أميركا تصر على «جدول زمني واضح» لسحب «اليونيفيل» من جنوب لبنان

هل تضغط إسرائيل لإنهاء الدور الأوروبي في لبنان والشرق الأوسط؟

دورية لقوات «اليونيفيل» في بلدة حولا الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ب)
دورية لقوات «اليونيفيل» في بلدة حولا الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ب)
TT

أميركا تصر على «جدول زمني واضح» لسحب «اليونيفيل» من جنوب لبنان

دورية لقوات «اليونيفيل» في بلدة حولا الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ب)
دورية لقوات «اليونيفيل» في بلدة حولا الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان (أ.ب)

​كشف دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط» أنهم يتوقعون اتصالاً وشيكاً بين وزيرَي الخارجية: الفرنسي جان نويل بارو، والأميركي ماركو روبيو، سعياً إلى تذليل عقبة وُصفت بأنها «أخيرة» أمام تصويت مجلس الأمن على التمديد 12 شهراً إضافية للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل).

وجاء ذلك بعدما كسرت الولايات المتحدة الجمعة «الإجراء الصامت» على مشروع القرار المعدل الذي أعدته فرنسا، بوصفها حاملة القلم في مجلس الأمن للقضايا الخاصة بلبنان، في ضوء المفاوضات التي أجراها الدبلوماسيون الفرنسيون مع نظرائهم الأميركيين في نيويورك، للتوصل إلى صيغة وسطية حيال «اللغة التي ينبغي استخدامها في شأن إنهاء عمل (اليونيفيل) وسحبها من جنوب لبنان، بعد التمديد المتوقع لها خلال الأسبوع الجاري»، علماً بأن واشنطن أعطت مؤشرات واضحة إلى قبولها التجديد لمدة سنة كاملة.

وإذا لم يتفق الطرفان الأميركي والفرنسي على الصيغة النهائية خلال الاتصال المتوقع بين روبيو وبارو، يمكن لروسيا التي تترأس مجلس الأمن الشهر الحالي أن تؤجل الجلسة المقررة صباح الاثنين إلى موعد آخر، قبل انتهاء تفويضها الحالي في 31 أغسطس (آب) الجاري، وفقاً لما قاله دبلوماسي واسع الاطلاع، طالباً عدم نشر اسمه نظراً إلى حساسية المفاوضات الجارية.

إنهاء دور أوروبا في الشرق الأوسط

وعبَّر الدبلوماسي عن اعتقاده بأن الضغوط الإسرائيلية متصلة بمواقف الدول الأوروبية من قضايا أخرى في المنطقة، بما فيها إعلان فرنسا اعترافها بالدولة الفلسطينية، بينما ربط دبلوماسي آخر تشدد الولايات المتحدة في وضع جدول زمني واضح لسحب «اليونيفيل» بالضغوط التي تمارسها إسرائيل بغية «إنهاء أي دور لأوروبا في الشرق الأوسط»، علماً بأن الدول الأوروبية -ومنها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والنرويج وغيرها- تضطلع بدور رئيسي في القوة المؤقتة التي بدأت انتشارها الأول على أثر الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان عام 1978، ثم توسعت بعد حرب عام 2006 بين إسرائيل و«حزب الله».

وتستفيد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من «عدم شهيَّة» مسؤولين كبار في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتعاون مع أدوار الأمم المتحدة، بما فيها عمليات حفظ السلام عبر العالم.

صيغة فرنسية معدلة

وبعد المفاوضات التي أُجريت طوال الأسبوع الماضي، وزَّعت فرنسا صيغة معدلة لمشروع قرار التمديد لـ«اليونيفيل» ضمنتها تعديلات تستجيب إلى حد بعيد لمطالب الولايات المتحدة. وأدخلت تعديلات على ديباجة مشروع القرار، بما يفيد أن مجلس الأمن «يرحب بجهود الحكومة اللبنانية لممارسة سيادتها على كامل أراضيها، من خلال القوات المسلحة اللبنانية، وعدم الاعتراف بأي سلطة سوى سلطة الحكومة اللبنانية»، ملاحظاً «إيجابية التقدم الذي أحرزته (اليونيفيل) منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 في اكتشاف مخابئ الأسلحة، وفي تعزيز وجودها من خلال الدوريات وعمليات التفتيش في المواقع ذات الأهمية، وكان ذلك بالاشتراك مع القوات المسلحة اللبنانية».

عنصران من القوة الفرنسية بـ«اليونيفيل» يحملان نظام «مسترال» للدفاع الجوي في قاعدة عسكرية أممية بجنوب لبنان (أ.ب)

فقرات إضافية

ووفقاً لمشروع القرار الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن التعديلات طالت أيضاً فقراته العاملة، فصارت الأولى منه تنص على أن مجلس الأمن «يقرر تمديد ولاية اليونيفيل حتى 31 أغسطس 2026، مع التخطيط لانسحابها» طبقاً لما تنص عليه الفقرة الخامسة التي تشكل محور المفاوضات الجارية حالياً.

وتنص الفقرة الخامسة بصيغتها المعدلة على أن مجلس الأمن «يُشير إلى عزمه العمل على انسحاب (اليونيفيل) بغية جعل الحكومة اللبنانية الجهة الوحيدة المسؤولة عن الأمن في جنوب لبنان، شريطة أن تسيطر الحكومة اللبنانية بشكل كامل على كل الأراضي اللبنانية، ولا سيما من خلال الدور الذي تضطلع به القوات المسلحة اللبنانية وكل المؤسسات الأمنية للدولة، وأن يتفق الطرفان على ترتيب سياسي شامل».

وأضيفت إلى هذه النص فقرتان إضافيتان، تطلب الأولى من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن «يُجري بحلول الأول من مارس (آذار) 2026 مراجعة استراتيجية من أجل: (أ) تقييم شروط انسحاب اليونيفيل، بهدف أن يبدأ الانسحاب التدريجي لـ(اليونيفيل) في موعد أقصاه 31 أغسطس 2026، و(ب) استكشاف الخيارات المتاحة لمستقبل تنفيذ القرار 1701 بعد انسحابها، ومنها سبل تعزيز الدعم لإعادة انتشار القوات المسلحة اللبنانية جنوب نهر الليطاني من خلال أدوات الأمم المتحدة».

جندي في القوة الفرنسية بـ«اليونيفيل» خلال مهمة في بلدة دير كيفا بجنوب لبنان (أ.ب)

وتنصّ الثانية على دعوة الحكومة اللبنانية إلى «الاحترام الكامل لكل أحكام اتفاق وضع القوات المؤرخ 15 ديسمبر (كانون الأول) 1995، حتى رحيل العنصر الأخير من القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، وبخاصة الأحكام المتعلقة بحرية حركة قوة (اليونيفيل) في كل أنحاء لبنان، فضلاً عن امتيازاتها وحصاناتها»، مع مطالبة الحكومة اللبنانية بـ«اتخاذ كل الخطوات المناسبة لاحترام سلامة وأمن قوة الأمم المتحدة وأفرادها المرتبطين بها ومعداتهم ومبانيهم».

وكذلك يطلب من «(اليونيفيل) أثناء تنفيذ انسحابها، وبما يتماشى مع ممارسات الأمم المتحدة المعمول بها واللوائح والقواعد المالية، اتخاذ كل الخطوات والاحتياطات العملية لضمان نقل الأصول بأمان إلى سيطرة الكيان المُعيَّن، ويُطلب من الأمين العام للأمم المتحدة إبقاء مجلس الأمن على اطلاع منتظم بالتطورات المتعلقة بهذه العملية».

واعتبر المفاوضون الأميركيون أن هذه الفقرات تترك الباب مفتوحاً أمام بقاء «اليونيفيل» بعد 31 أغسطس 2026، وهذا ما تعارضه بشدة حكومة نتنياهو وبعض المسؤولين الأميركيين المؤيدين لإسرائيل.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

وصفت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة النبطية في مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات على الجنوب

حسمت إسرائيل الخميس التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» جراء المفاوضات المدنية مع لبنان، أو عزلها عن المسار العسكري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»... والهدف تجنُّب «حرب ثانية»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، إن المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»، وهدفها هو تجنب «حرب ثانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.