ثورة «كوميت»: كيف يغير متصفح الذكاء الاصطناعي الجديد قواعد التصفح؟

يُدرك محتوى الصفحات، ويقدم مقترحات مرتبطة بالتبويبات المختلفة... ويساعد في كتابة ردود البريد الإلكتروني، وتخطيط الرحلات، والشراء من المتاجر الرقمية.

متصفح «كوميت» مبني على الذكاء الاصطناعي لتطوير تجربة التصفح بشكل ثوري
متصفح «كوميت» مبني على الذكاء الاصطناعي لتطوير تجربة التصفح بشكل ثوري
TT

ثورة «كوميت»: كيف يغير متصفح الذكاء الاصطناعي الجديد قواعد التصفح؟

متصفح «كوميت» مبني على الذكاء الاصطناعي لتطوير تجربة التصفح بشكل ثوري
متصفح «كوميت» مبني على الذكاء الاصطناعي لتطوير تجربة التصفح بشكل ثوري

​يمثل متصفح «كوميت» (Comet) المقبل من «بيربلكستي» (Perplexity) قفزة نوعية في عالم تصفح الإنترنت، ذلك أنه يدمج الذكاء الاصطناعي بشكل جذري في المتصفح، ليحول تجربتنا الرقمية من مجرد تصفح إلى تفاعل معرفي.

ويستهدف المتصفح الجديد المستخدمين الذين يتطلعون إلى مستويات غير مسبوقة من الكفاءة والذكاء في تعاملهم مع المحتوى الرقمي. وبدلاً من الحاجة المستمرة للتنقل بين علامات التبويب (Tabs) المتعددة ومحركات البحث والتطبيقات المتنوعة، يقدم المتصفح واجهة موحدة ومتكاملة تتيح للمستخدمين طرح الأسئلة، وتلخيص المحتوى الطويل، وإتمام المهام المعقدة، ومتعددة الخطوات، كل ذلك دون مغادرة الصفحة التي يتفاعلون معها.

ويبرز المتصفح بكونه الأول الذي يعتمد بشكل كامل على الذكاء الاصطناعي التفاعلي، متجاوزاً بذلك مفهوم المتصفح التقليدي، ليعمل على أنه وكيل ذكي متكامل. هذه القدرة الفريدة تمكنه من أداء مجموعة واسعة ومتنوعة من المهام التي تتجاوز مجرد عرض صفحات الإنترنت، وهو تكامل عميق بين وظائف المتصفح، ومساعد الذكاء الاصطناعي يجعله أداة قوية للغاية، وقادرة على فهم السياق، وتقديم المساعدة الفورية، ما يمهد الطريق لتجربة تصفح أكثر سلاسة، وفعالية.

تصفح ذكي لمستقبل إنترنت أكثر تفاعلاً وسلاسة

مهام «كوميت» المتعددة: من التلخيص إلى الشراء

وتتمحور قوة المتصفح حول مساعده الذكي المدمج الذي يبقى بمتناول اليد في جميع الأوقات. ويمكن للمستخدمين طرح الأسئلة مباشرة حول المحتوى الذي يقرأونه في أي صفحة، ومقارنة المعلومات من مصادر متعددة دون عناء، وأتمتة مهام معقدة تتطلب عادة التنقل بين تطبيقات مختلفة.

ويقدم المتصفح مزايا ثورية للتصفح، تشمل:

- تلخيص عروض «يوتيوب» والمقالات الطويلة، وإنشاء جداول مقارنة مفصلة للمنتجات المرغوبة، أو البحث عن منتج ما عبر المتاجر الإلكترونية، وطلبه نيابة عن المستخدم.

- القدرة على العمل بوصفه خبيراً في تحسين مشاهدة محركات البحث لمحتوى الصفحات «Search Engine Optimization» -أو (SEO)- من خلال تحليل الأوصاف التعريفية (Meta Tags)، والكلمات الرئيسة، ونقاط القوة والضعف للصفحات، ما يوفر رؤى قيمة في الوقت الفعلي.

- تحليل ذكي للخرائط؛ حيث يمكن طلب اختيار أفضل طريق للوصول إلى متجر أو مكان ما وفقاً لموقع المستخدم، أو من موقع ما في أي بلد يرغب فيه، ليحلل المتصفح الطرق المختلفة، ويقترح الأفضل من بينها.

- تنفيذ الإجراءات المعقدة؛ حيث يمكن للمستخدمين أن يطلبوا منه حجز اجتماع مباشرة من صفحة إنترنت، أو صياغة وإرسال بريد إلكتروني بناء على محتوى معين، أو حتى شراء منتج نسوه في أثناء تصفحهم سابقاً. هذه القدرة على تحويل البحث إلى فعل هي السمة المميزة للمتصفح، ما يجعل الإنترنت امتداداً طبيعياً للعقل البشري؛ حيث تتحول الأفكار إلى مهام منجزة بسلاسة.

الارتقاء بتجربة التصفح

ويتميز المتصفح بقدرات متقدمة في كثير من المجالات التي تشمل:

- إدارة علامات التبويب (Tabs) وتنظيمها: بدلاً من الغرق في عشرات علامات التبويب المفتوحة؛ حيث يمكن للمتصفح تجميع علامات التبويب ذات الصلة تلقائياً، وحفظها عبر جلسات التصفح المتعددة. وهذه الميزة مفيدة بشكل خاص للباحثين، أو المتسوقين الذين يفتحون كثيراً من الصفحات في وقت واحد، ما يحررهم للتركيز على المهام الأساسية.

- الوصول إلى المعلومات من علامات التبويب غير النشطة: تسهل هذه القدرة مقارنة المنتجات، أو العثور على مرجع سريع دون الحاجة إلى التبديل بين التبويبات يدوياً.

وتتجاوز وظيفة المتصفح مجرد البحث التقليدي؛ حيث يدمج محرك بحث «بيربلكستي» الخاص به على أنه خيار افتراضي، وهو لا يقدم فقط إجابات سريعة ودقيقة؛ بل يدعمها أيضاً بمصادر موثوقة، ومقتبسة بشكل مباشر. هذه المنهجية تختلف جذرياً عن محركات البحث التقليدية التي غالباً ما تقدم قائمة طويلة من الروابط، ذلك أنه يقدم إجابات مباشرة، ومفصلة مع القدرة الفورية على استكشاف المصادر الأصلية. وتخفض هذه الميزة بشكل كبير من الوقت المستغرق في البحث، وتزيد من فعالية الحصول على المعلومات الموثوقة. هذا، ويمكن التفاعل مع المتصفح نصياً بكتابة رغبة المستخدم، أو من خلال الإملاء الصوتي لتسهيل العملية، وخصوصاً في أثناء القيادة، أو الانشغال بأمر ما.

«كوميت» يتعلم ويتكيف: قدرات وكيلة وتخصيص متقدم

وتُعد خصوصية المستخدم جانباً محورياً في تصميم المتصفح، وهو ما يميزه عن كثير من المتصفحات الأخرى. وتؤكد الشركة المطورة أن المتصفح يخزن بيانات المستخدم محلياً على جهازه الشخصي، وهو لا يستخدم المعلومات الشخصية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة به، ما يوفر طمأنينة كبيرة للمستخدمين المهتمين بحماية بياناتهم. يضاف إلى ذلك أن المتصفح مزود بمانع إعلانات مدمج، ما يضمن تجربة تصفح أكثر تركيزاً، وخالية من التشتيت الإعلاني.

ومن أبرز مزاياه الفريدة هي قدراته الوكيلة (Agentic Capabilities) التي تتجلى في نمطين رئيسين، هما «نمط المراقبة» (Headed Mode)، و«النمط الخالي من المراقبة» (Headless Mode).

- نمط المراقبة: يمكن للمستخدمين في نمط المراقبة مشاهدة المتصفح وهو ينفذ الإجراءات نيابة عنهم بشكل مرئي؛ حيث يعرض المتصفح النقرات، وتعبئة النماذج خطوة بخطوة، ما يبني الثقة في عملية الأتمتة.

- أما النمط الخالي من المراقبة، فهو أكثر قوة للأتمتة في الخلفية؛ حيث يقوم المتصفح بإنشاء وكلاء فرعيين متعددين لتنفيذ المهام بالتوازي، والتنقل في صفحات الإنترنت، وتحليلها، واتخاذ القرارات بشكل مستقل عن واجهة المستخدم، ما يفتح آفاقاً جديدة للأتمتة الذكية.

هذا، ويتكيف المتصفح مع عادات المستخدمين وأنماط تفكيرهم بمرور الوقت، ما يجعله مساعداً شخصياً يتطور باستمرار. ويتعلم المتصفح من سلوكيات التصفح السابقة، ويتذكر الاستعلامات السابقة، ويعدل الاقتراحات بناء على اهتمامات كل مستخدم. هذه القدرة على التخصيص تجعل تجربة التصفح أكثر فعالية، وتلبي الاحتياجات الفردية بدقة، ما يحول المتصفح إلى شريك ذكي يفهم المستخدم، ويسانده في رحلته الرقمية عبر الإنترنت.

تجربة مألوفة بقدرات جديدة

- واجهة استخدام مألوفة: تجدر الإشارة إلى أن المتصفح يعتمد على منصة «كروميوم» من «غوغل»، ما يوفر واجهة مستخدم مألوفة وسهلة الاستخدام تشبه متصفح «كروم». هذا الأمر يضمن توافقاً واسعاً مع جميع الإضافات الموجودة في متصفح «كروم»، ما يخفض بشكل كبير من عوائق الانتقال إلى متصفح جديد للمستخدم.

ويمكن للمستخدم استيراد إعداداته، وإشاراته المرجعية، وإضافاته الحالية بسلاسة، ما يجعل الانتقال إلى المتصفح تجربة خالية من المتاعب مع الاستفادة الفورية من قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

- جيل جديد من المتصفحات الذكية: ويُحدث المتصفح تحولاً جذرياً في كيفية تفاعلنا مع الإنترنت؛ حيث يأخذنا من مجرد «التنقل» بين الصفحات إلى «الإدراك» الفعلي للمحتوى. وبدلاً من البحث اليدوي عن المعلومات وجمعها، يمكن للمستخدم «التفكير بصوت مرتفع» مع المتصفح الذي ينفذ مهام سير العمل الكاملة، مع الحفاظ على السياق المثالي. هذا الأمر يعني أن البحث أصبح محادثة، والتحليل أصبح طبيعياً، مع اختفاء المهام الروتينية، ما يحرر المستخدم للتركيز على الجوانب الأكثر أهمية وإبداعاً في عمله.

ويساهم المتصفح بشكل كبير في زيادة الإنتاجية، والكفاءة الرقمية من خلال تبسيط المهام المعقدة، وتقليل الاحتكاك في سير العمل، ما يسمح للمستخدمين بإنجاز المزيد في وقت أقل. ويعني مفهوم «التصفح السلس» (Vibe Browsing) الذي يقدمه المتصفح، أن المستخدمين يمكنهم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لإدارة الجوانب الروتينية للتصفح، ما يتيح لهم التركيز بشكل أعمق على المحتوى، والتفاعل معه بطرق أكثر إبداعاً، وتحليلية.

- توافر الاستخدام: المتصفح غير متوفر للجميع حالياً؛ بل يجب التسجيل بقائمة الانتظار، أو الاشتراك بالخدمة المدفوعة لـ«بيربلكستي» من خلال الرابط التالي:

comet.perplexity.ai

وتجدر الإشارة إلى أن شركة «أوبين إيه آي» المطورة لخدمة «تشات جي بي تي» تعمل على تطوير متصفح مبني على الذكاء الاصطناعي أيضاً، مع توقعات بعمل «غوغل» على دمج ذكاء «جيميناي» في متصفحها «كروم» بشكل جذري أيضاً، وليس على شكل ميزة إضافية، ووجود شركات أخرى تعمل على الأمر نفسه، مثل متصفح «ديا» (Dia Browser): www.DiaBrowser.com.


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».