«المجلس الأعلى للدفاع» في لبنان: دور تنسيقي ضمن حدود التكليف الحكومي

لا يملك أي هامش للتصرّف المستقل ولا يحل مكان مجلس الوزراء

الرئيس اللبناني جوزيف عون يترأس اجتماعاً سابقاً لـ«المجلس الأعلى للدفاع»... (أرشيفية - الوكالة الوطنية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يترأس اجتماعاً سابقاً لـ«المجلس الأعلى للدفاع»... (أرشيفية - الوكالة الوطنية)
TT

«المجلس الأعلى للدفاع» في لبنان: دور تنسيقي ضمن حدود التكليف الحكومي

الرئيس اللبناني جوزيف عون يترأس اجتماعاً سابقاً لـ«المجلس الأعلى للدفاع»... (أرشيفية - الوكالة الوطنية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يترأس اجتماعاً سابقاً لـ«المجلس الأعلى للدفاع»... (أرشيفية - الوكالة الوطنية)

يتصدّر «المجلس الأعلى للدفاع» واجهة النقاش السياسي في لبنان مجدداً، مع ازدياد الحديث عن إمكان تكليفه متابعة ملف سحب سلاح «حزب الله»، وسط نقاشات سياسية في الداخل لاتخاذ القرار. وفيما يُروَّج لـ«المجلس» بوصفه جهة قادرة على إيجاد مخارج «تقنية» لهذا الملف، تطرح الأوساط القانونية والدستورية علامات استفهام بشأن صلاحياته الفعلية، وحدود تدخّله في القضايا السيادية الكبرى.

تفويض حكومي

ويؤكّد الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المجلس الأعلى للدفاع» لا يتحرّك من تلقاء نفسه، ولا يتدخّل في الملفات السيادية إلا بتكليف واضح من مجلس الوزراء. ويوضح أن «مقاربة ملف سلاح (حزب الله) مسؤولية تقع حصراً على عاتق مجلس الوزراء، الذي يمتلك الصلاحية الدستورية لاتخاذ القرار السياسي المناسب. وفي حال ارتأى المجلس إحالة هذا الملف إلى (المجلس الأعلى للدفاع)، فإن الأخير لا يتصرّف من تلقاء نفسه؛ بل يُكلَّف تنفيذ ما يُطلب منه حصراً».

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستعرض الحرس الجمهوري (أرشيفية - أ.ب)

ويشدّد مالك على أن «المجلس» لا يملك أي هامش للتصرّف المستقل، قائلاً: «ليس هناك أي غياب للتوازن السياسي يمكن البناء عليه لتفسير دور (المجلس الأعلى للدفاع)؛ إذ إن هذا (المجلس) لا يحلّ مكان الحكومة، بل ينفذ ما يُكلَّف به من قرارات صادرة عن مجلس الوزراء». ويضيف: «دوره يقتصر على تنفيذ القرارات الحكومية، ولا يُعطيه القانون هامشاً للتصرف المستقل».

 

دور في الأزمات

ويربط مالك تعاظم دور «المجلس» بالفترات الحرجة التي تمر بها البلاد، لكنه يضع ذلك ضمن الإطار القانوني الضيق لـ«المجلس». ويقول: «هذا التعاظم هو انعكاس طبيعي لما تمر به البلاد من مخاطر وتجاذبات؛ مما يرفع منسوب الحاجة إلى التنسيق الأمني ويُعزّز دور المؤسسات الأمنية والعسكرية تحت إشراف (المجلس الأعلى للدفاع)، ضمن سقف المقررات الحكومية».

ويضيف أن «المجلس الأعلى للدفاع» يستمدّ شرعيته القانونية من «قانون الدفاع الوطني»؛ «الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 102/ بتاريخ 16 أيلول (سبتمبر) 1983، وتحديداً من المواد 7 و8 و9، وبالتالي؛ فإن (المجلس) ليس مجرد هيئة استشارية، بل هو منصوص عليه في قانون نافذ ويؤدي دوراً محدداً بموجب هذا النص».

يعمل بسرّية

يفصّل مالك تركيبة «المجلس» التي يحدّدها القانون، قائلاً: «يتألف، بموجب (المادة 7) من القانون نفسه، من: رئيس الجمهورية رئيساً، ورئيس الحكومة نائباً للرئيس، ويضم في عضويته وزراء الخارجية والداخلية والدفاع والمالية والاقتصاد، أي 7 أعضاء، ويُتاح لهم استدعاء من يرونه مناسباً من قادة أمنيين أو عسكريين للمشاركة في الاجتماعات وفق الحاجة».

ويشرح أن «(المادة الثامنة) من (قانون الدفاع الوطني) تمنح (المجلس) صفة تنفيذية؛ إذ ينفذ قرارات الحكومة حين يُكلَّف ذلك، إلى جانب صلاحية تقديم المشورة والتوصيات». ويشدّد على أن «دور (المجلس) يكتسب طابعاً تنفيذياً عندما توكِل إليه الحكومة مهمة محددة، فينحصر عمله حينها ضمن إطار ما حدده مجلس الوزراء».

ويختم بالقول: «لا وجود لسوابق دستورية أو قانونية جرى فيها تفعيل (المجلس الأعلى للدفاع) خارج قرار سياسي صادر عن الحكومة. المجلس لا يُفعَّل ولا يُعوَّم من تلقاء نفسه، بل يبقى ضمن التسلسل القانوني والهرمي الذي يخضع لرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ولا يملك صلاحيات تتجاوز حدود التكليف الحكومي».

 

لا قرار سياسياً

يلتقي هذا التوصيف القانوني مع موقف وزير الداخلية اللبناني الأسبق مروان شربل، الذي يرى أن التعويل على «المجلس الأعلى للدفاع» لمعالجة ملف سلاح «حزب الله» يتجاوز صلاحياته الواقعية. ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «(المجلس الأعلى للدفاع) ليس بديلاً عن الحكومة، ودوره يقتصر على التنسيق الأمني وتقديم الرأي في الموضوعات التي تُعرض عليه».

الرئيس اللبناني جوزيف عون يجتمع بقادة الأجهزة الأمنية (الرئاسة اللبنانية)

ويتابع شربل: «الحديث عن إحالة ملف (السلاح) إلى (المجلس الأعلى للدفاع) لا يحل الأزمة كاملة؛ لأن هذا (المجلس)، الذي يضم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية... وقادة الأجهزة الأمنية، يُصدر توصيات سرية بناء على مقررات اتخذتها الحكومة سابقاً». ويضيف: «أغلب الظن أن (المجلس)، في حال جرى تكليفه، سيقترح أن يتولى الجيش اللبناني الملف، سواء من خلال استيعاب عناصر (حزب الله) أو عبر ترتيبات أمنية معينة تُدرس بواقعية».

ضمانات سياسية

يرفض شربل المقاربات الجزئية أو التقنيّة لملف «السلاح»، مشيراً إلى أبعاد تتجاوز إطار «المجلس». ويقول: «التعامل مع ملف السلاح لا يمكن أن يكون بـ(المفرق) أو بقرارات مرتجلة؛ لأن هناك هواجس حقيقية في البيئة الشيعية وبيئة (الحزب) يعلمها جميع المسؤولين».

ويؤكّد أن الحلّ لا يكمن في المعالجات الداخلية فقط، قائلاً: «المقاربة الواقعية لهذا الملف تستدعي مساراً سياسياً جامعاً على شكل مؤتمر وطني برعاية عربية ودولية»، مشدداً على أن «المطلوب اليوم ليس فقط حواراً داخلياً، بل أشبه بمؤتمر يناقش مصير كل أنواع السلاح في لبنان، بما فيها سلاح (حزب الله)، والأسلحة الفلسطينية، وأسلحة باقي الأحزاب».

ويختم بالدعوة إلى إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة، قائلاً: «تحصين الدولة اللبنانية يكون من خلال دعم الجيش ورئاسة الجمهورية، والعمل على معالجة الملف من جذوره، وليس عبر خطوات موضعية قد تُفجّر التوازن الداخلي بدل أن تحققه».


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون ملتقياً أعضاء وفد مجلس الأمن في القصر الرئاسي (رئاسة الجمهورية)

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

بدأ وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي زيارة إلى بيروت، حيث التقى المسؤولين، في توقيت بالغ الأهمية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

أكدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلة جديدة بإدخال مدني إليها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
TT

سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)

التقى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الرئيس السوري أحمد الشرع، في مستهل «منتدى الدوحة»، اليوم (الثلاثاء).

وبحسب بيان صادر عن رئاسة الحكومة، فإنه خلال اللقاء تم التركيز على سبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويأتي لقاء سلام مع الشرع ضمن جهود دبلوماسية متواصلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويُعد «منتدى الدوحة» منصة إقليمية مهمة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الثنائية والإقليمية، حيث يشارك فيه مسؤولون كبار لمناقشة آليات التعاون المشترك وتعزيز الروابط بين الدول العربية.


مقتل شخص وإصابة 3 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في غزة

سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)
سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مقتل شخص وإصابة 3 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في غزة

سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)
سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)

قُتل فلسطيني وأُصيب 3 آخرون برصاص الجيش الإسرائيلي في منطقة شمال غربي قطاع غزة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية اليوم.

وأشارت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إلى أن القوات الإسرائيلية استهدفت مجموعة من المدنيين في محيط المنطقة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.


مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية اليوم (السبت)، إن مصر ترحب بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على تمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمدة 3 سنوات.

وأضافت «الخارجية» المصرية في بيان نشرته في صفحتها على «فيسبوك»، إن مصر تشدد على أن دور وكالة الأونروا محوري، ولا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله.

ودعت المجتمع الدولي إلى توفير التمويل المستدام لوكالة «الأونروا»، لضمان «استمرار خدماتها الحيوية».

وأشارت إلى أن وجود «الأونروا» يرتبط ارتباطاً وثيقاً بجوهر قضية اللاجئين ذاتها، وبالمسؤولية الدولية تجاه إيجاد حل دائم لها، وفق قرارات الشرعية الدولية.