«هيوماين»: إطلاق «علّام» أول نموذج ذكاء اصطناعي عربي من السعودية أواخر أغسطس

رئيسها التنفيذي لـ«الشرق الأوسط»: هذه الشرارة ستغير موقع الشرق الأوسط في الاقتصاد الرقمي العالمي

«علّام» هو أول نموذج أساسي للذكاء الاصطناعي يتم تطويره من الصفر في السعودية ويُركز على اللغة العربية ولهجاتها
«علّام» هو أول نموذج أساسي للذكاء الاصطناعي يتم تطويره من الصفر في السعودية ويُركز على اللغة العربية ولهجاتها
TT

«هيوماين»: إطلاق «علّام» أول نموذج ذكاء اصطناعي عربي من السعودية أواخر أغسطس

«علّام» هو أول نموذج أساسي للذكاء الاصطناعي يتم تطويره من الصفر في السعودية ويُركز على اللغة العربية ولهجاتها
«علّام» هو أول نموذج أساسي للذكاء الاصطناعي يتم تطويره من الصفر في السعودية ويُركز على اللغة العربية ولهجاتها

في خطوة طموحة تعكس التحول الرقمي المتسارع في السعودية، تستعد شركة «هيوماين» لإطلاق «علّام»، وهو نموذج أساسي للذكاء الاصطناعي جرى تطويره وتدريبه بالكامل في المملكة. لا يمثل "علّام" مجرد إضافة إلى عالم النماذج اللغوية الضخمة، بل هو إعلان واضح من العالم العربي على قدرته على الابتكار والتطوير في هذا المجال الحيوي.

في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، كشف الرئيس التنفيذي لشركة «هيوماين»، طارق أمين، أن نهاية شهر أغسطس (آب) الجاري ستشهد إطلاق «علّام»، وهو نموذج أساسي (Foundation Model) فريد من نوعه، والذي طُوّر بالكامل في السعودية. يركز النموذج بشكل أساسي على اللغة العربية بجميع لهجاتها، كما أنه مزود بحواجز أمان ثقافية وسياسية مصممة خصيصاً للمنطقة.

وأكد أمين أن «علّام» ليس مجرد نموذج لغوي ضخم آخر، بل هو إعلان واضح بأن العالم العربي يمتلك القدرة على ابتكار وتدريب وتشغيل ذكاء اصطناعي بمستوى عالمي، وبمعاييره الخاصة.

طارق أمين الرئيس التنفيذي لشركة «هيوماين» متحدثاً إلى «الشرق الأوسط»... (هيوماين)

ابتكار سعودي متقدم

يقف خلف تطوير «علّام» فريق مكون من 40 باحثاً يحملون درجة الدكتوراه، جميعهم يعملون داخل المملكة. وقد أنجز الفريق عمله في سرية تامة لابتكار ما يصفه أمين بأنه «أفضل نموذج عربي يلبي احتياجاتنا الفعلية». تم تدريب النموذج على مجموعات بيانات خاصة، تؤكد الشركة أنها «لن تُتاح مطلقاً على الإنترنت العام»، وهو ما يمنحه عمقاً في المعرفة المحلية ودقة في الفهم تتفوق على النماذج العالمية.

سيُطرح «علّام» لأول مرة أمام الجمهور عبر تطبيق «هيوماين شات»، وهو تطبيق مجاني يُشبَّه بـ«شات جي بي تي» باللغة العربية، لكن مع اختلافات جوهرية. فبالإضافة إلى إجادته اللغة العربية الفصحى، يتقن النموذج التفاعل مع اللهجات المحلية مثل السعودية والمصرية والأردنية واللبنانية وغيرها. وقد خضع لاختبارات في تطبيقات حساسة، منها «صوتك»، وهي أداة مخصصة لتفريغ محاضر الجلسات القضائية في السعودية.

يقول أمين: «(تشات جي بي تي) لن يمتلك أبداً مجموعات البيانات التي نمتلكها. أريد للعالم العربي أن يطرح السؤال: لماذا لا ننشئ اتحاداً لتطوير نموذج ذكاء اصطناعي يعكس ثقافتنا وقيمنا؟».

حواجز أمان وهدف واضح

صُمم «علّام» منذ البداية ليعمل ضمن إطار واضح للذكاء الاصطناعي المسؤول، حيث يضمن نظام الحواجز المدمجة على مستوى المدخلات والمخرجات أن تكون الإجابات متوافقة مع الأعراف الثقافية والاجتماعية والسياسية في المنطقة.

ويشدد أمين على أن «القضية ليست رقابة، بل ملاءمة وبناء ثقة»، مضيفاً: «النموذج أشبه بطفل يحتاج إلى رعاية وتعليم وتطوير حتى يصبح شخصاً بالغاً ومسؤولاً... وهذا هو نهجنا مع (علّام)».

ويُعد «علّام» ثمرة التكوين الفريد لشركة «هيوماين»، التي جمعت تحت مظلتها خبرات تقنية من «أرامكو ديجيتال» و«المركز الوطني للذكاء الاصطناعي» التابع للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا). وسيكون إطلاقه بمثابة نقطة الانطلاق لا خط النهاية، إذ تخطط «هيوماين» للاستفادة من ملاحظات المستخدمين في مختلف أنحاء العالم العربي لتطوير النموذج بشكل مستمر، وبناء منظومة كاملة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي انطلاقاً منه.

وتتمثل رؤية الشركة في تأسيس سوق للمطورين تتيح للشركات الناشئة والمؤسسات الوصول إلى «علّام» وتشغيل حالات استخدام جاهزة، من أتمتة الأعمال إلى تقديم خدمات المواطنين، من دون الحاجة إلى البدء من الصفر.

إطلاق «علّام» سيكون عبر تطبيق «هيوماين شات» الذي يفهم العربية الفصحى وعدة لهجات محلية

حجم الفرصة

يؤكد أمين أن اللغة العربية، التي يتحدث بها أكثر من 350 مليون شخص، ما زالت تعاني من تمثيل محدود في نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة، إذ تُدرَّب أغلبها أساساً على اللغة الإنكليزية وعدد قليل من اللغات الأخرى. وحتى عند توفير دعم للعربية، غالباً ما يكون التعامل مع اللهجات والاعتبارات الثقافية محدوداً. ومن هنا تبرز الحاجة إلى إعطاء الأولوية للغة العربية، مع إبقاء الباب مفتوحاً للتوسع لاحقاً. وتركز «هيوماين» على تلبية احتياجات الجهات الحكومية التي تعتمد العربية بشكل شبه كامل في أعمالها، إلى جانب متطلبات القطاع الخاص في مجالات مثل السياحة والرعاية الصحية وغيرها.

من نموذج إلى منظومة

بالنسبة إلى أمين، يُمثل «علّام» أكثر من مجرد مشروع لغوي، فهو الشرارة التي يمكن أن تغيّر موقع الشرق الأوسط في الاقتصاد الرقمي العالمي، من مستهلك لتقنيات الآخرين إلى مبتكر لمنصات ومنتجات أصلية. ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط»: «لا نمتلك حتى الآن منظومة متكاملة من مطوري وشركات الذكاء الاصطناعي، ويجب أن نؤمن بقدراتنا... الوقت هو الآن».

ويرتبط «علّام» ارتباطاً وثيقاً بمبادرات «هيوماين» الأوسع، والتي تشمل تطوير البنية التحتية، وأنظمة التشغيل، والأجهزة اللازمة لتمكين المنطقة من إنتاج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، بدلاً من الاكتفاء باستهلاكه.

بنية تحتية على مستوى عالمي

إلى جانب «علّام» وعدد من المشاريع الأخرى التي تعمل عليها «هيوماين»، كشفت الشركة مؤخراً عن اتفاقية بنية تحتية مهمة مع شركة «غروك» (Groq) الناشئة في وادي السيليكون، والمتخصصة في تقنيات «الاستدلال» (Inference) السريع وبتكلفة منخفضة.

يوضح أمين أن علاقته مع «غروك» بدأت قبل عامين، حين التقى رئيسها التنفيذي جوناثان روس -المخترع الأصلي لوحدات معالجة «تينسور» (TPUs) في «غوغل»- خلال حدث في السعودية. وبفضل خبرته التقنية العميقة ورؤيته الواضحة، قرر أمين المراهنة على معمارية «غروك» القائمة على شرائح «آسيك» (ASIC) المصممة خصيصاً لعمليات الاستدلال.

ويقول أمين إن هذه الرهانات أثمرت بالفعل؛ إذ تمكنت «هيوماين» من نشر 19 ألف وحدة معالجة لغوية (LPUs) من «غروك» خلال ستة أيام فقط، مما أتاح لها تقديم خدمات استدلال بتكلفة تقل بنحو 60 في المائة عن أي مكان آخر عالمياً. ويضيف أن المنصة تتميز باستهلاك منخفض للطاقة، وبنية ذاكرة قائمة على «سرام» (SRAM)، وتصميم مخصص يجعلها مثالية لتشغيل النماذج الكبيرة بكفاءة عالية.

شراكة «هيوماين» مع شركة «غروك» أتاحت نشر 19 ألف وحدة معالجة لغوية في 6 أيام وخفض تكاليف الاستدلال بنسبة 60 % (أدوبي)

إتاحة نماذج «أوبن إي آي»

أحرزت شراكة «هيوماين» مع «غروك» إنجازاً بارزاً مؤخراً، تمثل في الإتاحة الفورية لأحدث نموذجين مفتوحين من «أوبن إي آي» وهما «gpt-oss-120B» و«gpt-oss-20B» على منصة «غروك السحابية» (GroqCloud)، مع توفير دعم محلي داخل المملكة.

يعمل النموذجان بسياق كامل يصل إلى 128 ألف «رمز» (Token)، ويقدمان استجابات فورية في الوقت الحقيقي، إلى جانب أدوات مدمجة مثل تنفيذ الأكواد والبحث عبر الويب، مع أداء فائق. واليوم، تُستخدم بنية «الاستدلال» المدعومة من «غروك» والتي تديرها «هيوماين» في الدمام من مستخدمين في 130 دولة، في سابقة للمملكة، وربما للشرق الأوسط بأكمله.

إعادة تصور نظام التشغيل

في حين يُعد «علّام» النموذج الأبرز لشركة «هيوماين»، تستعد الشركة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) لإطلاق ابتكار كبير آخر هو «هيومان وان» (Humane One)، والذي يصفه أمين بأنه «إعادة ابتكار كاملة لنظام تشغيل المؤسسات».

يوضح أمين أن الفكرة تقوم على الاستبدال بالتنقل التقليدي بين عشرات التطبيقات المنعزلة واجهة أوامر موحّدة، نصية أو صوتية، قادرة على تنفيذ مهام معقدة عبر أنظمة متعددة بسلاسة. وفي إحدى حالات الاستخدام، تمكن وكيل ذكاء اصطناعي واحد من اختصار عملية إعداد الرواتب التي كانت تتطلب أربعة موظفين و30 ساعة عمل، إلى 30 دقيقة فقط، مع تحقيق مستوى دقة أعلى.

أما تجربة الاستخدام الصوتية في «هيوماين وان» فقد صُممت لتعمل على أجهزة «ويندوز» و«ماك» وأجهزة الحاسوب الخاصة بـ«هيوماين» نفسها، التي يستخدمها جميع موظفي الشركة، مما يضمن دمج الذكاء الاصطناعي بشكل سلس ومتجانس في بيئة العمل.

«هيوماين» تطلق في أكتوبر نظام التشغيل «هيوماين 1» وحاسوب ذكاء اصطناعي سعودياً بالشراكة مع «كوالكوم»... (أدوبي)

حاسوب «هيوماين» للذكاء الاصطناعي... قريباً

سيشمل الدمج مع الأجهزة حاسوب «هيوماين» للذكاء الاصطناعي، الذي جرى تصميمه بالكامل في السعودية بالشراكة مع شركة «كوالكوم». ويجمع هذا الجهاز بين قدرات المعالجة المركزية (CPU) والمعالجة الرسومية (GPU) والمعالجة العصبية (MPU)، مما يمنحه قوة حوسبة متكاملة تلبي احتياجات تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

ومن المقرر أن يُعرض الجهاز لأول مرة خلال مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) في الرياض في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على أن يُطرح لاحقاً في الأسواق العالمية. ويؤكد أمين أن هذا الابتكار «سيغير قواعد اللعبة»، مضيفاً: «عندما تطّلع على مواصفاته وسعره مقارنةً بما هو موجود في السوق، ستدرك نهجنا في تقديم الذكاء الاصطناعي على الحافة»، في إشارة إلى التركيز على تمكين المعالجة المحلية السريعة والفعّالة دون الاعتماد المفرط على مراكز البيانات البعيدة.

الذكاء الاصطناعي بوصفه أساساً اقتصادياً

كل مبادرات «هيوماين» من نموذج «علّام»، إلى شراكتها مع «غروك»، وصولاً إلى نظام «هيومان 1» تسير في انسجام تام مع «رؤية 2030». ويرى أمين أن الذكاء الاصطناعي يمثل «الأساس الذي تُبنى عليه الاستراتيجية الكاملة»، سواء في مجالات السياحة أو الرعاية الصحية أو الصناعة.

ويصف نهج الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، بأنه «رؤيوي وعملي في آن واحد»، موضحاً أنه «لا يتعامل مع الذكاء الاصطناعي على أنه أداة إضافية، بل بوصفه ضرورة للاقتصاد، ولتطوير قدرات المواطنين، وتسريع التبني عبر جميع القطاعات».

الاستثمار في الطاقات المحلية

يؤكد أمين أن نجاحات «هيوماين» تعود أولاً إلى كوادرها، خصوصاً قاعدة المواهب السعودية العميقة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويقول: «سمعت مَن يشكِّك في قدرتنا على إيجاد الكفاءات، وقلت: تعالوا لتروا ما لدينا». ويرى أن وجود 40 باحثاً حاصلاً على الدكتوراه خلف مشروع «علّام» هو برهان عملي على أن الشرق الأوسط قادر على إنتاج نماذج ذكاء اصطناعي بمستوى عالمي، وإعادة صياغة السردية التي تفترض اعتماد المنطقة على الابتكار الخارجي.

مع اقتراب إطلاق «علّام» في نهاية الشهر الجاري، تخطو «هيوماين» خطوة حاسمة نحو ترسيخ سيادة الذكاء الاصطناعي في العالم الناطق بالعربية. فمن خلال الدمج بين التوافق الثقافي، والبيانات الحصرية، والبنية التحتية المتقدمة، يسعى النموذج إلى تلبية الاحتياجات المحلية وتحقيق الطموحات العالمية. والخطة التالية واضحة: توسيع المنظومة، وتمكين المطورين، وتسخير حزمة «هيوماين» المتكاملة التي تشمل النموذج، ونظام التشغيل، والأجهزة لجعل السعودية لاعباً رئيسياً ومصدّراً لتقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، لا مجرد مستهلك لها.


مقالات ذات صلة

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

تكنولوجيا صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

حذرت مجموعة من الخبراء من قيام نماذج الذكاء الاصطناعي بتحسين مهاراتها في الاختراق، مشيرين إلى أن تنفيذها هجمات إلكترونية بمفردها يبدو أنه «أمر لا مفر منه».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا ستبقى شركة «أوبن إيه آي» اليافعة من سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة رمزاً للعبقرية التي أطلقت الذكاء الاصطناعي التوليدي وأتاحته على أوسع نطاق (رويترز)

هيمنة شركة «أوبن إيه آي» على سوق الذكاء الاصطناعي تهتز بعد 3 سنوات صدارة

بعد ثلاث سنوات من الصدارة، باتت منصة شركة «أوبن إيه آي» للذكاء الاصطناعي - تطبيق «تشات جي بي تي» - مهددة بفعل اشتداد المنافسة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شهدت الدورة الحالية للمسابقة تقديم أكثر من 10 آلاف مشروع مبتكر تعتمد كلها على تقنيات الذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)

السعودية تتوّج بالمركز الأول في أضخم مسابقة دولية في الذكاء الاصطناعي

تُوِّجت السعودية بالمركز الأول عالمياً في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب (WAICY 2025)، بعد تحقيقها 26 جائزة في المسابقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج المهندس أحمد الصويان وأنطونيو غوتيريش يبحثان الموضوعات المشتركة وسُبل التعاون (هيئة الحكومة الرقمية)

غوتيريش يشيد بتقدم السعودية النوعي في الحكومة الرقمية

أشاد أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، بما حققته السعودية من تقدم نوعي في مجال الحكومة الرقمية، عادّاً ما وصلت إليه نموذجاً دولياً رائداً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تكشف البيانات أن المستخدمين يلجأون للمساعد لطرح أسئلة صحية وعاطفية وفلسفية وليس فقط لحلول تقنية أو عملية (شاترستوك)

كيف يتحول «مايكروسوفت كوبايلوت» من أداة عمل إلى رفيق يومي للمستخدمين؟

يكشف التقرير أن «كوبايلوت» لم يعد مجرد أداة إنتاجية بل أصبح شريكاً رقمياً يلجأ إليه المستخدمون للعمل والقرارات اليومية بما يطرح تحديات ثقة ومسؤولية للمطوّرين.

نسيم رمضان (لندن)

«هاربور إنرجي» البريطانية تدخل خليج المكسيك عبر صفقة استحواذ قيمتها 3.2 مليار دولار

منصة نفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك (رويترز)
منصة نفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك (رويترز)
TT

«هاربور إنرجي» البريطانية تدخل خليج المكسيك عبر صفقة استحواذ قيمتها 3.2 مليار دولار

منصة نفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك (رويترز)
منصة نفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك (رويترز)

أعلنت شركة «هاربور إنرجي»، المتخصصة في أعمال التنقيب والإنتاج في بحر الشمال، يوم الاثنين، أنها ستستحوذ على شركة «إل. إل. أو. جي. إكسبلوريشن» المتخصصة في استكشاف وإنتاج النفط والغاز في المياه العميقة، مقابل 3.2 مليار دولار، ما يمثل دخولها إلى خليج المكسيك الأميركي.

وأوضحت الشركة، في بيان لها، أن الصفقة ستتألف من 2.7 مليار دولار نقداً و500 مليون دولار في صورة أسهم عادية ذات حق التصويت من «هاربور».

ولا يزال خليج المكسيك هدفاً رئيسياً لشركات النفط الكبرى مثل «بي بي» و«شل» و«شيفرون»، نظراً لاحتياطياته الهائلة في المياه العميقة، وسهولة الوصول إلى البنية التحتية الأميركية، وإمكاناته الإنتاجية طويلة الأجل.

وقد تعززت جاذبيته بفضل تشجيع إدارة الرئيس دونالد ترمب لاستكشاف النفط والغاز على حساب الاستثمار في الطاقة المتجددة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، كانت شركة «LLOG» من بين الفائزين في أول عملية بيع لحقوق التنقيب عن النفط والغاز في خليج المكسيك من قبل الحكومة الأميركية منذ عام 2023.

وقالت الشركة إن هذه الصفقة ستساعد إنتاج شركة «هاربور» الإجمالي على الوصول إلى نحو 500 ألف برميل من المكافئ النفطي يومياً بحلول نهاية العقد، وستساهم في زيادة التدفق النقدي الحر بدءاً من عام 2027.

وبعد إتمام الصفقة، ستمتلك الشركة الأم لشركة «LLOG»، وهي «LLOG Holdings LLC»، نسبة 11 في المائة من أسهم «هاربور» العادية المدرجة ذات حق التصويت، بينما سيحتفظ المساهمون الحاليون بالنسبة المتبقية البالغة 89 في المائة.


دراسة: الشراكات الاستراتيجية للسعودية بوابة للنمو وتنويع الاقتصاد وتجاوز التحديات

الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)
الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)
TT

دراسة: الشراكات الاستراتيجية للسعودية بوابة للنمو وتنويع الاقتصاد وتجاوز التحديات

الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)
الشراكات الاستراتيجية تدعم توجهات السعودية في تنويع الاقتصاد (الشرق الأوسط)

دعت دراسة اقتصادية إلى ضرورة تعزيز الشراكات السعودية الاستراتيجية بما يتوافق مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، عبر تبنّي اتفاقيات نوعية، لا سيما مع الدول الصناعية المتقدمة، بما يدعم نجاح سياسة تنويع الاقتصاد بصورة متوازنة، ويعزّز قدرة السعودية على تجاوز التحديات العالمية سياسياً واقتصادياً.

وأكدت أهمية تقييم فرص تقاسم الموارد وخفض التكاليف بوصفها مدخلاً لتخفيف المخاطر، وضمان سلاسل الإمداد، وتعزيز التعاون الوثيق في توفير السلع الأساسية عبر شبكات توزيع داخل نطاق الشراكات وخارجها. كما دعت إلى تعظيم تبادل المزايا النسبية والتنافسية بين الشركاء، بما يعزز التقنية والابتكار والخبرة، ويدعم توطين المعرفة.

وأشارت الدراسة التي أعدّها الخبير التجاري السعودي الدولي الدكتور فواز العلمي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة خاصة منها، إلى أن الشراكات الاستراتيجية لا تقتصر على التجارة في السلع، بل تمتد إلى نمو قطاع الخدمات بين الدول الشريكة، نتيجة تبادل المنافع في مجالات الاستثمار والسياحة والصحة والصناعة والنقل والخدمات اللوجيستية، بما يفتح أمام الدول الأعضاء فرصاً لزيادة مواردها الاقتصادية بصورة «مضاعفة ومجزية»، وفق تعبير الدراسة.

خطوات إدارية

نوّهت الدراسة إلى أهمية اتخاذ خطوات إدارية منظمة تتضمّن إعداد دراسة مركزة عن مزايا الدول والأقاليم المقترح إبرام اتفاقيات الشراكات الاستراتيجية معها، مع تأكيد التعاون الوثيق والمشاركة الفعّالة بين هذه الجهة واتحاد الغرف السعودية؛ بما يُسهم في رفع مرئيات القطاع الخاص وتعزيز حضوره في المفاوضات.

ورأت الدراسة أن هذا المنهج يُسهم في تحقيق أهداف المملكة من الشراكات الاستراتيجية المقترحة، مشددة على أهمية تكوين فريق تفاوضي من مختصين أكفاء يجمعون بين الاستراتيجيات الاقتصادية، والبعد القانوني الدولي، والعمق الاجتماعي، ومسارات السياسة الخارجية.

التحديات العالمية

توقعت الدراسة استمرار الاستراتيجية السعودية في تجاوز التحديات التي تواجه العديد من دول العالم، في ظل تفاقم النزاعات الجيوسياسية وتأثيرها على الاستقرار الأمني، وزيادة وتيرة الحروب التجارية، وتضخم الديون السيادية، إلى جانب تدهور أوضاع التغير المناخي وانتشار الأوبئة والأمراض المعدية.

وأبرزت الدراسة أن توسيع الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية يتيح فرصاً عملية لتعزيز المرونة الاقتصادية، ودعم خلق الوظائف، وتحفيز النمو، ورفع كفاءة سلاسل الإمداد للطاقة والغذاء رغم ارتفاع تكاليف الشحن، إلى جانب تعزيز التنسيق في السياسات لمواجهة التضخم وتقلبات الأسواق، بما يعزز قدرة السعودية على التعامل مع المتغيرات العالمية بصورة أكثر تكاملاً.

عناصر النجاح وتنويع الدخل

وأكدت الدراسة أن من عناصر نجاح الخطوات السعودية لمواجهة التحديات العالمية تعزيز الأهداف المرتبطة بالنظام العالمي الجديد لتحقيق «رؤية 2030»، عبر اتباع سياسة تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط بوصفه سلعة رئيسية، إلى جانب تطوير قدرات الطاقة المتجددة وحماية البيئة.

ولفتت إلى تبنّي المملكة نهج الانفتاح «على مسافة واحدة» من التكتلات الدولية، وبناء جسور التعاون مع الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما أشارت إلى أثر عضوية السعودية في منظمة التجارة العالمية، في وقت تضم فيه المنظمة 164 دولة، تمثّل النسبة الأكبر من التجارة العالمية، وتخضع جميع الدول الأعضاء بالتساوي لقواعد وأحكام 28 اتفاقية ملزمة.

منجزات «الرؤية»

وذكرت الدراسة أنه بعد ثمانية أعوام من تنفيذ برامج «الرؤية»، خُفّض معدل البطالة من 12.8 في المائة إلى 7.1 في المائة، مع رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 36.9 في المائة، وازدياد عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى أكثر من 626 ألف منشأة.

وأضافت الدراسة أن تدفق استثمار رأس المال الأجنبي ارتفع إلى أربعة أضعاف ما كان عليه في عام 2016، مع مضاعفة الإيرادات غير النفطية من 186 مليار ريال (49.6 مليار دولار) إلى 458 مليار ريال (122.1 مليار دولار).

كما أشارت إلى ارتفاع الناتج الزراعي بمعدل 7.8 في المائة، وتحقيق نمو في القطاع الصناعي بمتوسط 24 في المائة.

وحسب ما أوردته الدراسة، حققت السعودية المرتبة الأولى من بين 141 دولة في مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي، والمرتبة الـ17 في التنافسية العالمية، والمرتبة الثالثة من بين 190 دولة في مؤشر حماية أقلية المستثمرين، كما سجلت نمواً اقتصادياً بلغ 8.7 في المائة العام الماضي، إلى جانب حلولها في المرتبة الـ18 في الكفاءة الحكومية، والمرتبة الـ25 في كفاءة الأعمال.

كذلك أشارت الدراسة إلى تقدم المملكة في الاحتياطات الأجنبية والحرية المالية، وضمن اقتصادات مجموعة العشرين من حيث الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب مؤشرات تتعلق بالتجارة العالمية قياساً بالناتج المحلي الإجمالي وتعليم المرأة.


بنوك «وول ستريت» تحافظ على هيمنتها في السوق الأوروبية رغم «الرسوم»

لافتة شارع «وول ستريت» أمام «بورصة نيويورك» (رويترز)
لافتة شارع «وول ستريت» أمام «بورصة نيويورك» (رويترز)
TT

بنوك «وول ستريت» تحافظ على هيمنتها في السوق الأوروبية رغم «الرسوم»

لافتة شارع «وول ستريت» أمام «بورصة نيويورك» (رويترز)
لافتة شارع «وول ستريت» أمام «بورصة نيويورك» (رويترز)

عززت بنوك «وول ستريت» ريادتها في سوق الخدمات المصرفية الاستثمارية الأوروبية خلال عام 2025، حيث حافظ العملاء على ولائهم رغم اضطرابات السوق العالمية والتعريفات التجارية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وكان بعض رؤساء البنوك قد توقعوا أن تُهمّش حكوماتُ وشركاتُ «الاتحاد الأوروبي» البنوكَ الاستثمارية الأميركية لمصلحة بنوكها المحلية عندما أعلن ترمب في 2 أبريل (نيسان) الماضي عن تعريفاته الجمركية التي وصفها بـ«يوم التحرير». وقال جيمي ديكسون، الرئيس التنفيذي لشركة «جيه بي مورغان»، إن البنك فقد بعض العملاء الأجانب مباشرة بعد الإعلان، وفق «رويترز».

لكن، في حين ارتفعت أسعار أسهم البنوك الأوروبية في عام 2025 مدفوعةً بزيادة الدخل الناتج عن ارتفاع أسعار الفائدة، فشل المصرفيون الاستثماريون الأوروبيون في منافسة نظرائهم الأميركيين، وفقاً لتحليل بيانات الرسوم من «مجموعة بورصة لندن» ولمقابلات مع مسؤولين تنفيذيين. بل إنهم في بعض المنتجات، مثل عروض الأسهم، تراجعوا في حصتهم السوقية داخل أوروبا.

حصة السوق الأميركية تقترب من أعلى مستوياتها على الإطلاق

استحوذت البنوك الأميركية على 37 في المائة من حصة السوق في رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا حتى الآن هذا العام.

وبقيت هذه الحصة ثابتة مقارنة بالعام الماضي، وهي قريبة من أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 40 في المائة. وقد حافظت البنوك الأميركية على حصتها في جميع المنتجات، وحققت مكاسب في حصة السوق بعروض الأسهم وعمليات الاندماج.

التوسع منذ الأزمة المالية

استحوذت البنوك الأميركية تدريجاً على حصة سوقية من البنوك الأوروبية، بما في ذلك «دويتشه بنك» و«باركليز» و«سوسييتيه جنرال»، منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. وبينما عانت البنوك الأوروبية سنواتٍ من إعادة الهيكلة والتقليص، فقد استعادت البنوك الأميركية بسرعة تماسكها وعززت نطاق عملياتها، لترتفع حصتها السوقية من 31 في المائة عام 2008 إلى 37 في المائة حالياً.

استغلال الميزة المحلية

تَصدّر «غولدمان ساكس» قائمة البنوك الاستثمارية الرائدة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بحصة بلغت 6.8 في المائة من إجمالي الرسوم المتاحة، يليه «جيه بي مورغان» و«بي إن بي باريبا» الفرنسي. وجاء «سيتي» و«مورغان ستانلي» في المركزين الرابع والخامس توالياً. وقد حقق كل من «بي إن بي باريبا» و«دويتشه بنك» مكاسب طفيفة بنسبة 0.1 في المائة مقارنة بعام 2024، بينما شهدت أسهم «باركليز» و«إتش إس بي سي» تراجعاً.

وتستفيد البنوك الأميركية من حجم سوقها المحلية وربحيتها لتحقيق نجاح عالمي، حيث هيمنت على الصفقات الكبرى التي تزيد قيمتها على مليار دولار، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات، وفقاً لأمريت شاهاني، الشريك في شركة الأبحاث «بي سي جي إكسبند».

وتجلت مكاسب البنوك الأميركية بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بشكل أوضح في عمليات الاندماج والاستحواذ، فسجلت رسوماً بلغت 2.4 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث، مع ارتفاع حصتها السوقية بنسبة 2.3 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، بينما انخفضت حصة البنوك الأوروبية بالنسبة نفسها.

أما المجال الوحيد الذي تفوقت فيه البنوك الأوروبية فهو أداء أسعار أسهمها، على الرغم من أن ذلك يعكس جزئياً الأداء الضعيف لأسهم البنوك الأوروبية منذ الأزمة المالية.