رسوم ترمب تفرض واقعاً قاسياً... والاقتصاد الأميركي يدخل مرحلة اللايقين

التعريفات تضعف الإنتاجية وتضغط على الأجور

دونالد ترمب يشير بيده خلال توقيعه إعلاناً لتكريم اليوم الوطني للقلب الأرجواني للمحاربين الجرحى، 7 أغسطس 2025 (د.ب.أ)
دونالد ترمب يشير بيده خلال توقيعه إعلاناً لتكريم اليوم الوطني للقلب الأرجواني للمحاربين الجرحى، 7 أغسطس 2025 (د.ب.أ)
TT

رسوم ترمب تفرض واقعاً قاسياً... والاقتصاد الأميركي يدخل مرحلة اللايقين

دونالد ترمب يشير بيده خلال توقيعه إعلاناً لتكريم اليوم الوطني للقلب الأرجواني للمحاربين الجرحى، 7 أغسطس 2025 (د.ب.أ)
دونالد ترمب يشير بيده خلال توقيعه إعلاناً لتكريم اليوم الوطني للقلب الأرجواني للمحاربين الجرحى، 7 أغسطس 2025 (د.ب.أ)

شرع الرئيس دونالد ترمب، يوم الخميس، في فرض رسوم استيراد مرتفعة على واردات من عشرات الدول، في وقت بدأت فيه التداعيات الاقتصادية لتهديداته الجمركية المتواصلة منذ شهور تظهر آثارها السلبية على الاقتصاد الأميركي.

وبعد منتصف الليل بقليلٍ، أصبحت البضائع القادمة من أكثر من 60 دولة والاتحاد الأوروبي تخضع لرسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة أو أكثر. وتُفرض رسومٌ بنسبة 15 في المائة على منتجات الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، في حين تصل إلى 20 في المائة على واردات تايوان وفيتنام وبنغلاديش. ويتوقع ترمب أن تستثمر دول الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية مئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقال ترمب يوم الأربعاء: «أتوقع أن يكون النمو غير مسبوق»، وأضاف أن الولايات المتحدة «تحصل على مئات المليارات من الدولارات رسوماً جمركية»، لكنه لم يحدد رقماً دقيقاً للإيرادات لأنه «لا نعرف حتى الرقم النهائي» للرسوم المفروضة.

وعلى الرغم من حالة عدم اليقين، يثق البيت الأبيض في أن بدء تطبيق هذه الرسوم سيوفر وضوحاً حول مسار أكبر اقتصاد في العالم. والآن، بعدما فهمت الشركات الاتجاه الذي تسير إليه الولايات المتحدة، ترى الإدارة الجمهورية إمكانية تعزيز الاستثمارات الجديدة وتحفيز التوظيف بطرق تعيد لأميركا مكانتها كقوة صناعية.

مع ذلك، تظهر حتى الآن بوادر أضرار داخلية تلحق بالاقتصاد الأميركي مع استعداد الشركات والمستهلكين لمواجهة تأثير الضرائب الجديدة.

مخاطر تآكل اقتصادي

شهد التوظيف بداية تراجع، وارتفعت الضغوط التضخمية، وبدأت قيم المنازل في الأسواق الرئيسية تنخفض عقب تطبيق أول دفعة من الرسوم الجمركية في أبريل (نيسان) الماضي، حسب جون سيلفيا، الرئيس التنفيذي لشركة «ديناميكيك إيكونومي سترايتي».

وقال سيلفيا: «اقتصاد أقل إنتاجية يحتاج إلى عدد أقل من العمال. وهناك أمر إضافي، إذ إن ارتفاع الأسعار نتيجة الرسوم الجمركية يخفض الأجور الحقيقية للعمال. أصبح الاقتصاد أقل إنتاجية، ولم تعد الشركات قادرةً على دفع الأجور الحقيقية التي كانت تدفعها سابقاً. للأفعال عواقب».

ويرى كثيرٌ من الاقتصاديين أن الخطر يكمن في استمرار تآكل الاقتصاد الأميركي بوتيرة متسارعة.

وقال براد جنسن، أستاذ في جامعة جورجتاون: «سيكون الأمر أشبه بوجود رمل ناعم في التروس يبطئ الحركة».

وروج ترمب لهذه الرسوم وسيلةً لتقليص العجز التجاري الأميركي المستمر. لكن المستوردين سارعوا إلى استيراد المزيد من السلع قبل دخول الرسوم حيز التنفيذ، ما أدى إلى ارتفاع العجز التجاري إلى 582.7 مليار دولار للنصف الأول من العام، بزيادة قدرها 38 في المائة عن العام السابق. كما انخفض الإنفاق الكلي على قطاع البناء بنسبة 2.9 في المائة خلال العام الماضي.

الألم الاقتصادي لا يقتصر على أميركا

شهدت ألمانيا، التي توجه 10 في المائة من صادراتها إلى السوق الأميركية، تراجعاً في الإنتاج الصناعي بنسبة 1.9 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، مع استمرار تأثير جولات الرسوم الجمركية السابقة التي فرضها ترمب. وقال كارستن بريزسكي، كبير الاقتصاديين لدى بنك «آي إن جي»: «الرسوم الجمركية الجديدة ستؤثر بشكل واضح على النمو الاقتصادي».

الاستياء في الهند وسويسرا

جسد يوم الخميس الطبيعة المتقلبة لرسوم ترمب الجمركية، التي تم فرضها، وسحبها، وتأجيلها، وزيادتها، وفرضها عبر رسائل، وإعادة التفاوض عليها.

وأعلن ترمب يوم الأربعاء فرض رسوم إضافية بنسبة 25 في المائة على الهند بسبب مشترياتها من النفط الروسي، ليصل إجمالي الرسوم على واردات الهند إلى 50 في المائة.

وقالت مجموعة بارزة من المصدرين الهنود إن القرار سيؤثر على نحو 55 في المائة من صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة، مما سيجبر المصدرين على خسارة عملاء لهم منذ فترة طويلة.

وقال إس. سي. راهلان، رئيس اتحاد منظمات التصدير الهندية: «امتصاص هذا الارتفاع المفاجئ في التكاليف أمر غير ممكن ببساطة، والهامش الربحي ضعيف جداً أصلاً».

وكان من المتوقع أن يعقد المجلس الفيدرالي السويسري اجتماعاً يوم الخميس بعد عودة الرئيسة كارين كيلر-سوتر ومسؤولين سويسريين آخرين من زيارة مرتجلة إلى واشنطن في محاولة فاشلة لمنع فرض رسوم جمركية أميركية بنسبة 39 في المائة على السلع السويسرية.

كما ستطول الرسوم الجمركية أيضاً الأدوية، وأعلن ترمب فرض رسوم بنسبة 100 في المائة على شرائح الكمبيوتر، مما قد يترك الاقتصاد الأميركي في حالة توقف مؤقت أثناء انتظار تداعيات ذلك.

سوق الأسهم يظل متماسكاً

يواجه استخدام الرئيس لقانون عام 1977 لإعلان حالة طوارئ اقتصادية لفرض الرسوم الجمركية طعوناً قضائية. حتى بعض الذين عملوا مع ترمب خلال ولايته الأولى، مثل بول رايان، الجمهوري من ويسكونسن ورئيس مجلس النواب السابق، أعربوا عن تشككهم.

وقال رايان في مقابلة مع شبكة «ي إن بي سي» يوم الأربعاء: «لا يوجد أي مبرر سوى رغبة الرئيس في رفع الرسوم الجمركية بناءً على نزواته وآرائه الشخصية».

يدرك ترمب جيداً المخاطر التي قد تؤدي إلى إلغاء محاكم الرسوم الجمركية، وغرد على حسابه في «سوشيال تروث» قائلاً: «الشيء الوحيد القادر على وقف عظمة أميركا هو محكمة يسارية متطرفة تسعى لرؤية بلادنا تفشل!».

وظل سوق الأسهم قوياً وسط دراما الرسوم الجمركية، وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» أكثر من 25 في المائة منذ أدنى مستوياته في أبريل (نيسان) الماضي. وأعطى انتعاش السوق وخفض ضرائب الدخل ضمن قانون الضرائب والإنفاق الذي وقع عليه ترمب في الرابع من يوليو (تموز) للبيت الأبيض ثقة بأن النمو الاقتصادي سيتسارع في الأشهر المقبلة.

وفي الأسواق المالية العالمية، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا، بينما تراجعت الأسهم في «وول ستريت».

لكن بريزسكي حذر قائلاً: «بينما يبدو أن الأسواق المالية قد تعودت على إعلانات الرسوم الجمركية، لا ينبغي أن ننسى أن تأثيراتها السلبية على الاقتصادات ستتكشف تدريجياً مع مرور الوقت».

ويرى ترمب بوضوح مستقبلاً اقتصادياً مزدهراً، بينما يترقب الناخبون الأميركيون وبقية العالم هذا المستقبل بقلق وترقب.

وقالت راشيل ويست، الباحثة البارزة في مؤسسة «ذا سنتشري»، التي عملت في إدارة بايدن على سياسة العمل: «هناك شخص واحد فقط يمكنه أن يتعامل بخشونة مع هذا اللايقين الذي يخلقه، وهو دونالد ترمب. أما بقية الأميركيين، فهم يدفعون بالفعل ثمن هذا اللايقين».


مقالات ذات صلة

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

شهدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات هادئة في جلسة ضعيفة السيولة عقب عطلة عيد الميلاد يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)

خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

بينما كانت منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بتهديدات البيت الأبيض ضد استقلال البنك المركزي، كانت تجري خلف الأبواب المغلقة في فيلادلفيا معركة مختلفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

سادت حالة من الهدوء النسبي على «وول ستريت»، في مستهل تعاملات يوم الأربعاء، حيث استقرت المؤشرات الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية في جلسة تداول قصيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد اصطف مئات الأشخاص خارج مركز الوظائف في كنتاكي بحثاً عن المساعدة في مطالباتهم المتعلقة بالبطالة (أرشيفية - رويترز)

انخفاض مفاجئ في طلبات البطالة الأسبوعية الأميركية

انخفض عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي في حين من المتوقع أن يظل المعدل مرتفعاً خلال ديسمبر

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)
منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)
TT

مطالب في ألمانيا بإصلاحات مالية لتجنب أزمة اقتصادية طويلة

منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)
منظر عام للعاصمة الألمانية برلين (رويترز)

طالب رئيس اتحاد أرباب العمل الألماني، راينر دولجر، الحكومة بإجراء إصلاحات جذرية خلال العام المقبل، محذراً من استمرار الأزمة الاقتصادية.

وقال دولجر، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية: «ألمانيا بحاجة إلى خطوة كبيرة، وإلا فإننا مهددون بأزمة دائمة. نحن نعيش أطول أزمة منذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية».

وبعد عامين متتاليين من الركود، يُتوقع لعام 2025 نمو طفيف للغاية في الناتج المحلي الإجمالي، في حين لا يتوقع خبراء الاقتصاد انتعاشاً ملموساً في العام المقبل.

وأضاف دولجر: «العالم يتغير بسرعة، وعلينا أن نتحرك إذا أردنا ألا نتخلف عن الركب»، مشيراً إلى أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس تحدث في مؤتمر أرباب العمل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن «تحول تاريخي»، مذكّراً بالحرب الروسية - الأوكرانية، والأنظمة السلطوية في العالم، والصين التي تتصرف بشكل أكثر عدوانية، إضافة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يحاول فرض سياسة «أميركا أولاً» عبر الرسوم الجمركية.

وقال دولجر: «هذا التحول يجب أن يدفعنا إلى أن نصبح أقل بيروقراطية وأكثر سرعة، وأن نعيد هيكلة دولتنا الاجتماعية. الأزمات الخارجية تجعل الإصلاحات الداخلية أكثر ضرورة من أي وقت مضى. أذكّر المستشار دائماً بأن السياسة الخارجية والأمنية الجيدة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان الاقتصاد ينمو»، مؤكداً أن عام 2026 يجب أن يكون عام الإصلاحات الجذرية.

وطالب دولجر بشكل محدد بتقليص كبير في البيروقراطية، ما يمنح الشركات والمواطنين حرية أكبر للتطور، إضافة إلى زيادة صافي الدخل من الأجور.

كما دعا إلى إصلاحات في نظام دولة الرفاه الاجتماعي بما يهدف إلى خفض التكاليف، قائلاً: «يجب أن يصبح نظامنا الاجتماعي أكثر استهدافاً للمستحقين وأكثر عدالة، وأن يكون العمل أكثر جاذبية من عدم العمل. كل ذلك سيجعل ألمانيا أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب. الاستثمارات في عشرينيات هذا القرن ستقود إلى نمو في ثلاثينياته».

وكان ميرتس أعلن مراراً عن خطط لإصلاحات جذرية، من بينها تشكيل لجنة معنية بالتقاعد، على أن تقدم مقترحاتها بحلول منتصف 2026، ومن المتوقع أن تشمل أيضاً مسألة رفع سن التقاعد.


الصين تُقر تعديلات على قانون التجارة الخارجية لتعزيز قدرات الحرب التجارية

آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تُقر تعديلات على قانون التجارة الخارجية لتعزيز قدرات الحرب التجارية

آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)

أقرت الصين، السبت، تعديلات على قانون رئيس، بهدف تعزيز قدرة بكين ​على شن حرب تجارية، والحد من الشحنات الصادرة، أبرزها المعادن ذات الأهمية الاستراتيجية، وكذلك زيادة انفتاح الاقتصاد الذي يبلغ حجمه 19 تريليون دولار.

وذكرت وكالة الأنباء الصين الجديدة (شينخوا) السبت أن المراجعة ‌الأحدث لقانون ‌التجارة الخارجية، والتي ‌وافقت ⁠عليها ​أعلى هيئة ‌تشريعية في الصين، ستدخل حيز التنفيذ في الأول من مارس (آذار) 2026.

ويجري ثاني أكبر اقتصاد في العالم إصلاحات للأُطر القانونية المتعلقة بالتجارة، وذلك جزئياً لإقناع أعضاء تكتل تجاري رئيس عبر المحيط الهادئ -⁠تم تأسيسه لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد- بأن القوة ‌الصناعية تستحق مقعداً على الطاولة، حيث ‍تسعى بكين إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة.

ووفقاً لـ«شينخوا»، تضيف المراجعة أيضاً بنداً ينص على أن التجارة الخارجية يجب أن «تخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية»، وتساعد في ​بناء الصين لتصبح «دولة تجارية قوية».

وأضافت الوكالة أن المراجعة «توسّع وتحسّن» ⁠مجموعة الأدوات القانونية لمواجهة التحديات الخارجية.

وتركز المراجعة على قطاعات مثل التجارة الرقمية، والتجارة الخضراء، إلى جانب أحكام الملكية الفكرية، والتحسينات الرئيسة التي تحتاج الصين إلى إدخالها للوفاء بمعايير الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ، بدلاً من أدوات الدفاع التجاري التي تم التركيز عليها في مراجعة عام 2020 بعد حرب ‌الرسوم الجمركية التي استمرت لأربع سنوات خلال ولاية ترمب الأولى.


هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

شهدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات هادئة في جلسة ضعيفة السيولة عقب عطلة عيد الميلاد يوم الجمعة، في وقت يراهن فيه المستثمرون على مزيد من خفض أسعار الفائدة، إلى جانب قوة أرباح الشركات، لدفع الأسواق نحو تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال العام المقبل.

وكان مؤشرا «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» الصناعي قد أنهيا جلسة الأربعاء عند مستويات قياسية، مختتمَيْن موجة صعود واسعة خلال جلسة تداول مختصرة بفعل العطلة، وفق «رويترز».

وبحلول الساعة 6:13 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، تراجعت العقود الآجلة المصغرة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنقطتَين، أي بنسبة 0.03 في المائة، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ناسداك 100» بمقدار 6 نقاط، أو 0.02 في المائة. في المقابل، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «داو جونز» بنحو 55 نقطة، أي ما يعادل 0.11 في المائة.

وجاء هذا الأداء بعد مكاسب حققتها الأسهم في الأيام الأخيرة، أعقبت أشهراً من عمليات بيع متقطعة، كانت قد طالت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي على خلفية مخاوف تتعلّق بارتفاع التقييمات وزيادة النفقات الرأسمالية بما قد يضغط على الأرباح.

غير أن بيانات اقتصادية أظهرت متانة الاقتصاد الأميركي، إلى جانب توقعات بتحول السياسة النقدية نحو مزيد من التيسير مع تولي رئيس جديد مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» العام المقبل، فضلاً عن عودة الزخم إلى أسهم الذكاء الاصطناعي؛ أسهمت جميعها في دعم انتعاش الأسواق. ووضعت هذه العوامل مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» و«ناسداك» على المسار لتحقيق مكاسب للعام الثالث على التوالي.

وحتى الآن من عام 2025، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 17 في المائة، مدفوعاً في الغالب بأسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، إلا أن موجة الصعود اتسعت نطاقها مؤخراً مع توجه المستثمرين نحو القطاعات الدورية، مثل القطاع المالي وقطاع المواد الأساسية.

ويراقب المتداولون من كثب ما إذا كان ما يُعرف بـ«ارتفاع سانتا كلوز» سيتكرر هذا العام، وهي ظاهرة موسمية يشهد خلالها مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب في آخر 5 أيام تداول من العام وأول يومَين من يناير (كانون الثاني)، وفقاً لتقويم متداولي الأسهم. وقد بدأت هذه الفترة يوم الأربعاء وتستمر حتى الخامس من يناير.

وعلى صعيد الأسهم الفردية، ارتفعت أسهم شركة «إنفيديا» بنسبة 0.7 في المائة في تداولات ما قبل افتتاح السوق، بعد موافقة شركة تصميم رقائق الذكاء الاصطناعي على ترخيص تقنية من شركة «غروك» الناشئة، إلى جانب تعيين رئيسها التنفيذي.

كما صعدت أسهم شركة «مايكرون تكنولوجي» بنسبة 2 في المائة، لتضيف إلى مكاسبها التي قاربت 22 في المائة منذ بداية الشهر، مدعومة بتوقعات قوية للأرباح.

في المقابل، تراجعت أسهم شركة «بيوهافن» بنسبة 13.4 في المائة، بعدما أخفق دواؤها التجريبي لعلاج الاكتئاب في تحقيق الهدف الرئيسي خلال المرحلة المتوسطة من التجارب السريرية، في انتكاسة جديدة تُضاف إلى سلسلة خيبات الشركة هذا العام.

وعلى الجانب الإيجابي، ارتفعت أسهم شركة «كوبانغ» بنسبة 6.2 في المائة، بعد أن أعلنت شركة التجارة الإلكترونية أن جميع بيانات العملاء التي سُرّبت من فرعها في كوريا الجنوبية قد جرى حذفها من قبل المشتبه به.

كما سجلت أسهم شركات تعدين المعادن النفيسة المدرجة في الولايات المتحدة، مثل «فيرست ماجستيك» و«كوير ماينينغ» و«إنديفور سيلفر»، مكاسب تراوحت بين 2.8 في المائة و4.4 في المائة، تزامناً مع تسجيل أسعار الذهب والفضة مستويات قياسية جديدة.