مصير المدعي العام لـ«الجنائية الدولية» يُقرر في نيويورك الشهر المقبل

مزاعم اعتداءات جنسية تلاحق كريم خان بعد إصداره «مذكرتَي توقيف نتنياهو وغالانت»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (أرشيفية - رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (أرشيفية - رويترز)
TT

مصير المدعي العام لـ«الجنائية الدولية» يُقرر في نيويورك الشهر المقبل

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (أرشيفية - رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (أرشيفية - رويترز)

من المنتظر أن يستكمل «مكتب خدمات الرقابة الداخلية» التابع للأمم المتحدة، الشهر المقبل، التحقيق الذي يجريه بحق كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، استجابة للطلب الذي تقدمت به «جمعية الدول الأطراف» في المحكمة، بخصوص الاتهامات الموجهة إليه بشأن مزاعم باعتداءات جنسية تعرضت لها، لأشهر طويلة، إحدى مساعداته في مكتب الادعاء. وشائعات الاغتصاب، التي انتشرت في الصحافة العالمية، جاءت في إطار الضغوط التي يتعرض لها كريم خان منذ أن كشف عن نيته، في شهر مارس (آذار) من العام الماضي، للأميركيين والفرنسيين والبريطانيين، طلب ملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه (في ذلك الحين) يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حرب إسرائيل على غزة، بالتوازي مع تهم مماثلة بحق قادة من «حماس».

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت اللذان صدرت بحقهما مذكرتَي توقيف من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية حرب غزة (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، يعيش رجل القانون، البريطاني الجنسية، الذي يرأس مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2021، كابوساً حقيقياً، إلى درجة أن الضغوط التي تعرض لها شخصياً، وتلك التي تستهدف المحكمة، دفعت به، في بداية مايو (أيار) الماضي، إلى أخذ إجازة «مؤقتة» من مهامه في انتظار أن ينتهي التحقيق ويبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

مصير المدعي العام للمحكمة الجنائية

منذ أن ظهرت بداية المزاعم بحقه، حرص كريم خان على نفيها كلياً، عادّاً أن غرضها تلويث سمعته وثنيه عن الطلب من قضاة المحكمة إصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو وغالانت. بيد أن الضغوط متعددة الأشكال لم تردعه؛ إذ طلب رسمياً يوم 20 مايو من قضاة المحكمة إصدار مذكرات التوقيف. بيد أن الهيئة القضائية تمهلت طويلاً بعكس ما كانت الحال عند طلب مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وأخيراً، بعد 6 أشهر بالتمام والكمال، صدرت مذكرتا التوقيف ضد نتنياهو وغالانت رغم الضغوط الشديدة التي مورست على القضاة الأربعة، الذين أنيطت بهم مهمة الفصل في طلب المدعي العام.

اليوم، يبدو مصير كريم خان مرهوناً بما سيصدر عن نيويورك، وتحديداً عن 3 قضاة من «مكتب خدمات الرقابة الداخلية»، (أميركي وأوروبي وكاريبي) يعود إليهم النظر في ما إذا كان كريم خان قد ارتكب «خطأ جسيماً» في أداء وظيفته. وإذا قرر الثلاثة أن الأخير فعل «الخطأ الجسيم»، (كإساءة استخدام السلطة، والتحرش الجنسي، أو الاغتصاب)، فإن قرار عزله يعود عندها إلى الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية. وفي حال توافر أغلبية مطلقة (النصف+1) لعزله، فإن كريم خان سيفقد منصبه.

وثمة معلومات متداولة في باريس تفيد بأن الاتصالات بدأت في لاهاي، مقر المحكمة، للنظر في اختيار بديل له. ووفق ما كتبته صحيفة «لوموند» الفرنسية المستقلة، فإن الغربيين «يفضلون اختيار امرأة للحلول محل كريم خان ومن دولة غير قوية»، (بمعنى ليست نافذة وذات تأثير)، والغرض من ذلك سعيهم إلى «التمتع بهامش أكبر من المناورات من أجل الضغط لسحب مذكرتي التوقيف» المشار إليهما.

تهديدات وضغوط بالجملة

إذا تحقق السيناريو الأسوأ، فإن كريم خان يكون قد سقط ضحية الضغوط التي مارستها إسرائيل والولايات المتحدة (كلتاهما ليست عضواً في المحكمة) لإزاحته؛ لأنه تجرأ على طلب توقيف نتنياهو وغالانت. لكن الضغوط لم تصدر عنهما فقط، فقد كشف تحقيق من موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، نشر مؤخراً، عن أن كريم خان تعرض لتهديدات مباشرة ولضغوط سياسية من إسرائيل والولايات المتحدة وكثير من الدول الغربية؛ منها بريطانيا وألمانيا، وأيضاً من فرنسا، فضلاً عن حملة إعلامية ممنهجة عن علاقته بإحدى موظفات مكتبه. ووفق الموقع، فإن نيكولاس كوفمان (وهو محام بريطاني - إسرائيلي وصديق قديم لكريم خان) حذره منذ مايو (أي قبل أيام قليلة من إصدار توصيته لقضاة المحكمة بإصدار قرار توقيف نتنياهو وغالانت) بأنه سيتم «تدميره» في حال لم يسحب طلبه. وتبع ذلك اتصال من ديفيد كاميرون، وكان وقتها وزيراً للخارجية البريطانية، نبهه فيه إلى أن لندن ستقطع مساهمتها المالية في ميزانية المحكمة، لا بل ستنسحب منها في حال دعا كريم خان إلى توقيف نتنياهو وغالانت، وهو الأمر الذي وصفه بـ«القنبلة الهيدروجينية». وبعد أيام قليلة، وجه 12 سيناتوراً أميركياً من الجمهوريين، بينهم وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو، رسالة إلى كريم خان جاء فيها: «إذا استهدفت إسرائيل، فنحن سوف نستهدفك». ووفق معلومات الموقع المشار إليه، فإن كريم خان تلقى معلومات في لاهاي مفادها بأن «الموساد قد يستهدفه».

مقر المحكمة الجنائية الدولية (رويترز)

«تسييس» المحكمة الجنائية

ليس سراً أنه قبل أن ينتشر خبر توجيه تهم ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، ضد نتنياهو وغالانت، اتصل نتنياهو بالقادة الغربيين وطلب منهم «فعل كل شيء» لمنع كريم خان من الإقدام على خطوته. وأفادت «لوموند» بأنه خلال اجتماع قادة «مجموعة السبع» في إيطاليا بمنتصف يونيو (حزيران) 2024، تشاور هؤلاء بشأن الطريقة الأشد نجاعة لتعطيل عمل المدعي العام. وعدّ الطرف الألماني أن المخرج يكمن في تفعيل «آلية التكامل» التي تمنع المحكمة الدولية من النظر في قضية إذا كانت المحاكم الوطنية (المحلية) تفعل ذلك. أما فرنسا، فقد شددت على «حصانة» نتنياهو بصفته رئيس وزراء راهناً، فيما رأت بريطانيا أن إحالة المحكمة تتعارض مع «اتفاقيات أوسلو». كذلك، سعى وزير الخارجية الأميركي السابق، أنتوني بلينكن، لتفكيك هذه «القنبلة» من خلال إقناع المحكمة بترك المسألة بيد القضاء الإسرائيلي، كما ضغط هو وجيك سوليفان، مستشار بايدن للأمن القومي، على كريم خان بأنه «يضر بجهود السلام»، غير الموجودة أصلاً، ويعرض حياة الرهائن للخطر.

مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض، تضاعفت الضغوط الأميركية. وكانت باكورتها، بعد شهر واحد، فرض عقوبات على كريم خان شملت تجميد حساباته المصرفية في الولايات المتحدة ومنعه من دخولها أو إجراء أي معاملات مالية معها. ويوم 5 يونيو، خطت واشنطن خطوة إضافية عبر فرض عقوبات على 4 قضاة من المحكمة. وكتب ماركو روبيو، وزير الخارجية، في بيان رسمي، أن الأربعة «شاركوا بشكل مباشر في إجراءات باطلة ولا أساس لها، تستهدف الولايات المتحدة أو حليفتنا المقربة إسرائيل». ووفق ماركو روبيو، فإن المحكمة الجنائية «أصبحت مسيّسة، وتدّعي زوراً امتلاكها سلطة مطلقة للتحقيق وملاحقة ومحاكمة مواطني الولايات المتحدة وحلفائنا»، مضيفاً أن سلوكها «انتهاك خطير للسيادة والأمن القومي للولايات المتحدة والدول الحليفة، بما فيها إسرائيل». وهاجم نتنياهو المحكمة عشرات المرات، عادّاً إياها «معادية للسامية وفاسدة». وأشار تقرير من المخابرات الهولندية، وفق صحيفة «لوموند»، إلى تصاعد تهديدات إسرائيل والولايات المتحدة ضد المحكمة التي مقرها لاهاي، والتي أصبحت «هدفاً جذّاباً للتجسس والتأثير التدميري من طرف عدد كبير من البلدان؛ لأن مواطنيهما قد يُحاكمون فيها». ورداً على المحكمة، استقبلت واشنطن نتنياهو مرتين، وكذلك استقبلته بودابست، وطمأنه المستشار الألماني فريدريش ميرتس بأنه يستطيع القدوم إلى ألمانيا دون وجل. أما الرئيس الفرنسي، فقد ترك أمر السماح له بالدخول إلى فرنسا من عدمه إلى المحاكم.

يذكر أن شرعة المحكمة تنص على «إلزامية» الدول المعنية بتنفيذ ما يصدر عنها.

يبقى أمران: الأول؛ أن المرأة التي زعم أنها كانت ضحية كريم خان لم تقدم دعوى ضده في أي محكمة، كما رفضت الشهادة أمام هيئة التحقيق الداخلية للمحكمة. والثاني؛ أن جزءاً كبيراً من صعوبات الأخير تعود إلى مستشاره الأميركي، توماس لينش، الذي ناور للإيقاع به، وقال علناً، أكثر من مرة، إن فلسطين «ليست دولة، وإسرائيل ليست طرفاً في المحكمة، والمكتب ينبغي ألا يحقق في ذلك».



الإذاعة الحكومية الإيرانية تعترف بارتكاب أخطاء في تغطيتها للهجمات الإسرائيلية

رجل ينظر إلى النيران المتصاعدة من منشأة لتخزين النفط بعد تعرضها لضربة إسرائيلية في طهران (أ.ب)
رجل ينظر إلى النيران المتصاعدة من منشأة لتخزين النفط بعد تعرضها لضربة إسرائيلية في طهران (أ.ب)
TT

الإذاعة الحكومية الإيرانية تعترف بارتكاب أخطاء في تغطيتها للهجمات الإسرائيلية

رجل ينظر إلى النيران المتصاعدة من منشأة لتخزين النفط بعد تعرضها لضربة إسرائيلية في طهران (أ.ب)
رجل ينظر إلى النيران المتصاعدة من منشأة لتخزين النفط بعد تعرضها لضربة إسرائيلية في طهران (أ.ب)

في خطوة غير عادية للغاية، اعترف رئيس هيئة الإذاعة الإيرانية الحكومية بارتكاب أخطاء في تغطيتها الإخبارية للحرب، هذا الصيف.

وذكرت صحيفة «انتخاب» الإيرانية، الثلاثاء، أن بيمان جبلي قال لطلاب: «لقد تضررت مصداقيتنا».

وعلى وجه التحديد، كان الأمر يتعلق بتقرير كاذب مفاده أن إيران أسقطت طائرة مقاتلة حديثة من «طراز إف- 35»، وقال: «في حالة التحطم المزعوم... أبلغنا مسؤول بأن هذا قد حدث، وقمنا بنقله. ولكن تبين لاحقاً أن المعلومة لم تكن موثوقة».

وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي، هاجمت إسرائيل إيران لمدة 12 يوماً، وقصفت، بالتعاون مع الولايات المتحدة، أهدافاً من الجو، بما في ذلك منشآت نووية ومنشآت عسكرية ومدنية في أجزاء كبيرة من البلاد.

وتعد الطائرة «إف - 35» من شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية واحدة من أكثر الطائرات المقاتلة تطوراً في العالم. لا توجد حالات مؤكدة لإسقاط هذه الطائرة في نزاع مسلح.

وتعد هيئة الإذاعة الإيرانية قناة دعائية للحكومة الإيرانية.

وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على جبلي والإذاعة في عام 2022. وفي ذلك الوقت، ذكر الاتحاد الأوروبي أن هيئة الإذاعة الإيرانية قيدت بشدة التدفق الحر للمعلومات للشعب الإيراني.

وقيل إن الإذاعة متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان بسبب قربها الآيديولوجي من الحكومة.

وقصفت إسرائيل المقر التلفزيوني للإذاعة الحكومية خلال حرب هذا العام.


تركيا: مطلب «المواطنة المتساوية» يربك «عملية السلام» مع الأكراد

مجموعة من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» انسحبت من تركيا في 26 أكتوبر الماضي في خطوة ضمن إطار عملية السلام (رويترز)
مجموعة من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» انسحبت من تركيا في 26 أكتوبر الماضي في خطوة ضمن إطار عملية السلام (رويترز)
TT

تركيا: مطلب «المواطنة المتساوية» يربك «عملية السلام» مع الأكراد

مجموعة من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» انسحبت من تركيا في 26 أكتوبر الماضي في خطوة ضمن إطار عملية السلام (رويترز)
مجموعة من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» انسحبت من تركيا في 26 أكتوبر الماضي في خطوة ضمن إطار عملية السلام (رويترز)

وسط حالةٍ من الغموض والجدل حول الخطوات القانونية المنتظرة للتعامل مع حل «حزب العمال الكردستاني» ونزع أسلحته من جانب الدولة التركية، أكد حزب مؤيد للأكراد أن القضية الكردية في تركيا ليست قضية إرهاب بل قضية «قانون ومساواة في المواطنة».

وقال الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تونجر باكيرهان، في كلمة أمام البرلمان التركي خلال مناقشة مشروع الموازنة العامة للعام 2026، الثلاثاء، إن القضية الكردية تُمثل «مشكلة عميقة تتعلق بالمساواة في المواطنة والقانون، ولا يمكن تصنيفها ضمن الإرهاب». وطالب بالعودة إلى روح دستور عام 1921، مشدداً على أهمية الديمقراطية في الإدارة المحلية.

وتطرق إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» الجارية حالياً، التي انطلقت على أساس مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية»، الحليف لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وحظيت بالتأييد من جانب الرئيس رجب طيب إردوغان.

الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» متحدثاً أمام البرلمان التركي في 9 ديسمبر (حساب الحزب في إكس)

ووصف باكيرهان دعوة بهشلي بـ«التاريخية»، مشيراً إلى الشجاعة الكبيرة التي تحلى بها زعيم «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، في الاستجابة لمبادرة بهشلي، وتوجيه «نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي» في 27 فبراير (شباط) الماضي، داعياً فيه الحزب إلى حل نفسه وإلقاء أسلحته والتحول إلى المسار السياسي في إطار قانوني ديمقراطي، مؤكداً أن نجاح «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» هو مسؤولية مشتركة لجميع شرائح المجتمع من الحكومة إلى المعارضة.

إصلاحات قانونية جدلية

ولا يزال الغموض يكتنف الخطوات التي ستتخذها اللجنة البرلمانية المعنية بوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة «حزب العمال الكردستاني»، المعروفة بـ«لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بشأن قانون المرحلة الانتقالية، الذي دعا إليه أوجلان، والذي سماه «قانون الانتقال إلى قرن من السلام»، وكذلك كيفية عودة أعضاء «حزب العمال الكردستاني» من جبل قنديل في شمال العراق إلى تركيا، والإجراءات القانونية التي سيواجهونها.

أحد اجتماعات اللجنة المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» بالبرلمان التركي (حساب البرلمان في إكس)

وكشفت بعض المصادر التصور الذي تتبناه الحكومة، والذي يقوم على مرحلتين منفصلتين لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، الأولى هي «الفترة الانتقالية»، والثانية هي «التحول الديمقراطي»، التي تتطلب التأكد من إلقاء «حزب العمال الكردستاني» أسلحته وحل نفسه وجميع أذرعه العسكرية والمالية، سواء في سوريا أو العراق أو إيران أو أوروبا، بالكامل، وأن مناقشة «التحول الديمقراطي» ستبدأ عند فتح النقاش حول الدستور الجديد لتركيا بعد الأول من أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل.

وكانت تصريحات من قيادات في «حزب العمال الكردستاني» في جبل قنديل في شمال العراق، في الفترة الأخيرة، حملت تهديدات بتجميد أي خطوات في إطار عملية السلام إذا لم يتم إطلاق سراح أوجلان وضمان الحقوق الدستورية للأكراد، رد فعل غاضباً من جانب أنقرة، لكن أوجلان أكد لـ«وفد إيمرالي»، الذي التقاه في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إصراره على المضي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، مطالباً بوضع قانون السلام للمرحلة الانتقالية.

أولوية تركية

ينصب تركيز تركيا بشكل كبير في إطار العملية الجارية حالياً على حل «وحدات حماية الشعب» (الكردية) التي تشكل العماد الأساسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ورحيل العناصر الأجنبية في قوامها من الأراضي السورية، وتردد أنها كانت محور الحديث بين وفد من اللجنة البرلمانية وأوجلان خلال لقاء عقد في إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

إردوغان متحدثاً في فعالية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في 9 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وقال الرئيس رجب طيب إردوغان في كلمة خلال فعالية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الثلاثاء، إن «التنفيذ السلس لاتفاق 10 مارس (آذار) الماضي، الموقع بين دمشق و(قسد) لشأن اندماجها في الجيش السوري، سيقلب رأساً على عقب حسابات بؤر الشر التي تراهن على سوريا غير مستقرة ومنقسمة وضعيفة».

وأثار تصريح لنائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» غولستان كيليتش كوتشيغيت، عقب لقاء وفد حزبها المعروف بـ«وفد إيمرالي» مع أوجلان في 2 ديسمبر بأن أوجلان لم يدعُ «قسد» غضباً من جانب الرئاسة التركية.

واتهم كبير مستشاري الرئيس التركي للشؤون القانونية، محمد أوتشوم، أعضاء في «العمال الكردستاني» و«الديمقراطية والمساواة للشعوب» بالسعي إلى «تخريب» عملية «تركيا خالية من الإرهاب».

أوجلان أطلق نداء «السلام والمجتمع الديمقراطي» في 27 فبراير الماضي لحل «حزب العمال الكردستاني» ونزع أسلحته (إ.ب.أ)

وعلق الكاتب الصحافي التركي، مراد يتكين، على مطالبة الجانب الكردي بـ«المواطنة المتساوية»، قائلاً إنه مفهوم مُربك بدأ أوجلان استخدامه إلى جانب خطاب «الجمهورية الديمقراطية» ابتداءً من عام 2004، كما أُدرج ضمن الأهداف الرئيسية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» منذ عام 2023، باعتباره نموذجاً للحياة المشتركة يقوم على «التعددية، والديمقراطية المحلية، وحقوق اللغة الأم، وحرية الهوية الجماعية، بدلاً من دولة أحادية ومركزية».

ولفت إلى أن هذه المطالب تتعلق بتعديلات على المواد 42 و66 و127 الخاصة للسماح بالتعليم باللغة الأم، وتعديل تعريف الهوية التركية، وإعطاء الحكومات المحلية الاستقلالية.

وذكر يتكين بأنه عندما طرحت هذه المواد للمناقشة من قبل كان أشد المعارضين للمساس بها هو حزب «الحركة القومية»، متسائلاً عما إذا كان حزب «العدالة والتنمية» الحاكم سيمتلك الإرادة والجرأة لمناقشة هذه المواد، وما إذا كان حليفه «الحركة القومية» سيدعمه في ذلك.


مع قرب انتهاء مهلة تنفيذ اتفاق الدمج... هل تستعد تركيا وسوريا لعملية عسكرية ضد «قسد»؟

إحدى قوافل التجهيزات العسكرية التركية المتجهة إلى منبج (من مقطع فيديو بثته قنوات تلفزيونية تركية في 8 ديسمبر)
إحدى قوافل التجهيزات العسكرية التركية المتجهة إلى منبج (من مقطع فيديو بثته قنوات تلفزيونية تركية في 8 ديسمبر)
TT

مع قرب انتهاء مهلة تنفيذ اتفاق الدمج... هل تستعد تركيا وسوريا لعملية عسكرية ضد «قسد»؟

إحدى قوافل التجهيزات العسكرية التركية المتجهة إلى منبج (من مقطع فيديو بثته قنوات تلفزيونية تركية في 8 ديسمبر)
إحدى قوافل التجهيزات العسكرية التركية المتجهة إلى منبج (من مقطع فيديو بثته قنوات تلفزيونية تركية في 8 ديسمبر)

أوحت تحركات ميدانية للجيشين التركي والسوري في العديد من محاور التماس والمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) برفع الجاهزية والاستعداد لشن عملية عسكرية مشتركة حال عدم التزام «قسد» بتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري الموقَّع في 10 مارس (آذار) الماضي، بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

ونشرت وسائل إعلام تركية على مدى اليومين الأخيرين مقاطع مصورة لقوافل تحمل تجهيزات عسكرية اتجهت إلى منبج شمال شرقي حلب، في الوقت الذي دفع فيه الجيش السوري بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى دير الزور.

وجاءت هذه التحركات بالتزامن مع زيارة رئيس أركان الجيش التركي، الفريق أول سلجوق بيرقدار أوغلو، ونائبه الفريق أول ليفنت أرغون، إلى دمشق، يومي الجمعة والسبت الماضيين، ولقائه الرئيس السوري، أحمد الشرع، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس الأركان اللواء علي نور الدين النعسان.

الرئيس السوري أحمد الشرع خلال استقبال رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو في دمشق في 5 ديسمبر (الجيش التركي - إكس)

وزار بيرقدار أوغلو مركز العمليات المشتركة التركي السوري، وتفقد المعرض العسكري للثورة السورية الذي أقيم بمناسبة الاحتفال بـ«عيد التحرير» الموافق 8 ديسمبر.

قوافل عسكرية تركية

دخلت القوافل العسكرية التركية إلى سوريا عبر 3 طرق منفصلة هي: عفرين، ورأس العين، وشمال حلب. وأظهرت بعض اللقطات القوافل وهي تتقدم باتجاه معبر منبج الحدودي.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن مصادر محلية، أن قافلة تابعة للجيش التركي دخلت منطقة حلب عبر معبر دير البلوط الحدودي، ودخلت قافلة أخرى، ليل الأحد – الاثنين، من معبر العدوانية الحدودي، وتركز الحشد في شمال حلب وحول منبج.

وبالتوازي، بدأت قوات الجيش السوري نشر تعزيزات جديدة في منطقة دير الزور، بما في ذلك أنظمة مدفعية وطائرات من دون طيار.

وبحسب التقارير، تتكون هذه التعزيزات بشكل رئيسي من عناصر من «الفرقة 86»، ويتم توجيهها إلى مواقع مختلفة في ريف دير الزور الغربي.

قوات من الجيش السوري في أثناء عرض عسكري بدير الزور في 8 ديسمبر (إكس)

ونقلت صحيفة «تركيا»، القريبة من الحكومة التركية، الثلاثاء، عن مصادر عسكرية، أن وحدات الجيش التركي انتشرت في 3 نقاط مختلفة على طول الحدود، وتم اتخاذ تدابير مشددة في منبج، والقامشلي، وعين العرب، ورأس العين، وتل أبيض، وطريق حلب – اللاذقية الدولي (إم 4).

وأضافت أن الجيش السوري نشر العديد من طائرات المراقبة والطائرات المسيرة والمعدات التقنية على جبهات دير الزور، وسد تشرين وجسر قرة قوزاق، والطبقة، وحلسة، وعين عيسى، والرقة، في حين نُفذت توزيعات مواقع الوحدات المتقدمة وجميع الوحدات القتالية.

استعدادات في الجيش السوري

ونسبت الصحيفة إلى مصادر أمنية، لم تحددها، أن الجيش السوري يستعد لشن عملية واسعة النطاق مع اقتراب الموعد النهائي لإعادة هيكلة «قسد»، وأنه سيتم نشر 7 فرق و80 ألف جندي، وستتم زيادة العدد تماشياً مع التطورات، كما ستدعم الطائرات المسيَّرة والمروحيات والطائرات المقاتلة الأسلحة الثقيلة في ترسانة الجيش.

عناصر من «قسد» في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وبينما تُعد دير الزور إحدى المناطق الخاضعة لسيطرة «قسد»، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعدها تركيا ذراعاً لـ«حزب العمال الكردستاني» في سوريا، أشارت التقارير إلى أنه سيتم التعاون بين العشائر العربية وحكومة دمشق في هذه المنطقة، بهدف الحد تدريجياً من هيمنة «قسد».

ونقلت الصحيفة التركية تصريحاً لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية، الشيخ مضر حماد الأسعد، أكد فيه أن ادعاء قائد «قسد»، مظلوم عبدي، أن لديهم 100 ألف مقاتل غير صحيح، وأن ما لا يقل عن 20 ألف مقاتل عربي في «قسد» سينضمون إلى صفوف الدولة مع أول طلقة تُطلق في المنطقة، وأن قيادة «قسد» على دارية تامة بذلك.

وأضاف أن «قسد» حظرت احتفالات 8 ديسمبر في مناطق سيطرتها؛ خوفاً من أن تتحول إلى انتفاضة ضدها.

ضغوط لتنفيذ اتفاق الدمج

تناقلت منصات التواصل الاجتماعي في تركيا ادعاءات بأن الجيش التركي أنشأ عدداً من المستشفيات الميدانية في إطار الاستعداد لعملية عسكرية ضد «قسد» سيتم إطلاقها بالتعاون مع الجيش السوري، إذا لم تعلن تنفيذ اتفاق 10 مارس.

الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد «قسد»، مظلوم عبدي، خلال توقيع اتفاق دمجها في الجيش السوري في دمشق في 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وفسرت هذه التطورات الميدانية على أنها عملية تحضيرية تهدف للضغط على «قسد» بالتزامن مع اتصالات دبلوماسية لحملها على حل نفسها، والاندماج في صفوف الجيش السوري.

لكن مصادر في وزارة الدفاع التركية، قالت لصحيفة «جمهوريت» إن التحركات الأخيرة هي «نشاط روتيني لا أكثر».

في المقابل، كشفت تقارير عن أن وزارة الدفاع السورية أرسلت، السبت، مقترحاً معدلاً إلى «قسد» يدعو بشكل أساسي إلى إخضاعها بالكامل للجيش السوري.

رئيسا الأركان التركي والسوري خلال تفقدهما مركز العمليات التركية السورية المشترك في دمشق (الجيش التركي - إكس)

وتصر تركيا على حل «قسد» بشكل كامل، وخروج العناصر الأجنبية في صفوفها من الأراضي السورية.

وقال قائد الشمال في «قسد» أبو عمر الإدلبي لوسائل إعلام كردية: «لم تُسجَّل أي تطورات تُنذر بالخطر على الأرض حتى الآن، معظم ما تم تداوله هو جزء من الحرب الإعلامية، ومحاولة لبث الرعب، ونؤكد أن الواقع الميداني لا يعكس هذه المبالغات».

عاجل سقوط قذائف مجهولة المصدر في محيط مطار المزة بدمشق (التلفزيون السوري)