ينتظر عشاق كرة القدم النسائية، مساء الأربعاء، مواجهة نارية في نصف نهائي بطولة أمم أوروبا للسيدات 2025، حين يلتقي المنتخبان الإسباني والألماني على أرضية ملعب سانت جاكوب بارك في مدينة بازل السويسرية، في مباراة تُعدّ قمة كروية من العيار الثقيل، لا تقل شغفاً ولا ندية عن أي مواجهة على صعيد الرجال؛ حيث تفاعلت الصحافة الإسبانية والألمانية بكثافة مع هذا الحدث المرتقب، بين مشاعر الحذر والتحدي، واستعراض للأوراق التكتيكية والنجمات القادرات على صناعة الفارق.
في الصحافة الإسبانية، بدا واضحاً أن الترقّب ممزوج بالفخر والثقة. صحيفة «إلباييس» وصفت المباراة بأنها «أكثر من مجرد نصف نهائي»، معتبرة أن المنتخب الإسباني النسائي بات على بُعد خطوة من كتابة التاريخ إذا ما تمكّن من إقصاء الغريم التاريخي منتخب ألمانيا، الذي طالما وقف حجر عثرة في طريق الطموحات الإسبانية. وفي تقرير تحليلي خصّصته الصحيفة للثنائي الألماني جولي براند وكلارا بول، قالت إن هذا الثنائي «يشكّل التهديد الأخطر الذي يواجه الدفاع الإسباني»، مؤكدة أن مواجهتهما تتطلب تركيزاً تكتيكياً عالياً من المدرب خورخي فيلدا، خاصة مع تراجع أداء الخط الخلفي الإسباني في مباراة ربع النهائي أمام هولندا.
من جانبها، ركزت صحيفة «ماركا» على الجانب الذهني للمباراة، مشيرة إلى أن لاعبات المنتخب الإسباني «دخلن البطولة من دون الضجيج الإعلامي المعتاد، لكنهن يردن اليوم أن يخرجن بصوت عالٍ». وكتبت الصحيفة: «ألمانيا تملك التاريخ، لكن إسبانيا باتت تملك الشجاعة»، مؤكدة أن الحسم قد لا يكون في المهارات الفردية، بل في قدرة كل فريق على التعامل مع لحظات الضغط، والانتقال السريع من الدفاع إلى الهجوم.
أما في «إلموندو ديبورتيفو»، فقد وُصف اللقاء بأنه «امتحان نضج للمشروع الإسباني»، معتبرة أن الفريق بلغ لحظة الحقيقة، بعد سنوات من الاستثمار في الفئات العمرية والاحتراف الداخلي. وذكّرت الصحيفة بتصريحات سابقة للنجمة أيتانا بونماتي التي قالت: «نحترم ألمانيا، لكننا لم نعد نخشاها»، معتبرة أن روح التحدي هذه تعبّر عن تحول حقيقي في عقلية المنتخب الإسباني، الذي لم يتأهل قط إلى نهائي بطولة أوروبا، وهو ما يجعل مباراة اليوم فرصة لا تُقدّر بثمن.

في المقابل، جاءت لهجة الصحافة الألمانية حذرة، وإن لم تخلُ من الثقة المعهودة. صحيفة «بيلد» عنونت تغطيتها بعبارة «من أجل النهائي... يجب أن نعاني»، في إشارة إلى تصريحات المدرب كريستيان فوك، الذي أكد أن مواجهة إسبانيا تتطلب «تحمّلاً ذهنياً وبدنياً حتى آخر رمق». وأقرت الصحيفة بأن المنتخب الألماني يعاني من إرهاق بدني واضح بعد موقعة ربع النهائي أمام فرنسا، التي امتدت إلى ركلات الترجيح، مشيرة إلى أن التشكيلة قد تشهد تغييرات في خط الوسط لتفادي الانهيار في الشوط الثاني.
أما «دير شبيغل» فقد سلّطت الضوء على التوازن بين الخبرة والشباب في صفوف «المانشافت»، مشيدة بدور القائدة ألكسندرا بوب في الحفاظ على استقرار المجموعة؛ خصوصاً في ظل ضغوط الجماهير ووسائل الإعلام. ونقلت المجلة عن المدربة المساعدة تصريحات مقتضبة جاء فيها: «إسبانيا تلعب كرة جميلة، لكنها تترك مساحات... علينا أن نكون أذكى، لا أكثر شراسة». وأضافت الصحيفة أن الجهاز الفني الألماني يراهن على فرض الانضباط في وسط الملعب، للحد من خطورة بونماتي وسالما بارالويلو، اللتين اعتبرتهما مفتاح التحوّل الإسباني من الدفاع إلى الهجوم.
في «سبورت1»، جاءت المقاربة مختلفة قليلاً، إذ وصفت إنجلترا بأنها «ملهمة نصف النهائي»، في إشارة إلى فوزها أمس على إيطاليا في نصف النهائي الآخر. وقالت الصحيفة إن «مَن ينجو من مواجهة الليلة، سيكون عليه أن يواجه منتخباً إنجليزياً لا يعرف الاستسلام، وقد حوّل التأخر إلى انتصار في اللحظات الأخيرة». ولذلك، ترى الصحيفة أن لقاء الليلة لا يتعلق فقط بالوصول إلى النهائي، بل بالقدرة على إظهار شخصية الفريق الذي يمكنه مقارعة الكبار حتى الصافرة الأخيرة.
كذلك، ركزت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» على البُعد التاريخي للمواجهة، مشيرة إلى أن «الكرة النسائية الألمانية تبحث عن لقبها التاسع في البطولة، في حين تحاول إسبانيا كسر حاجز المربع الذهبي لأول مرة». واعتبرت الصحيفة أن الضغط النفسي سيكون أكبر على ألمانيا، لأنها مطالبة دوماً بالوصول إلى النهائي، بعكس إسبانيا التي يمكنها اللعب بأريحية الطموح من دون عبء التاريخ.


