سوق العمل البريطانية تتباطأ دون إنذار تضخمي

يمشي موظفون بمنطقة «مور لندن» التجارية حيث يظهر جسر «البرج» الشهير في الخلفية (أرشيفية - رويترز)
يمشي موظفون بمنطقة «مور لندن» التجارية حيث يظهر جسر «البرج» الشهير في الخلفية (أرشيفية - رويترز)
TT

سوق العمل البريطانية تتباطأ دون إنذار تضخمي

يمشي موظفون بمنطقة «مور لندن» التجارية حيث يظهر جسر «البرج» الشهير في الخلفية (أرشيفية - رويترز)
يمشي موظفون بمنطقة «مور لندن» التجارية حيث يظهر جسر «البرج» الشهير في الخلفية (أرشيفية - رويترز)

أظهرت بيانات رسمية، الخميس، أن نمو الأجور في المملكة المتحدة تباطأ خلال شهر مايو (أيار) الماضي، بينما انخفض عدد الموظفين بشكل أكبر في يونيو (حزيران) التالي له. ومع ذلك، فإن ضعف سوق العمل، الذي أثار مخاوف بعض صانعي السياسات، بدا أقل حدة مما أشارت إليه البيانات السابقة.

وتراجع معدل نمو الأجور السنوي، باستثناء المكافآت، إلى 5 في المائة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في مايو الماضي، وهو أدنى مستوى منذ الربع الثاني من عام 2022، وإن كان أعلى قليلاً من متوسط توقعات المحللين البالغ 4.9 في المائة خلال استطلاع أجرته «رويترز». كما جرى تعديل بيانات أبريل (نيسان) صعوداً من 5.3 إلى 5.4 في المائة.

وانخفض عدد الموظفين على كشوف رواتب الشركات بمقدار 41 ألفاً في يونيو، بعد تراجع بمقدار 25 ألفاً في مايو. إلا إن مراجعة بيانات مايو أظهرت أن الانخفاض السابق، الذي قُدّر أولياً بـ109 آلاف - في أكبر تراجع منذ بداية جائحة «كوفيد19» - كان مبالغاً فيه، مما هدّأ المخاوف من تسارع وتيرة تقليص الوظائف.

وقال جاك كيندي، كبير اقتصاديي سوق العمل في منصة «إنديد»: «تُخفف الأرقام الأخيرة من الضغوط الفورية على (بنك إنجلترا) لتسريع خفض أسعار الفائدة. فرغم استمرار مظاهر الضعف في سوق العمل، فإن التعديل الكبير في بيانات مايو يُقدّم صورة أقل إثارة للقلق».

وقد ارتفعت عوائد السندات الحكومية البريطانية لأجل 5 سنوات إلى أعلى مستوى لها خلال شهر، بعدما تراجعت التوقعات بشأن خفض محتمل للفائدة في أغسطس (آب) المقبل.

وأوضح «مكتب الإحصاء الوطني» أن التقديرات الأولية لأرقام شهر مايو كانت مؤقتة أكثر من المعتاد، بسبب الإصدار المبكر غير المعتاد لبيانات سوق العمل الشهر الماضي.

ضغوط التضخم ومراقبة «بنك إنجلترا»

يراقب «بنك إنجلترا» من كثب مؤشرات سوق العمل، لا سيما نمو الأجور وعدد الموظفين، لرصد مدى استمرارية الضغوط التضخمية الداخلية، خصوصاً بعد أن أظهرت بيانات يوم الأربعاء ارتفاع التضخم في يونيو إلى 3.6 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2024.

ويرى معظم صانعي السياسات في «البنك» أن نمو الأجور السنوي بنحو 3 في المائة ضروري للحفاظ على التضخم عند المستوى المستهدف البالغ اثنين في المائة على المدى المتوسط. وكان «البنك» قد توقّع في مايو أن يبلغ نمو الأجور في القطاع الخاص، باستثناء المكافآت، 5.2 في المائة خلال الأشهر الثلاثة حتى يونيو، على أن يتباطأ إلى 3.8 في المائة بحلول نهاية العام.

لكن بيانات الخميس أظهرت تباطؤ هذا المعدل بالفعل إلى 4.9 في المائة حتى نهاية مايو؛ مما يعزز التوقعات بأن «البنك» سيُقدم على خفض سعر الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية في اجتماعه المقبل، وربما مرة أخرى قبل نهاية العام.

ويرى صانعو السياسات أن تراجع عدد الوظائف الشاغرة، وارتفاع عدد الباحثين عن عمل، يُبرران اعتماد نهج تدريجي لتخفيف السياسة النقدية، لتجنّب تراجع التضخم بشكل مفرط على المدى الطويل.

ويشير بعض أصحاب العمل إلى أنهم يخططون لتقليص التوظيف بسبب ارتفاع الحد الأدنى للأجور وزيادة مساهمات التأمين الوطني، التي دخلت حيّز التنفيذ في أبريل الماضي، إلى جانب القيود المرتقبة في قوانين العمل.

وأظهرت البيانات انخفاض عدد الوظائف الشاغرة بمقدار 56 ألفاً خلال الربع الثاني، ليصل إلى 727 ألف وظيفة، وهو أدنى مستوى منذ أبريل 2021.

ارتفاع البطالة وتراجع الخمول

رغم القلق من ارتفاع معدل البطالة، فإن التحديات المستمرة في استجابة المشاركين لمسح القوى العاملة جعلت «بنك إنجلترا» يُقلّل من أهمية هذه الأرقام مقارنةً بالماضي.

وارتفع معدل البطالة في الأشهر الثلاثة حتى مايو من 4.6 إلى 4.7 في المائة، مسجلاً أعلى مستوى منذ منتصف 2021، خلافاً لتوقعات استقراره. ومع ذلك، يُرجَّح أن تعكس هذه الزيادة دخول مزيد من الأشخاص إلى سوق العمل.

فقد ارتفع عدد العاملين بمقدار 134 ألفاً خلال الربع المشار إليه، متجاوزاً التوقعات البالغة 46 ألفاً. كما تراجع عدد الأشخاص غير النشطين اقتصادياً، أي من هم خارج سوق العمل ولا يبحثون عن وظيفة، بمقدار 139 ألفاً، في إشارة إلى تحسن المشاركة في سوق العمل. ويشمل هذا المؤشر الطلاب، والمرضى طويلي الأمد، ومقدمي الرعاية غير المدفوعة.

وكان ارتفاع معدل «الخمول الاقتصادي» منذ جائحة «كوفيد19» مصدر قلق كبير للحكومات البريطانية المتعاقبة، لكن الانخفاض الأخير دفع به إلى أدنى مستوى منذ أبريل 2020، عند 21.0 في المائة مقارنة بـ21.4 في المائة سابقاً.

وقال روب وود، كبير اقتصاديي المملكة المتحدة لدى «بانثيون ماكرويكونمكس»: «تشير بيانات مسح القوى العاملة إلى تحسّن بنّاء في سوق العمل، مع استمرار نمو التوظيف وتراجع الخمول؛ مما قد يُساهم في تقليص الضغوط التضخمية إذا استمر هذا الاتجاه».


مقالات ذات صلة

«سوكار» الأذربيجانية و«إم في إم» المجرية توقعان اتفاقية جديدة لإمدادات الغاز

الاقتصاد الرئيس التنفيذي لمجموعة الطاقة المجرية «إم في إم» كارولي ماتراي يتحدث إلى «رويترز» (رويترز)

«سوكار» الأذربيجانية و«إم في إم» المجرية توقعان اتفاقية جديدة لإمدادات الغاز

أعلنت شركة الطاقة الحكومية الأذربيجانية «سوكار» وشركة «إم في إم» MVM ONEnergy المجرية يوم الأربعاء توقيع اتفاقية جديدة لتوريد الغاز الطبيعي.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد محافظ بنك كندا تيف ماكليم في مؤتمر صحافي في سبتمبر الماضي (رويترز)

رغم الإجراءات الأميركية: بنك كندا يُبقي سعر الفائدة الرئيسي عند 2.25 %

أبقى بنك كندا سعر الفائدة الرئيسي عند 2.25 في المائة، الأربعاء، كما كان متوقعاً على نطاق واسع، وذلك بفضل «مرونة الاقتصاد».

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد أسرة مصرية في مطعم لـ«الكشري» بالعاصمة القاهرة (رويترز)

التضخم في مصر يتراجع إلى 12.3 % في نوفمبر 

أظهر بيان للبنك المركزي المصري يوم الأربعاء استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار في شهر نوفمبر الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)

ضغوط الانكماش تتفاقم في الصين رغم فورة التضخم 

تواصل الصين مواجهة ضغوط انكماشية قوية على الرغم من تسجيل التضخم الاستهلاكي أعلى مستوى له في 21 شهراً خلال نوفمبر

«الشرق الأوسط» (بكين)
شعار شركة «إنفيديا» على واجهة أحد المباني التابعة لها في العاصمة التايوانية تايبيه (رويترز)

الصين تبحث احتياجات شركاتها من رقائق «إنفيديا» بعد موافقة ترمب

تجري الحكومة الصينية اتصالات مكثفة مع كبرى شركات التكنولوجيا في البلاد، لتقييم احتياجاتها من أحدث رقائق شركة «إنفيديا»

«الشرق الأوسط» (بكين)

واشنطن تمدد مهلة التفاوض على الأصول الأجنبية لـ«لوك أويل» حتى 17 يناير

لوحة إعلانية لمحطة وقود «لوك أويل» في بوخارست (إ.ب.أ)
لوحة إعلانية لمحطة وقود «لوك أويل» في بوخارست (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تمدد مهلة التفاوض على الأصول الأجنبية لـ«لوك أويل» حتى 17 يناير

لوحة إعلانية لمحطة وقود «لوك أويل» في بوخارست (إ.ب.أ)
لوحة إعلانية لمحطة وقود «لوك أويل» في بوخارست (إ.ب.أ)

مددت الولايات المتحدة، يوم الأربعاء، الموعد النهائي للمفاوضات المتعلقة بشراء الأصول العالمية لشركة النفط الروسية «لوك أويل» حتى 17 يناير (كانون الثاني).

وكان الرئيس دونالد ترمب قد فرض عقوبات على شركتي «لوك أويل» و«روسنفت»، وهما أكبر شركتي طاقة روسيتين، في 22 أكتوبر (تشرين الأول)، باعتبارها جزءاً من الجهود المبذولة للضغط على موسكو بسبب حربها على أوكرانيا.

تبلغ قيمة الأصول العالمية لشركة «لوك أويل» نحو 22 مليار دولار، وقد جذبت اهتمام مجموعة واسعة من الكيانات، بما في ذلك شركة الأسهم الخاصة الأميركية «كارلايل غروب» وشركة «شيفرون».

ويسمح هذا التمديد الذي يزيد قليلاً على شهر، والمعروف باسم «الترخيص العام» الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية، للأطراف المهتمة أيضاً بإبرام عقود مشروطة لبيع الأصول وإنهاء الأعمال ذات الصلة بها.


انخفاض مخزونات الخام الأميركي بأقل من المتوقع

لقطة جوية تُظهر بناء خزان نفط خام في ميدلاند، تكساس (رويترز)
لقطة جوية تُظهر بناء خزان نفط خام في ميدلاند، تكساس (رويترز)
TT

انخفاض مخزونات الخام الأميركي بأقل من المتوقع

لقطة جوية تُظهر بناء خزان نفط خام في ميدلاند، تكساس (رويترز)
لقطة جوية تُظهر بناء خزان نفط خام في ميدلاند، تكساس (رويترز)

أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، يوم الأربعاء، أن مخزونات الخام الأميركية تراجعت، الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت مخزونات البنزين والمقطرات (الديزل وزيت التدفئة) بشكل حاد.

تراجعت مخزونات الخام بمقدار 1.8 مليون برميل لتصل إلى 425.7 مليون برميل، في الأسبوع المنتهي 5 ديسمبر (كانون الأول)، وهو انخفاض جاء أقل من توقعات المحللين، في استطلاع أجرته «رويترز»، التي أشارت إلى سحب قدره 2.3 مليون برميل. وفي المقابل، ارتفعت مخزونات الخام في مركز التسليم في كوشينغ، أوكلاهوما، بمقدار 308 آلاف برميل خلال الأسبوع.

صعود مخزونات الوقود

سجَّلت مخزونات البنزين ارتفاعاً كبيراً بمقدار 6.4 مليون برميل لتصل إلى 220.8 مليون برميل، متجاوزة بكثير توقعات المحللين التي كانت تشير إلى ارتفاع قدره 2.8 مليون برميل فقط.

كما ارتفعت مخزونات المقطرات التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بمقدار 2.5 مليون برميل لتصل إلى 116.8 مليون برميل، مقارنة بتوقعات بارتفاع قدره 1.9 مليون برميل.

كما أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة انخفاضاً في تشغيل مصافي التكرير للخام بمقدار 16 ألف برميل يومياً، بينما ارتفعت معدلات استخدام المصافي بنسبة 0.4 في المائة لتصل إلى 94.5 في المائة. وفيما يخص التجارة، ارتفع صافي واردات الخام الأميركية بمقدار 212 ألف برميل يومياً ليصل إلى 2.6 مليون برميل يومياً.

واحتفظت أسعار النفط بخسائرها بعد تقرير إدارة معلومات الطاقة.


«سوكار» الأذربيجانية و«إم في إم» المجرية توقعان اتفاقية جديدة لإمدادات الغاز

الرئيس التنفيذي لمجموعة الطاقة المجرية «إم في إم» كارولي ماتراي يتحدث إلى «رويترز» (رويترز)
الرئيس التنفيذي لمجموعة الطاقة المجرية «إم في إم» كارولي ماتراي يتحدث إلى «رويترز» (رويترز)
TT

«سوكار» الأذربيجانية و«إم في إم» المجرية توقعان اتفاقية جديدة لإمدادات الغاز

الرئيس التنفيذي لمجموعة الطاقة المجرية «إم في إم» كارولي ماتراي يتحدث إلى «رويترز» (رويترز)
الرئيس التنفيذي لمجموعة الطاقة المجرية «إم في إم» كارولي ماتراي يتحدث إلى «رويترز» (رويترز)

أعلنت شركة الطاقة الحكومية الأذربيجانية «سوكار» وشركة «إم في إم» MVM ONEnergy المجرية يوم الأربعاء توقيع اتفاقية جديدة لتوريد الغاز الطبيعي، من المقرر أن يبدأ سريانها في 1 يناير (كانون الثاني) 2026.

تزايد الاهتمام بالغاز الأذربيجاني بشكل مطرد منذ انهيار صادرات الغاز من روسيا إلى أوروبا في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، والعقوبات الغربية اللاحقة.

وذكرت شركة «سوكار» أن الاتفاقية الجديدة تستند إلى العقد السابق بين الشركتين. ففي يونيو (حزيران) 2023 وقعت «سوكار» وشركة «إم في إم» اتفاقاً لتوريد 100 مليون متر مكعب من الغاز، بدأت عمليات التسليم بموجبه في أبريل (نيسان) 2024.

وقال مصدر مطلع على تفاصيل الصفقة لوكالة «رويترز» إن أذربيجان تخطط لتصدير كمية مماثلة تقريباً في عام 2026 لما تم تصديره في عام 2024، أي نحو 100 مليون متر مكعب، ومن المقرر توريد هذه الكميات خلال فصل الشتاء المقبل.

تجدر الإشارة إلى أن مجموعة «إم في إم» المجرية تمتلك حصة قدرها 5 في المائة في حقل شاه دنيز للغاز في أذربيجان، وحصة 4 في المائة في شركة «خط أنابيب جنوب القوقاز». وتصدر أذربيجان الغاز إلى 15 دولة، معظمها في أوروبا، وبلغ إجمالي صادراتها من الغاز 18.3 مليار متر مكعب في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، وفقاً لوزارة الطاقة الأذربيجانية.