3 قتلى وأكثر من 15 مصاباً.

مع عودة الهدوء، أعلنت السلطات المحلية أن لجنة تعويضات باشرت عملها لتعويض المواطنين والسياح عن الأضرار التي لحقت بهم، جراء المواجهات المسلحة التي شهدتها المدينة، يومي الخميس والجمعة.

ويوم السبت، أكد سلام عبد الخالق، المتحدث باسم جهاز آسايش (أمن) إقليم كردستان في السليمانية، أن «لاهور شيخ جنكي محتجَز في سجن الأمن، ويتمتع بصحة جيدة».

مع ذلك، لا تبدو عودة الهدوء نهائية وغير قابلة للتكرار، في سوابق تاريخية تتحدث عن نزاعات سياسية وعشائرية حسمها السلاح لأكثر من مرة خلال العقود الماضية، حتى خلال معارضة الحركات «الثورية» لنظام صدام حسين.

وفيما يبدو أن نجلَي الرئيس الراحل جلال طالباني، بافل وقباد، في طريقهما إلى فرض سيطرتهما السياسية والأمنية على محافظة السليمانية، وإبقائها منطقة نفوذ لحزبهما (الاتحاد الوطني) بعد إزاحة ابن عمهما لاهور الشيخ، وكذلك زعيم حركة «الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، فإن مصادر كردية تشكك في إمكانية ذلك، خصوصاً مع تمتُّع كل من الشيخ جنكي وشاسوار عبد الواحد، بشعبية نسبية في المدينة، كما أن الأخير لديه 8 مقاعد في البرلمان الاتحادي و15 من أصل 100 مقعد في برلمان إقليم كردستان.

إلى جانب التحدي الذي يمثله الشيخ جنكي وعبد الواحد، فإن موقفاً قد يصدر عن «القيادات التاريخية» للاتحاد، تعليقاً على ما جرى من أحداث دامية، ويشكل تحدياً لسلطة بافل الطالباني، بحسب المصادر.

غير أن مصادر أخرى ترجح كفة «أبناء الطالباني» في تأكيد نفوذهم في السليمانية، خصوصاً أن ملامح «صراع سياسي» مكيَّف بـ«طرق قانونية» يبدو واضحاً.

ويقول الباحث المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، سليم سوزة، إن ما حصل في السليمانية «تجسيد وامتداد حقيقي لمقولة: (حروب الكرد غير المنتهية)، لكنها هذه المرة ليست حرباً ضد أعداء عرب أو فرس أو تُرك من أجل حقوق قومية وثقافية، بل حرب أبناء العمومة فيما بينهم».

ويعتقد سوزة، في تدوينة عبر «فيسبوك»، أنها «حرب الجيل الجديد من أبناء الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتصارع على تركة الحزب وبقايا هيبته ونفوذه وهيمنته».

ملابس عسكرية وأجهزة اتصال لمسلحين يعتقد أنهم تابعون للاهور شيخ جنكي تركوها بعد اشتباكات في السليمانية (روداو)

«ليست مفاجأة»

رأى الصحافي الكردي، سامان نوح، أن ما حدث في السليمانية «لم يشكل مفاجأة لأحد في كردستان، في ظل تعدد مراكز القوة والنفوذ، والطبيعة المشوهة لإدارة الإقليم منذ 30 عاماً».

ويعتقد أنه «نتيجة الفشل في توحيد القوى الأمنية والعسكرية وبناء المؤسسات الجامعة والحفاظ على استقلالية القضاء وترسيخ وجود برلمان قوي حيوي يكون مصدر التشريع ومرجع القرارات، وقبلها بناء أحزاب ديمقراطية حقيقية».

ويشير نوح إلى أن السليمانية «لن تصبح أقوى باعتقال شاسوار عبد الواحد، الذي حصل قبل أيام، بتهم فساد، وحتى بإقصاء بقية قوى المعارضة، وهو أمر قد يلجأ إليه زعيم الاتحاد (بافل طالباني) على أمل إعادة التوازن المفقود مع الحزب الديمقراطي الكردستاني».

ويتقاطع رأي القيادي في حزب الاتحاد الوطني، سوران داودي، مع الكلام حول رغبة بيت طالباني في إحكام السيطرة التامة على السليمانية، بعد إزاحة خصومه السياسيين، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنها «ليست مسألة فرض القبضة على السليمانية، لأن الاتحاد الوطني الكردستاني لا يدير الحكم وفق أجندات سياسية، وإنما وفق القوانين»، على حد تعبيره.

وأضاف داودي أن «ما جرى عملية قانونية وليست سياسية، رغم وجود رسالة سياسية؛ أن لا أحد فوق القانون»، مشيراً إلى «السيطرة على السليمانية لا تأتي عبر السلاح، إنما عبر ترسيخ الأمان وشعور المواطن بالطمأنينة وخلق القناعة بأفضلية هذا الطرف على الآخر».

وتبرر السلطات في السليمانية الأحداث التي جرت بأن «لاهور الشيخ جنكي امتنع عن المثول أمام القضاء بعد صدور مذكرات قبض بحقه، وفقاً لمادتين تتعلقان بتهديد الأمن القومي».

وفضَّل الباحث في الشأن الكردي كفاح محمود «الانتظار» قليلاً لمعرفة «النتيجة الحاسمة» لصراع أبناء العمومة الدموي. وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» الطابع السياسي للصراع.

ورأى محمود أن زعيم حزب الاتحاد الوطني، بافل طالباني، قد «حقق مآربه في تحجيم نفوذ الشيخ جنكي ورفاقه، وهذا سيؤثر بشكل كبير جداً على هيكل حزبه الوليد الذي لا يحظى بنفوذ واسع داخل السليمانية».

لكن محمود أبدى أسفه للطريقة التي أُديرَ بها الصراع، خصوصاً مع سقوط ضحايا، وقال إن الخلاف بين أبناء العمومة ليس جديداً، ويمتد إلى مرحلة ما بعد رحيل زعيم الحزب جلال طالباني عام 2017، ذلك أن «كلا الرجلين كان يبحث عن نفوذ أكبر داخل الحزب».

ورأى محمود أن «صيغة الإدارة المشتركة السابقة لحزب الاتحاد الوطني بين بافل طالباني والشيخ جنكي، كانت حلاً مناسباً لتخفيف صراعهما على الرئاسة، لكنها انتهت لاحقاً، وانفجرت اليوم على شكل صراع دموي بين أبناء العمومة».


مقالات ذات صلة

بغداد تطوي صفحة «يونامي»... وتتطلع إلى «شراكات» دولية

المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد السوداني والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بغداد (إعلام حكومي)

بغداد تطوي صفحة «يونامي»... وتتطلع إلى «شراكات» دولية

مع انتهاء مهام بعثة «يونامي»، عدّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن العراق بات «دولة طبيعية»، داعياً «العالم إلى فهم ذلك».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يتوسط رئيسَي «الحشد الشعبي» فالح الفياض (يمين) ومجلس القضاء فائق زيدان (أرشيفية - أ.ف.ب)

القضاء العراقي يدعو الأحزاب إلى حسم الرئاسات الثلاث

دعا رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، السبت، القوى والأحزاب السياسية إلى حسم الاستحقاقات الدستورية المتعلقة باختيار رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان.

فاضل النشمي (بغداد)
رياضة عربية عدنان درجال (الاتحاد العراقي)

كأس العرب: رئيس الاتحاد العراقي يعتذر للجمهور بعد الخروج

قدّم رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال اعتذاره للجماهير العراقية بعد الخُروجِ من منافسات كأس العرب المقامة بقطر، واعداً بتحضيرات مميزة للملحق العالمي.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصل إلى بغداد... ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقدمة مستقبليه (مكتب رئيس وزراء العراق)

غوتيريش: نقف مع العراق لبناء بلد مزدهر ومستقر

وصل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى بغداد للمشاركة في الاحتفالية الكبرى التي ستنظمها الحكومة العراقية بمناسبة انتهاء مهام بعثة «يونامي».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

واشنطن تضغط على «التنسيقي» العراقي بشأن الفصائل

تتجه مشاورات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة نحو مزيد من التعقيد، مع تمسك القوى المنضوية في «الإطار التنسيقي» باستكمال التفاهمات حول هوية رئيس الوزراء المقبل.

حمزة مصطفى (بغداد)

تركيا: «قسد» تستقوي بإسرائيل ولم تتحرك يوماً ضد نظام الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا: «قسد» تستقوي بإسرائيل ولم تتحرك يوماً ضد نظام الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، اليوم السبت، إن قوات سوريا الديمقراطية «قسد» تستمد جرأتها من إسرائيل، مشيراً إلى أنها لم تتحرك يوماً مع المعارضة ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ونقلت وكالة «الأناضول» للأنباء عن فيدان قوله إن ما يجري في جنوب سوريا «ربما يشكل حالياً أكبر منطقة خطر بالنسبة لنا. فالمشكلة في الجنوب لا تكمن بحد ذاتها في حجمها، بل في تحوّل إسرائيل إلى طرف متدخل، ما يخلق منطقة خطر».

وأكد فيدان أن ملف إلقاء تنظيم حزب العمال الكردستاني للسلاح «يسير بشفافية عالية وبشكل جيد جداً من جانب تركيا... لكن لا نسمع أي جملة عما يعتزم التنظيم القيام به».

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية ذكي آق تورك، أمس الجمعة، إن بعض الدول تشجع قوات «قسد» على رفض إلقاء السلاح وعدم الاندماج في صفوف الجيش السوري، نافياً نية بلاده شن عملية عسكرية في سوريا.

وأكد المتحدث خلال مؤتمر صحافي في أنقرة أنه «لا جدوى من محاولات قسد لكسب الوقت ولا خيار آخر أمامها غير الاندماج بالجيش السوري»، مؤكداً أن أنشطة قوات سوريا الديمقراطية تضر بجهود تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا.

ونفى المتحدث ادعاءات بأن الجيش التركي يستعد لعملية عسكرية في سوريا، مؤكداً أن التحركات الأخيرة للجيش التركي كانت في إطار «عمليات تناوب اعتيادية للوحدات».

وأشار المتحدث إلى أن تركيا سبق أن أعربت عن تطلعها لاندماج «قسد» في الجيش السوري أفراداً، وشدد على أنه يجب متابعة تحركات «تنظيم قسد وأنشطة الجيش السوري».

كان الرئيس السوري أحمد الشرع وقع اتفاقاً مع مظلوم عبدي قائد «قسد» في العاشر من مارس (آذار) الماضي لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا لكن لم يتم التنفيذ حتى الآن.


الشرع: سوريا لا تحمل أي نزعات إقصائية أو ثأرية تجاه أي طائفة

الرئيس السوري أحمد الشرع (أرشيفية - رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أرشيفية - رويترز)
TT

الشرع: سوريا لا تحمل أي نزعات إقصائية أو ثأرية تجاه أي طائفة

الرئيس السوري أحمد الشرع (أرشيفية - رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أرشيفية - رويترز)

أكد الرئيس السوري، أحمد الشرع، اليوم (السبت)، أن الدولة لا تحمل أي نزعات إقصائية أو ثأرية تجاه أي مكوّن.

وقال الشرع، في لقاء بقصر الشعب مع وجهاء وأعيان محافظتي اللاذقية وطرطوس، إن سوريا تدخل مرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة على أساس الاستقرار ومشاركة الشعب.

الرئيس السوري أحمد الشرع (رويترز)

وقالت الرئاسة السورية، في بيان، إن الشرع شدد على أن سوريا «دولة مواطنة تضمن العدالة وتحفظ حقوق جميع السوريين».

وأضافت الرئاسة أن وجهاء وأعيان المحافظتين أكدوا «أهمية ترسيخ السلم الأهلي وسيادة القانون، وطرحوا ضرورة إعداد خريطة استثمارية في الساحل لدعم التنمية وتوفير فرص العمل».


«الصحة العالمية»: وفاة 10 أشخاص في غزة جرّاء الأمطار الغزيرة خلال 24 ساعة

نفّذ «مركز الملك سلمان للإغاثة» تدخلات إغاثية ميدانية عاجلة لصالح الأسر النازحة في مخيمات جنوب قطاع غزة (واس)
نفّذ «مركز الملك سلمان للإغاثة» تدخلات إغاثية ميدانية عاجلة لصالح الأسر النازحة في مخيمات جنوب قطاع غزة (واس)
TT

«الصحة العالمية»: وفاة 10 أشخاص في غزة جرّاء الأمطار الغزيرة خلال 24 ساعة

نفّذ «مركز الملك سلمان للإغاثة» تدخلات إغاثية ميدانية عاجلة لصالح الأسر النازحة في مخيمات جنوب قطاع غزة (واس)
نفّذ «مركز الملك سلمان للإغاثة» تدخلات إغاثية ميدانية عاجلة لصالح الأسر النازحة في مخيمات جنوب قطاع غزة (واس)

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، السبت، إن ما لا يقل عن 10 أشخاص توفوا في غزة جرّاء الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

منع إدخال المساعدات

وأضاف غيبريسوس أن إسرائيل منعت دخول معدات تشخيص الأمراض إلى قطاع غزة بدعوى أنها ذات استخدام مزدوج، محذراً من أن هناك توقعات من ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض التنفسية والتهاب الكبد جرّاء نقص المياه وسوء الأحوال الجوية.

أطفال فلسطينيون في مخيم للنازحين خلال يوم ماطر شرق مدينة غزة السبت (إ.ب.أ)

إسرائيل مستمرة في منعها من إدخال المساعدات

وفي وقت سابق من اليوم، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن إسرائيل مستمرة في منعها من إدخال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى قطاع غزة.

وحذّرت الوكالة عبر منصة «إكس» من تأثير دخول الشتاء وهطول الأمطار على الأوضاع السيئة للنازحين.

وحذرت السلطات بحركة «حماس» التي تدير قطاع غزة، اليوم السبت، من «كارثة إنسانية معقدة» في المنطقة الساحلية التي مزقتها الحرب بعد أن تسببت العواصف الممطرة في فيضانات واسعة النطاق.

كما أفاد المكتب الإعلامي التابع لـ«حماس» بأن 13 منزلاً انهارت نتيجة للأمطار الغزيرة.

وأضاف المكتب أن أكثر من 53 ألف خيمة تضررت أو تعرضت للتلف أو جرفتها المياه، وأن نحو 250 ألفاً من بين 1.5 مليون شخص يعيشون في خيام أو ملاجئ مؤقتة نتيجة حرب غزة، تضرروا من العواصف.