تفيد مصادر سياسية مطلعة على تفاصيل الموقف الأميركي من مشروع قانون «الحشد الشعبي»، الذي تدفع باتجاهه الفصائل المسلحة وبعض الأحزاب الشيعية، بأن التصويت عليه خلال الفترة المتبقية من عمر البرلمان «أمر غير وارد».
وترى المصادر أن إقرار القانون، في «أفضل السيناريوهات»، قد يُرحل إلى الدورة البرلمانية المقبلة المقررة انتخاباتها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن تمريره سيظل «موضع شك» حتى في الدورة البرلمانية المقبلة، في ضوء «التحولات الإقليمية التي قد تطرأ لاحقاً، مع إمكانية تراجع نفوذ الفصائل المسلحة بالبرلمان المقبل».
ويبدو أن التحول الواضح في الموقف الأميركي من تشريع قانون «الحشد الشعبي»، يمثل العامل الأبرز الذي يهدد تمريره. فبعد أشهر طويلة من الرسائل والنصائح الأميركية غير المعلنة إلى القادة السياسيين بضرورة عدم المضي في التشريع، اتخذت واشنطن موقفاً «حازماً وعلنياً» حيال الموضوع، حيث ذكرت السفارة الأميركية في بغداد أن القائم بالأعمال ستيفن فاجن، وخلال لقائه السبت الماضي مع النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي، «عبّر عن قلق الولايات المتحدة إزاء مقترحَي قانون قوات الحشد الشعبي وهيئة الحشد الشعبي».
جدد #القائم_بالأعمال فاجن خلال لقائه مع النائب الأول للبرلمان المندلاوي في ٢ أب قلق الولايات المتحدة بشأن مقترح قانوني قوات الحشد الشعبي وهيئة الحشد الشعبي. كما ذكر الوزير روبيو، فإن تشريع قانون الحشد الشعبي سيؤسس لنفوذ إيراني ويقوي الجماعات الإرهابية المسلحة، مما يهدد سيادة... pic.twitter.com/RURzenUjQZ
— U.S. Embassy Baghdad (@USEmbBaghdad) August 3, 2025
وأشارت السفارة الأميركية إلى ما قاله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، لرئيس الوزراء محمد السوداني قبل نحو أسبوعين، بأن «تشريع قانون الحشد الشعبي سيؤسس لنفوذ إيراني ويقوي الجماعات الإرهابية المسلحة، مما يهدد سيادة العراق».
وفي مواجهة الموقف الأميركي المتشدد، تتحدث بعض المصادر السياسية عن تمسك إيراني بإقرار القانون، وهو ما برز خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها قائد «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، إسماعيل قاآني، في زيارة سرية إلى بغداد قبل بضعة أيام.
صراعات «الإطار التنسيقي»
ومع الموقف الأميركي المتشدد تجاه تشريع القانون، يشير معظم المعلومات المتداولة إلى أن عدم إقراره مرتبط أيضاً بـ«الصراعات السياسية» داخل أروقة قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، والمتعلقة بالسيطرة على رئاسة هيئة الحشد والمناصب العليا فيها.
ويؤكد ذلك النائب رائد المالكي الذي قال في تصريحات صحافية، إن «السبب وراء عدم تشريع القانون هو خلافات قوى الإطار التنسيقي على بعض التفاصيل البسيطة، ما أدى إلى سحب القانون، رغم إمكانية تمريره في السنة الماضية، خصوصاً مع عدم وصول الرئيس الأميركي إلى البيت الأبيض في حينها».
وطالبت «عصائب أهل الحق» مراراً بإحالة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، إلى التقاعد لبلوغه السن القانونية، في مؤشر على رغبتها في الاستحواذ على منصب رئاسة الهيئة. وتبرز كذلك خلافات بين قوى «الإطار التنسيقي» حول معظم المناصب العليا داخل الحشد، ما أضاف عقبة جديدة أمام إقرار القانون.
وإلى جانب ذلك، تعترض شخصيات وأحزاب كردية وسنية على مشروع القانون، فضلاً عن تحفظاتها على طبيعة الأنشطة التي تمارسها بعض الفصائل المسلحة المنضوية تحت مظلة الحشد، لا سيما الهجمات الصاروخية التي استهدفت خلال الأسابيع الأخيرة مواقع وحقولاً نفطية وغازية في إقليم كردستان.
النائب علاء الحيدري:قمنا بجمع تواقيع نيابية لمطالبة الحكومة بإرسال قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي #الحشد_الشعبي بهدف إنصاف هذه الشريحة التي قدّمت التضحيات الكبيرة من أجل الوطن.ننتظر من الحكومة التعامل بجدية مع هذا الملف المهم، وتحقيق العدالة لرجال ضحوا بكل شيء دفاعاً عن العراق، pic.twitter.com/OCJCOovVBQ
— حــنـيـن الــيـاسـري (@KazemiUmm) August 3, 2025
ووجّه رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، فالح الفياض، الأحد، رسالة إلى أعضاء البرلمان طالبهم فيها بالتصويت على قانون الحشد، مؤكداً أن «تمرير هذا القانون لا يقتصر على كونه إجراءً تشريعياً؛ بل هو تثبيت لحقوق من سطروا بدمائهم مجد الوطن، وتجسيد لعرفان الشعب لمن حملوا السلاح دفاعاً عن العراق ووحدته».
غير أن رسالة الفياض لم تلقَ الاستجابة المطلوبة داخل أروقة البرلمان، إذ خلا جدول أعمال جلسة الاثنين، من أي إشارة إلى التصويت على القانون، في مؤشر على استبعاد تمريره خلال هذه الدورة البرلمانية، خصوصاً بعد الطلب الصريح من الجانب الأميركي لنائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي، بعدم المضي في التشريع.
