لطالما ارتبط اسم الفنانة ألين لحود بوالدتها الفنانة الراحلة سلوى القطريب، وكذلك بالمخرج والمنتج والملحن الراحل روميو لحود، فهو من وقف وراء مسيرة الوالدة وأثر في مشوار الابنة. وتعرف ألين بإتقانها الغناء بلغات مختلفة، وهي صاحبة صوت قدير يمكنه أداء مختلف الأنماط الموسيقية.
ومن هذا المنطلق، تقف ألين مساء اليوم السبت على «مسرح كازينو لبنان» لتقدّم عملاً تكريمياً للراحلة صباح بعنوان: «أيام اللولو». يقف وراء الفكرة المنتجان طارق كرم ونايلة خوري، فيما يوقّع إخراجه روي خوري برؤية مسرحية يشاركه فيها جان نخول. وتعلّق لحود لـ«الشرق الأوسط»: «اختياري لأداء هذه المهمة أعدّه مسؤولية كبيرة. فالراحلة صباح واحدة من ثلاثي عمالقة الفن في لبنان؛ وديع الصافي والسيدة فيروز. وتشكّل ركناً أساسياً من أركان الفن في لبنان والعالم العربي. وأعتبر هذا العمل تحدّياً جديداً أعيشه في حياتي المهنية».

ألين سبق أن سجّلت بداية فنية مع الراحل إلياس الرحباني، امتدت فيما بعد إلى الجيل الثاني من هذه العائلة. يومها شكّل لها هذا الأمر تحدّياً آخر؛ لأنها تعمل مع منافسين لعمّها روميو لحود شقيق والدها ناهي. ولكن في «أيام اللولو» تعود إلى البيت الأصيل. فتعدّ الراحلة صباح جزءاً من تاريخ روميو لحود... «لقد لعب دوراً أساسياً في إعادتها إلى لبنان بعد غياب، وقدّمها في عروض عالمية، من بينها (أولمبيا) باريس، ناهيك بالأغاني التي لحنها لها وحققت نجاحاً كبيراً، بحيث لا تزال تردد حتى اليوم. فكأني في (أيام اللولو) أربط بين صفحات تاريخ الفن اللبناني».
تقول لحود إنها استمتعت كثيراً بالتحضير لهذا العمل الضخم. وتتابع في سياق حديثها: «استمعت إلى أغنيات كثيرة لها، واكتشفت مجموعة لا أعرفها. فصباح صاحبة مشوار فني غني، وكانت تشتهر بتنويعها الغنائي، فقدمت الكلاسيكي، والرومانسي، والشعبي، والوطني. وتحمسّتُ كثيراً لهذا العمل الذي يتناول مراحل من حياة الفنانة الراحلة بأسلوب جديد».

يأتي العمل بعد مرور 11 عاماً على رحيل صاحبة لقب «الأسطورة». ويشارك فيه ساندي مطر وباسم فغالي. وهذا الأخير عرف بتأثّره بشخصية الفنانة الراحلة، فكان أفضل من يقلدها ويؤدي أغانيها على طريقتها. ويستحضر العمل أغنيات صباح وموسيقاها وأزياءها إلى المسرح، بعدما أُجّل أكثر من مرة بسبب الحرب في لبنان. وهذه المرة يستنفر فريق العمل المسرحي ليقدّمه تحيةً لـ«الشحرورة». يقود الفرقة الموسيقية المايسترو إيلي العليا. وتحمل المسرحية اسم «أيام اللولو» المستوحى من عنوان فيلم شهير للفنانة الراحلة، ومن أغنية تحمل الاسم نفسه لحنها لها الراحل إيلي شويري.
استمعت إلى أغنيات كثيرة لها واكتشفت مجموعة لا أعرفها... فصباح صاحبة مشوار فني غني
ألين لحود
وتتضمن المسرحية جولة على أجمل أغنيات صباح، وسط لوحات راقصة، وتطلّ على حياة الراحلة من خلال رواية أهم مراحلها. وتوضح لحود: «في المسرحية راوٍ يسرد مراحل من حياتها، كما سأتحدّث عنها شخصياً من خلال أخبار ومعلومات أعرفها عنها. فلقد كان لي حظ الالتقاء بها أكثر من مرة بحضور أمي وروميو لحود. ولا يمكن أن أنسى كمية الحب والحنان اللذين تكنّهما لنا».
وكي تكتمل مشهدية ألين مجسدة دور صباح على المسرح، قدّمت لها ابنة أخي مصمم الأزياء ويليام خوري 4 فساتين سبق أن ارتدتها صباح... «هذه الفساتين تتمحور حول مناسبات عدة شاركت فيها الفنانة الراحلة. ورغبت مادونا ابنة أخي الراحل ويليام خوري أن تهديها للعمل لترك لمسة حقيقية عليه، من واقع أناقة صباح. وهي عبارة عن عباءة وفساتين مطرّزة... وأخرى فضّية وذات ألوان يغلب عليها الأبيض والأزرق». وتعلّق لحود: «عندما ارتديت هذه الفساتين كان قلبي يدق بسرعة ودمعت عيناي تأثراً، وكذلك منتجة العمل نايلة خوري. تملّكتني مشاعر الرهبة لأني أرتدي فساتين الفنانة الراحلة».
وسيتولى تصفيف شعر ألين المصفف الخاص بالراحلة صباح جوزيف غريب.
تحمّست كثيراً لهذا المشروع الذي يتناول مراحل من حياة الفنانة الراحلة بأسلوب جديد
ألين لحود
تقول ألين لحود إن معظم الأغاني التي ستؤديها للراحلة صباح لبنانية. فيما تتولى ساندي مطر غناء المصرية منها.... «لقد رغبت في التشديد على هويتها الفنية اللبنانية، وعلى أعمالها في (مهرجانات بعلبك) إثر عودتها إلى لبنان بعد غياب. وستحضر في العمل أغنيات فلكلورية وأخرى وطنية».
وتخبر ألين لحود عن انطباعاتها عن الفنانة الراحلة بعد أن غاصت في فنها وحياتها: «لقد كانت فنانة صاحبة شخصية فذّة. وإضافة إلى موهبتها الغنائية، فهي من الأشخاص الذين يقاتلون حتى الرمق الأخير. تجاوزت مصاعب عدة عائلية وفنية، واستطاعت أن ترصّع الفن اللبناني بأعمالها الرائعة. وذلك رغم حياة غير سهلة بتاتاً عاشتها، فترفعّت فيها عن آلامها كي تعطي فنها. حُوربت من الأقربين كما من آخرين. ورغم كل ذلك، فإنها كانت صلبة وزودتنا بالفرح والفن الحقيقي».
وتستطرد لحود: «كانت مثالاً يحتذى للفنان الذي يتناسى مشكلاته من أجل فنّه. كما أن مصفف الشعر جوزيف غريب الذي رافقها حتى اللحظات الأخيرة يؤكد أنها امرأة قوية جداً؛ فهي بقيت محافظة على رباطة جأشها وحضورها القوي حتى خلال معاناتها من المرض».
وعما إذا كانت تحب خوض تجربة مشابهة لتكريم فنانة أخرى، تردّ: «بالطبع أحبّذ هذا النوع من الأعمال الفنية. فنحن اليوم نفتقد الفن الأصيل. وسأكون جاهزة لأداء أي عمل من هذا النوع، وأعتبره فخراً لي. والأهم هو أن يحمل إضافة متبادلة بيني وبين والعمل».
وبالنسبة إلى جديدها الغنائي، تختم قائلة: «سبق أن كتبت كلام أغنية منذ نحو سنتين. وهي أول تجربة لي بالعربية؛ إذ تعودّت الكتابة بالأجنبية. واتصلت أخيراً بالملحن والموزع شارل شلالا ليلحن هذا النص. فهو عزيز على قلبي؛ لأنه نص يعبّر عني ويشبهني. وأتمنى إنجازه قريباً لأصدره في الأشهر المقبلة».









