جواب إسرائيل لبرّاك يبحثه والمسؤولين اللبنانيين... و«حزب الله» متمسك بسلاحه

جمع السلاح الفلسطيني يُستكمل الثلاثاء... وينزع شرعيته عن «حماس وأخواتها»

عناصر من الجيش اللبناني بمحيط شاحنة محملة بأسلحة تسلمها لبنان من حركة «فتح» الفلسطينية في مخيم برج البراجنة بجنوب بيروت (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش اللبناني بمحيط شاحنة محملة بأسلحة تسلمها لبنان من حركة «فتح» الفلسطينية في مخيم برج البراجنة بجنوب بيروت (إ.ب.أ)
TT

جواب إسرائيل لبرّاك يبحثه والمسؤولين اللبنانيين... و«حزب الله» متمسك بسلاحه

عناصر من الجيش اللبناني بمحيط شاحنة محملة بأسلحة تسلمها لبنان من حركة «فتح» الفلسطينية في مخيم برج البراجنة بجنوب بيروت (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش اللبناني بمحيط شاحنة محملة بأسلحة تسلمها لبنان من حركة «فتح» الفلسطينية في مخيم برج البراجنة بجنوب بيروت (إ.ب.أ)

«حصرية السلاح» بشقيه اللبناني والفلسطيني بيد الدولة يحظى باهتمام دولي وعربي غير مسبوق، ويتصدر اللقاءات المتنقلة ما بين المقرات الرئاسية التي تُعقد بدءاً من الأسبوع الطالع، مع استعداد المسؤولين اللبنانيين لاستقبال الوسيط الأميركي السفير توم برّاك الثلاثاء المقبل قادماً، مساء الاثنين، من إسرائيل، للاطلاع منه على رد رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو على «الورقة الأميركية» التي تبناها مجلس الوزراء اللبناني بنسختها المعدّلة لبسط سلطة الدولة على كافة أراضيها تطبيقاً للقرار «1701»، بالتلازم مع توفير الضمانات بإلزام إسرائيل بتبادل الخطوات المنصوص عليها في الورقة، وصولاً لانسحابها من الجنوب، في حين أن «حزب الله» متمسك بسلاحه.

واستعداداً للقاءات رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ورئيسَي المجلس النيابي نبيه برّي والحكومة نواف سلام، مع برّاك، في حضور مورغن أورتاغوس، وعضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام، ومستشارين من الحزبَين الديمقراطي والجمهوري، ويتخللها اجتماع بعدد من الوزراء والنواب على هامش عشاء يقيمه النائب فؤاد مخزومي على شرف الوفد الأميركي؛ فإن مروحة الاتصالات الرئاسية توسعت بإيفاد عون مستشاره العميد المتقاعد أندريه رحال للقاء رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، انطلاقاً من حرصه، كما نقل عنه أحد الوزراء، على التواصل مع جميع القوى السياسية ورفضه الدخول في قطيعة مع أحد، حتى من موقع الاختلاف؛ كونه رئيساً لكل اللبنانيين.

استكمال جمع السلاح الفلسطيني

وفي المقابل، فإن جمع السلاح الفلسطيني من المخيمات، والذي بدأت انطلاقته الأولى من مخيم برج البراجنة، وقوبل بترحيب من برّاك، لن يتوقف، كما قال مصدر وزاري بارز لـ«الشرق الأوسط»، وسيُستكمل جمعه من المخيم الثلاثاء المقبل بالتوازي مع اتصالات يتحضر لها رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني السفير السابق رامز دمشقية، للقاء الفصائل الرافضة لجمعه، وعلى رأسها «حماس» و«الجهاد الإسلامي».

عنصر في الجيش اللبناني على مدخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين بجنوب بيروت (إ.ب.أ)

وأكد المصدر الوزاري في معرض تعليقه على منتقدي انطلاقة جمع السلاح الفلسطيني ووصفها بالمسرحية، بذريعة أن جمعه اقتصر على نصف حمولة شاحنة صغيرة، بأنه من غير الجائز التقليل من الرمزية السياسية لهذه الخطوة التي حملتها الانطلاقة الأولى، حتى لو اقتصرت على تسليم بندقية واحدة؛ لأنها تنم عن وجود قرار من القيادة الفلسطينية، باعتبارها المسؤولة عن الشتات الفلسطيني في لبنان، بالتجاوب مع قرار الحكومة بـ«حصرية السلاح»؛ ما يؤدي إلى نزع الشرعية عن سلاح الفصائل الرافضة لجمعه، والتي هي على خلاف مع «منظمة التحرير الفلسطينية»، كما سيؤدي إلى حشرها على كافة المستويات؛ لأنه لم يعد من مبرر للاحتفاظ بسلاحها الذي يُستخدم للاقتتال الداخلي، كما يحصل من حين لآخر، ويهدد الاستقرار لجوار المخيمات، بحسب المصدر.

«حماس» وأخواتها

ولفت المصدر إلى أن «حماس» وأخواتها تبقى عاجزة الآن عن إقناع اللبنانيين بجدوى الاحتفاظ بسلاحها، ولن تجد من يدافع عنها سوى «حزب الله» الذي يتمسك بالسلاح الفلسطيني باعتباره يشكل خط الدفاع الأول له عن سلاحه الذي ينظر إليه أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، على أنه رأسمال للبنان لا يجوز التفريط به باعتباره قوة رادعة للعدو الإسرائيلي. وقال إنه حضر إلى بيروت للتأكيد على عدم تدخل إيران في الشأن الداخلي للبنان، لكنه لم يلتزم بتعهده، وإلا فماذا يقول عن اجتماعه بالفصائل الفلسطينية المنضوية في «محور الممانعة» المناوئة لـ«منظمة التحرير»؟ وهل كان مضطراً لاستخدام لبنان منصة لتوجيه رسائل بأن هذا المحور الذي ترعاه إيران لم يتراجع، وهو يستعيد الآن بناء قدراته العسكرية؟ ألا يشكل هذا تدخلاً في الشأن الداخلي؟

وقال المصدر الوزاري إن جمع السلاح سيُستكمل تدريجياً وعلى مراحل ليشمل المخيمات الأخرى، وتمنى على الفصائل المعارضة لجمعه أن تعيد النظر في حساباتها وتلتحق، اليوم قبل الغد، بركب مؤيدي جمع السلاح تطبيقاً لقرار الحكومة بحصريته.

زيارة الوسيط الأميركي

وبالنسبة للقاءات برّاك بالرؤساء الثلاثة، قالت مصادر رئاسية لـ«الشرق الأوسط» إنهم يترقبون ما يحمله معه من إسرائيل ليبنوا على الشيء مقتضاه، من دون أن يتراجع لبنان عن تعهده بـ«حصرية السلاح»، وأن القرار قد اتُّخذ ولا عودة عنه، ويبقى على إسرائيل أن تستجيب لرغبة واشنطن بتوفير الضمانات لتطبيقه، وهذا ما يقع على عاتق الوسيط الأميركي لإلزامها بالقيام بخطوات موازية لتلك المطلوبة من الحكومة، وأن ما يتردد عن استعدادها لتقليص عملياتها العسكرية غير الضرورية لا يكفي ولا يفي بالغرض المطلوب ما لم تتوقف كلياً عن خروقها واعتداءاتها كأساس لتثبيت وقف النار، بما يتيح للبنان بسط سلطته على كافة أراضيه، وفق المصادر.

الموفد الأميركي توماس برّاك وإلى يمينه مورغان أورتاغوس في زيارتهما الأخيرة إلى بيروت (إ.ب.أ)

وأكدت المصادر أن جلسة مجلس الوزراء قائمة في موعدها في الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل، وعلى جدول أعمالها مناقشة الخطة التي أعدتها قيادة الجيش بتكليف منه لتطبيق «حصرية السلاح». وقالت إنها ستطبّق على 3 مراحل، وإن الحكومة تبدي مرونة بتمديد الجدول الزمني لتطبيقها إذا ما ارتأت قيادة الجيش ذلك، وهذا ما يتطابق مع وجهة نظر القيادة العسكرية.

ولدى سؤالها عن موقف «حزب الله» في ضوء لقاء رحال - رعد، قالت إنها ما زالت تراهن على أن يعيد النظر بموقفه، وإن كان لا شيء يوحي حتى الساعة باستعداده لتغييره بإصراره على تمسكه بالاتفاق الأول لوقف النار، وامتناعه عن الدخول في نقاش يتناول الاتفاق الثاني الذي تم تعديله.

رفض «حزب الله»

وأكدت المصادر أن الحزب برفضه تسليم سلاحه وحصر موقفه بتنفيذ الاتفاق الأول بذريعة أنه - أي سلاحه - شأن داخلي لا علاقة للوسيط الأميركي به، على أن يُبحث لاحقاً في إطار مناقشة استراتيجية أمن وطني للبنان ركز عليها عون في خطاب القسم، سيبدي في المقابل كل مرونة وانفتاح حيال الأفكار التي ستُطرح للتوصل لصيغة مشتركة للاستراتيجية الدفاعية للبنان.

وفي هذا السياق، نقل نائب في «الثنائي الشيعي» عن زميل له عضو في كتلة «الوفاء للمقاومة»، أنه (حزب الله) لن يسلم بالقوة أي قطعة من سلاحه، وأنه حاضر لتقديم كل ما هو مطلوب منه، وإنما بالحوار للتوافق على الاستراتيجية الدفاعية، برغم أن الحزب يُغفل في دفاعه عن موقفه أي حديث عن «حصرية السلاح»، ويتمسك بالاتفاق الأول الذي رأى مصدر وزاري أن لا مانع من التزام الحزب به؛ لأن من يراجعه يجد بنداً ينص صراحة على تطبيق الـ«1701»، معطوفاً على قرارات دولية سابقة، أبرزها «1559» الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، وبالتالي فإن استخدام القوة مستبعد، وهذا ما يؤكده عون الذي كان تصدّر دعوة الحزب للحوار للوصول إلى تفاهم يأخذ في الاعتبار ما لديه من هواجس ومخاوف.


مقالات ذات صلة

نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

خاص الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

نفى نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن يكون مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل قد انطلق، مع تعيين مفاوضين مدنيين من قبل الطرفين.

بولا أسطيح (بيروت)
حصاد الأسبوع جنود قرب مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان خلال عملية تسليم مجموعات فلسطينية سلاحها للجيش اللبناني يوم 13 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

لبنان: تدابير سياسية ــ عسكرية لتجنب جولة جديدة من الحرب

نجح لبنان الرسمي، إلى حد كبير، نتيجة التدابير السياسية والعسكرية التي اتخذها في الفترة الماضية، في وقف، أو «فرملة»، التصعيد الإسرائيلي الذي كان مرتقباً قبل نهاية العام، رداً على ما تقول تل أبيب إنها محاولات من قبل «حزب الله» لإعادة ترميم قدراته العسكرية. وتلعب واشنطن، راهناً، دوراً أساسياً في الضغط على إسرائيل لإعطاء فرصة للمسار السياسي - الدبلوماسي الذي انطلق مؤخراً مع موافقة الدولة اللبنانية على تطعيم الوفد الذي يفاوض في إطار لجنة وقف النار (الميكانيزم) بشخصية مدنية.

بولا أسطيح (بيروت)
تحليل إخباري الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)

تحليل إخباري القاهرة تضغط للحل في لبنان عبر زيارة مدبولي

أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى لبنان هدفها اقتصادي، لكنها تحمل هدفاً استراتيجياً وسياسياً يتعلق بدعم لبنان.

هشام المياني (القاهرة )
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام متحدثاً عن مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع (رئاسة الحكومة)

سلام يعلن عن إنجاز مسودة قانون «الانتظام المالي» وإعادة الودائع خلال 4 سنوات

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أنه تم الانتهاء من إنجاز مسودة مشروع قانون معالجة الانتظام المالي واسترداد الودائع خلال 4 سنوات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين

رئيس الحكومة المصري في بيروت حاملاً رسالة دعم للمسؤولين اللبنانيين

نقل رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي رسالة دعم للجهود التي يقوم بها المسؤولون في لبنان لتحقيق الاستقرار

«الشرق الأوسط» (بيروت)

فصائل عراقية تنضم إلى دعوات لحصر السلاح بيد الدولة

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
TT

فصائل عراقية تنضم إلى دعوات لحصر السلاح بيد الدولة

عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)
عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)

يسارع قادة ميليشيات عراقية هذه الأيام إلى إعلان دعواتهم لحصر السلاح بيد الدولة، في تطور يثير مفاجآت وعلامات استفهام وكذلك انتقادات على المستوى المحلي، ذلك أن هذه الشخصيات كانت حتى وقت قريب تتمسك بسلاحها وتتحدى الدولة علناً في المجاهرة به بذريعة انتمائها لـ«محور المقاومة»، الذي يناهض الولايات المتحدة الأميركية، ويشدد على خروج قواتها من العراق.

ولا تبتعد تحليلات محلية في تفسير هذه «الظاهرة» عن ضغوطات أميركية في العراق، إلى جانب تحولات إقليمية محتملة، إلى جانب سعي هذه الفصائل إلى الانتقال للعمل السياسي بعد فوزها بمقاعد في البرلمان الجديد.

وإلى جانب دعوة أطلقها رئيس «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، صدرت في غضون اليومين الأخيرين دعوات لحصر السلاح بيد الدولة من ثلاث شخصيات فصائلية معروفة ومدرجة ضمن لائحة العقوبات والإرهاب الأميركية.

ثلاثة فصائل

ويتصدر تلك الشخصيات أمين عام «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، الذي بات له وجود وازن في البرلمان بنحو 27 مقعداً، حيث قال، الجمعة: «نحن نؤمن بحصر السلاح بيد الدولة، وسنعمل على تحقيقه بخطوات واقعية». التوجه ذاته عبَّر عنه أمين عام «أنصار الله الأوفياء»، حيدر الغراوي، وكذلك فعل شبل الزيدي، قائد «كتائب الإمام عليّ».

ويجمع قادة الفصائل الثلاثة انضواءهم ضمن مظلة قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، وإدراجهم على لائحة الإرهاب الأميركية، ما يعزز فرضية أنهم يسعون إلى المناورة السياسية تجاه واشنطن التي تشدد على عدم القبول بمشاركة عناصر من الفصائل المسلحة ضمن التشكيلة الحكومية المقبلة.

جدية واشنطن

ورأى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، نزار حيدر، أن إطلاق دعوات لحصر السلاح من قيادات فصائلية يعود في أساسه إلى أن «القوى الشيعية ومعها كل الفصائل بدأت تشعر بجدية الموقف الأميركي في عدم التعامل مع حكومة جديدة تشترك فيها الفصائل».

ويقول حيدر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفصائل على وجه التحديد تسابق الزمن حالياً لإثبات حُسن نواياها لواشنطن قبل أن يصل مبعوثها الخاص مارك سافايا إلى بغداد».

ويُقسِّم حيدر الفصائل المسلحة إلى نوعين، الأول، الذي انخرط بالعملية السياسية والانتخابية على عدة مراحل كانت آخرها الانتخابات النيابية الأخيرة، ومنها الذي شارك في الحكومات السابقة بوزير أو أكثر. وهذه الفصائل سعت وتسعى للتحول من كونها قوة مسلحة خارج سلطة الدولة إلى كونها جزءاً من مؤسسات الدولة الأمنية وغيرها.

ويرى أن النوع الأول «هو مَن يدعو حالياً إلى حصر السلاح بيد الدولة ليجد المقبولية لدى المجتمع الدولي والإقليمي، وتحديداً الولايات المتحدة».

أما النوع الثاني، ويتعلق بـ«الفصائل التي ما زالت لا تجد نفسها في العملية السياسية على الرغم من انخراطها في الانتخابات النيابية الأخيرة، وما زالت توظف الخطاب (المقاوم) في مسعى منها للحصول على أكبر المكاسب السياسية والمالية والأمنية قبل إعلانها الانخراط التام بالدولة».

تكتيك مرحلي

ويتفق إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي»، حول أهمية وتأثير الضغوط الأميركية المسلطة على الفصائل وإرغامها على إعلان تخليها عن السلاح خارج إطار الدولة.

ويرى الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «دعوات نزع السلاح يجب النظر إليها من ناحية التوقيت الذي يتزامن مع الاشتراطات الأميركية المتعلقة بضرورة تفكيك السلاح وحصره بيد الدولة والقائد العام للقوات المسلحة، وأيضاً بقرب وصول المبعوث الأميركي مارك سافايا إلى العراق».

ويعتقد الشمري أنها تأتي أيضاً ضمن توقيت مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، ذلك أن «هذه الجماعات تسعى إلى الانخراط في الحكومة الجديدة وهي تدرك حجم الممانعة الأميركية في هذا الاتجاه».

عناصر من «كتائب حزب الله» خلال استعراض ببغداد في سبتمبر 2024 (رويترز)

ولا يستبعد أنها تأتي كذلك ضمن «سياق تكتيكي مرحلي لاختبار مدى الاستجابة الأميركية لمثل هذه الدعوات، وأيضاً قد تكون مدخلاً لانخرط هذه الفصائل في مفاوضات مباشرة مع واشنطن».

ويلفت الشمري إلى أن دعوات الفصائل العراقية «لا يمكن فصلها عن طبيعة خطاب (حزب الله) اللبناني، وهي متسقة مع اشتراطاته لنزع السلاح، إذ تريد أن تبدو عملية نزع السلاح وكأنها إجراءات وترتيبات محلية داخلية وليست نتيجة ضغوط أميركية وخارجية».


نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)
TT

نائب رئيس الحكومة اللبنانية: مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل لم ينطلق

الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

نفى نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري أن يكون مسار المفاوضات السياسية مع إسرائيل قد انطلق مع تعيين مفاوضين مدنيين من قبل الطرفين، لافتاً إلى أن التركيز راهناً هو على سحب الذرائع الإسرائيلية، من خلال تفعيل عمل لجنة وقف النار (الميكانيزم) لتجنب جولة حرب جديدة.

وأشار متري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المهمة الأساسية للجنة «التحقق من الخطوات والإجراءات التي يقوم بها الجيش اللبناني في إطار تنفيذ واجباته كاملة، واقترابه من استكمال خطته لجنوبي الليطاني»، مضيفاً: «لكن إسرائيل يمكنها أن توسِّع عملياتها العسكرية بذرائع ومن دون ذرائع». وأشار متري إلى «تلميحات بوجود ضغوط أميركية لمنع إسرائيل من شن جولة حرب جديدة على لبنان».

العلاقات اللبنانية السورية

ويتولى متري ملف العلاقات اللبنانية- السورية التي تم التداول بإصابتها بانتكاسة، بعد فشل زيارة الوفد القضائي اللبناني إلى دمشق، في الحادي عشر من الشهر الجاري، في تحقيق النتائج المرجوة فيما يتعلق بالتوصل إلى معاهدة قضائية جديدة تنظِّم آلية تسليم السجناء السوريين الموقوفين في لبنان، بعدما ظهر تباين واسع في مقاربة الطرفين لبنود مشروع الاتفاقية.

ويُعتبر حل هذا الملف أولوية للسلطات السورية، وهو ما أكده متري، لافتاً إلى أهمية الانتهاء من هذه المسألة؛ سواء للسوريين أو اللبنانيين، متحدثاً عن ضغوط كبيرة يمارسها أهالي السجناء.

وأوضح متري أنه «قبل شهرين انطلقنا بمناقشة مسودة أولى لاتفاقية تعاون قضائي، وقد جرت مناقشتها، ولكنها لم تكن مُرضية؛ إذ كان تنفيذها يتطلَّب وقتاً، وإقرارها من قبل مجلس النواب. لذلك أعددنا مشروع اتفاقية ثانية نوقشت في دمشق الأسبوع الماضي، وشهدت أخذاً وردّاً حول بنودها، ولكنها أيضاً لم تكن مُرضية للطرف السوري. بناءً عليه، طلبنا منه إعداد اقتراحات لتعديلها بغية العمل عليها والأخذ بها. وتتطلب هذه المسودة -حصراً- إقرارها من قبل مجلس الوزراء».

وشدد متري على وجود «إرادة سياسية لمعالجة هذا الملف في أسرع وقت ممكن؛ إذ إن كل يوم يمرُّ يزيد الأمور تعقيداً»، قائلاً: «نحن مستعجلون لنقل العلاقات اللبنانية- السورية من مرحلة المعالجة إلى مرحلة التعاون، بما يطوي صفحة الإشكالات والتناقضات السابقة».

ورداً على سؤال عن الإشكاليات التي لا تزال تحول دون اعتماد مسودة اتفاقية لحلِّ ملف السجناء السوريين، أشار متري إلى أن «الاعتراضات تركزت على استثناء بعض المحكومين، إضافة إلى ملف الموقوفين»، مؤكداً أن الطرف اللبناني يعمل على معالجة هذا الملف بسرعة: «وقد أُطلق سراح نحو 100 موقوف بموجب إخلاءات سبيل، بينما أُفرج خلال شهرين عن 22 موقوفاً كانوا موقوفين على خلفية الانتماء إلى تنظيم كان محظوراً -هو (جبهة النصرة)- ولم يعد كذلك».

وتحدَّث متري عن «صعوبات كثيرة واجهها القضاء اللبناني، ما أدَّى إلى تباطؤ كبير في عمله. أضف أنه -وبفعل الظروف السابقة- لم يلتزم القضاء العسكري في بعض الأحكام بأعلى المعايير القضائية». ولكنه شدَّد على أن «الأمور تبقى قابلة للحل، ما دامت هناك إرادة سياسية لبنانية، وما دام الجميع مدركاً لأهمية المعالجة بعيداً عن المماحكات». وأضاف: «للدولة اللبنانية مصلحة كبرى في هذه المرحلة، لالتقاط الفرصة الراهنة، والعمل بعد سنوات طويلة على بناء علاقات سوية وسليمة مع سوريا؛ علاقات تقوم على التكافؤ والاحترام والتعاون»، مؤكداً أن «السوريين اليوم لا يرغبون في الهيمنة على لبنان ولا التدخل في شؤونه».

أما بالنسبة لبقية الملفات العالقة بين البلدين، فنفى متري أن تكون في «حالة جمود»، موضحاً أن «نحو 400 ألف سوري عادوا إلى بلادهم، ولكنهم يواجهون صعوبات في السكن، مع وجود اهتمام عربي بأوضاعهم».

وإذ أكد أن «التركيز مستمر على ضبط الحدود بين البلدين»، أوضح أن «مسألة الترسيم لم تبدأ بعد، وهي مسؤولية تقع على عاتق الطرفين». وأوضح أن «الجانب الفرنسي يقدِّم مساهمة تقنية في هذا المجال عبر تقديم خرائط الانتداب الفرنسي، والتي ستساعد في عملية الترسيم».

وكان متري ووزير العدل، عادل نصار، قد عقدا اجتماعاً مع رئيس الجمهورية جوزيف عون يوم الجمعة، في إطار السعي للتوصُّل إلى اتفاقية بين لبنان وسوريا، تتعلَّق بملفِّ السجناء والموقوفين. وشدد عون على ضرورة درس أفضل الصيغ القانونية الممكنة للتفاهم والاتفاق مع الجانب السوري، مؤكداً على وجود رغبة قوية في إقامة أفضل العلاقات مع سوريا، وتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات.


غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

غزة: أسلحة جديدة في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة لـ«حماس»

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)
مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي في الساعات الأخيرة، بنشر مقاطع فيديو وصور لأسلحة جديدة ظهرت في أيدي عناصر المجموعات المسلحة الموجودة في مناطق السيطرة الإسرائيلية داخل قطاع غزة، التي تعدّ نفسها البديل الذي سيحل مكان حكم «حماس» في القطاع، وباتت تطور من أساليبها الهادفة للمشارَكة في الإطاحة بالحركة.

واختلفت الآراء حول مصدر تلك الأسلحة إنْ كانت من قبل إسرائيل، وهي جديدة، أم أنها أسلحة استولت عليها القوات الإسرائيلية من عناصر «حماس» في القطاع، وسلمت جزءاً بسيطاً منها لتلك العناصر، أو أن تلك المجموعات استولت عليها من أنفاق وأماكن قتال عناصر الحركة بعد مقتل كثير من نشطائها في عمليات ملاحقة جرت خصوصاً في رفح.

الفلسطيني ياسر أبو شباب الذي يقود ميليشيا مسلحة في غزة تناوئ «حماس» والذي قُتل (صورة نشرتها «يديعوت أحرونوت»)

ونُشر مقطع فيديو وصورة، تعودان لغسان الدهيني، الذي تولى قيادة «القوات الشعبية» بدلاً من ياسر أبو شباب الذي قُتل منذ أسابيع في رفح جنوب قطاع غزة، وهو يحمل قذيفة «تاندوم» وهي قذيفة مطورة من قاذف «آر بي جي»، وكانت «حماس» تستخدمها كثيراً خلال السنوات الماضية وخلال الحرب الأخيرة، وكان في مقطع الفيديو يتفقد صندوقاً يحمل به أسلحة جديدة، ومن حوله كثير من المسلحين.

ويبدو أن الأمر لم يقتصر على الدهيني، الذي تنتشر مجموعاته في رفح جنوب قطاع غزة، حيث نُشر مقطع فيديو لعناصر تتبع مجموعات تطلق على نفسها «الجيش الشعبي» التي يقودها أشرف المنسي، في مناطق جباليا وبيت لاهيا شمال القطاع، حيث ظهر برفقتها قذائف «آر بي جي» بعدد محدود جداً.

ولا تنفي أي من المجموعات المسلحة بغزة أنها تتلقى دعماً من إسرائيل، التي كان رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، أكد ذلك في تصريحات سابقة كان أصدرها في يونيو (حزيران) الماضي.

وأقر شوقي أبو نصيرة، وهو ضابط أمن فلسطيني سابق يقود أحدث تلك المجموعات وأصغرها والتي تنتشر شرق خان يونس، جنوب القطاع، خلال مقابلة مع «قناة 14» العبرية اليمينية، قبل أيام عدة، بأن إسرائيل أمدته والمجموعات الأخرى بالسلاح والمال والطعام، وأن بينهم تنسيقاً أمنياً كبيراً.

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

وتتهم مصادر من «حماس» كانت تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، منذ أيام، مجموعة أبو نصيرة بإرسال مجموعة من المسلحين، قتلوا الضابط في جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة غزة التي تقودها الحركة، أحمد زمزم، بإطلاق النار على مركبته في مخيم المغازي وسط القطاع، وهو الأمر الذي عُدّ في القطاع بأنه تغيير في أساليب تلك المجموعات التي يبدو أنها تتنافس فيما بينها لتظهر ولاءها لإسرائيل وقدرتها على تحقيق أهداف من خلال مثل هذه الضربات التي تعدّ نوعية.

وأعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «حماس»، أنها اعتقلت أحد المنفذين، وضبطت بحوزته مسدساً كاتماً للصوت، تم استخدامه في العملية، مشيرةً إلى أن المعتقل اعترف بأنه التقى ضابط مخابرات إسرائيلياً برفقة المنفذين الآخرين، وبوجود أبو نصيرة؛ للتنسيق للعملية التي هدفت لإحداث الفوضى بغزة.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

وبيَّنت أن ضابط المخابرات الإسرائيلية سلم المنفذين 3 مسدسات مزودة بكواتم صوت، و3 دراجات كهربائية، وملابس مزودة بكاميرات صغيرة الحجم، وهواتف موصولة بسماعات لاسلكية، بالإضافة إلى إحداثيات مسار تحرك زمزم.

وبعد الحادثة، أعلنت قوة «رادع» التابعة لأمن الفصائل الفلسطينية المسلحة، وبالتنسيق مع وزارة الداخلية بغزة، فتح «باب التوبة» أمام مَن وصفتهم بـ«العملاء» الذين يخدمون تلك المجموعات المسلحة.

وقالت منصة «حارس» التابعة لأمن تلك الفصائل، الجمعة، إن عدداً من الأشخاص قاموا بتسليم أنفسهم للأجهزة الأمنية بغزة خلال فترة المهلة التي حُدِّدت بـ10 أيام، مشيرةً إلى أنه تتم حالياً معالجة ملفاتهم وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها، معلنةً انتهاء الحملة رسمياً.

مقاتلون من «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وأكدت المنصة استمرار سريان قرار ملاحقة المتعاونين مع الاحتلال وتفكيك شبكاتهم، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات ستتواصل دون توقف، محذرةً من التواصل مع «عملاء المرتزقة» أو المنصات الإعلامية الداعمة لهم، مشددةً على أن هذه الوسائل تستخدم أسماء متعددة بهدف التأثير على الوعي العام ومحاولة شرعنة التعاون مع الاحتلال. كما قالت.

وعلى الرغم من هذه الإعلانات من قبل «حماس»، فإن تلك المجموعات إلى جانب مجموعات أخرى تنشط في مناطق سيطرة إسرائيل خلف الخط الأصفر، وهو ما نسبته 50 في المائة من مساحة قطاع غزة، تنشر منذ أيام عدة، وباستمرار، مقاطع فيديو تظهر عمليات تدريب لما قالت عنها عناصر جديدة انضمت إليها.

وأعلنت تلك المجموعات سلسلة من الدورات الجديدة، واستحداث أقسام عسكرية لضمهم إليها، مثل قوات النخبة ومكافحة الإرهاب، وغيرها، الأمر الذي يشير إلى أنها ما زالت قادرة على مواجهة «حماس» حتى وإن كان بالحد الأدنى مما كانت تتوقعه إسرائيل منها.