ما مصير معارضين مصريين موقوفين بالخارج؟

جدل حول تسليم المقاول محمد علي عقب ضبط «إخواني» في ماليزيا

إسرائيل أعطت ترخيصاً لمظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب لمحاولة تحميل القاهرة «مسؤولية ما يحدث لأهل غزة» (متداولة)
إسرائيل أعطت ترخيصاً لمظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب لمحاولة تحميل القاهرة «مسؤولية ما يحدث لأهل غزة» (متداولة)
TT

ما مصير معارضين مصريين موقوفين بالخارج؟

إسرائيل أعطت ترخيصاً لمظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب لمحاولة تحميل القاهرة «مسؤولية ما يحدث لأهل غزة» (متداولة)
إسرائيل أعطت ترخيصاً لمظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب لمحاولة تحميل القاهرة «مسؤولية ما يحدث لأهل غزة» (متداولة)

أكد مصدر مصري مسؤول أن «القاهرة تحترم القانون الدولي وسيادة الدول وقوانينها فيما يتعلق بمن يرتكبون تجاوزات ضد مصر بالخارج أو مطلوبين لديها على ذمة قضايا أو أحكام»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك حملة ممنهجة تروج لفكرة أن مصر تُسخر إمكانياتها لمطاردة وملاحقة كل من ينتقدها في دول أخرى، والأغراض مفهومة ومعلومة للجميع من وراء تلك الحملة».

كلام المصدر جاء تعليقاً على ما تم تداوله من ضبط طالب مصري قيل إنه «ينتمي للإخوان» ويدعى مروان محمد مجدي عثمان يدرس الهندسة في ماليزيا، عقب قيامه بكتابة عبارات مسيئة على مقر السفارة المصرية في كوالالمبور، احتجاجاً على ما يتردد من مزاعم أن «مصر تحاصر غزة برفض فتح معبر رفح أمام المساعدات»، وهو الأمر الذي نفته القاهرة مراراً، مؤكدة أنها «لم تغلق المعبر قط، وأن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على المعبر من جانبه الفلسطيني، ويمنع مرور المساعدات».

وقد تمّ تداول أنباء القبض على الطالب المصري بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي من ناشطين في ماليزيا وكذلك في تركيا، وأصدرت عدة مؤسسات حقوقية بيانات تتضمن أن «السفارة المصرية في كوالالمبور اتهمت الطالب بـ(الخيانة العظمى)، وطلبت من السلطات الماليزية تسليمه لها، وأن هناك مخاوف على حياته من تسليمه لمصر»، حسب تعبير تلك المؤسسات التي اتهمها البعض بأنها «مرتبطة بجماعة الإخوان في الخارج وخصوصاً بتركيا».

«الشرق الأوسط» طلبت تعليقاً من السفارة المصرية في ماليزيا لكن لم يتسن ذلك، فيما أكد المصدر المصري المسؤول أن «ما يتردد يحمل قدراً كبيراً من المغالطات، حيث إن مصر لن تتهم أحد مواطنيها بالخيانة العظمى في بلاغ مقدم لدولة أخرى، فما علاقة الدولة الأخرى بخيانة شخص لبلده من عدمه؟»، مضيفاً أن «تلك الاتهامات توجه من سلطات التحقيق والقضاء في الدول لمواطنيها وفقاً لدستور كل دولة وقوانينها، وما يعد خيانة في دولة قد لا تعده دولة أخرى خيانة، وبالتالي فهذه التهمة تكون حصراً داخل حدود كل دولة، ولا تخطر بها دولة أخرى حتى وإن كان الشخص المتهم بالخيانة موجوداً بتلك الدولة الأخرى».

صورة متداولة لوثائق تخص الطالب المقبوض عليه في ماليزيا

وشدّد المصدر على أنه «بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي أخيراً، فإن السفارات المصرية بعد تكرار الاعتداءات عليها، تعمل على مخاطبة السلطات في كل دولة لتنفيذ القانون والمعاهدات التي تكفل احترام البعثات الدبلوماسية، واتخاذ اللازم ضد كل من يعتدي عليها، ومن ثم فالمسألة ليست فيها استهدافات أو بلاغات بخصوص كل شخص، لكن المسألة بشكل عام، وحينما تحدث واقعة معينة مثل التي حدثت في ماليزيا، تحضر الشرطة وتحصل على تسجيلات الكاميرات من السفارة أو القنصلية المعتدى عليها، وتبدأ في اتخاذ اللازم ضد المعتدي».

ونوّه بأنه «ليس كل من يتم ضبطه باعتداء على سفارة أو قنصلية مصرية بالخارج تطلب مصر تسليمه لها، لأنه واقعياً خالف قوانين البلد التي حدث بها الاعتداء، ومن ثم فطبيعي أن تتم محاسبته هناك، لكن طلبات التسليم تخص فقط المطلوبين في قضايا أو صدرت ضدهم أحكام في جرائم مسجلة داخل مصر، ويتم ذلك عبر الإنتربول، ووفق الاتفاقيات مع الدول، وحسب القانون الدولي فيما يخص تسليم المطلوبين».

والخميس الماضي، عدّت القاهرة رسمياً في بيان صادر عن وزارة الخارجية أن تنظيم مظاهرات أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية المصرية بالخارج وقيام البعض بالاعتداء عليها «تشويهاً ممنهجاً للدور المصري، ولا يخدم القضية الفلسطينية إنما يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي»، وتسببت تلك المظاهرات، خصوصاً التي نظمت أمام السفارة المصرية بتل أبيب، في توجيه أصابع الاتهام من جانب برلمانيين وإعلاميين وسياسيين مصريين إلى جماعة «الإخوان» المصنفة «إرهابية» في مصر.

مصر جدَّدت نفيها إغلاق معبر رفح واستنكرت حملات تشويه دورها في القضية الفلسطينية (محافظة شمال سيناء)

وبدأت منذ الأسبوع الماضي، حملة للتظاهر أمام السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج والدعوة لإغلاقها، إثر قيام أحد الشباب المصريين بإغلاق مقر السفارة المصرية في هولندا على العاملين من الخارج بأقفال، زاعماً أن «هذا مماثل لما تفعله مصر بإغلاق معبر رفح، وتقول إن إسرائيل هي مَن تغلقه»، تبع ذلك احتجاجات أمام سفارات مصر بدول عدة منها، لبنان، وسوريا، وبريطانيا، والدنمارك، وكندا، وتونس، وليبيا، وجنوب أفريقيا، وأخيراً في تل أبيب.

وشدّد الرئيس المصري، الجمعة، خلال اتصال هاتفي تلقاه من رئيس الوزراء الهولندي، ديك سخوف، على ضرورة احترام القانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي تلزم الدول توفير الحماية الأمنية للبعثات الدبلوماسية، وعدم المساس بالسفارات الأجنبية العاملة على أراضيها.

في سياق متصل، أصدرت «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر بياناً على لسان مصدر رسمي نفى خلاله «صحة ما يتردد بشأن ترتيبات لتسليم رجل الأعمال الهارب في إسبانيا، محمد علي»، وأنه «لا توجد إجراءات حالية بهذا الصدد».

وأوضح المصدر في البيان، الصادر الأحد، أن «مصر ملتزمة بالمعايير القانونية المتبعة في هذا الشأن، وبالتشريعات المحلية والدولية»، مشيراً إلى أنه «في حال وجود طلب رسمي بتسليمه، فسوف يتم رفض الطلب بشأن ذلك ما لم يكن مطلوباً على ذمة قضايا بالبلاد».

وأفادت تقارير صحافية مصرية، السبت، بأن محكمة إسبانية أصدرت حكماً نهائياً ضد المقاول الهارب محمد علي، وأن السلطات الإسبانية تبحث ترحيله إلى بلاده.

ونقلت وسائل إعلام محلية مصرية عن مصدر قوله إن «الحكم القضائي صدر منذ نحو أسبوعين ضد محمد علي، لكن برلمان كاتالونيا حيث يقيم، يعارض ترحيله بعد أن تمكن المقاول الهارب من بناء علاقات مع عدد من أعضاء البرلمان بحجة الاستثمار في قطاع المقاولات والبناء»، حسب تعبيره، وهي التقارير التي أكدها عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري في تدوينة عبر حسابه على موقع «إكس».

وأثار محمد علي ضجة منذ عام 2019 حينما ظهر في إسبانيا، مؤكداً أنه «هرب إليها وطلب اللجوء موجهاً الانتقادات إلى السلطات المصرية بعد سنوات من الشراكة معها في أعمال بناء ومقاولات، ومنذ ذلك الوقت يستمر في الانتقاد والتحريض على التظاهر في مصر»، وأفادت تقارير محلية مصرية بأنه صدرت ضده أحكام قضائية، ومطلوب على «قوائم الإرهاب» بمصر، وحديثاً ظهر محمد علي على «تيك توك»، موجهاً اتهامات للسلطات الإسبانية بـ«الاستيلاء على أمواله».

تجدر الإشارة إلى أنه قبل أسبوعين أوقفت السلطات التركية العنصر الإخواني، القيادي بحركة حسم «الإرهابية»، محمد عبد الحفيظ، في مطار إسطنبول لدى عودته من أفريقيا، وذلك بعد ساعات من إعلان القاهرة «تورطه في مخطط تخريبي» أحبطته أجهزة الأمن المصرية، ثم رحلته تركيا إلى وجهة غير معلومة، «ولم تصدر أنقرة أو القاهرة أية بيانات بشأنه مما يزيد الغموض حول مصيره».


مقالات ذات صلة

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

الخليج معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

أعربت السعودية و7 دول عربية وإسلامية عن بالغ القلق إزاء تصريحات إسرائيل بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

أعرب بدر عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع روسيا، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مقر النائب العام المصري في القاهرة (الصفحة الرسمية لمكتب النائب العام)

«النيابة المصرية» تنفي علاقة «الدارك ويب» بواقعة «التحرش» داخل مدرسة دولية

نفت النيابة العامة في مصر وجود علاقة بين «الدارك ويب» أو ما يُعرف بـ«الإنترنت المظلم» وقضية «التحرش» بإحدى المدارس الدولية في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ناخبون خلال الإدلاء بأصواتهم في إحدى الدوائر الملغاة بمدينة أسيوط الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)

مصر: نتائج أولية تشير لـ«تقدم» مستقلين في «الدوائر الملغاة» بـ«النواب»

المؤشرات الأولية تشير إلى تزايد فرص المرشحين المستقلين؛ إذ يخوض أكثر من 30 منهم جولة الإعادة المقررة في 23 و24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج» أحمد عبد القادر (ميدو) الذي سبق وجرى توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية.

أحمد عدلي (القاهرة)

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.


محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات مصرية - روسية، الجمعة، المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وذلك في إطار التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، تناول الاتصال «العلاقات الوثيقة بين مصر وروسيا، وما تشهده من زخم متزايد في مختلف مسارات التعاون، ولا سيما المجالات الاقتصادية والتجارية». وأعرب عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تربط البلدين، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات. وأكّد أهمية مواصلة العمل المشترك لدفع مشروعات التعاون الجارية، وفي مقدمتها محطة «الضبعة النووية»، بما يسهم في تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر وتوسيع التعاون بين الجانبين.

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة، ما عدّه خبراء «خطوة أولى لإنتاج الطاقة النووية».

ومحطة «الضبعة» النووية هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقّعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

جانب من محطة «الضبعة النووية» الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية)

وأكّد عبد العاطي، خلال الاتصال الهاتفي، الجمعة، على «أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 والمضي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة»، لافتاً إلى «ضرورة تمكين قوة الاستقرار الدولية من أداء مهامها لترسيخ وقف إطلاق النار».

وبحسب «الخارجية المصرية»، استعرض عبد العاطي «الجهود التي تبذلها مصر في إطار (الآلية الرباعية) لوقف النزاع والحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السودانية»، كما استعرض «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار لبنان». وجدد موقف مصر «الداعي إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تحركات أو تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد»، داعياً إلى «تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري».

وأعربت مصر، نهاية نوفمبر الماضي، عن أملها في «بدء عملية سياسية بالسودان (دون إقصاء)». وأكّدت «احترام السيادة السودانية».

وتعمل «الآلية الرباعية»، التي تضم المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكّدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان». كما طرحت في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر».

أطفال سودانيون فرّوا مع عائلاتهم جراء المعارك الدامية يجلسون في مخيم قرب الفاشر (رويترز)

وتطرق الاتصال الهاتفي، الجمعة، إلى تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

على صعيد آخر، تناول عبد العاطي ولافروف مستجدات الأزمة الأوكرانية، حيث جدّد وزير الخارجية المصري «التأكيد على موقف القاهرة الثابت الداعي إلى ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى التوصل لتسويات سلمية للأزمات، عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية، بما يحفظ الأمن والاستقرار».


أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

خطوة جديدة نحو إنهاء أزمة شرق الكونغو التي تصاعدت منذ بداية العام، مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسي رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ذلك الاتفاق الذي أكد ترمب أنه «وضع حداً للنزاع»، يراه خبير في الشأن الأفريقي تحدث لـ«الشرق الأوسط» خطوة تحمل أملاً كبيراً لشرق الكونغو الديمقراطية، لكن «تحتاج لتطبيق فعلي على أرض الواقع، وآليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، في ظل تكرار المواجهات رغم التفاهمات التي جرت خلال الآونة الأخيرة».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

وقال كاغامي عقب توقيع الاتفاق: «ستكون هناك عثرات أمامنا، لا شك في ذلك»، بينما وصف تشيسكيدي الاتفاق بأنه «بداية مسار جديد، مسار يتطلب الكثير من العمل».

وهذه النبرة الأكثر حذراً من الرئيسين الأفريقيين تأتي في ظل تواصل المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي بيانين متبادلين، الثلاثاء، اتهم جيش الكونغو، ومتمردو «23 مارس» بعضهما بـ«انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار القائمة التي جرى تجديدها الشهر الماضي». وفي مؤتمر صحافي في واشنطن، الأربعاء، حمّل المسؤول الكونغولي، باتريك مويايا، الحركة «مسؤولية القتال الأخير»، قائلاً إنه «دليل على أن رواندا لا تريد السلام».

وتفاقمت الهجمات التي تهدد المسار السلمي في الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ إذ برزت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي منذ عام 2019 تحت اسم «ولاية وسط أفريقيا»، وتواصلت هجمات الجماعة في مناطق شرق الكونغو مع تصاعد عمليات حركة «23 مارس»، وجماعة «مؤتمر الثورة الشعبية» المسلحة التي أسّسها توماس لوبانغا، وذلك خلال أشهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

المحلل السياسي التشادي، الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن «اتفاق واشنطن» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، خطوة تحمل قدراً من الأمل، لكنه يبقى أملاً هشاً للغاية، موضحاً أنه رغم أن التوقيع الرسمي يمنح الانطباع بأن البلدين دخلا مرحلة جديدة من التهدئة، فإن الواقع في شرق الكونغو يكشف عن أن الطريق إلى السلام ما زال طويلاً وشائكاً.

ولفت إلى أنه رغم التوقيع، عادت الاشتباكات إلى الاشتعال في مناطق كيفو، وهو ما يدل على أن المشكلة أعمق بكثير من اتفاق يعلن من واشنطن، مشدداً على أن «السلام في شرق الكونغو يحتاج أكثر من توقيع، ويحتاج إلى آليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، وتعامل مباشر مع مطالب المجتمعات المحلية التي عاشت سنوات من الإهمال والصراع».

ترمب يحيي حفل توقيع «اتفاق السلام» مع بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

والاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية، هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار سلام في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، بخلاف إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو الماضي.

ووسط ذلك التقدم، رحبت مصر في بيان لـ«الخارجية»، الجمعة، بتوقيع اتفاقات السلام والازدهار في واشنطن بين الكونغو الديمقراطية رواندا، مؤكدة أنه «يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، بما يسهم في دعم جهود إحلال السلام، وترسيخ أسس المصالحة وإفساح المجال للتنمية الشاملة في المنطقة».

وأمام هذا الواقع والتفاؤل المصري، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أنه يمكن الحفاظ على الاتفاق وتجاوز عثراته عبر خطوات عملية وواضحة، أهمها تنفيذ البنود الأمنية بشكل جدي، خصوصاً انسحاب القوات الرواندية ووقف أي دعم للجماعات المسلحة، وبناء ثقة مع سكان شرق الكونغو عبر تحسين الأمن، وإشراكهم في أي ترتيبات ميدانية، باعتبارهم الأكثر تأثراً، ودون رضاهم سيظل الاتفاق هشاً.

ويعتقد أن الأمل المصري بشأن اعتبار الاتفاق خطوة مهمة لإنهاء التوتر بين البلدين، يعود إلى «احتمال تجاوز حالة الانسداد السياسي التي سادت لسنوات»، مؤكداً أن «هذه الخطوة يُمكن أن تترجم إلى استقرار فعلي إذا بدأ الطرفان بتنفيذ البنود الأكثر حساسية، وهي الانسحاب التدريجي للقوات، ووقف دعم الجماعات المسلحة، والانتقال من منطق المواجهة إلى منطق التعاون».

وشدد على أنه يمكن أن يستمر اتفاق السلام إذا تحول إلى عملية تنفيذ ملزمة تشارك فيها الأطراف الإقليمية والدولية، لكن إن بقي الوضع الميداني على حاله، أو استُخدم الاتفاق غطاءً لإعادة تموضع قوات أو جماعات مسلحة، فسيظل مجرد هدنة مؤقتة معرضة للانهيار في أي وقت.