أكد مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشؤون أفريقيا، مسعد بولس، «دعم الإدارة الأميركية جهود الاستقرار في ليبيا»، وذلك خلال لقاء رئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، الأربعاء، ضمن زيارة يجريها لطرابلس وبنغازي، ويلتقي خلالها مسؤولين ليبيين. وفي غضون ذلك، شهدت أحياء طرابلس وقفة احتجاجية تطالب بإسقاط حكومة «الوحدة»، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
وتناولت محادثات الدبيبة ومستشار ترمب، الأربعاء، «تطورات القضية الفلسطينية»، حيث نقل البيان عن الدبيبة «إدانة ليبيا الشديدة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة، من جرائم وتجويع وعدوان مستمرين»، مؤكداً «ضرورة الوقف الفوري للعدوان، ورفع الحصار، وتجنيب المدنيين ويلات الحرب».

وفي حين لم يأتِ بيان مكتب الدبيبة على ما يتردد حول «تهجير الفلسطينيين إلى غزة»، فقد بدا لمتابعين أن الشأن الاقتصادي احتل مساحة واسعة من محادثات الدبيبة ومستشار ترمب؛ إذ عبَّر الأخير عن «اهتمام واشنطن بمواصلة التنسيق، وتوسيع مجالات التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية»، ضمن اللقاء الذي «ناقش فرص التعاون المشترك في مجالات الطاقة والمعادن، والبنية التحتية، والصحة والاتصالات»، وفق بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة.
وتركزت المحادثات بين الجانبين الليبي والأميركي «على بناء شراكات اقتصادية مع الولايات المتحدة، تفتح المجال أمام كبرى الشركات الأميركية للمشاركة في مشاريع التنمية والاستثمار».
وحسب البيان، فقد «قدّم الفريق الحكومي عرضاً تفصيلياً لأوجه الشراكة الاستراتيجية الاقتصادية الليبية، والمقدرة بنحو 70 مليار دولار، تشمل مشاريع جاهزة في قطاعات الطاقة والمعادن والكهرباء، والبنية التحتية والاتصالات، بما يتيح دخولاً منظماً ومباشراً للاستثمار الأميركي إلى السوق الليبية».
كما تطرق لقاء الدبيبة ومستشار ترمب إلى «مستجدات قطاع النفط، خاصةً ما يتعلق بالفرص المتاحة في القُطع النفطية الجديدة، سواء البحرية أو البرية».
والتقى مستشار ترمب خلال الزيارة نفسها كلاُ من رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، ومحافظ المصرف المركزي، محمد ناجي عيسى، قبل محادثات أجراها في بنغازي.

وتزامنت هذه المباحثات مع رفض لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الليبي ما يتردد عن خطط لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى ليبيا، حيث حذَّرت في بيان من «الزج باسم ليبيا في هذه المخططات»، علماً أن هذه التسريبات تكرر تداولها في الإعلام الأميركي خلال الأشهر الماضية.
وجددت اللجنة في بيان تأكيد «موقفها الثابت من رفضها أي شكل من أشكال التوطين، أو التهجير القسري للفلسطينيين خارج أراضيهم»، وشددت على «رفضها القاطع للزج باسم الدولة الليبية في مخططات مشبوهة، تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية تحت ذرائع إنسانية أو أمنية».
وكانت منصة «أكسيوس» الأميركية قد تحدثت أخيراً عن مساعي جهاز «الموساد»، بالتنسيق مع واشنطن، لإقناع 3 دول، من بينها ليبيا، لاستقبال عدد من أبناء الشعب الفلسطيني المهجَّرين قسراً من قطاع غزة.
وخاطبت لجنة الشؤون الخارجية حكومة أسامة حماد في شرق ليبيا، مطالبة إياها بإصدار «موقف واضح وعلني، يرفض المزاعم المتعلقة بتهجير الفلسطينيين على المستويين الإقليمي والدولي»، داعية جميع الجهات المختصة إلى «توخي الحذر وعدم الانجرار خلف أي مخططات تستهدف النيل من ثوابت القضية الفلسطينية، أو استغلال اسم ليبيا لأهداف لا تمثل إرادة الشعب الليبي ومؤسساته الشرعية».

وذهبت اللجنة البرلمانية إلى التلويح بأن «أي محاولات لفرض حلول قسرية، أو تسويات تلتف على هذه الحقوق التاريخية، ستقابَل برفض شعبي ورسمي على السواء، ليس فقط في ليبيا، بل في جميع الدول العربية الشقيقة».
ورغم مرور أكثر من أسبوع على تسريبات «أكسيوس»، فإن السلطات الليبية في شرق ليبيا وغربها تلتزم الصمت، وذلك بموازاة جدل وتساؤلات متزايدة في أوساط الليبيين.
وسبق أن تحدث تقرير إعلامي أميركي في مارس (آذار) الماضي عن «استعداد مزعوم من جانب ليبيا لاستقبال أعداد من اللاجئين الفلسطينيين»، وهو ما نفته حكومة «الوحدة» آنذاك. وتكرر الأمر ذاته في مايو (أيار) الماضي، حين تحدثت قناة «إن بي سي نيوز» الأميركية عن مفاوضات بين إدارة الرئيس الأميركي وليبيا للإفراج عن مليارات الدولارات المجمَّدة لدى واشنطن، مقابل إعادة توطين الفلسطينيين، وهو ما نفته السفارة الأميركية في ليبيا، وكذلك وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ.
من جهتها، وجهت نقابة المحامين في ليبيا «مناشدة أخيرة» إلى السلطات القائمة في ليبيا، تطالبها «بالتأكيد على الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى ليبيا، وكذلك نفي أو توضيح ما إذا كانت هناك مفاوضات، أو أحاديث جارية مع الإدارة الأميركية في هذا السياق».
وشدد بيان محاميي ليبيا على أن بلادهم «ليست ولن تكون بديلاً عن فلسطين، والفلسطينيون لا يحتاجون إلى منفى، بل إلى دعمهم في تثبيتهم على أرضهم».





