في خطوة مهمة، نفذت السلطات الإيرانية وعدها للقاهرة بتغيير اسم شارع «خالد الإسلامبولي»في طهران، وهو الشارع الذي سُمّي تيمّناً بالعسكري المصري الذي اغتال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات عام 1981، لكن مصدراً مصرياً مسؤولاً كرر تأكيده لـ«الشرق الأوسط» أن «اسم الشارع رغم ما كان يسببه من حساسية للقاهرة، لم يكن السبب المحوري في توتر العلاقات بين مصر وإيران، وإن كان تغييره بادرة طيبة بلا شك».
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأنه بناءً على قرار مجلس مدينة طهران، تم تغيير اسم شارع «خالد الإسلامبولي» إلى «حسن نصر الله» أمين عام «حزب الله» اللبناني السابق .
وبحسب وكالة «مهر» الإيرانية الحكومية للأنباء، تم في الجلسة العامة رقم 334 لمجلس مدينة طهران، الثلاثاء، مراجعة المحضر السابع والأربعين للجنة إعادة تسمية الأماكن العامة والشوارع في طهران، وبموجب هذا القرار، وبأغلبية أصوات أعضاء مجلس مدينة طهران، تم تغيير اسم شارع «خالد الإسلامبولي» إلى «حسن نصر الله».
ووفق الوكالة، فقد أقيم حفل حضره عدد من المسؤولين والمثقفين والنشطاء، وأزيح خلاله الستار عن الاسم الجديد للشارع.
وكان أعضاء مجلس مدينة طهران وافقوا، منتصف الشهر الماضي، على تغيير أسماء 11 ممراً في العاصمة، من ضمن ذلك تم تغيير اسم شارع «خالد الإسلامبولي».
وقتها أعلن المتحدث باسم مجلس بلدية طهران، علي رضا ناد، أن «القرار يعكس رغبة إيران في تعزيز العلاقات مع مصر، بخاصة بعد الزيارة التاريخية التي قام بها وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى القاهرة، مطلع الشهر الماضي».
ولم يصدر عن طهران أو القاهرة أي تعليق رسمي بعد حفل تغيير اسم الشارع، لكن المصدر المصري المسؤول جدد تأكيده على أن «قرار القاهرة أخيراً بالتقارب مع طهران أساسه المحوري العمل على عودة الاستقرار بالمنطقة، والتوقف عن تهديد الأمن العربي، ومن ثم تنتظر مصر من إيران أن تؤكد حسن نياتها في هذا الملف، تحديداً فيما يتعلق بالضغط على الحوثيين لوقف استهداف السفن بالبحر الأحمر، وهو ما أضر بالاقتصاد المصري كثيراً، نتيجة الخسائر التي تكبدتها قناة السويس من جراء ذلك».
وقدَّرت مصر خسائرها من تراجع عائدات قناة السويس، العام الماضي، بأكثر من 7 مليارات دولار (الدولار يساوي 49.5 جنيه في البنوك المصرية).
عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير رخا أحمد حسن، قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يمكن اختزال العلاقات بين مصر وإيران في اسم شارع بطهران، فهذا كان أحد أسباب التوتر، لكنه ليس الأساس فيه، وكانت هناك محاولات منذ التسعينات من جانب إيران لاستعادة العلاقات الطبيعية مع مصر، فيما كان من ضمن مطالب القاهرة تغيير اسم هذا الشارع، فضلاً عن مطالب أخرى أهم، مثل إظهار الجدية وحسن النية في الحفاظ على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، وعدم التدخل في شؤون الدول».
وشدد حسن على أن «القاهرة بالطبع تقدر هذه البادرة من إيران، لكن العلاقات لن تعود كاملة بشكل سريع، بل يمكن أن يتم ذلك تدريجياً في ظل متابعة جهود إيران وجديتها في بقية الملفات الأخرى التي تختلف القاهرة معها بشأنها، وخصوصاً الأمن القومي العربي واستقرار المنطقة».

وشهدت العلاقات بين مصر وإيران انفراجة ملحوظة مع زيارة عراقجي إلى القاهرة، أخيراً، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي وكبار المسؤولين المصريين، وتضمنت الزيارة جولة رمزية لعراقجي في منطقة خان الخليلي التاريخية، حيث أدى صلاة المغرب في الحسين، وتناول العشاء في مطعم نجيب محفوظ، كما أن الرئيس المصري أجرى اتصالات مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال التصعيد الإسرائيلي ضد إيران، مؤكداً «رفض مصر للاعتداء الإسرائيلي على إيران».
وقال الخبير المصري في الأمن القومي والعلاقات الدولية، محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تتعامل بحذر وحرفية وتوازن في تقاربها مع إيران، فالقاهرة تعلم أن إيران دولة قوية في المنطقة وفي المعادلة العالمية، لكن في ذات الوقت فإن التقارب الكبير معها يسبب حساسية مع الولايات المتحدة والغرب، ومن ثم فمصر تستخدم علاقاتها مع الجميع بشكل متوازن ولإظهار استقلالية القرار المصري وانفتاحه على الجميع وفق ما تقتضيه المصالح المصرية والأمن القومي المصري والعربي، وبالتالي فتغيير اسم الشارع رغم أهميته، ليس هو ما سيعجل بعودة العلاقات كاملة».
أيضاً، فإن رئيس تحرير مجلة «مختارات إيرانية» بمؤسسة الأهرام الرسمية في مصر، الدكتور محمد عباس ناجي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن العلاقات لن تعود طبيعية بين مصر وإيران بتغيير اسم الشارع فقط، لكنها خطوة تؤشر على أنها تتجه لهذا المسار».


