«حرب ترمب التجارية» تدفع الهند والصين نحو تقارب «تكتيكي»

ازدياد واردات النفط الروسي يُعمق التوترات بين نيودلهي وواشنطن

مجسمات نفطية... وفي الخلفية علما الهند وروسيا (رويترز)
مجسمات نفطية... وفي الخلفية علما الهند وروسيا (رويترز)
TT

«حرب ترمب التجارية» تدفع الهند والصين نحو تقارب «تكتيكي»

مجسمات نفطية... وفي الخلفية علما الهند وروسيا (رويترز)
مجسمات نفطية... وفي الخلفية علما الهند وروسيا (رويترز)

على الرغم من تاريخِ علاقتهما الذي يحدده نزاع حدودي دموي، واختلالٍ كبير في ميزان القوى، وتنافسٍ شديد على النفوذ في آسيا؛ فإن حرب التجارة الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قد تنجح في تحقيق ما كان يبدو مستحيلاً: دفع الهند والصين إلى تقارب حذر، ولكنه «تكتيكي».

وأعلن ترمب عن تعريفة جمركية أساسية جديدة بنسبة 25 في المائة على الهند، وسترتفع إلى 50 في المائة عقوبةً إضافيةً على شرائها النفط الروسي.

وتأتي هذه الخطوة لتعكس في بعض جوانبها حملة الضغط الطويلة التي يشنها ترمب ضد الصين؛ مما يخلق مصلحة مشتركة بين نيودلهي وبكين.

وفي حين أن التقارب في العلاقة الهشة بين الهند والصين كان قد بدأ بالفعل، فإن محللين يرون أن إجراءات ترمب أضافت زخماً إلى هذا التحول.

إذ تجد كلٌ من نيودلهي وبكين نفسها الآن في مواجهة إدارة أميركية متقلبة وغير متوقعة، تتعامل مع شركائها الاستراتيجيين وخصومها الجيوسياسيين على حد سواء بالازدراء نفسه القائم على الصفقات، سواء أكانوا في أوروبا أم آسيا.

من هنا، تعتزم الصين إرسال مسؤول رفيع إلى نيودلهي الأسبوع المقبل، في إطار تكثيف جهود بكين لتخفيف التوترات المزمنة مع الهند؛ إذ يُتوقع أن يسافر وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إلى نيودلهي يوم الاثنين المقبل، في أول زيارة له إلى البلاد منذ أكثر من 3 سنوات، حيث يُرجح أن يلتقي مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال، ووزير الخارجية سوبرامانيام جايشانكار، وفق ما كشف عنه لـ«بلومبرغ» مطلعون رفضوا الكشف عن هوياتهم نظراً إلى سرية المحادثات.

وفي هذا الوقت، أعربت الهند، الخميس، عن أملها في أن تمضي علاقات نيودلهي بالولايات المتحدة قدماً على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مؤكدة التزامها بالأجندة الجوهرية بين البلدين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن مشتريات المعدات العسكرية الأميركية تسير وفق الإجراءات المعمول بها، وإن التعاون الدفاعي والاقتصادي يُحقق تقدماً رغم التحديات الأخيرة.

العجز التجاري

وأظهرت البيانات الرسمية أن العجز التجاري السلعي للهند ارتفع في يوليو (تموز) الماضي إلى 27.35 مليار دولار، وهو الأعلى في 8 أشهر، نتيجة نمو الواردات بوتيرة أسرع من الصادرات قبيل دخول رسوم جمركية أميركية جديدة حيّز التنفيذ في أغسطس (آب) الحالي.

وبلغت قيمة الصادرات إلى الولايات المتحدة في الأشهر الأربعة الأولى من السنة المالية من أبريل (نيسان) إلى يوليو 33.53 مليار دولار، بزيادة 21.6 في المائة على العام السابق، في حين ارتفعت الواردات من أميركا إلى 17.41 مليار دولار.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قد فرض الأسبوع الماضي رسوماً إضافية بنسبة 25 في المائة على مجموعة من السلع الهندية، ليصل إجمالي التعريفة الجمركية إلى 50 في المائة، بسبب استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي.

ويُرجح أن تكون واردات يوليو قد سجّلت ذروتها مع مسارعة المستوردين إلى جلب البضائع قبل بدء فرض الرسوم.

واردات النفط الروسي تعود للواجهة

وعلى صعيد الطاقة، كشفت مصادر مطلعة أن المصافي الحكومية الهندية، التي تُمثل أكثر من 60 في المائة من الطاقة التكريرية في البلاد، بدأت إجراء استفسارات لشراء خام الأورال الروسي، بعد أن اتسعت الخصومات السعرية.

ووفق المصادر، فقد بلغ خصم التسليم الفوري لشحنات أكتوبر (تشرين الأول) نحو 2.70 دولار للبرميل، مقارنة بما بين دولار ودولار ونصف في أواخر يوليو؛ مما جعل النفط الروسي أعلى تنافسية.

وكانت هذه المصافي قد أوقفت المشتريات الشهر الماضي بسبب تضاؤل الخصومات، لكنها تستعد الآن لاستئنافها مع تحسن شروط التسعير.

وتواجه الهند تحدياً دبلوماسياً يتمثل في موازنة علاقاتها بالولايات المتحدة، التي تُعدّ من أكبر شركائها التجاريين ومورديها العسكريين، ومع روسيا، التي توفر لها إمدادات نفطية بأسعار مخفضة.

وتأتي هذه التحركات قبيل لقاء مرتقب بين رئيسَي الولايات المتحدة وروسيا، الجمعة، وسط ترقب لنتائج قد تؤثر على تجارة الطاقة العالمية ومسار النزاع الأوكراني.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

الاقتصاد ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)

أسعار الغذاء العالمية تنخفض للشهر الثالث في نوفمبر

انخفضت أسعار السلع الغذائية الأساسية العالمية للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر، مع تراجع أسعار السلع الرئيسية باستثناء الحبوب.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.