3 لقاءات بين زعيمي إثيوبيا والصومال... لماذا تأخر إتمام «إعلان أنقرة»؟

آبي أحمد وشيخ محمود يجتمعان في أديس أبابا... ولا حديث عن أزمة «المنفذ البحري»

الرئيس الصومالي يلتقي رئيس وزراء إثيوبيا على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للأمن الغذائي العالمي بأديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي يلتقي رئيس وزراء إثيوبيا على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للأمن الغذائي العالمي بأديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

3 لقاءات بين زعيمي إثيوبيا والصومال... لماذا تأخر إتمام «إعلان أنقرة»؟

الرئيس الصومالي يلتقي رئيس وزراء إثيوبيا على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للأمن الغذائي العالمي بأديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي يلتقي رئيس وزراء إثيوبيا على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للأمن الغذائي العالمي بأديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)

لقاء جديد بين رئيس الصومال حسن شيخ محمود، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، يعد الثالث عقب إعلان أنقرة لإنهاء أزمة المنفذ البحري بين البلدين، دون أن تدفع تلك اللقاءات في التوصل إلى اتفاق بخصوص تلك الأزمة التي استمرت لنحو عام.

ووفق البيانات الرسمية، لم يتطرق اللقاء الجديد بين حسن شيخ محمود وآبي أحمد بأديس أبابا، الأحد، لإعلان أنقرة الذي أعلن في ديسمبر (كانون الأول) 2024، والذي حدد فترة تبدأ من فبراير (شباط)، وتصل إلى نحو 4 أشهر لإبرام اتفاق.

ويرجع مصدر صومالي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، تأخير إعلان الاتفاق حتى الآن، رغم مرور شهر على موعده «لظروف عدم نضوج الاتفاق وخلاف حول حق إثيوبيا في منفذ بحري، وحرص البلدين على التعاون الأمني بمواجهة (حركة الشباب) الإرهابية لتفادي أي تصعيد»، مستبعداً أن ينهار إعلان أنقرة رغم عدم الالتزام بمواعيده المعلنة مسبقاً.

وحل رئيس الصومال، ضيفاً الأحد، على أديس أبابا لحضور مؤتمر الأمم المتحدة للأمن الغذائي العالمي، والتقى على هامشه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وناقش «العلاقات الثنائية والوضع في المنطقة»، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية.

وأكد الجانبان «أولوية العمل المشترك لمكافحة الإرهاب الذي يهدد بقاء شعوب المنطقة وتنميتها»، بينما قال آبي أحمد في منشور عبر حسابه بمنصة «إكس»: «تربط إثيوبيا والصومال علاقات تاريخية وثقافية ودبلوماسية راسخة، ونحن ملتزمون بتعزيز علاقاتنا الأخوية».

واستقبل الرئيس الصومالي لدى وصوله إلى مطار بولي الدولي، نائب رئيس الوزراء الإثيوبي، تيمسجن تيرونه، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الإثيوبية الأحد.

شيخ محمود وآبي أحمد يلتقيان مجدداً في أديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)

وتدهورت العلاقات بين الجارتين، إثيوبيا والصومال، منذ توقيع أديس أبابا في 1 يناير (كانون الثاني) 2024، اتفاقية مع «أرض الصومال»، تسمح لها باستخدام سواحل الإقليم على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا باستقلال أرض الصومال، وسط رفض مصري - عربي - صومالي. وتلاها في أبريل (نيسان) 2024، إعلان مقديشو طرد السفير الإثيوبي من البلاد.

وبعد جولات عدة بين الصومال وإثيوبيا، رعتها تركيا التي لها وجود لافت بالبلدين بداية من يوليو (تموز) 2024، تلتها جولة ثانية في أغسطس (آب)، صدر إعلان أنقرة في ديسمبر (كانون الأول) والقاضي بالذهاب لمحادثات انطلقت في فبراير (شباط) الماضي، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن أزمة الميناء البحري في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية.

المحلل السياسي الصومالي عبد الولي جامع بري، يرى أن لقاءات شيخ محمود وآبي أحمد كانت بهدف استعادة العلاقات الدبلوماسية رسمياً بعد القطيعة، والتركيز على التعاون الأمني والعسكري ضد حركة الشباب الإرهابية.

وأوضح أن «ما جرى في أنقرة كان إعلاناً لإطلاق محادثات تقنية وليس اتفاقاً نهائياً، وتأخر التنفيذ بسبب خلافات عميقة، حيث الصومال يرفض رسمياً أي اتفاق يعطي إثيوبيا منفذاً بحرياً عبر أرض الصومال، لأنه يُعدّ تهديداً لوحدة أراضيه».

ويضيف بري سببين إضافيين لتأخر إتمام إعلان أنقرة رغم تعدد لقاءات الزعيمين الصومالي والإثيوبي، أحدهما يتعلق بوجود «ضغط داخلي قوي جداً في الصومال ضد أي تسوية تُفسَّر بوصفها اعترافاً ضمنياً باستقلال أرض الصومال، والثاني مرتبط بحساسية إقليمية ودولية تجعل تركيا تلعب دور وسيط دون فرض حلول، مما يبطئ الوصول إلى صيغة نهائية».

وكانت أزمة المنفذ البحري حاضرة في اللقاءين السابقين وبياناتهما الرسمية، فبعد شهر من توقيع إعلان أنقرة، وصل حسن شيخ محمود إلى أديس أبابا، واستقبله آبي أحمد، وأفادت وكالة الأنباء الصومالية بأن الزيارة «تأتي عقب (اتفاق أنقرة) الذي توصل إليه البلدان أخيراً في تركيا، وتعكس مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين».

وبعد شهر، استقبل شيخ محمود، في فبراير (شباط)، آبي أحمد، لدى وصوله إلى مقديشو، في زيارة قالت وكالة الأنباء الصومالية آنذاك، إنها تهدف إلى «فتح صفحة جديدة تقوم على التعاون والاحترام المتبادل، بعد إعلان إثيوبيا، في ديسمبر الماضي، التراجع عن اتفاق أثار خلافات بين البلدين».

وعقب اللقاء الثاني آنذاك بين شيخ محمود وآبي أحمد، أصدرت حكومتا البلدين بياناً مشتركاً وقتها، أكدتا خلاله أن «الزيارة تأتي في إطار الجهود المتواصلة لتطبيع العلاقات الثنائية»، وسط ترحيب زعيمي الصومال وإثيوبيا بـ«انطلاق المحادثات الفنية في أنقرة، مؤكدين التزامهما بالحوار البنَّاء والتعاون».

ويعتقد برى أن «اللقاء الأحدث في أديس أبابا تجنب الحديث عن الاتفاق، لأن الوفدين فضّلا التركيز على الملفات العملية الخاصة بدور إثيوبيا في البعثة الأفريقية لمواجهة حركة الشباب والتعاون الأمني ضد الحركة»، مضيفاً: «أي إعلان عن أي تقدّم في ملف أنقرة دون نتيجة واضحة، سيُعرّض الحكومة الصومالية لانتقادات شديدة في الداخل».

ولا يتوقع المحلل السياسي الصومالي أن يُبرم الاتفاق قريباً، مضيفاً: «الأرجح استمرار التأجيل في المدى القريب بسبب تعقيد الملف المتعلق بأرض الصومال، واستمرار الانقسام الداخلي في الصومال».

ويستدرك: «لكن لا يزال هناك مسار تفاوض فني قائم برعاية تركيا، وقد يُنتج صيغة (غير نهائية) أو إطاراً جديداً في الأشهر المقبلة، إذا حدث تقدّم».

ويخلص بري إلى أن «الاتفاق لم ينهَر، لكن لم ينضج بعد ليُوقَّع رسمياً»، مؤكداً أن «اللقاءات الأخيرة ركزت على التعاون الأمني لتفادي مزيد من التصعيد، فيما بقيت القضايا السيادية مؤجلة لحين نضوج ظروف سياسية أو إقليمية مناسبة».


مقالات ذات صلة

سفير الصومال بالاتحاد الأفريقي لـ«الشرق الأوسط»: نتشاور مع الحلفاء للدفاع عن وحدة البلاد

شمال افريقيا سفير الصومال لدى أديس أبابا والاتحاد الأفريقي عبد الله محمد ورفا (صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي)

سفير الصومال بالاتحاد الأفريقي لـ«الشرق الأوسط»: نتشاور مع الحلفاء للدفاع عن وحدة البلاد

كشف سفير الصومال لدى أديس أبابا والاتحاد الأفريقي عبد الله محمد ورفا، لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، أن بلاده تفكر في خيارات مطروحة بشأن الدفاع عن وحدة الصومال.

محمد الريس (القاهرة)
تحليل إخباري جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

تحليل إخباري «أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل في المنطقة.

شمال افريقيا الرئيس الجيبوتي خلال لقاء نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية الصناعية الاثنين (وزارة النقل المصرية)

مصر توسع تعاونها مع جيبوتي وسط تصاعد توترات «القرن الأفريقي»

الرئيس غيله أكد أن «الزيارة تُجسد العلاقة القوية والتاريخية بين جيبوتي ومصر، والتي تمثل حجر الأساس في خدمة الشعبين».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مدينة العلمين (الرئاسة المصرية)

مصر تُصعّد أفريقياً في مواجهة الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»

مواقف مصرية متتالية لليوم الثالث، تشتبك فيها مع الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي بمقديشو، الذي تجمعه بالقاهرة اتفاق دفاع مشترك.

محمد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سكان يلوّحون بأعلام «أرض الصومال» وهم يتجمعون للاحتفال بإعلان إسرائيل الاعتراف بدولة أرض الصومال في وسط مدينة هرجيسا (أ.ف.ب) play-circle

مصر تطالب بجلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لبحث تطورات الصومال

طالب وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي اليوم (الاثنين) بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لتناول «الاعتراف الإسرائيلي بما يسمى أرض الصومال».


محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.