مصادر من فصائل فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»: ندرس خطة تتعلق بالمحتجزين الإسرائيليين

سعياً لممارسة ضغوط لمنع احتلال مدينة غزة

نازحون في خيام بمدينة غزة يوم الأحد (رويترز)
نازحون في خيام بمدينة غزة يوم الأحد (رويترز)
TT

مصادر من فصائل فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»: ندرس خطة تتعلق بالمحتجزين الإسرائيليين

نازحون في خيام بمدينة غزة يوم الأحد (رويترز)
نازحون في خيام بمدينة غزة يوم الأحد (رويترز)

​مع تصعيد وتيرة القصف والحصار بمدينة غزة، وتسارع الخطى الإسرائيلية الرامية للسيطرة على المدينة وأحيائها، تدرس فصائل فلسطينية مسلحة خطة تتعلق بالمحتجزين لديها بما يمكّنها من ممارسة ضغط على إسرائيل لمنع احتلال المدينة.

ووفقاً لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، وهي من عدة فصائل مسلحة، فإن الخطة تتعلق بمسألة نقل أو الاحتفاظ بمحتجزين إسرائيليين في مدينة غزة، رغم بدء عملية عسكرية واسعة بها.

وذكرت المصادر أن هذه الخطوة لا تزال قيد الدراسة ولم يُبت فيها بعد، والهدف منها ممارسة ضغط على إسرائيل، وربط مصير حياة بعض الرهائن الأحياء بقرارات حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تهدف لاحتلال القطاع.

وأشارت إلى أن هذا المقترح يخضع لدراسة الفصائل منذ أيام على مستويات عليا داخل قطاع غزة وخارجه.

ولفتت إلى أن القرار، منذ بداية الحرب الحالية، كان ضرورة الحفاظ على حياة المحتجزين قدر الإمكان، لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين والتوصل إلى اتفاق وقف الحرب؛ مؤكدة أن هذا كان ملزماً للجميع، إلا أنه في ظل المتغيرات الحالية، فإن قراراً جديداً قد يُتخذ لإيصال رسالة واضحة بأن حياة الفلسطينيين وممتلكاتهم مرهونة بحياة هؤلاء الرهائن.

وقال أحدها: «لم تعُد هناك خيارات أمام الغطرسة الإسرائيلية ووقف الجرائم المرتكبة بحق المواطنين العزل وتدمير منازلهم الممنهج، سوى اتخاذ قرارات غير عادية للتأكيد أن دم الفلسطيني لن يبقى وحده مستباحاً، ويجب أن يكون ثمنه غالياً؛ ليس فقط من حياة الجنود الذين سيدخلون إلى المدينة، بل ومن حياة المختطَفين الإسرائيليين الذين نرى أنهم ليسوا أكثر أهمية من دماء أبناء شعبنا».

فلسطينيون يحملون جثامين قتلى هجوم إسرائيلي على مدينة غزة يوم الأحد (د.ب.أ)

وأضاف: «لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام استمرار هذه الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا، ومحاولة إجبارهم على النزوح مجدداً من مناطق سكنهم للسيطرة على مدينة غزة وشمالها، وفرض واقع جديد على مستقبلهم».

«حتى في أصعب الظروف«

قال مصدر: «نحن على قناعة بأن نتنياهو ووزراء حكومته لا يأبهون بحياة مختطَفيهم، لكن أيضاً لا يمكننا القبول بالتضحية بحياة مواطنينا، أو جعلهم يدفعون الثمن وحدهم».

ولفتت المصادر إلى أنه في حال اتخاذ القرار المتعلق بنقل بعض الأسرى، أو الاحتفاظ بهم بمدينة غزة، فستكون له تداعيات عدة؛ منها أنه سيسمح لمن يشرفون على تأمينهم - في حال شعروا بالخطر - بحرية التصرف بما لا يسمح لأي قوة إسرائيلية باستعادتهم أحياء، ما لم تكن هناك خيارات للتنقل بهم من مكان إلى آخر.

وأكدت أنه كان هناك حرص بالغ، حتى في أصعب الظروف، على الحفاظ على حياة المحتجزين وتقديم العلاج اللازم لهم بعد إصابتهم في بعض الغارات، أو العمليات الإسرائيلية التي كانت تصيبهم وخاطفيهم.

كما أكدت المصادر أن الآسرين كانوا كثيراً ما يحرمون أنفسهم من الطعام، لكي يحافظوا على حياة أسراهم.

وتابعت أنه مع عدم اكتراث نتنياهو وحكومته بالرهائن وحياتهم، فلن تكون لدى الفصائل مشكلة في ظل الواقع الجديد الذي تحاول فرضه إسرائيل، من خلال عمليتها الجديدة بقطاع غزة في نقل بعضهم، أو الاحتفاظ بهم في مدينة غزة.

وأشارت إلى أن الرهائن تعرضوا، كما هي الحال بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين، للعديد من الظروف الصعبة «خصوصاً في ظل سياسة التجويع التي اعتمدتها إسرائيل بحق المدنيين بحجج واهية».

لقطة لمدينة غزة من طائرة عسكرية أردنية تحمل مساعدات للقطاع يوم الأحد (رويترز)

وقالت إن ما ينطبق على المواطن بغزة ينطبق على الرهائن الذين عانوا هم أيضاً من المجاعة عناءً مأساوياً، «نتيجة سياسات حكومتهم التي تضحي بحياتهم بمثل هذه العمليات العسكرية»، بحسب حديث المصادر.

لماذا الآن؟

وأشارت المصادر إلى أن هذا المقترح لم يكن مطروحاً في مدن ومناطق أخرى دخلتها إسرائيل مثل خان يونس وغيرها، لأن الخطة الحالية المتعلقة بمدينة غزة «تعد الأخطر على الإطلاق، وتهدف لتهجير السكان وإبقاء احتلالها لسنوات طويلة من دون أن يبقى فيها أي فلسطيني»، مؤكدة أن الفصائل ستسعى لإفشال ذلك المخطط بأي ثمن.

وكان أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، قد أكد في تصريحات منذ أسبوعين، أن الكتائب لا تتعمد تجويع الرهائن الإسرائيليين، وأنهم يأكلون مما يأكل منه عناصرها وجميع الفلسطينيين، وأنهم لن يحصلوا على أي امتياز خاص في ظل «جريمة التجويع والحصار»، كما وصفها.

وأكد الاستعداد للتعامل بإيجابية والتجاوب مع أي طلب للصليب الأحمر بإدخال أطعمة وأدوية للمحتجزين الإسرائيليين، شريطة فتح ممرات إنسانية بشكل طبيعي ودائم لمرور الغذاء والدواء للفلسطينيين في كل مناطق القطاع.

فتى عمره 16 عاماً أصيب بشلل دماغي بسبب سوء التغذية بمدينة غزة - 16 أغسطس 2025 (د.ب.أ)

وطلب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وكذلك نتنياهو، من رئيس «الصليب الأحمر» في إسرائيل والأراضي المحتلة، جوليان ليريسون، المشاركة في تقديم الغذاء والرعاية الطبية للرهائن في قطاع غزة. وأكد «الصليب الأحمر» أنه يجري اتصالات مع كل الأطراف من أجل محاولة إيصال الدواء والغذاء إلى الرهائن، وأيضاً إلى سكان قطاع غزة.

وجاءت هذه الخطوة بعد نشر «حماس» و«الجهاد الإسلامي» مؤخراً، مقاطع فيديو لمحتجزَين إسرائيليَّين ظهرا بحالة صحية غير جيدة نتيجة ظروف المجاعة التي تجتاح قطاع غزة.

ويأتي ذلك كله وسط حراك جماهيري داخل إسرائيل، خصوصاً من عوائل المحتجزين، لمحاولة الضغط على الحكومة للتوصل إلى صفقة شاملة تعيد الجميع وتنهي الحرب، بينما لا يزال نتنياهو يصر على عدم قبول أي صفقات جزئية، ويؤكد أنه يسعى لصفقة شاملة بشروط إسرائيل المتعلقة بنزع سلاح «حماس» والفصائل الفلسطينية، وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل لاحقاً؛ ويصر على إطلاق سراح جميع المحتجزين دفعةً واحدة، وأن تكون هناك سلطة أو جهة تحكم قطاع غزة، لا تتضمن «حماس» أو السلطة الفلسطينية.

وصرَّحت مصادر مطَّلعة لـ«الشرق الأوسط»، السبت، بأن «حماس» أبلغت الوسطاء في الأيام القليلة الماضية، استعدادها لقبول المقترح الأخير الذي وضعه الوسطاء دون تعديلاتها التي أرفقتها عليها.

وعقدت «حماس» وقيادة جهاز المخابرات المصرية سلسلة اجتماعات في القاهرة، كما عقد قياديوها وقيادات بعض الفصائل، لقاءات لبحث الدفع قدماً باتجاه أي اتفاق لإفشال مخطط إسرائيل بشأن احتلال غزة.

وتسعى مصر بالتنسيق مع قطر، لمحاولة العودة إلى صفقة وقف إطلاق نار مؤقت لـ60 يوماً يُفرج خلالها عن 10 إسرائيليين أحياء، وعدد من الجثث، على أن تكون هناك مفاوضات فورية لصفقة أشمل، بما يضمن التوصل إلى اتفاق بشأن اليوم التالي لانتهاء الحرب في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية جندي إسرائيلي ينبطح أرضاً لدى سماعه دوي صفارات الإنذار بغلاف غزة في أكتوبر 2023 (أ.ب) play-circle

نتنياهو يدفع لتحقيق منزوع الصلاحيات حول هجوم «7 أكتوبر»

صادقت لجنة وزارية إسرائيلية على مشروع قانون قدمه حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق في هجوم «7 أكتوبر» (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل جثمان رضيع توفي بسبب البرد القارس في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

إسرائيل تُحرّك الخط الأصفر في جباليا لتعميق سيطرتها شمال غزة

تواصل القوات الإسرائيلية تعميق سيطرتها داخل قطاع غزة عبر إحكام قبضتها على العديد من المناطق، إذ توغلت آلياتها العسكرية بشكل مفاجئ في مخيم جباليا شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)

انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

انهار 20 مبنى ومنزلاً على الأقل بمدينة غزة في غضون 10 أيام؛ ما تسبب بوفاة ما لا يقل عن 15 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء.

«الشرق الأوسط» (غزة)

غزيّون تحت القصف يخشون تهجيراً جديداً شرق «الخط الأصفر»

أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

غزيّون تحت القصف يخشون تهجيراً جديداً شرق «الخط الأصفر»

أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
أطفال ينظرون من ملجأ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

في بلدة بني سهيلة بجنوب قطاع غزة، لا تجد أم أحمد قديح جواباً لأطفالها الذين يرتجفون خوفاً مع كل غارة إسرائيلية، ويسألونها: لماذا لا يغادرون للنجاة نحو غرب خان يونس، حيث تتركز حركة النزوح؟

خلال الأسبوع الأخير، شنّ الجيش الإسرائيلي غارات مكثفة على المناطق الشرقية من خان يونس، أي تلك الواقعة شرق الخط الأصفر، حيث يعيش عشرات آلاف الفلسطينيين في خيام أو منازل تضررت جراء حرب ضروس استمرت لعامين.

تقول قديح (40 عاماً)، المقيمة مع أطفالها في خيمة إلى جوار منزلها المدمر: «لا ننام طوال الليل بسبب الخوف لتواصل القصف في المنطقة الشرقية»، مضيفة أنّ أطفالها يسألونها: «لماذا لا ننزح من المنطقة، أصوات الانفجارات لا تتوقف، إلى أين سنذهب؟ وأنا لا أملك جواباً؛ لأنه فعلياً لا يوجد بديل حقيقي»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

صورة لرضيع متوفى في مستشفى ناصر نتيجةً لسياسة إسرائيلية مستمرة تُقيّد بشدة الوصول إلى الأدوية وحليب الأطفال والمعدات الطبية الأساسية وأنظمة التدفئة (د.ب.أ)

وتتابع أن «منطقة المواصي (غرب خان يونس) ممتلئة بالكامل بالخيام»، مشيرة إلى أن البقاء قرب المنزل المدمر «أهون علينا من المجهول».

وفي شمال شرقي خان يونس، يقول عبد الحميد الفرا (70 عاماً) إن عائلته تقيم على أنقاض منزلها المدمر جزئياً، مؤكداً أن «بقاءنا هنا (...) ليس لأننا بأمان، بل لأننا لا نجد مكانا آخر»، قبل أن يضيف بنبرة من التحدي: «لن نخرج من هنا (...) هذه أرضنا مهما اشتد القصف سنبقى، والتهجير لن يكون حلاً لنا، بل مأساة جديدة».

وحسب الفرا، لم تعد المواصي قادرة على استيعاب مزيد من النازحين، بينما يرى أن استمرار نسف المنازل في المناطق الشرقية يهدف إلى «إفراغ المنطقة بالكامل من شرق الخط الأصفر».

والخط الأصفر الخاضع لسيطرة إسرائيل، وهو خط ترسيم بموجب هدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» دخلت حيّز التنفيذ منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول).

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زمير الخط الأصفر بأنه «الحدود الجديدة» مع إسرائيل.

وقال الجيش إن ضرباته تعود إلى «تهديدات» الفصائل الفلسطينية.

وأوضح في بيان إلى «وكالة الصحافة الفرنسية» أن عملياته «الحالية في غزة وانتشاره على وجه الخصوص في منطقة الخط الأصفر، تتمّ لمواجهة تهديدات مباشرة من منظمات إرهابية في غزة».

«لا خيام ولا طعام ولا دواء»

اندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، عقب هجوم غير مسبوق شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، وأسفر عن مقتل 1221 شخصاً، حسب إحصاء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

ومنذ اندلاع الحرب، قُتل أكثر من 70 ألف شخص في غزة، وفق وزارة الصحة في القطاع، في حين نزح معظم سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، وكثيرون منهم مرات عدة.

ومنذ سريان وقف إطلاق النار، يتبادل الطرفان بانتظام الاتهامات بخرقه.

وحسب المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، فإن بعض السكان يغادرون منازلهم بسبب القصف، لكن الأعداد تبقى محدودة؛ ذلك أن «لا خيارات أمام المواطنين، كثيرون يفضّلون البقاء رغم مخاطر الموت بسبب القصف، ولا مكان آمناً في القطاع».

ويشير بصل إلى أن الجيش الإسرائيلي «كثَّف في الأسابيع الأخيرة القصف الجوي والمدفعي يومياً على خان يونس ومناطق أخرى في القطاع لترحيل الناس؛ لتبقى المناطق الشرقية خالية أمام الاحتلال».

سيدات ينتظرن استلام حصص غذائية مُتبرع بها في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

يصف رئيس بلدية خان يونس علاء البطة القصف الإسرائيلي بأنه «خروق لاتفاق وقف إطلاق النار»، عادَّاً أنّه يهدف إلى «تهجير الناس من مناطقهم»، وطالب بتدخل عاجل لوقف تلك الخروق؛ إذ إن «مئات آلاف النازحين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة لا خيام ولا طعام ولا دواء».

وفي بلدة خزاعة، يقول محمود بركة (45 عاماً) إن القصف المدفعي «لا يتوقف» في المناطق الشرقية، وإن أصوات الانفجارات «قريبة جداً».

يسير الناس وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويلفت بركة إلى أن الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات نسف يومية للمنازل «وكأننا في ساحة حرب. هدف الاحتلال إخافتنا».

ويردف: «لا ننام طوال الليل. أطفالي ما زالوا يرتجفون من الخوف وأيضاً من البرد، نحن نعيش مأساة حقيقية، لكن فعلياً لا يوجد خيار ولا بديل أمامنا إلا البقاء هنا».

ويأمل بركة بانتهاء هذا الوضع مع بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي، مؤكداً: «نحاول استرجاع حياتنا بالتدريج؛ فنحن تعبنا جداً».

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بشأن تأخير بدء مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، الذي ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها الحالية، وتولي سلطة مؤقتة إدارة القطاع بدلاً من حكومة حركة «حماس»، إضافة إلى نشر قوة استقرار دولية.


هل يستطيع لبنان الانتقال عملياً لسحب السلاح شمال الليطاني؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

هل يستطيع لبنان الانتقال عملياً لسحب السلاح شمال الليطاني؟

مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

ينتظر الجيش اللبناني قراراً سياسياً يفترض أن تتخذه الحكومة للانتقال مطلع العام لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة التي كان قد وضعها لحصرية السلاح.

وقد أتت تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام عبر «الشرق الأوسط» ليعلن الانتقال قريباً لحصر السلاح بين نهري الليطاني والأولي، لتؤكد أن الأسابيع الأولى من العام الجديد ستكون حاسمة في هذا المجال. إلا أن تشدد «حزب الله» ورفضه رفضاً قاطعاً تسليم سلاحه شمال نهر الليطاني يطرح علامات استفهام كبيرة حول خطة الدولة للتعامل معه، علماً أن مقربين منه عدّوا موقف سلام الأخير «خطوة تنازلية جديدة يسعى إليها لبنان الرسمي من دون أي خطوة مقابلة من الطرف الإسرائيلي».

ويبدو واضحاً أن تعامل الحزب مع ما وصفها بـ«الخطوات التنازلية» التي اضطر للرضوخ إليها جنوب الليطاني، سواء من خلال استلام الجيش سلاحه ومواقعه العسكرية أو امتناعه عن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة أو تعيين مدني في الوفد الذي يفاوض إسرائيل، لن يكون مماثلاً لتعامله مع احتمال التوسع لتطبيق خطة حصرية السلاح شمال الليطاني دون موافقته على ذلك.

عناصر من الجيش اللبناني بمحاذاة شاحنة تعرَّضت لغارة إسرائيلية في ساحل جبل لبنان الجنوبي الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ويربط الحزب أي خطوة في هذا الاتجاه، بمجموعة شروط، أبرزها انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وإعادة الأسرى ووقف الاعتداءات والشروع في إعادة الإعمار، علماً أنه يربط مصير سلاحه شمال النهر بـ«استراتيجية دفاعية وطنية» يتم التفاهم عليها داخلياً.

الواقع العسكري

وحسب المعلومات، فإن عناصر وضباط الجيش التزموا طوال الفترة الماضية خلال مهماتهم بحصر السلاح جنوب الليطاني بتعليمات واضحة بعدم الاقتراب من مواقع شمال الليطاني، علماً أن مصادر أمنية تؤكد أنه وبالتوازي مع المهام الميدانية التي كانت تحصل جنوب النهر كانت هناك إجراءات حاسمة تتخذ شمالاً، أي على مختلف الأراضي اللبنانية، وبالتحديد لجهة منع نقل السلاح كما التصدي لأي محاولات تهريب له على الحدود اللبنانية - السورية.

وعما إذا كان الجيش جاهزاً لاستكمال تنفيذ الخطة التي وضعتها القيادة، وبالتالي الانتقال إلى المنطقة الواقعة بين نهري الليطاني والأولي، تقول المصادر الأمنية لـ«الشرق الأوسط»: «الخطة وُضعت لتُنفَّذ، والانتقال إلى هذه المرحلة يتطلب قراراً سياسياً»، لافتة إلى أن «تشدد (حزب الله) ورفضه التسليم يعني وضع الجيش بمواجهة مع عناصره؛ ما قد يهدد السلم الأهلي، وهو ما يُعدّ خطاً أحمر بالنسبة لرئاسة الجمهورية وقيادة الجيش».

محاذير سحب السلاح بالقوة

ويستبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور هلال خشان انتقال الدولة اللبنانية لتطبيق قرارها حصرية السلاح شمال الليطاني بالقوة، عادَّاً أن «لبنان دولة ناعمة، وهناك دائماً بالنسبة إليها ثغرة بين اتخاذ القرار وتنفيذه».

ويرى خشان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ألا خيارات أمام الدولة، «وهي تحاول أن تماطل وتطالب بتمديد المهلة المعطاة لها لحصر السلاح حتى أواخر عام 2026».

جنود في الجيش اللبناني يسيرون في نفق حفره «حزب الله» في منطقة زبقين بجنوب لبنان في وقت سابق وسيطر عليه الجيش بعد الحرب (أرشيفية - أ.ب)

ويؤيد خشان وجهة النظر القائلة بأن محاولة سحب السلاح بالقوة «ستؤدي إلى حرب أهلية وانفراط عقد الجيش وانشقاق الضباط الشيعة»، موضحاً أن «الجيش بتركيبته وعقيدته لا يحارب طائفة أو مجموعة وازنة».

أما عن موقف «حزب الله»، فيرجّح خشان أن يتعاطى الحزب مع أي محاولات لمواجهته بالقوة وفق المنطق القائل «عليّ وعلى أعدائي»، متحدثاً عن «مزاج عام مسيطر لدى الشيعة في لبنان برفض تسليم السلاح؛ لأن ذلك يعني الإطاحة بكل الإنجازات التي تحققت للطائفة خلال أكثر من 40 عاماً». ويضيف: «كما أن الحزب غير مهتم بطروحات تقول بإعطائه امتيازات سياسية مقابل السلاح، فهو الذي بقي مسيطراً على الحياة السياسية في لبنان طوال السنوات الماضية، يُدرك أن امتيازات كهذه لا تدوم».

ويرى خشان أن الحزب وبطرحه الاستراتيجية الدفاعية، «يحاول شراء الوقت لعلمه بأن أي نقاشات داخلية لا يمكن أن تصل إلى نتائج في هذا الملف، وهو ما اختبرناه لسنوات طويلة»، مرجحاً أن «يؤدي هذا الواقع لتصعيد إسرائيلي غير واضح إذا ما كان سيرتقي لحرب».

الحزب يرفض

ويؤكد الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير المطلع من كثب على موقف «حزب الله» أن الحزب «يرفض مطلقاً الانتقال لحصر السلاح شمالي الليطاني ويعدّ أن المسؤولية اليوم أمام الدولة والجيش اللبناني والحكومة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وإنهاء الاحتلال وإطلاق الأسرى»، لافتاً إلى أنه «من غير الواضح بعد كيف ستتم ترجمة عملية الرفض، خاصة بعدما قال الشيخ نعيم قاسم بوضوح في آخر خطاب له إن السلاح مثل الروح والأرض ولن يتم التخلي عنه».

وعما إذا كان الحزب قد يقبل في مرحلة ما مبادلة سلاحه بامتيازات سياسية، يقول قصير لـ«الشرق الأوسط»: «الحزب لا يطالب بامتيازات سياسية مقابل السلاح، لكنه يطالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، والاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق الأسرى، وإعادة الإعمار، ويعلن الاستعداد للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية أو القومية... وغير ذلك لا توجد مطالب لدى الحزب».


الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
TT

الشيباني وأبو قصرة في موسكو لإجراء مباحثات

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الروسي سيرغي لافروف في لقاء سابق في موسكو (أ.ب)

وصل وفد سوري يضم وزيري الخارجية والدفاع إلى العاصمة الروسية موسكو اليوم الثلاثاء، وفق ما أعلنت إدارة الإعلام بوزارة الخارجية والمغتربين السورية.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن الإدارة قولها إن وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني ووزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ومسؤولون في الاستخبارات العامة وصلوا إلى موسكو لإجراء مباحثات مع المسؤولين الروس.

وفي يوليو (تموز) الماضي، التقى أبو قصرة نظيره الروسي أندريه بيلوسوف في موسكو بحضور كل من الشيباني ورئيس الاستخبارات العامة حسين سلامة، حيث شهد اللقاء مباحثات بشأن عدد من القضايا العسكرية المشتركة.
وأكد الشيباني، خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، آنذاك، أن «الحوار مع روسيا خطوة استراتيجية تدعم مستقبل سوريا»، موضحاً أن «سوريا تتطلع إلى تعاون وتنسيق كامل مع روسيا لدعم مسار العدالة الانتقالية فيها، كما أن التعاون مع روسيا يقوم على أساس الاحترام».